أبُو بَكْر مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ دُرَيْدِ بنِ عَتَاهِيَّة الأَزْدِيُّ، [1][2][3] المَعروف بابنِ دُرَيْد (223- 321 هـ / 837- 933 م)، كان أحدَ نحاة البصرة الرائدين، وُصفَ بأنه «الباحث الأبرع، والفقيه الأقدر، وأول شعراء عصره»،[4] ولد في البصرة في العصر العباسي.[5] يعرف ابن دريد اليوم خصوصا كمعجمي وبصفته مؤلف الكتاب المعروف الجمهرة في علم اللغة). ويحل هذا القاموس الشامل للغة العربية في المرتبة الثانية من حيث الشهرة، ولا يسبقه سوى معجم العينللفراهيدي.[6]
أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حسن بن حمامي بن جرو بن واسع بن وهب بن سلمة ابن حاضر بن أسد بن عدي بن عمرو بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الأزدي اللغوي البصري إمام عصره في اللغة والآداب والشعر الفائق.[4][12]
تقدم كتابات ابن النديم قبل ذلك بقرنين من الزمان سلسلة نسب مختصرة قليلاً مع بعض الاختلافات:
هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حسن بن حمامي. وهو منسوب إلى قرية من نواحي عمان يقال له حمامي، ابن جرو بن واسع بن وهب بن سلمة بن جشم بن حاصر بن جشم بن ظالم بن حاصر بن أسد بن عدي بن عمرو بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن مالك بن نصر بن أزد بن الغوث.[11]
عندما هاجم الزنج البصرة وقُتل الرياشي عام 871، فر إلى عمان،[4][13] والتي كان يحكمها أبو محمد المهلبي. يقال إنه مارس مهنة الطب على الرغم من عدم تبقي أي أعمال معروفة في العلوم الطبية من تأليفه.[14][15] بعد اثني عشر عامًا، قال ابن خلكان إنه عاد إلى البصرة لفترة ثم انتقل إلى بلاد فارس.[4] بينما في رواية النديم انتقل ابن دريد إلى جزيرة ابن عمر قبل أن ينتقل إلى بلاد فارس[11] حيث صار تحت حماية والي الأحواز عبد الله الميكالي وأبنائه، وحيث كتب أعماله الرئيسية. ومدح ابن دريد آل ميكال بقصيدته المشهورة المقصورة. وقدّم لهُ كتابه العظيم جمهرة اللغة سنة 297 هـ، وتقلد ابن دريد آنذاك، ديوان فارس فكانت كتب فارس لا تصدر إلا عن رأيه، ولا ينفذ أمراً إلا بعد توقيعه، وقد أقام هناك نحواً من ست سنوات، ويقال إنه في كل مرة كان يُعطى راتبه كان يتصدق به كله تقريباً للفقراء.[4] كان ابن دريد سخياً لا يمسك درهماً ولا يرد محتاجاً، عاد من الأحواز إلى البصرة ومنها إلى بغداد، عام 308هـ، وأنزله علي بن محمد الجواري بجواره في محلة باب الطاق وأكرمه.[4][10] تلقى ابن دريد معاشًا شهريًا قدره خمسون دينارًا من الخليفة المقتدر بالله دعمًا لأنشطته الأدبية التي استمرت حتى وفاته.[4] تعرّف في بغداد على محمد بن جرير الطبري.[16]
كان ابن دريد بارعاً في اللغة والأدب عالماً بأخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم، قام في ذلك مقام الخليل بن أحمد الفراهيدي. ونبغ في الشعر حتى قيل عنه: أعلم الشعراء وأشعر العلماء. وقد وضع أربعين مقامة كانت هي الأصل لفن المقامات.[17]
أثنى كثير من العلماء على ابن دريد، حيث قال أبو الطيب اللغوي: ابن دريد انتهى إليه علم لغة البصريين وكان أحفظ الناس، وأوسعهم علماً، وأقدرهم على الشعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحدٍ ازدحامهما في صدر أبي بكر بن دريد.
روى ابن خلكان العديد من الحكايات عن ولع ابن دريد بالخمر، فعندما كان ابن دريد في سن التسعين أصيب بشلل جزئي إثر إصابته بجلطة دماغية، وتمكن من علاج نفسه بشربه،[18] ثم استأنف عاداته القديمة واستمر في التدريس. ومع ذلك، عاد الشلل في العام التالي أكثر شدة حتى لم يعد يتمكن سوى من تحريك يديه فقط. قال تلميذه أبو علي إسماعيل البغدادي أن الله قد عاقبه لقوله تلك المقولة في مقصورته مخاطبًا الدهر:
لَوِ اِعتَسَفتَ الأَرضَ فَـوقَ مَتنِـهِ
يَجوبُها ما خِفت أَن يَشكو الوَجـى
ظل ابن دريد مشلولًا ومتألمًا لعامين آخرين، على الرغم من أن ذكاءه ظل حادًا وأجاب بأسرع ما أمكنه عن أسئلة تلاميذه حول فقه اللغة. كانت من بين مقولاته حينها لتلميذه أبو حاتم: «لو انطفأ نور عيني، لما وجدت أحدًا قادرًا على إرواء ظمئك للمعرفة».
كانت كلماته الأخيرة ردًا على أبي علي: «حال الجريض دون الكريض».[19] (وكانت هذه الكلمات مثلاً من العصر الجاهلي للشاعر عبيد بن الأبرص- تلفظ به عندما كان على وشك أن يُنفذ فيه حكم الإعدام بناء على أوامر من ملك الحيرة الأخير، النعمان بن المنذر، وأُمِر أن يقرأ أولاً بعض شعره.)[4][14][15][18][20]
توفي ابن دريد في أغسطس من عام 933، في يوم أربعاء،[21][22][23] ودفن على الضفة الشرقية لنهر دجلة في المقبرة العباسية المعروفة مقبرة الخيزران[24]، وكان قبره بجوار بازار الأسلحة القديم قرب الشارع الأعظم. توفي فيلسوف المعتزلةأبو علي الجبائي، في نفس اليوم. وقيل في بغداد «مات فقه اللغة واللاهوت في نفس اليوم!»[19] وكان يومها مطر شديد ولم يخرج بجنازته إلا نفر قليل من محبيه وعارفي فضله.
يقال أنه ألف أكثر من خمسين كتابًا في اللغة والأدب. بصفته شاعرًا، كان تعدد مواهبه واتساع نطاقه يضرب به المثل، كما أن إنتاجه وصف بالمذهل. استشهد كثير من المؤلفين اللاحقين بمجموعته المكونة من أربعين قصة، على الرغم من ذلك لم يتبقى في الحاضر سوى أجزاء منها فقط.[25] ربما بسبب أصله العماني، احتوي شعره على بعض الموضوعات الخاصة بعمان.
جمهرة اللغة[32] هو كتاب عن علم اللغة، أو معجمللغة العربية. بسبب تجزأ عملية إملاء النص، تمت كتابة الأجزاء الأولى في بلاد فارس والأجزاء اللاحقة اعتمادًا على الذاكرة في بغداد، مع إضافات وحذف متكرر، نتج عنها القليل من عدم الاتساق. جمع النحوي أبو الفتح عبيد الله بن أحمد العديد من المخطوطات المختلفة وأنتج نسخة مصححة قرأها ابن دريد ووافق عليها. تكون في البداية من ثلاثة مجلدات من المخطوطات، وتألف ثالثها إلى حد كبير من فهرس كبير.[8] نُشر في حيدر أباد، بالهند في أربعة مجلدات (1926، 1930).[33] أثنى المؤرخ المسعودي على ابن دريد واعتبره «الوريث الفكري للخليل بن أحمد الفراهيدي»، جامع أول معجم عربي وهو معجم العين.[34] في كتابه الفهرست،يذكر ابن النديم رواية مكتوبة لأبي الفتح بن النحوي تقول أن ابن دريد تفحص مخطوطة معجم العين بالبصرة عام 248 هـ / 862 م.[11] كما ذكر ابن النديم ابن دريد من بين مجموعة من العلماء المراجعين الذين صححوا معجم العين.[11] ومع ذلك، بينما يعتمد معجم ابن دريد على معجم الفراهيدي (بل أن نفطويه، المعاصر لابن دريد، قد اتهمه بالسرقة من الفراهيدي[35][36]) خرج ابن دريد عن النظام الذي كان متبعًا سابقًا، وتبنى الأبجد، أو نظام الترتيب الأبجدي العربي الذي يعتبر المعيار الأشهر لتنسيق القواميس والمعاجم اليوم.[33][37][38]
^Abit Yaşar Koçak, Handbook of Arabic Dictionaries, pg. 23. Berlin: Verlag Hans Schiler, 2002. (ردمك 9783899300215)
^A. Cilardo, "Preliminary Notes on the Meaning of the Qur'anic Term Kalala." Taken from Law, Christianity and Modernism in Islamic Society: Proceedings of the Eighteenth Congress of the Union Européenne Des Arabisants Et Islamisants Held at the Katholieke Universiteit Leuven, pg. 3. Peeters Publishers, 1998. (ردمك 9789068319798)
^ ابCyril Elgood, A Medical History of Persia and the Eastern Caliphate: From the Earliest Times Until the Year A.D. 1932, pg. 247. Cambridge: Cambridge University Press, 2010. (ردمك 9781108015882)
^ ابCyril Elgood, A Medical History of Persia and the Eastern Caliphate: From the Earliest Times Until the Year A.D. 1932, pg. 247. Cambridge: Cambridge University Press, 2010. (ردمك 9781108015882)ISBN9781108015882
^ ابHarold Bowen, The Life and Times of 'Alí Ibn 'Ísà, 'the Good Vizier', pg. 277. Cambridge: Cambridge University Press Archive, 1928.
^A. Cilardo, "Preliminary Notes on the Meaning of the Qur'anic Term Kalala." Taken from Law, Christianity and Modernism in Islamic Society: Proceedings of the Eighteenth Congress of the Union Européenne Des Arabisants Et Islamisants Held at the Katholieke Universiteit Leuven, pg. 3. Peeters Publishers, 1998. (ردمك 9789068319798)ISBN9789068319798
^Gregor Schoeler, The Oral and the Written in Early Islam, pg. 154. Trsn. Uwe Vagelpohl, ed. James E Montgomery. Routledge Studies in Middle Eastern Literatures. London: Routledge, 2006. (ردمك 9781134158805)
^Alexander E. Elinson, Looking Back at Al-Andalus: The Poetics of Loss and Nostalgia in Medieval Arabic and Hebrew Literature, pg. 53. Volume 34 of Brill studies in Middle Eastern literatures. Ledien: Brill Publishers, 2009. (ردمك 9789004166806)
^Yasir Suleiman, The Arabic Language and National Identity: A Study in Ideology, pg. 60. Edinburgh: Edinburgh University Press, 2003. (ردمك 9780748617074)
^Yasir Suleiman, "Ideology, Grammar-Making and Standardization." Taken from In the Shadow of Arabic: The Centrality of Language to Arab Culture, Pg. 20. Ed. Bilal Orfali. Leiden: Brill Publishers, 2011. Print. (ردمك 9789004215375)
^Rafael Ṭalmôn, Arabic Grammar in Its Formative Age: Kitāb Al-ʻAyn and Its Attribution to, pg. 70. Volume 25 of Studies in Semitic Languages and Linguistics. Leiden: Brill Publishers, 1997. (ردمك 9789004108127)
^رمزي البعلبكي, "Kitab al-ayn and Jamharat al-lugha". Taken from Early Medieval Arabic, pg. 44.
^M.G. Carter, "Arabic Lexicography." Taken from Religion, Learning and Science in the 'Abbasid Period, pg. 112. Eds. M. J. L. Young, J. D. Latham and R. B. Serjeant. Cambridge: Cambridge University Press, 2006. (ردمك 9780521028875)