أزمة الهجرة الأمريكية عام 2014

تمثلت أزمة الهجرة الأمريكية لعام 2014 بحدوث فورة في أعداد الأطفال والنساء غير المصحوبين بذويهم والساعين لدخول الولايات المتحدة الأمريكية قادمين من المثلث الشمالي لأمريكا الوسطى. يشير مصطلح «الطفل الأجنبي غير المرافق لذويه» في القانون الأمريكي إلى كل طفل لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، ولم يسوّى وضعه القانوني في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يملك وصيًا قانونيًا يوفر له الحصانة والرعاية المادية.[1]

رسم بياني يوضح عدد الأشخاص، غير الحاملين للجنسية المكسيكية، الذين اعتقلتهم دوريات حرس الحدود الأمريكية على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك بين عامي 2000 و2017.  أغلب المهاجرين غير المكسيكيين الذين يصلون إلى الحدود الأمريكية هم من مواطني أمريكا الوسطى.

ازداد عدد الأطفال غير المرافقين لذويهم الذين ألقي القبض عليهم على الحدود المكسيكية الأمريكية من 38759 طفل في عام 2013 إلى 68541 طفل في عام 2014،[2] بنسبة قدرها 80% تقريبًا. يمكن عزو هذا التزايد إلى العديد من العوامل بما في ذلك المعدلات العالية لجرائم العنف المرتبطة بالعصابات في دول دول المثلث الشمالي لأمريكا الوسطى،[3][4] ونشر مهربي المهاجرين لشائعات كاذبة حول أذونات دخول الولايات المتحدة،[5][6][7] وتزايد الوعي بقانون قانون H.R. 7311 الصادر عام 2008 في الولايات المتحدة والذي يمنح الأطفال غير المصحوبين بذويهم، والقادمين من دول لا تشترك بحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية،[8][9][10] درجات عالية من الحماية، إضافة إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي من آثار الكساد الكبير.[11] لم يكن العديد من الأطفال المهاجرين بصحبة أحد من والديهم أو أي وصي قانوني عليهم لتقديم الرعاية الصحية أو الحضانة المادية لهم، وسرعان ما تسببوا بإرباك دوريات الحدود المحلية.[12]

يتكون المثلث الشمالي لأمريكا الشمالية من دول هندوراس وغواتيمالا والسلفادور التي شكل أطفالها في 2014 أغلب المهاجرين غير المكسيكيين والقادمين من أمريكا الوسطى إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

خلفية

[عدل]
تتكون منطقة المثلث الشمالي لأمريكا الوسطى من ثلاث دول، غواتيمالا والسلفادور وهندوراس. تجتمع حدود هذه الدول الثلاثة عند نقطة واحدة، وتتميز هذه الدول بتقارب ثقافتها وتاريخها ومجتمعها وسياستها مع تاريخ وثقافة ومجتمع وسياسة أمريكا الوسطى الأصلية الكلاسيكية.

ابتداءً من عام 1980، تزايد عدد المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أمريكا الوسطى بشكل كبير، واتسمت بلدان أغلب هؤلاء المهاجرين بانتشار الفساد والفقر وجرائم القتل. كان أغلب المهاجرين القادمين من أمريكا الوسطى من سكان هندوراس وغواتيمالا والسلفادور. شهد عدد المهاجرين القادمين من بلدان أمريكا الوسطى الأخرى (ككوستاريكا ونيكاراغوا وبنما وبيليز) إلى الولايات المتحدة انخفاضًا بسيطًا في الفترة ما بين عامي 2010 و2013.[13] منذ ثمانينيات القرن العشرين، شكل المهاجرون القادمون من هندوراس والسلفادور وغواتيمالا ما نسبته 85% من المهاجرين للولايات المتحدة القادمين من دول أمريكا الوسطى.[14] اعترضت هيئة الجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 وحده 46900 طفل غير مرافق لذويه، وأكثر من 70400 وحدة عائلية وصلت الحدود المكسيكية الأمريكية قادمة من السلفادور وغواتيمالا وهندوراس.[13]

خلال الحرب الباردة، دعمت الولايات المتحدة الأمريكية القوى المسلحة المعادية للشيوعية في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية.[15][16] يدعي الباحثون أن ارتفاع معدلات العنف والقتل في العديد من هذه البلدان ما هو إلا نتيجة مباشرة لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية فيها لصالح القوى المناهضة للشيوعية والذي بدأ مع الانقلاب الغواتيمالي في خمسينيات القرن العشرين الذي شكل نواة أزمة اللاجئين المعاصرة.[17]

كانت نسبة الأطفال المرتفعة بين المهاجرين السبب الأساسي وراء اهتمام مختلف وسائل الإعلام الدولية  بأزمة الهجرة الأمريكية في عام 2014. يعبر معظم هؤلاء الأطفال الحدود بين غواتيمالا والمكسيك على متن قطار يسمى «لابيستيا» (الوحش)، الذي تبدأ رحلته من محطته الأولى بالقرب من الحدود الغواتيمالية في ولاية تشياباس المكسيكية، وتنهي في مدينة مكسيكو. أثار قطار لابيستيا اهتمام المجتمع الدولي. يعد طريق القطار بؤرة للابتزاز الجماعي والفساد والقتل والسرقة والاغتصاب والاختطاف والاعتداء الجنسي على المهاجرين من أمريكا الوسطى وغيرهم. لا يبلغ المهاجرون عادة عن هذه الجرائم خوفًا من ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. سيحتاج هؤلاء الأطفال المهاجرين، في حال تمكنوا من النجاة من رحلة قطار لابيستيا ومن العصابات المكسيكية، للعثور على أحد مهربي المهاجرين لتهريبهم عبر الحدود المكسيكية الأمريكية.[18]

خلال أزمة الهجرة الأمريكية عام 2014، عبر معظم النساء والأطفال القادمين من أمريكا الوسطى نهر ريو غراندي، وسلموا أنفسهم لدوريات الحدود الأمريكية مدفوعين بالاعتقاد -المبني على أسس سليمة بشكل جزئي-[19] بأن قانون الهجرة واللاجئين في الولايات المتحدة الأمريكية يتضمن ترتيبات خاصة بالأطفال. أربك العدد الكبير من المهاجرين، الذين يحق لهم المثول أمام المحاكم والحصول على استشارات والتنسيب، المحاكمَ الأمريكية وغيرها من المرافق الحكومية.  

صورة تظهر قفز مجموعة من المهاجرين على قطار لابيستيا لنقلهم إلى الحدود المكسيكية الأمريكية.

أسباب

[عدل]

يرجع الارتفاع الكبير بأعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2014،[2] بشكل أساسي، إلى زيادة عدد الوافدين القصّر غير المصحوبين بذويهم والقادمين بشكل أساسي من بلدان غواتيمالا وهندوراس والسلفادور (المثلث الشمالي لأمريكا والسطى). ارتفع عدد الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين أُلقي القبض عليهم على الحدود الأمريكية المكسيكية من 38759 طفل في عام 2013 إلى 68541 طفل في عام 2014 بزيادة قدرها 80% تقريبًا. تعزى هذه الزيادة الكبيرة في عدد الأطفال القصر غير المصحوبين بذويهم إلى عدد من العوامل منها ارتفاع معدلات الجريمة المرتبطة بالعصابات في المثلث الشمالي،[3] ونشر مهربي المهاجرين لشائعات كاذبة حول أذونات دخول الولايات المتحدة وتزايد الوعي بقانون قانون H.R. 7311 الصادر في الولايات المتحدة عام 2008،[5][6][7] الذي يمنح الأطفال غير المصحوبين بذويهم والقادمين من دول لا تشترك بحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية درجات عالية من الحماية،[8][9][10] إضافة إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي من آثار الركود الكبير.[11]

في دراسة أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على ما يقرب 400 طفل غير مصحوبين بذويهم قادمين من المكسيك وأمريكا الوسطى، أفاد 58% منهم بأن دوافع هجرتهم ارتبطت بأمور تتعلق بالسلامة في وطنهم، بزيادة قدرها 450% تقريبًا على نسبة الأطفال المكسيكيين الذين أبلغوا عن نفس الدوافع لهجرتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية في دراسة أجريت عام 2006، والتي قدرت حينها ب 13% فقط.[20][21][22]

شهدت بلدان المثلث الشمالي لأمريكا الشمالية، هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، زيادة في معدل جرائم العنف مع بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تراجعت معدلات جرائم القتل في السلفادور وهندوراس وغواتيمالا بدءًا من عام 2011، لكن، ظلت معدلات جرائم القتل فيها من بين أعلى المعدلات في العالم. في بداية عام 2014، شهدت السلفادور تصعيدًا آخر في أعمال العنف بعد أن آلت الهدنة بين عصابة شارع 18 وعصابة إم إس-13 إلى الانهيار.[3]

مراجع

[عدل]
  1. ^ "unaccompanied alien child". law.cornell.edu (بالإنجليزية). Archived from the original on 2020-12-20. Retrieved 2018-03-21.
  2. ^ ا ب Robertson، Lori (28 يونيو 2018). "Illegal Immigration Statistics". Fact Check. factcheck.org. مؤرشف من الأصل في 2021-12-16. اطلع عليه بتاريخ 2019-07-13.
  3. ^ ا ب ج Lind، Dara (19 سبتمبر 2014). "The child migrant crisis seems to be over. What happened?". Vox. Vox. مؤرشف من الأصل في 2021-08-07.
  4. ^ "Violence, Development, and Migration Waves: Evidence from Central American child migrant apprehensions". Journal of Urban Economics (بالإنجليزية): 103355. 12 May 2021. DOI:10.1016/j.jue.2021.103355. hdl:10419/170912. ISSN:0094-1190. Archived from the original on 2021-05-15.
  5. ^ ا ب "What's Causing The Latest Immigration Crisis? A Brief Explainer". NPR.org. مؤرشف من الأصل في 2021-10-05.
  6. ^ ا ب "Overcrowded, unsanitary conditions seen at immigrant detention centers". LA Times. 18 يونيو 2014. مؤرشف من الأصل في 2021-11-02.
  7. ^ ا ب "Under-age and on the move". The Economist. 26 يونيو 2014. مؤرشف من الأصل في 2021-05-07. اطلع عليه بتاريخ 2019-07-14.
  8. ^ ا ب Hulse، Carl (7 يوليو 2014). "Immigrant Surge Rooted in Law to Curb Child Trafficking". New York Times. مؤرشف من الأصل في 2021-11-10.
  9. ^ ا ب "THE RIGHTS OF CHILDREN IN THE IMMIGRATION PROCESS" (PDF). ACLU. ACLU. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-04-26.
  10. ^ ا ب Cohen، Tom (16 يوليو 2014). "Unintended consequences: 2008 anti-trafficking law contributes to border crisis". CNN. مؤرشف من الأصل في 2021-04-18.
  11. ^ ا ب Warren، Robert. "Surge in Immigration in 2014 and 2015? The Evidence Remains Illusory". Center for Migration Studies. مؤرشف من الأصل في 2021-04-19.
  12. ^ 6 U.S.C. § 279(g)(2)
  13. ^ ا ب Bolter، Jeanne Batalova, Jessica Bolter Allison O’Connor, Jeanne Batalova, and Jessica (12 أغسطس 2019). "Central American Immigrants in the United States". migrationpolicy.org. مؤرشف من الأصل في 2021-12-05.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  14. ^ "Census data" (PDF). www.census.gov. 2010. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-11-24. اطلع عليه بتاريخ 2019-11-16.
  15. ^ McSherry، J. Patrice (2011). "Chapter 5: "Industrial repression" and Operation Condor in Latin America". في Esparza, Marcia؛ Henry R. Huttenbach؛ Daniel Feierstein (المحررون). State Violence and Genocide in Latin America: The Cold War Years (Critical Terrorism Studies). روتليدج. ص. 107. ISBN:978-0415664578.
  16. ^ Blakeley، Ruth (2009). State Terrorism and Neoliberalism: The North in the South. Routledge. ص. 22–23. ISBN:978-0415686174. مؤرشف من الأصل في 2015-06-14.
  17. ^ Kazdin، Cole (28 يونيو 2018). "The Violence Central American Migrants Are Fleeing Was Stoked by the US". Vice. مؤرشف من الأصل في 2020-09-20. اطلع عليه بتاريخ 2018-07-28.
  18. ^ Wilson، Sayre (5 يونيو 2014). "Riding 'The Beast' Across Mexico To The U.S. Border". National Public Radio. مؤرشف من الأصل في 2021-08-09. اطلع عليه بتاريخ 2017-03-22.
  19. ^ Carl Hulse (9 يوليو 2014). "Immigrant Surge Rooted in Law to Curb Child Trafficking". New York Times. مؤرشف من الأصل في 2021-11-10.
  20. ^ Nazario, Sonia. "The Children of the Drug Wars: A Refugee Crisis, Not an Immigration Crisis." The New York Times. July 11, 2014. Accessed March 20, 2017. https://www.nytimes.com/2014/07/13/opinion/sunday/a-refugee-crisis-not-an-immigration-crisis.ht ml
  21. ^ Martin، Patrick. "US orders 7,700 children deported without court hearings - World Socialist Web Site". wsws.org. مؤرشف من الأصل في 2021-09-17. اطلع عليه بتاريخ 2017-04-10.
  22. ^ "Child Deportations: How Many Minors Does the U.S. Actually Send Home? | Bipartisan Policy Center". Bipartisan Policy Center (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2021-08-07. Retrieved 2017-04-10.