تحتاج النصوص المترجمة في هذه المقالة إلى مراجعة لضمان معلوماتها وإسنادها وأسلوبها ومصطلحاتها ووضوحها للقارئ، لأنها تشمل ترجمة اقتراضية أو غير سليمة. (أكتوبر 2015) |
جون واطسون | |
---|---|
(بالإنجليزية: John Broadus Watson) | |
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | John Broadus Watson |
الميلاد | 9 يناير 1878 ترافيلرز ريست (Travelers Rest)، كارولاينا الجنوبية |
الوفاة | 25 سبتمبر 1958 (80 سنة) مدينة نيويورك، نيويورك |
مواطنة | الولايات المتحدة |
عضو في | جمعية علم النفس الأمريكية، والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم |
الزوجة | روزالي راينر (1899–1935) |
مناصب | |
رئيس جمعية علم النفس الأمريكية[1] | |
في المنصب 1915 – 1915 |
|
الحياة العملية | |
المدرسة الأم | جامعة فورمان جامعة شيكاغو |
مشرف الدكتوراه | جيمس رولاند أنغيل |
تعلم لدى | جون ديوي |
المهنة | عالم نفس، ومدير دعاية وإعلان |
اللغات | الإنجليزية |
مجال العمل | علم النفس |
موظف في | جامعة جونز هوبكينز |
سبب الشهرة | تأسيس المدرسة السلوكية |
تعديل مصدري - تعديل |
جون برودوس واطسون (John Broadus Watson) (التاسع من يناير 1878 ــ الخامس والعشرين من سبتمبر 1958) هو عالم نفس أمريكي أسس المدرسة النفسية المعروفة باسم السلوكية (Behaviorism)، أحدث واطسون تغييرًا في علم النفس خلال خطبته التي حملت عنوان، علم النفس كما يراه السلوكيون، والتي ألقاها في جامعة كولومبيا عام 1913،[2] ومن خلال منهجه السلوكي، قام واطسون بعمل بحثٍ على سلوك الحيوان وتربية الأطفال والدعاية والإعلان، بالإضافة إلى أنه قام بعمل التجربة المثيرة للجدل والمعروفة باسم تجربة «ألبرت الصغير» (Little Albert).
وُلِدَ واطسون في ترافيلرز ريست، كارولينا الجنوبية للأبوين بيكينز باتلر واطسون (Pickens Butler.Watson) وإيما ك. (رو) واطسون (Emma K. (Roe) Watson)،[3] وقد كانت والدته إيما واطسون سيدةً متدينة للغاية تؤمن بتحريم شرب الخمر والتدخين والرقص، إلا أنَّ والده كان مدمنًا للخمر وهجر العائلة ليعيش مع سيدتين من الهنود عندما كان عمر واطسون ثلاثة عشر عامًا، وهو الأمر الذي لم يسامحه عليه واطسون قط،[4] وعلى الرغم من ضعف مستواه الأكاديمي وإلقاء القبض عليه مرتين خلال المدرسة الثانوية، فقد كان واطسون قادرًا على الاستفادة من معارف أمه للالتحاق بكلية فرمان (Furman College) في جرينفيل، كارولاينا الجنوبية، وقد التحق واطسون بالجامعة في سنٍ مبكرة حيث كان عمره آنذاك ستة عشر عامًا وحصل منها على درجة الماجستير في عمر الحادية والعشرين، ولقد شق طريقه الجامعي بجهدٍ كبير محققًا النجاح في موادٍ عدة صَعُبَ على التلاميذ الآخرين اجتيازها، وبعد التخرج قضى واطسون عامًا في «معهد باتيسبرغ» (Batesburg Institute)، وهو الاسم الذي أطلقه على مدرسةٍ من حجرةٍ واحدة في جرينفيل (Greenville)، حيث كان مديرًا وبوابًا وكل العاملين بهذه المدرسة، وبعد تقديم التماسٍ لعميد جامعة شيكاغو، التحق واطسون بالجامعة، وهناك بدأ في دراسة الفلسفة تحت إشراف جون ديوي (John Dewey) بناءً على توصيةٍ من جوردون مور (Gordon Moore) الأستاذ بجامعة فرمان،[5] وقد أدى تأثر واطسون بكلٍ من ديوي وجيمس رولاند آنغل (James Rowland Angell) وهنري هربرت دونالدسون (Henry Herbert Donaldson) وجاك لوب (Jacques Loeb) إلى تطويره لمنهجٍ وصفيٍّ وموضوعي للغاية في تحليل السلوك والذي أطلق عليه فيما بعد «المدرسة السلوكية»، [6] بعد ذلك أصبح واطسون مهتمًا بأعمال العالم إيفان بافلوف Ivan Pavlov)) (1849–1936)، لدرجه أنه أدرج في نهاية الأمر نسخةً مبسطة للغاية لمبادئ بافلوف في أعماله الشهيرة.[7]
حصل واطسون على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو عام 1903،[8] وفي رسالته التي جاءت تحت عنوان «التعليم الحيواني: دراسةٌ تجريبية على التطور الجسدي للفأر الأبيض وعلاقته بنمو جهازه العصبي»،[9] قام واطسون بوصف العلاقة بين تكون الميالين في المخ والقدرة على التعلم عند الفئران في مختلف الأعمار، وقد أوضح واطسون أنَّ درجة تكون الميالين ترتبط بشكلٍ كبير بالتعلم بالعصا، حيث اكتشف أنَّ الحس الحركي يتحكم في سلوك الفئران التي تجري في متاهات، وفي عام 1908 وافق واطسون على التعيين في منصبٍ جامعي في جامعة جونز هوبكينز (Johns Hopkins University) وتمت ترقيته سريعًا ليصبح رئيس قسم علم النفس بها.[7]
في عام 1920 طلبت جامعة جونز هوبكينز (Johns Hopkins University) من واطسون الاستقالة من منصبه في الكلية بسبب ذيوع فضيحة ارتباطه بعلاقةٍ عاطفية مع تلميذته ومساعدته روزالي راينر (Rosalie Rayner).
وقد تصدرت هذه العلاقة عناوين الصفحة الأولى من جريدة بالتيمور (Baltimore) أثناء إجراءات طلاقه من زوجته الأولى،[6] وأثناء حفلة عشاء جمعت بين عائلتي راينر وآيكس (Ickes)، تظاهرت ماري آيكس واطسون، زوجته الأولى، بالمرض حتى تتمكن من التسلل إلى غرفة نوم روزالي، وهناك وجدت خطاباتٍ عاطفية كان واطسون قد كتبها إلى روزالي، حيث كانت تأمل أن يترك عشيقته فور علمه بأنه اكتشفت هذا الأمر.[4]
وبعد انتهاء إجراءات الطلاق، تزوج واطسون من روزالي في عام 1921 وظلا معًا حتى موتها في عام 1935.[10]
نشر واطسون مقالةً عام 1913 تحت عنوان «علم النفس كما يراه السلوكيون»، ويُطلق على هذه المقالة أحيانًا «البيان السلوكي» [1]، وقد حدد واطسون فيها السمات الأساسية وملامح فلسفته النفسية الحديثة والتي أطلق عليها اسم «المدرسة السلوكية»، وقد وصف واطسون في الفقرة الأولى من مقالته بشكلٍ موجز موقفه السلوكي: «علم النفس كما يراه السلوكيون» هو فرعٌ تجريبيٌّ موضوعيٌّ بحت من فروع العلوم الطبيعية، ويهدف نظريًا إلى توقع السلوك والتحكم فيه، ولا يُشكِّل الاستبطان جزءًا أساسيًا من أساليب هذه المدرسة ولا القيمة العلمية لبياناته التي تعتمد على درجة الاستعداد التي من خلالها يقومون بعملية التفسير من ناحية الوعي، ويدرك عالم النفس السلوكي، أثناء سعيه لإيجاد برنامجٍ وحدويٍّ متكامل عن استجابة الحيوان، أنه لا يوجد حدٌ فاصل بين الإنسان والحيوان؛ حيث إن سلوك الإنسان، بكل كِياسته وتعقيداته، لا يتعدى عن كونه مجرد جزءٍ من البرنامج الاستقصائي الشامل لعالم النفس السلوكي.[ص 158] [1] وفي عام 1913، اعتبر واطسون أن نظرية إيفان بافلوف للفعل المنعكس الشرطي هي في المقام الأول آليةٌ فيسيولوجية تتحكم في إفرازات الغدد، بالإضافة إلى رفضه «لقانون الأثر» الذي توصل إليه عالم النفس الأمريكي إدوارد لي ثورندايك (Edward L. Thorndike) (وهو قانونٌ سبق مبدأ التعزيز لبوروس فردريك سكنر (B. F. Skinner))؛ وذلك بسبب ما اعتبرها واطسون عناصر ذاتيةً لا طائل منها، فلم يتمكن واطسون من إدراك الأهمية الأكثر شمولاً وعموميةً لصياغة بافلوف حتى عام 1916 وحينها جعل من هذه الصياغة موضوع خطابه الرئاسي أمام جمعية علم النفس الأمريكية،[5] وقد برزت مقالة واطسون واشتهرت من ناحيةٍ أخرى بسبب دفاعها المستميت عن الحالة العلمية الموضوعية لعلم النفس التطبيقي والذي كان يُعتبر في ذلك الوقت أقل قدرًا من علم النفس التجريبي البنيوي القائم بالفعل، وقد أكد واطسون بإنشائه للمدرسة السلوكية على دراسة السلوك الخارجي للأشخاص وردود أفعالهم في مواقفٍ معينة بدلاً من دراسة الحالة الذهنية الداخلية لهؤلاء الأشخاص، فمن وجهة نظره أن تحليل السلوك ورد الفعل هو الأسلوب الموضوعي الوحيد والطريقة المُثلى للنفاذ بداخل تصرفات البشر وإدراكها، وقد ساهمت هذه النظرة، بجانب الأفكار المُكمِّلة لنظريات الحتمية والاستمرارية التطورية والتجريبية، فيما يُعرف حاليًا باسم المدرسة السلوكية الراديكالية (radical behaviorism)، وقد زعم واطسون بأن هذه النظرة الجديدة هي التي ستقود علم النفس نحو عصرٍ جديد، كما زعم بأن قبل ظهور عالم النفس فونت (Wundt) لم يكن هناك علم نفسٍ وبأن الفترة التي تلت ظهوره سادت فيها حالة من الارتباك والفوضى فقط، وقد كانت مدرسة واطسون السلوكية الجديدة هي التي من شأنها تمهيد الطريق أمام المزيد من التقدمات في مجال علم النفس.[2] وقد رفضت مدرسة واطسون السلوكية دراسة الوعي؛ حيث كان معتقدًا بأن الوعي لا يمكن دراسته وبأن المحاولات التي سعت في السابق لدراسته كانت فقط تعيق من تقدم النظريات النفسية، كما أوضح أنه يشعر بالخلل يشوب منهج الاستبطان وهو في أفضل حالاته وبأن الباحثين الموهوبين فيه ليسوا سوى مزيدٍ من التدفقات الإشكالية، وقد قام بدفع علم النفس إلى زاويةٍ لم يُعد من الإمكان أن يُنظر فيها إليه على أنه علم «العقل»، فبيَّن أن علم النفس بدلاً من ذلك ينبغي عليه أن يصب مُجمل تركيزه على «سلوك» الفرد وليس على درجة وعيه.[2]
أعطني اثني عشر طفلاً أصحاء، سليمي التكوين، وهيئ لي الظروف المناسبة لعالمي الخاص لتربيتهم وسأضمن لكم تدريب أيٍّ منهم، بعد اختياره بشكلٍ عشوائي، لأن يصبح أخصائيًا في أي مجالٍ ليصبح طبيبًا، أو محاميًا، أو رسامًا، أو تاجرًا أو حتى شحاذًا أو لصًا، بغض النظر عن مواهبه وميوله ونزعاته وقدراته وحرفته وعرق أجداده، إنني أتجاوز إلى ما وراء الواقع الذي أؤمن به وأعترف بذلك، ولكن أصحاب الرأي المعارض كانوا يفعلون ذلك أيضًا لآلاف السنين. [ص 82] [11]
عادةً ما تظهر العبارة دون سياقٍ مع حذف الجملة الأخيرة، مما يجعل موقف واطسون يبدو أكثر تطرفًا مما هو عليه في الحقيقة، وتوجد الجملة في كتاب واطسون المدرسة السلوكية (Behaviorism) في سياقٍ من الجدال المطول ضد علم تحسين النسل، وربما يُنظَر إلى فكرة عدم اتخاذ واطسون موقفٍ جوهريً مناصر لحماية البيئة في كتاباته القديمة، حيث كانت «نقطة البداية» لعلم السلوك، باعتبارها «الحقيقة التي يمكن إدراكها بأن الكائنات والإنسان والحيوان على حدٍّ سواء، تكيف نفسها حسب بيئتها من خلال المؤهلات الموروثة والعادات.» [12] بالرغم من ذلك، أدرك واطسون أهمية التربية في النقاش الذي دار حول الطبيعة في مقابل التربية والذي غالبًا ما تجاهله معاصريه من أنصار تحسين النسل.[4]
اتسم القرن العشرين بتحديد اختلافاتٍ نوعية بين الأطفال والبالغين،[13] فقد كتب واطسون كتابه الرعاية النفسية للمولود والطفل (Psychological Care of Infant and Child) في عام 1928، بمساعدة عشيقته، روزالي راينر والتي أصبحت زوجته فيما بعد، وقرر النقاد حينئذٍ بأن الأفكار نبعت بصورةٍ أساسية من معتقدات واطسون لأن روزالي كتبت بنفسها مقالاً باسم أنا أم لأبناءٍ سلوكيين (I am a Mother of Behaviorist Sons).[14] وفي كتابه، شرح واطسون أن مؤيدي المذهب السلوكي قد بدأوا يؤمنون بضرورة الرعاية والتحليل النفسيين للمواليد والأطفال،[15] وقد نبعت هُتافات واطسون جميعها من اعتقاده بأن الأطفال يجب أن يُعاملوا على أنهم بالغين صغار، كما يحذر في كتابه من المخاطر المحتومة التي تنشأ عن منح الأم الحب والعاطفة الزائدين عن الحد، ويوضح واطسون أن الحب، جنبًا إلى جنب مع أي شيءٍ آخر وكما يرى السلوكيين العالم من حولهم، هو أمرٌ مشروط، ويدعم واطسون تحذيراته بذكر العجز؛ حيث إن المجتمع لا يمنح الأطفال الرفاهية بإفراط بينما يصبحون بالغين صغار في العالم الحقيقي، لذا يجب على الأبوين ألا يضعا هذه التوقعات غير الواقعية، وتنقد الكاتبة سوزان هوك (Suzanne Houk)، في الرعاية النفسية للمولود والطفل: تأملاتٌ حول مؤلفه وزمانه، رؤى واطسون، وتحلل أمله في وجود علاقةٍ جادةٍ وعفوية بين الأم وابنها،[13] كما حذر واطسون من ترك الطفل يجلس على حجر أبويه.[15]
وجعل شعاره لا لمزيدٍ من الأطفال ولكن نعم للأطفال الأفضل تنشئة، وجادل واطسون لصالح التربية في مفهوم الطبيعة والتربية، معللاً بأن العالم سوف يُفيد من وضع حدٍّ للمواليد على مدى عشرين عامًا بينما يتم تجميع بياناتٍ كافية لضمان إتمام عملية التنشئة بصورةٍ فعالة، كما أكد واطسون على أهمية التربية، حيث رأى أنه لا يوجد أي شيءٍ غريزي؛ بل يكتسب الأطفال كل شيءٍ من خلال التفاعل مع البيئات المحيطة بهم، ولذا، فإن الأبوين مسؤولان تمامًا عن تنشئة الطفل لأنهما يختاران البيئة التي سينمو فيها الطفل،[15] وقد درست لورا إي بيرك (Laura E. Berk)، مؤلفة كتاب الرضع والأطفال: التربية في مرحلة الطفولة المتوسطة (Infants and Children: Prenatal Through Middle Childhood)، أساس المعتقدات التي كان يقدسها واطسون، وترى بيرك أن تجربة واطسون مع ألبرت الصغير كانت السبب في تأكيده المستمر على تأثير العوامل البيئية في التربية؛ حيث إنَّ ألبرت الصغير لم يخف من الفأر والأرنب الأبيض إلا بشروطٍ حفزت عنده ذلك الخوف، وتوصل واطسون، من خلال هذه التجربة، إلى أن الأبوين بإمكانهما أن يحددا سلوك الطفل وتطوره ببساطةٍ عن طريق التحكم في كل العلاقات بين العوامل المثيرة وردود الفعل بطريقةٍ ممنهجة.[16]
كتب واطسون عن تربية الأطفال في العديد من المجلات المعروفة، وأيضًا في كتاب الرعاية النفسية للمولود والطفل (1928)، إلا أنه ندم أنه كتب في هذا الموضوع بعد ذلك قائلاً أنه «لم يكن لديه المعلومات الكافية» لتقديم عملٍ جيد، ولقد واجهت نصيحة واطسون بأن يتم معاملة الأطفال باحترام، ولكن بالقليل من العاطفة نسبيًا، العديد من الانتقادات، ففي أصول السلوكية (The Origins of Behaviorism) وصف جيه إم أودونيل (J.M. O’Donnell) آراء واطسون بأنها مجرد حساباتٍ أولية، ويرجع جزءٌ من غضب أودونيل إلى وصف واطسون للطفل السعيد، حيث رأى واطسون أن الطفل لا يبكي إلا عندما يتعرض لألم جسدي وأن الطفل بإمكانه أن يشغل نفسه بقدراته على حل المشاكل وأن الطفل يبتعد دائمًا عن طرح الأسئلة،[17] ويعتقد العلماء إلى حدٍّ كبير أن التحليل السلوكي لتطور الطفل قد ظهر كمجالٍ منفصل مع ظهور كتابات واطسون.
وكان النقاد الأخرين أكثر حذرًا عند تعاملهم مع آراء واطسون ونجاحاته في مجال علم نفس الأطفال، فعلى سبيل المثال، خاف أر ديل نانس (R. Dale Nance) أن يكون طيش واطسون ونشأته الصعبة قد أثرا في وجهات النظر التي طرحها في كتابه، فواطسون نشأ في مزرعةٍ فقيرة في كارولاينا الجنوبية، كما أنه واجه العديد من المشكلات الأسرية، منها هجر والده للأسرة،[18] وقد أعلنت سوزان هوك أنها لديها بعض هذه التحفظات المماثلة، وذكرت هوك في أحد مقالاتها أن واطسون اتجه إلى الكتابة عن تربية الأطفال بعد فصله من جامعة جونز هوبكينز بسبب العلاقة العاطفية التي كانت تربطه بروزالي راينر.[13]
وقد بحث واطسون في العديد من الموضوعات، ولكن تعتبر تربية الأطفال أكثر اهتماماته قيمة، حيث نال كتابه شهرةً واسعة، وتعجب العديد من النقاد عندما رأوا أن معاصري واطسون كانوا يتقبلون آراءه، وتم بيع 100000 نسخةٍ من الكتاب بعد بضعة أشهر فقط من إصداره.[14]
تحول اهتمام واطسون بـتطور الطفل إلى ظاهرةٍ جديدة، وأثر في بعض خلفاؤه، ولكن واطسون لم يكن أول من يتطرق إلى هذا المجال، فقد سبقه بعض علماء النفس في الاهتمام بهذا المجال، فمثلًا، اشتهر غرانفيل ستانلي هال (G. Stanley Hall) بكتابه فترة المراهقة (Adolescence)، الذي صدر عام 1904، وقد اختلفت معتقدات غرانفيل ستانلي هال كثيرًا عن معتقدات واطسون المؤيد للمذهب السلوكي؛ حيث رأى هال أن الوراثة والعوامل الجينية المحددة سلفًا تحدد أغلب سلوك الإنسان، خصوصًا في فترة الطفولة، وطبقًا لـنظرية العاصفة والضغوط (Storm and Stress Theory)، وهي أكثر نظريات هال شهرةً، فإن التقلبات المزاجية عند المراهقين تعد أمرًا طبيعيًا،[19] وسواءٌ كانت آراء واطسون أولية فعلاً بطريقةٍ مثيرة للجدل أو كانت غير ذلك، فلقد نالت شهرةً واسعة وكانت تعد ذات قيمةٍ كبيرة في ذلك الوقت.[مبهم]
من الممكن اعتبار التجربة التي قام بها واطسون ومساعدته روزالي راينر من أكثر التجارب إثارةً للجدل في علم النفس في عام 1920، وقد تم تخليدها في الكتب التمهيدية لعلم النفس باسم «تجربة ألبرت الصغير»، وقد كانت هذه التجربة تهدف إلى إظهار كيف يمكن أن يتم تطبيق نظرية الإشراط الكلاسيكي المكتشفة حديثًا لإشراط الخوف من الفئران البيضاء عند «ألبرت الصغير»، وهو صبيٌّ يبلغ من العمر أحد عشر شهرًا، حيث قام كلٌ من واطسون وراينر بضبط الخوف عند «ألبرت الصغير» عن طريق الطرق على قضيبٍ حديدي في اللحظة التي يظهر فيها الفأر الأبيض، في بداية الأمر قاما بإحضار فأر أبيض للصبي ولاحظا أنه لم يكن خائفًا منه، بعد ذلك أحضروا الفأر الأبيض للصبي وقاما بقرع القضيب الحديدي، وكانت ردة فعل «ألبرت الصغير» هي البكاء، وقد تم تكرار هذه الخطوة الثانية لعدة مرات، وأخيرًا، قام واطسون وراينر بإحضار الفأر الأبيض بمفرده فظهر الخوف على الصبي، وقد أظهرت تلك الدراسة كيف أن المشاعر قد تصبح ردود فعلٍ مشروطة أو متحكم فيها،[20] وبينما تتناقل الألسن قصة «ألبرت الصغير»، تسللت المغالطات والتناقضات إلى التجربة، حتى أن بعضها قد سببها واطسون نفسه،[بحاجة لمصدر] وقد تم انتقاد هذه التجربة من الناحية الأخلاقية وذلك لأن واطسون وراينر لم يمحوا آثار التكييف والتشريط لدى «ألبرت الصغير» الذي أضحى يخاف من الفئران البيضاء،[21] وفي عام 2009، بحث كل من بيك (Beck)، وليفنسون (Levinson)، وأيرونز (Irons) عن الطفل «ألبرت الصغير» ليروا كيف أثرت دراسة واطسون على حياته، ووجدوا أنه قد تُوفي بسبب مرض استسقاء الرأس وهو في سن السادسة، لذا لا يمكن استنتاج إلى أي مدىً أثرت هذه التجربة على حياته،[22] وفي 25 يناير 2012، نشر توم بارليت (Tom Barlett) من جريدة ذا كرونيكل أوف هاير إديوكيشن (The Chronicle of Higher Education) أي (وقائع التعليم العالي) تقريرًا يناقش ما إذا كان جون واطسون على علمٍ بوجود خلل في الإدراك عند ألبرت الصغير والذي قد يؤثر بشكلٍ كبير على تغير نتائج التجربة.[23]
بفضل جهات الاتصالات التي أمده بها زميله الأكاديمي، إي. بي. تيتشينير (E. B Titchener)، بدأ واطسون بعد ذلك عمله لدى وكالة الدعاية والإعلان الأمريكية (U.S. advertising agency) التابعة لجي. والتر طومسون (J. Walter Thomson)، وتَعلّم مبادئ وأساسيات جوانبٍ عدة للعمل في الدعاية والإعلان، بما في ذلك مهمة العمل كبائعٍ للأحذية في أحد المتاجر الراقية، وبالرغم من تلك البداية المتواضعة، إلا أنه في أقل من عامين ترقى حتى أصبح نائب المدير في وكالة طومسون، وقد أدر عليه راتبه كمدير دعايةٍ بالإضافة إلى العلاوات التي تأتي من العديد من الحملات الإعلانية الناجحة دخلاً يفوق راتبه الأكاديمي بمراتٍ عدة، وترأس واطسون عددًا من الحملات الإعلانية واسعة النطاق، خاصة لكريم الترطيب «بوندس» (Ponds cold cream) والعديد من منتجات العناية الشخصية الأخرى،[5] كما يرجع إليه الفضل في انتشار فكرة «استراحة القهوة» أثناء حملة إعلانية لقهوة ماكسويل هاوس (Maxwell House)، كما نُسِبَ إليه الفضل بشكلٍ كبير وعن طريق الخطأ في إعادة تقديم الإعلانات التي تعتمد على «تزكية العملاء» بعدما انخفض استخدام المنتج (بسبب ارتباطها بـالأدوية المسجلة غير الفعالة والخطيرة)، إلا أن الإعلانات المعتمدة على تزكية العملاء كانت مستخدمة قبل أن يدخل واطسون مجال الدعاية والإعلان من الأساس، وأوضح واطسون أنه لم يقم بعمل إسهاماتٍ أصلية، وإنما كان يقوم فقط بعمل بعض الممارسات العادية في مجال الدعاية والإعلان، وتوقف واطسون عن الكتابة للجماهير الشعبية في 1936، كما تقاعد عن عمله في الدعاية والإعلان وهو في الخامسة والستين من عمره.[4] وعندما كان مدرساً شاباً في جامعة شيكاغو، وقع واطسون في حب ماري ايكيس Mary Ickes، طالبته في مادة علم النفس في البكالوريوس، وقد تزوجها في نهاية المطاف. وبينما كان يبنى نفسه كعالم نفس تجريبي في جامعة جونز هوبكنز، مر واطسون بنفس الخبرة ولكن بفرقين جوهريين، هذه المرة كانت علاقة حب مع طالبة دراسات عليا وهي روزالي راينر Rosalie Rayner وليس طالبة بكالوريوس كماري ايكيس، والشيء المهم أن واطسون متزوج أصلاً من ماري ايكيس قبل 17 سنة. ويكفي أن نقول أن حب واطسون لراينر دفعه إلى إعلان الطلاق من ماري ايكيس التي قامت بنشر رسائل الحب التي كان يكتبها واطسون لراينر واكتشفتها ماري بنفسها، كما أدى ذلك إلى إجباره على تقديم استقالته من جامعة جونز هوبكنز، بالإضافة إلى زواجه من روزالي (). كان طرد واطسون من جامعة جونز هوبكنز مدمراً له، حتى شخصيته العامة تدمرت وقضت على أية فرصة للعثور على موقع آخر في أية جامعة. وبدلاً من ذلك التحق بوكالة ج. والتر تومسون للإعلانات في نيويورك وبوساطة صديق له. وبعد التدرب على المهنة، وعمله في كل أقسام الوكالة ارتقى واطسون على السلم الوظيفي وأصبح نائباً للرئيس خلال أربعة أعوام. وكمدير تنفيذي لشركة الإعلانات وجد واطسون الفرصة لممارسة معتقداته في تطبيق المبادئ السلوكية. فمثلاً، طور عدداً من الحملات الإعلانية مشتقة من أبحاثه على الانفعالات الثلاثة الخوف والغضب والحب. ولبيع المنتج للزبون اقترح واطسون أن عليه أن يخبر الزبون عن شيء ما يخوفه، أو يستثير غضبه، أو يستدعي عاطفة الحب، أو يستثير الحاجة لديه. فمثلاً في دعاية بودرة الأطفال «جونسون وجونسون» أوصل واطسون رسالة ليخوف الوالدين الشباب أنهم إذا لم يستخدموا البودرة فسيعرضون أطفالهم لمخاطر العدوى. كذلك اعتمد واطسون على استخدام شهادة شخصيات معروفة وخبراء متخصصون لبيع المنتجات. فمثلاً استخدمت الحملات الإعلانية لبودرة الأطفال شهادة الأطباء المعروفين في جودة البودرة. جلب واطسون إلى مهنته الجديدة نفس الشغف بالبحث العلمي الذي ميز حياته الأكاديمية. ففي سيرته الذاتية صرح واطسون على سبيل المثال أنه من المثير أن ترى نمو منحنى مبيعات سلعة جديدة كما ترى منحنى تعلم الإنسان أو الحيوان. وفي الحقيقة أن مساهمته في سيكولوجيا المستهلك لم تكن مقدمة لأساليب إعلانية جديدة، ولكن تأثيره الدائم كان في تطبيق التفكير العلمي في التسويق (كاستخدام البيانات الديمغرافية لاستهداف زبائن معينين) وفي تطوير برامج تدريبية وتقييم مستوى الإنتاجية لمدراء المبيعات. لم يحتل العمل في الإعلانات الكثير من وقت واطسون في عشرينيات القرن العشرين على أي حال. فقط كان يحاضر حول المذهب السلوكي في نيويورك في المعهد الجديد للبحث الاجتماعي، كما انضم إلى هيئة المديرين في مؤسسة كاتل للعلوم النفسية، وجدد كذلك أعماله البحثية على الأطفال من خلال الإشراف على الأبحاث المدعومة من صندوق لورا سبيلمان روكيفيلر. وقد وفر الصندوق مبلغ 15000 دولار لجامعة كولومبيا لإتمام الأبحاث التي بدأت في جامعة جونز هوبكنز، وكانت التجارب المدعومة من قبل المنحة تشتمل على الدراسة الشهيرة التي ذكرناها سابقاً لماري كوفر جونز والتي استطاعت أن تخفف بنجاح من الخوف لدى الأطفال. كما استمر واطسون في الكتابة حول السلوكية في عشرينيات القرن العشرين، حيث حافظ على سمعته كرائد في مجال السلوكية.
كان واطسون جد الممثلة مارييت هارتلي (Mariette Hartely) من ناحية الأم، وقد عانت حفيدته من مشاكل نفسية تتصل بكونها تربت بصحبة نظريات جدها النفسية.[24]
وقد تُوفيت زوجته روزالي راينر في عام 1935 عن عمرٍ يناهز السادسة والثلاثين، وعاش واطسون في مزرعتهم حتى وفاته في عام 1958 عن عمرٍ يناهز الثمانين، وتم دفنه في مقبرة ويلوبروك، ويستبورت، كونيكتيكت، [3] وفي عام 1957، قبل وفاته بفترةٍ وجيزة، حصل واطسون على ميداليةٍ ذهبية من المنظمة الأمريكية لعلم النفس نظيرًا لإسهاماته في مجال علم النفس.[5]
وأجرى المؤرخ جون برنهام (John Burnham) لقاءً مع واطسون في أواخر حياته، وصوره على أنه رجل ذو آراءٍ قوية (ثابتة) وأبدى عن انزعاجه من منتقديه، وباستثناء مجموعة الأعمال الأكاديمية التي تمت إعادة طبعها، فإن واطسون قد قام بحرق مجموعته الكبيرة من الرسائل والأوراق الشخصية، الأمر الذي حرم المؤرخين من معرفة المصادر القيمة التي كانت قد تسهم في فهم بداية تاريخ المدرسة السلوكية بل وتاريخ واطسون نفسه.[25]
{{استشهاد ويب}}
: |url=
بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط |title=
غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة)
محمد البنا 44