جزء من سلسلة مقالات حول |
علم التفسير |
---|
في الإسلام، النسخُ هو رفع حكمٍ شرعيٍّ سابق، بدليلٍ شرعيٍّ مُتأخرٍ عنه في زمن نزول الوحي. لا يصدرُ النسخ إلا بأمر من الله وحكمه، فله أن يأمر عباده بما شاء، ثم ينسخ ذلك الحكم، أي: يرفعه ويزيله. لا يكون النسخ إلا بمصدرَي التشريع الأساسيين في الإسلام: القرآن أو الحديث. ترى أغلب طوائف المسلمين بثبوت النسخ في مواضع مخصوصة من القرآن والحديث. ولذا فالنسخ يُدرج من ضمن علوم القرآن التي تدرس الآيات والأحاديث الناسخة والمنسوخة، وعلم أصول الفقه الذي يدرس أحكام النسخ. وللنسخ بحوث علمية، مفصلة ضمن علم أصول الفقه. أول من بينها الشافعي في كتابه الرسالة.
للنسخ في اللغة معنيان هما:
ثبت النسخ في الشرع الإسلامي بأدلة شرعية، من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، مثل: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِها﴾
'قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٠٦ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ١٠٧﴾ -(سورة البقرة: 106-107)- [1]'
|
عند إجراء الطبيب عملية لمريض يمنعه من أكل الأطعمة الدسمة بعد العملية، ثم يقول له لاحقًا كل ما بدا لك، فأمر الطبيب قد نسخ أمره السابق بحرمة الأطعمة الدسمة بعد العملية وجعلها مسموحة، وهذا مثال توضيحي لفهم النسخ
أول الأمر كان العرب أمة تعظم الأصنام وتعبدها ويعبدون قبور الصالحين[2]، فحرم رسول الله زيارة القبور بأمر الله لئلا يعودوا إلى عاداتهم، ثم لما ثبت الأمر بالمسلمين ومكن الله الإسلام والتوحيد في قلوبهم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الموت».[3]
النسخ في القرآن، يأتي في الرسم بمعنى: «اللفظ»، وفي الحكم بمعنى: ما دل عليه اللفظ. فالرسم إما أن يكون مما تواتر نقله، وهو: ما أمر الصحابة بتدوينه وجمعه، وهو المتفق على قرآنيته. وإما أن يكون مما لم يؤمر الصحابة بتدوينه وجمعه، هو: المنسوخ أو المنسأ. ومن أمثلة الآيات المنسوخة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ وهي منسوخه بالآية ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾. وهناك نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ السنة بالقرآن، ونسخ السنة بالسنة.
النسخ في السنة النبوية هو: «نسخ السنة بالسنة» في عدة أحاديث وردت عن نبي الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وتتضمن نسخ الأحكام التي كان قد أقرها فيما قبل مثل السماح بزيارة القبور بعد منع زيارتها. ومثل تحريم زواج المتعة بعد إباحته عند المسلمين، خلافا لبعض علماء الشيعة القائلين بعدم النسخ.[4] وقد حكى النووي: الإجماع على تحريم زواج المتعة.[5]
مجال النسخ هو الأوامر والنواهي الشرعية فحسب، أما الاعتقادات، والأخلاق، وأصول العبادات، والأخبار الصريحة التي ليس فيها معنى الأمر والنهي، فلا يدخلها النسخ بحال. النسخ يتعلق بالأحكام لأن لها ارتباط بأمور زمنية وأحوال محددة، أما الأخبار ومسائل العقائد فهي لا تتغير، وقد جاءت العقائد السماوية كافة بتقرير عقيدة واحدة هي عقيدة إفراد الله بالعبودية، وترك عبادة ما سواه، فجميع الرسل نادوا في قومهم: 《أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره》، (المؤمنون: 32).
إلا أن أحكام الشرائع اختلفت من شريعة لأخرى، ذكر القرآن: قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ٤٨﴾ [المائدة:48] وجاءت شريعة الإسلام باعتبارها آخر الشرائع وفقا للأدلة الشرعية؛ ناسخة لما سبقها من الشرائع، ومهيمنة عليها كما ذكر القرآن: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾، (المائدة: 48)، واقتضت حكمة الله سبحانه أن يشرع أحكامًا لحكمة يعلمها، ثم ينسخها لحكمة أيضًا تستدعي ذلك النسخ، إلى أن استقرت أحكام الشريعة أخيراً، وأتم الله دينه، كما أخبر الله تعالى بقوله: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ (المائدة: 3). وقد بحث العلماء الناسخ والمنسوخ ضمن أبحاث علوم القرآن، وأفرده بعضهم بالكتابة.
ولمعرفة الناسخ والمنسوخ أهمية كبيرة عند أهل العلم، إذ بمعرفته تُعرف الأحكام، ويعرف ما بقي حكمه وما نُسخ.
وقد حدَّد أهل العلم طُرقاً يُعرف بها الناسخ والمنسوخ، منها: النقل الصريح عن النبي، أو الصحابة، فمن أمثلة ما نُقل عنه قوله:
ومن أمثلة ما نُقل عن الصحابة، قول أنس بن مالك في قصة أصحاب بئر معونة:
صفات الناسخ والمنسوخ:
1- إجماع الامة على ان هذا النص ناسخ
2- إثبات الناسخ
3-النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومن طُرق النسخ أيضاً إجماع الأمة، ومعرفة تاريخ الحكم المتقدم من المتأخر.
والنسخ لا يثبت بالاجتهاد، ولا بمجرد التعارض الظاهر بين الأدلة، فكل هذه الأمور وما شابهها لا يثبت بها النسخ.
جزء من سلسلة مقالات حول |
بوابة القرآن |
النسخ على أنواعٍ هي:
ونسخ وجوب صيام يوم عاشوراء الثابت بالسنة، بصوم رمضان كما في القرآن:
الأول: لا يجوز نسخ القرآن بالسنة مطلقاً وهو مذهب الشافعي و قول للإمام أحمد في روية عنه و اختيار ابن تيمية.
الثاني: يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة فقط، وهو قول الإمام أبي حنيفة ورواية عن أحمد وهو قول المالكية.
الثالث: يجوز نسخ القرآن بالسنة مطلقاً سواء منها المتواتر أو الآحاد. وهذا القول رواية عن أحمد أيضاً وهو قول أهل الظاهر واختاره الشنقيطي وابن عثيمين.[6]
ويأتي النسخ في القرآن على ثلاثة أنحاء:
وفق رأى علماء المسلمين في الحكمة من النسخ:
وقد ذكر السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن حول الحكمة من الناسخ والمنسوخ ما يلي«أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقُرْآنَ كَمَا يُتْلَى لِيُعْرَفَ الْحُكْمُ مِنْهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فَيُتْلَى لِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَتُرِكَتِ التِّلَاوَةُ لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ.وَالثَّانِي: أَنَّ النَّسْخَ غَالِبًا يَكُونُ لِلتَّخْفِيفِ فَأُبْقِيَتِ التِّلَاوَةُ تَذْكِيرًا لِلنِّعْمَةِ ورفع المشقة»[7]
النسخ ثابت في اليهودية والنصرانية بدلالة نصوص الكتاب المقدس. وقد ذكر ذلك بوضوح السموئل في كتابه بذل المجهود في إفحام اليهود.[8] فمثلًا نسخ قدسية السبت:
وهناك الكثير من الآيات الأخرى التي يحملها الكتاب المقدس تدل على حرمة السبت ثم نسخ بولس هذه الأحكام كما ورد في رسالته إلى كولوسي 2: 16 - 17 «فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي قَضِيَّةِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، أَوْ فِي الْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالأَعْيَادِ وَرُؤُوسِ الشُّهُورِ وَالسُّبُوتِ؛ 17 فَهَذِهِ كَانَتْ ظِلاَلاً لِمَا سَيَأْتِي، أَيْ لِلْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ الْمَسِيحُ.»
توجه بعض غير المسلمين حديثاً لفكرة النسخ.[محل شك] يعتبر أهل القرآن وبعض العلمانيين أن النسخ الشرعي ليس هو المقصود بالنسخ الوارد بالقرآن.[9][10] كما يرفض بعضهم تسمية التقسيم المرقم الموجود بالقرآن بالآية مما يلغي فكرة نسخ آيات القرآن لبعضها من الأساس.[10] أما بعض المسيحيين فاعتبروه طعناً في صحة القرآن ونبوة محمد لاعتبارهم أن الله لن يلغي أحكامه وأوامره.[11][12] والذي يرونه بعض المسلمين تكلّفاً بسبب قبولهم نسخَ كثيرٍ من الأمور الشرعية من العهد القديم كالسبت وحرمة الخنزير وأمور غيرها.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في: |سنة=
(مساعدة)
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)