هذه المقالة بحاجة لمراجعة خبير مختص في مجالها.(يوليو 2016) |
إسماعيل | |
---|---|
الذبيح، صادق الوعد، الغلام الحليم | |
الولادة | بلاد الشام[1] |
الوفاة | مكة |
مبجل(ة) في | اليهودية المسيحية الإسلام البهائية |
النسب | أبوه: إبراهيم أمه: هاجر إخوته: إسحاق ذريّته: الإسماعليون |
إِسْمَاعِيْل بن إبراهيم بن تارح هو عند المسلمين نبي من أنبياء الله،[2] وابن النبي إبراهيم، بينما في اليهودية والمسيحية عبارة عن شخصية تاريخية تم ذكرها في العهد القديم، وهو يعتبر أب النسب للعرب الإسماعيليين أي العرب القيدرايون والنبط والعدنانيون، وجد في عمود نسب النبي محمد.[3] و إسماعيل ربِّيَ في البادية، و كان راميًا بالقوس شأن أهل البادية العربية؛ وأنه خلف اثني عشر ولدًا أسماؤهم تطابق أسماء بعض القبائل العربية الشمالية وأن أولاده و نسله هم آباء القبائل العربية التي أقامت ما بين "حويلة" إلى "شورة"، وكانت شورة عند برزخ السويس وحويلة عند خولان في شمال اليمن وبينهما الحجاز، ونجد وتهامة وجزيرة سيناء.[4]
إسماعيل (بالعبرية: יִשְׁמָעֵאל) وتفسيره في كلتا اللغتين (سَمِعَ الله) بمعنى (لبى الله دعاء إبراهيم بأن يكون له ولد فمنحه إسماعيل). وكان إسماعيل الابن الأكبر لإبراهيم من هاجر جارية زوجته سارة. وكان إسماعيل أول من ذٌكر في سفر التكوين من كتاب التوراة كالابن الأكبر لإبراهيم من هاجر جارية سارة «المصرية». ولا تعترف اليهودية والمسيحية بنبوة إسماعيل.
في كتاب التوراة العهد القديم، يوجد شرح لحياة إسماعيل في سفر التكوين اصحاح 16 وما يليه. ويرد فيه:
سارة، زوجة إبراهيم منحت خادمتها هاجر لإبراهيم حتى تحبل منه وتلد له ولدا تتبناه لاعتقادها بأن الله حرمها الحمل (التكوين اصحاح 16:2). حملت هاجر وبدأت بإهانة سارة، لذلك طردتها من بيت إبراهيم في ثورة غضب. هربت على إثرها هاجر إلى البرية. وهناك ظهر لها ملاك، أمرها بأن ترجع إلى بيت إبراهيم وقال لها: «لأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكِ فَلاَ يَعُودُ يُحْصَى» وأكمل قائلاً: «هُوَذَا أَنْتِ حَامِلٌ، وَسَتَلِدِينَ ابْناً تَدْعِينَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ شَقَائِكِ. وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا، يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ، وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ» (تكوين اصحاح 16).
عادت هاجر إلى بيت إبراهيم ومعها ابنها الذي اسمته إسماعيل. وبعد أن بلغ إسماعيل الرابعة عشرة من عمره، حملت سارة بإسحق ولد إبراهيم. وعند بلوغ إسماعيل سن السادسة عشرة أغضَبَ سارة، فطلبت من إبراهيم أن يطرد هاجر وابنها.
كَبٌرَ اسحق، وفي اليوم الذي فٌطم فيه أقام إبراهيم وليمة كبيرة، لكن سارة لاحظت بأن إسماعيل يسخر من ابنها اسحق، لذلك طلبت سارة من إبراهيم: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، فَإِنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِي إِسْحقَ» (تكوين اصحاح 10-21:8).
وبالرغم من أن إبراهيم لم يكن مرتاحا من مسألة طرد هاجر وإسماعيل، لكنه انصاع إلى أمر امرأته بعدما وعده الله بأنه سيعتني بأبنه إسماعيل ويجعل له نسلاً كما لاسحق.
ضايق هذا إبراهيم كثيرا لان إسماعيل كان ابنه ولكن الله قال له «لاَ يَسُوءُ فِي نَفْسِكَ أَمْرُ الصَّبِيِّ أَوْ أَمْرُ جَارِيَتِكَ، وَاسْمَعْ لِكَلاَمِ سَارَةَ فِي كُلِّ مَا تُشِيرُ بِهِ عَلَيْكَ لأَنَّهُ بِإِسْحقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. وَسَأُقِيمُ مِنِ ابْنِ الْجَارِيَةِ أُمَّةً أَيْضاً لأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ» (تكوين اصحاح 13-21:11).
ذهب هاجر وإسماعيل إلى برية بئر سبع، وعندها مرت هاجر وابنها بفترة عصيبة، فسمعت صوتا من السماء يقول: «فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر؟ لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة.» (تكوين اصحاح 21).
وبذلك سكن هاجر وإسماعيل في صحراء فاران وبرَع إسماعيل باستخدام القوس ورمي النبال. اتخَذَت لهٌ أمه زوجةً.
وذكر في العهد القديم لإبراهيم: «فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحق. وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده. 20 وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. هأنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة. 21 ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية».[5]
«وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ.»[6] ولإسماعيل ابنة اسمها بَسْمَةَ،[7] حيث تزوجها عيسو على غير رضا أهله.[8]
ويظهر إسماعيل مع أخيه في دفن ابيهما إبراهيم «فَدَفَنَهُ ابْنَاهُ إِسْحاقُ وَإِسْمَاعِيلُ فِي مَغَارَةِ الْمَكْفِيلَةِ، فِي حَقْلِ عِفْرُونَ بْنِ صُوحَرَ الْحِثِّيِّ مُقَابِلَ مَمْرَا».[9] وقد صار أبناء إسماعيل الإثني عشر رؤساء لاثنتي عشرة قبيلة وانتشرت ذريته من حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الْمُتَاخِمَةِ لِمِصْرَ فِي اتِّجَاهِ أَشُّورَ. وفي أيامه كانوا يسمون المقاطعات العربية بأسماء القبائل.
كان عرب الحجاز يؤمنون أنهم من ذرية إسماعيل، ولهذا فقد ذكروه في أشعارهم وأخبارهم.
هناك إشارة محتملة إلى إسماعيل في إحدى قصائد الشعر الجاهلي المنسوبة لأمية بن أبي الصلت وهو يحكي قصة تضحية إبراهيم بابنه، حيث قال فيها:
وفي بعض أخبار عرب الجاهلية، نجد أن بعض العرب رفضوا الوثنية وتعدد الآلهة واتبعوا الحنيفية والتوحيد التي آمنوا بأنها ديانة أبيهم إسماعيل على حسب قولهم، مثل زيد بن عمرو بن نفيل الذي رفض السجود للات والعزى وقال أنه لا يسجد إلا للكعبة التي سجد إليها إبراهيم وإسماعيل.[12]
وكان عرفا بين قبائل الحجاز في غرب شبه الجزيرة العربية أن تفتتح خطابات المصالحة بين القبائل المتناحرة بعبارة: « نحن آل إبراهيم وذرية إسماعيل... »، مثلما فعل عبد المطلب بن هاشم عندما كان يحاول المصالحة بين قبيلتي قريش وخزاعة.[13][14] كما قال ابن كثير عن إسماعيل:« جميع عرب الحجاز على اختلاف قبائلهم يرجعون في أنسابهم إلى ولديه نابت وقيدار»[15] وذكر الطبري والأزرقي والفاكهي: « فمن نابت وقيدار نشر الله العرب»[16][17]
جزء من سلسلة الإسلام عن |
الأنبياء المذكرون في القرآن |
---|
بوابة الإسلام |
هاجَر إبراهيم من بلاد الرافدين (من أرض أور)[18] مع زوجته سارة وابن أخيه لوط، قاصدين مملكة الأقباط، وهناك حدثت قصة الملك مع سارة وأن إبراهيم قال لها: قولي: أنا أخته. وأهدى الملك إياها هاجر ثم خرجوا من مصر.
مضى إبراهيم إلى فلسطين، وفي طريقه وعند وصلوهم قرية سدوم على سواحل البحر الميت، أمر إبراهيم لوطاً أن يسكن تلك القرية، ويدعو أهلها إلى عبادة الله.
أما إبراهيم فقد واصل طريقه مع زوجته سارة وهاجر، إلى أرض فلسطين. رأى إبراهيم وادياً جميلاً تحيطه الراوبي والتلال فألقى رحله هناك. ومنذ ذلك التاريخ وقبل آلاف السنين سكن إبراهيم الأرض التي تدعى اليوم بمدينة الخليل.
ضرب إبراهيم خيامه في ذلك الوادي الفسيح وترك ماشيته ترعى بسلام، كان ذلك الوادي في طريق القوافل المسافرة، لهذا كان يقصده الكثير من المسافرين فيجدون عنده الماء العذب، والطعام الطيب والكرم والاستقبال الحسن، ويجدون عنده الكلمات الطيبة.
كان إبراهيم يتحدث مع ضيوفه، وكان همّه أن يعبد الناس الله الواحد الأحد لا شريك له، ولا معبود سواه.
و تمرّ الأيام والأعوام وعرف الناس إبراهيم الرجل الصالح الكريم. عرفوا أخلاقه وكرمه وحبّه للضيوف، عرفوا صلاحه وعبادته وتقواه، عرفوا حبّه للخير والناس.
وصفه القرآن أنه من الصابرين ومن الصالحين حيث يقول تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ٨٥ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ٨٦﴾[19] (سورة الأنبياء، الآيتان 85و86).
وهب الله إبراهيم ولداً هو إسماعيل. كان طفلاً محبوباً ملأ قلب أبيه فرحاً ومسرَّة. لهذا كان يحتضنه ويقبّله وكان يقضي بعض أوقاته في خيمة أمّه هاجر.
سارة المرأة الصالحة كانت تحبّ إبراهيم، وتحبّ أن يفرح زوجها، ولكنها بدأت تغار من هاجر التي رزقت طفلاً أمّا هي فظلّت محرومة، من أجل هذا طلبت من إبراهيم أن يقوم بإبعاد هاجر، لأنها لا تريد رؤيتها، لئلا تحزن وتغار، فقام إبراهيم بإرسال زوجته وولده إلى مكة.
و شاء الله أن يأخذ إبراهيم هاجر وابنهما إسماعيل إلى أرض بعيدة هي أرض مكة في الجنوب. وامتثل إبراهيم لأمر الله فشدّ الرحال إلى مكة المكرمة التي لم يذهب إليها من قبل. سار إبراهيم مع زوجته هاجر، ومعهما إسماعيل الطفل الرضيع أيّاماً طويلة. وفي كل مرّة وعندما يرى إبراهيم مكاناً جميلاً أو وادياً معشباً كان ينظر إلى السماء، كان يتمنّى أن يكون قد وصل المكان الموعود. لكن الملاك يهبط من السماء ويخبره باستئناف المسير. وبعد أيام طويلة وصلوا أرضاً جرداء عبارة عن وادٍ ليس فيه سوى الرمال، وبعض شجيرات الصحاري الجافّة. في ذلك المكان هبط الملاك وأخبر إبراهيم بأنه قد وصل الأرض المقدسة. نزل إبراهيم في ذلك الوادي. واد خال من الحياة ليس فيه نهر ولا نبع ولا يعيش فيه إنسان. إنها إرادة الله أن يعيش الصبي إسماعيل وامّه في هذا المكان.
قبّل إبراهيم طفله إسماعيل. بكى من أجله. على إبراهيم أن يعود ويترك هاجر وابنها في هذا المكان بكى إبراهيم من أجلها وهو يبتعد عائداً إلى فلسطين. التفتت هاجر حواليها لم تر شيئاً سوى الرمال وصخور الجبال الصماء. قالت لزوجها: " أتتركنا هنا في هذا الوادي؟ " ولم تغضب لأن من صفات زوجات الأنبياء الصبر. وسألته: " آلله أمرك بهذا؟ " فأشار برأسه أن نعم. فقالت: " ما دام الله قد أمرك فلن يضيعنا. وابتعد إبراهيم بعد أن ودّع ابنه وزوجته. وقف فوق التلال ونظر إلى السماء وابتهل إلى الله أن يحفظهما من الشرور. وقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ٣٧﴾[20] (سورة إبراهيم، الآية 37).
اختفى إبراهيم في الافق البعيد. لم تعد هاجر تراه، أمّا إسماعيل فكان رضيعا ولم يكن يعلم ماذا يجري حوله. فرشت هاجر لابنها جلد كبش، وقامت تصنع لها ولطفلها خيمة صغيرة. كانت تعمل بكل طمأنينة، وكأنها في بيتها. كانت تؤمن أن هناك من يرعاها ويرعى وليدها. في النهار تجمع بعض الحطب وفي المساء توقد النار وتصنع لها رغيفاً تتعشّى به، وكانت تسهر معظم الليل وهي تنظر إلى السماء المرصعة بالنجوم. مضت عدّة أيام وهاجر على هذه الحال. نفذ ما معها من ماء، ولم يبق منه في القربة شيء. والوادي الموحش يملأه الصمت. راحت هاجر تدير بصرها في جنبات الوادي. ولكن لا شيء، أيقنت أن هذه أرض جرداء خالية من الماء. لم يمرّ بها إنسان من قبل ولا يطير في سمائها طائر. بكى إسماعيل الطفل الرضيع من العطش يبحث عن قطرة ماء. إنه لا يدرك ما يجري حوله. لا يدري في أي مكان هو في هذه الأرض. نظرت أمّه إليه باشفاق. ماذا تفعل؟ من أين لها أن تأتي بالماء في هذه الصحراء؟! فجأة تفجَّرت في قلبها إرادة الأمومة. لا بدّ أن تفعل شيئاً. لا بد أن يوجد في هذه الأرض ماء ولو قطرة. لعل في خلف هذا الجبل غديرا أو نبعا. لعل خلف ذاك التلّ بئرا حفره إنسان طيّب من أجل القوافل المسافرة. نهضت هاجر، ونظرت حواليها لتتأكد من عدم وجود ذئب أو ضبع يفترس ابنها الرضيع. لا شيء سوى شجيرات الشوك هنا وهناك. ركضت باتجاه جبل الصفا. كانت تركض بعزم وأمل وكان هناك خوف في قلبها. فقد يختطف ذئب صغيرها الظامئ إسماعيل. كان صراخ إسماعيل يدوّي في أذنها. ارتقت هاجر قمّة جبل الصفا. فنظرت في الوادي. رأت ما يشبه تموجات الماء. انحدرت باتجاه الوادي. ولكن لا شيء، رمال ومآل. لقد كان ما رأته في قلب الوادي مجرد سراب. عادت تركض نحو طفلها إسماعيل. ما يزال يبكي يصرخ يريد ماءً. نظرت إلى جبل المروة في أمل لعلها تجد هناك ماءً. راحت تركض بأقصى سرعة. وكانت الرمال تتطاير تحت قدميها. تراءى لها ما يشبه الماء. ركضت. وركضت بسرعة. ولكن لا شيء سوى السراب. انقطع بكاء إسماعيل غاب عن بصرها. عادت بسرعة. رأته من بعيد يبكي. ما يزال يطلب الماء. وربّما كان يبحث عن أمّه. كان خائفاً. راحت هاجر تعدو بين جبل الصفا وجبل المروة تبحث عن ماء لوليدها إسماعيل. سيموت من الظمأ، سيموت من العطش. نظرت إلى السماء صاحت من كل قلبها: «يا رب!» ارتقت جبل المروة غاب إسماعيل عن بصرها. انقطع بكاؤه. خافت أن يكون قد مات. ربّما افترسه ذئب جائع. أقبلت تعدو بكل ما أُوتيت من قدرة رأت من بعيد إسماعيل هادئاً كان يحرّك يديه وقدميه وكان هناك نبع قد تفجّر عند قدميه الصغيرتين. نظرت هاجر إلى السماء وهي تبكي، لقد استجاب الله دعوتها فتدفق الماء من قلب الرمال. أسرعت هاجر لتصنع حوضاً حول الماء. ليكون فيما بعد بئر زمزم.
رأت الطيور الماء فراحت تدور حول النبع سعيدة. فرحت هاجر بمنظر الطيور البيضاء وهي تحلق في سماء الوادي. إسماعيل أيضاً كان سعيداً وهو يراها تلعب في الفضاء. كان السكان في تلك الصحاري يعيشون حياة الرحّل. ذات يوم مرّت قبيلة جرهم من اليمن قريباً من الوادي فرأى الناس طيوراً تحلق في السماء فعرفوا أنّ في ذلك الوادي ماء. فتوجهوا نحوه. عندما انحدرت قوافلهم في الوادي مقبلة من طريق كداء (موضع في شمالي مكة)[21] شاهدوا منظراً عجيباً لم يكن هناك سوى امرأة مع ابنها الرضيع. قالت لهم المرأة: «أنا هاجر زوجة إبراهيم خليل الرحمن». كان أفراد قبيلة جرهم أُناساً طيبين. قالوا لهاجر: «هل تسمحين لنا في السكن في هذا الوادي؟» فأجابتهم: «حتى أستأذن لكم خليل الرحمن». ضرب أفراد جرهم خيامهم قريباً من الوادي ريثما يأتي إبراهيم فيستأذنوه. جاء إبراهيم ورأى مضارب الخيام. رأى قطعان الماشية والجمال لهذا فرح بقدوم تلك القبيلة اليمنية العربية. ومنذ ذلك الوقت استوطنت قبيلة جرهم الوادي وتركوا الترحال الذي اعتادوا عليه لما وجدو في مكة من رغد العيش الذي لم يكن في ديارهم، وعاش إسماعيل وهاجر حياة طيبة. أفراد القبيلة قدّموا لإسماعيل كثيراً من الخراف، وضربوا له ولوالدته خيمة جميلة تقيهم حرّ الشمس صيفا وتحميهم من المطر شتاء. كبر إسماعيل وتعلّم لغة العرب. كان فتى طيباً ورث أخلاق أبيه إبراهيم وتأثَّر بأخلاق العرب الطيبين تعلّم منهم الكرم والضيافة والشجاعة والفروسية.
بعدما تعلم إسماعيل اللغة العربية من القبيلة، أعجبهم إسماعيل فزوجوه إحدى بناتهم، وماتت والدته هاجر، وجاء في صحيح البخاري؛[22] أن إبراهيم جاء لزيارة ابنه فلم يجده، فسأل امرأته عنه فقالت: «خرج يبتغي لنا»،[23] ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: «نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ»، فشكت إليه، فقال لها: «فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ»، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا، فقال: «هل جاءكم من أحد» قالت: «نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة»، قال: «فهل أوصاك بشيء»، قالت: «نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك». قال: «ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك فطلقها». وتزوج منهم أخرى. ثم أتاهم إبراهيم مرة أخرى، فلم يجده، فدخل على امرأته فسألها عنه، فقالت: «خرج يبتغي لنا». قال: «كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم» فقالت: «نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ» فقال: «ما طعامكم؟» قالت: «اللحم»، قال: «فما شرابكم؟» قالت: «الماء» قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ»، علًّق النبي محمد قائلًا: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». ثم قال إبراهيم: «فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ». فلما جاء إسماعيل قال: «هل أتاكم من أحد؟» قالت: «نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك»، قال: «ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك».[24]
أمر الله إبراهيم أن يبني الكعبة بيت الله الحرام ليكون رمزاً للتوحيد ومكاناً لعبادة الله. قال إبراهيم لولده: إنّ الله يامرني أن أبني بيته فوق هذا التل الصغير!. لبّى إبراهيم أمر الله ولبّى إسماعيل دعوة أبيه لبناء بيت الله. كان على إبراهيم الشيخ الكبير وإسماعيل الفتى أن ينهضا بهذه المهمة الشاقة. فعليهما أولاً أن ينقلا الصخور المناسبة للبناء من الجبال المحيطة بالوادي، وعليهما أن يجمعا التراب ويوفرا الماء الكافي لصنع الملاط اللازم في بناء البيت. وبدآ البناء، فنقلا أوّلاً الصخور من الجبال المحيطة بالوادي وصنعا حوضاً للماء وجمعا التراب. كان الفتى إسماعيل يتولّى حمل الصخور، وكان يختار من بينها الصلبة لتكون أساساً قوياً للبناء. جمع كثيراً من الصخور خضراء اللون، ثم صبَّ الماء في حوض التراب ليصنع طيناً لزجاً يشدّ الصخور إلى بعضها. وكان إبراهيم يرصف الصخور الخضراء الواحدة بعد الأخرى ليبني أساس البيت، وابنه إسماعيل يناوله الصخور. في كل يوم كانا يبنيان سافاً واحداً، ثم يعودان في اليوم التالي لبناء ساف آخر وهكذا. وكل يوم كان البناء يرتفع قليلاً قليلاً. وفي كل يوم كان إبراهيم وإسماعيل يطوفان حول البيت ويقولان: ربّنا تقبل منّا إنك أنت السميع العليم. وارتفع البيت في السماء تسعة أذرع أي ما يقارب الثمانية أمتار، رأى إبراهيم فراغاً في زارية البيت العليا. وفي تلك الليلة كانت الشهب تتوهّج في السماء وسقط نيزك فوق سفوح الجبال القريبة. وفي الصباح، انطلق إبراهيم إلى الجبل المطلّ على الوادي وقعت عيناه على حجر أبيض مثل الثلج كان حجراً بحجم الفراغ، فحمله ووضعه في مكانه.
انتهى بناء البيت، بيت الله الحرام ليكون أول بيت يعبد فيه الله وحده لا شريك له. كان للكعبة بابان باب شرقي وآخر غربي. جمع إبراهيم نباتاً طيب الرائحة يدعى «الأذخر» فوضعه على الباب، وجاءت هاجر أم إسماعيل وأهدت إلى الكعبة كساءً.
انطلق إبراهيم فجعل لا يمر بقوم إلا قال يا أيها الناس إنه قد بنى لكم بيت فحجوه فجعل لا يسمعه أحد لا صخرة ولا شجرة ولا شئ إلا قال لبيك اللهم لبيك وكان بين قوله ربنا إنى أسكنت من ذريتي بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم وبين قوله الحمد لله الذي وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحاق كذا وكذا عاما لم يحفظ عطاء.[25] هبط الملاك جبريل يُعلّم إبراهيم مناسك الحج. اغتسلوا بمياه زمزم وارتدوا ثياباً بيضاء ناصعة وبدؤوا طوافهم حول الكعبة سبع مرات، وأدّوا الصلاة ودعوا الله أن يتقبل منهم أعمالهم. وبعدها انطلقوا لقطع الوادي بين جبلي الصفا والمروة وتذكرت هاجر تفاصيل ذلك اليوم قبل أكثر من اثني عشر عاماً عندما كان إسماعيل صبياً في المهد. تذكّرت بكاءه وبحثها عن الماء. تذكّرت كيف قطعت هذا الوادي الموحش سبعة أشواط تبحث عن الماء وكيف توجهت بقلبها إلى السماء، وكيف تدفق الماء عند قدمي إسماعيل! الله ربّنا أراد لهذه الحوادث أن تبقى في ذاكرة البشر، يتذكّروا دائماً أن الله هو وحده القادر على كل شيء. صعد إبراهيم وابنه إسماعيل جبل الصفا ونظرا إلى بيت الله بخشوع وهتفا: « لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ».
تارح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هاجر | إبراهيم | سارة[26] | هاران | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ناحور | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إسماعيل | مِلكة | لوط | يسكة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1.نابت 2. قيدار 3. أدبيل [العبرية] 4. مبسام [العبرية] 5. مشماع [العبرية] 6. دومة 7. مسَّا [العبرية] 8. حدار [العبرية] 9. تيما [العبرية] 10. يطور [العبرية] 11. نافيش [العبرية] 12. قدمة [العبرية] . ودُعيت ذُريتهم الإسماعليون[27] | سبعة أبناء[28] | بتوئيل | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إسحاق | رفقة | لابان | مؤابيون | عمونيون | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عيسو | يعقوب | راحيل | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أدوميون | بلهة | زلفة | ليئة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
5. دان 6. نفتالي | 7. جاد 8. عشير | 1. روبين 2. شمعون 3. لاوي 4. يهودة 9. ياساكر 10. زبولون 11. دينة | 12. يوسف 13.بنيامين | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 - 15