التهاب دماغ بأضداد المستقبلات نمدا NMDA أو التهاب دماغ بأضداد المستقبل ن-مثيل-د-أسبارتات (بالإنجليزية: Anti-NMDA receptor encephalitis) هو من أنواع التهاب الدماغ بسبب الأجسام المضادة.[2] تُعتبر الحمى من الأعراض المُبكرة للمرض، بالإضافة إلى الصداع والشعور بالتعب،[1][4] وتُتْبَع عادةً بذهان والذي يظهر على شكل أوهام (رؤية أو سماع أشياء لا يراها أو يسمعها الآخرون) وهلوسة،[1] وغالبًا ما يكون المصابون لديهم هياج أو تشويش،[1] ومع مرور الوقت تظهر نوبات صرعونقص التهويةوخلل الوظائف المستقلة (اضطراب في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب).[1]
يتم العلاج عادة بالأدوية الكابحة للمناعة، وفي حال وجود الورم، يجب أن يتم استئصاله بالجراحة.[1] عند العلاج حوالي 80% من الناس لديهم نتائج جيدة.[1] تكون النتائج أفضل عند بدء العلاج باكراً.[4] قد تبقى مشاكل عقلية وسلوكية على الأمد الطويل.[4] حوالي 4% من هؤلاء المرضى يتوفون.[4] تكرار الإصابة يحدث عند حوالي 10% من الناس.[1]
هذه الحالة شائعة نسبيًا،[4] وحوالي 80% من الحالات تكون في النساء.[4] يحدث عادةً في البالغين الأقل عمرهم من 45 عامًا، ولكن قد يحدث في أي سن.[2][6] يُعتبر جوزيف دالماو أول من وصف المرض عام 2007.[1][7]
قبل أن تتطور الأعراض النوعية لالتهاب الدماغ بأضداد المستقبلات NMDA، قد يعاني المصابين بأعراض بادرية، تتضمن صداع، أعراض شبيهة بالإنفلونزا، أو أعراض شبيهة بعدوى تنفسية علوية. هذه الأعراض قد تكون موجودة قبل أسابيع أو أشهر من بدء المرض.[8] بعد الأعراض البادرية، يتطور المرض بمعدلات متفاوتة، ويمكن أن يشتكي المرضى من أعراض عصبية متنوعة. خلال المرحلة البدئية للمرض، تختلف الأعراض قليلاً بين الأطفال والبالغين. على كل حال، تعتبر تغيرات السلوك هي أول الأعراض شيوعاً في كلا المجموعتين. تتضمن هذه التغيرات عادة الهياج، ذهان كبريائي، ذهان، وسلوك عدواني. تتضمن المظاهر الأخرى الأولى الشائعة نوبات صرعية، حركات غريبة، غالباً للشفاه والفم، ولكن تتضمن أيضاً حركات في الساقين واليدين تشبه العزف على البيانو. بعض الأعراض الأخرى النموذجية في بداية المرض تتضمن ضعف الإدراك، مشاكل في الذاكرة والكلام (تتضمن عدم القدرة على الكلام -الحبسة- (بالإنجليزية: aphasia)، المواظبة على الكلام (بالإنجليزية: preservation)، أو الخرس (بالإنجليزية: mutism)).[9][10] تظهر عادة الأعراض على شكل أعراض نفسية، مما يؤدي إلى ارتباك عند وضع التشاخيص التفريقية. في العديد من الحالات، يؤدي هذا إلى عدم تشخيص المرض.[11] بتطور المرض، تصبح الأعراض خطيرة وتتضمن غالباً فشل الجهاز العصبي الذاتي، نقص التهوية، رَنَح مخيخي، خزل شقي،[12]فقدان الوعي، الجمود (بالإنجليزية: catatonia). خلال المرحلة الحادة، يتطلب معظم المرضى علاج في وحدة العناية المشددة ICU) Intensive Care Unit) للحفاظ على استقرار التنفس، معدل ضربات القلب، وضغط الدم. من السمات المميزة لالتهاب الدماغ بأضداد المستقبلات NMDA هو الوجود المتزامن للعديد من الأعراض التي ذُكرت سابقاً. يحدث عند غالبية المرضى أربعة أعراض على الأقل، ويحدث لدى العديد من المرضى ستة أو سبعة أعراض خلال فترة مرضهم.[9][10]
تحدث الحالة بسبب الأضداد الذاتية التي تستهدف مستقبلات NMDA في الدماغ. هذه يمكن أن تُنتج بسبب التشابه مع مستقبلات NMDA الموجودة في الورم المسخي، والذي يحوي أنواع عديدة من الخلايا، منها الخلايا الدماغية، ولهذا يمكن أن تحدث ثغرة في التحمل المناعي. الآليات المناعية الذاتية الأخرى يُشك بها في المرضى الذين ليس لديهم أورام. في حين أن الآلية الإمراضية للمرض ما تزال موضع نقاش، التقييم التجريبي لمنشأ الأجسام المضادة للـ NMDA في المصلوالسائل الدماغي الشوكي يوجه لآليتين محتملتين. تستخدم هذه الآليات بعض الملاحظات البسيطة. أضداد مستقبلات NMDA المصلية توجد بتراكيز أعلى من الأضداد الموجودة في السائل الدماغي الشوكي، بمعدل أعلى بعشر مرات.[13][14] هذا يقترح بشكل قوي أن إنتاج الأضداد جهازي أكثر من كونه دماغي أو من السائل الدماغي الشوكي. عندما تكون التراكيز الكلية لـلغلوبيولين مناعي ج IgG طبيعية فإنه يجب التحقق من التركيب داخل القراب. وهذا يعني أن هناك أضداد لمستقبلات NMDA في السائل الدماغي الشوكي أكثر مما هو متوقع بالنظر إلى الكميات المتوقعة من IgG الكلي.
النقل المنفعل يؤدي لانتشار الأضداد من الدم إلى الدماغ عبر الحاجز الدموي الدماغي المصاب (BBB).[15] هذا المرشح الخلوي، يفصل الجهاز العصبي المركزي عن الدوران الجهازي، في الحالة الطبيعية يمنع الجزيئات الكبيرة من المرور للدماغ. وقد اُقترح العديد من الأسباب لفقدان سلامة الحاجز، وكان الجواب الأكثر احتمالاً هو الآثار المترتبة من الالتهاب الحاد في الجهاز العصبي. وبالمثل وُجِدَ أن تأثير الهرمون المحرر لحاثات قشر الكظر (بالإنجليزية: corticotropin releasing hormone (CRH)) على الخلايا البدينة (بالإنجليزية: mast cells) في حالات الشدة الحادة يسهل من اختراق الحاجز الدماغي الدموي.[16] على كل حال، إن اضطراب وظيفة الجهاز العصبي الذاتي التي ظهرت في العديد من المرضى في المراحل المتأخرة من المرض قد تساعد في عبور الأضداد. على سبيل المثال، ارتفاع الضغط يؤدي إلى إجبار البروتينات الكبيرة الحجم، مثل الأضداد، للتسرب إلى السائل الدماغي الشوكي.
الإنتاج داخل القراب (إنتاج الأضداد في الحيز داخل القراب intrathecal space) هو آلية محتملة أيضاً. دالمو Dalmau وآخرون أثبتوا أن 53 من أصل 58 مريض قد حافظوا على الأقل جزئياً على وظيفة الحاجز الدموي الدماغي، بينما كان لديهم تركيز عالي من الأضداد في السائل الدماغي الشوكي. علاوة على ذلك، سيكلوفوسفاميد (بالإنجليزية: cyclophosphamide) وريتوكسيماب (بالإنجليزية: rituximab)،[17] الأدوية التي تستخدم لكبح المناعة، قد أظهرت نجاحاً كخط ثاني في العلاج عند فشل الخط الأول من المعالجة المناعية.[18] تخرب هذه الأدوية الخلايا المنتجة للأضداد في الحويصلة الغمدية (بالإنجليزية: thecal sac)، وبالتالي التخفيف من الأعراض.
تحليلات أكثر تعقيداً لتفسير وجود الأضداد في السائل الدماغي الشوكي تشير إلى تداخل الآليتين مع بعضها لإحداث المرض.
تفعيل شلال المتممة عبر الطريق الكلاسيكي (تفاعل ضد-مستضد). معقد الهجوم الغشائي (بالإنجليزية: Membrane attack complex)هو واحد من المنتجات النهائية لشلال المتممة[20] والذي يمكن أن يدخل إلى العصبونات كجزيء برميلي، يسمح بدخول الماء. بعد ذلك تنحل الخلية. ومن الجدير بالذكر أن هذه الآلية غير محتملة لأنها تسبب موت الخلية، وهو أمر لا يتفق مع الأدلة الحالية.
أولاً وقبل أي شيء يجب وجود درجة عالية من الشك السريري خاصة عند اليافعين الذين يظهرون سلوكاً غير طبيعي وكذلك عدم استقرار ذاتي. قد يكون لدى المصاب تبدل في الإحساسات ونوبات صرعية في المراحل المبكرة للمرض. قد يكشف الفحص السريري عن وجود أوهاموهلاوس.
إذا وُجِدَ لدى المريض ورم، يكون المآل بشكل عام على المدى الطويل أفضل والنكس أقل بكثير. لأن الورم يمكن استئصاله جراحياً، وبالتالي القضاء على مصدر الأضداد الذاتية. بشكل عام، يُعتقد أن التشخيص المبكر والعلاج المكثف يحسنان من حالة المريض، ولكن يبقى من المستحيل معرفة ذلك من دون بيانات التجارب.[9] لأن غالبية المرضى يلجؤون في البداية لأطباء نفسيين، فمن الهام لكل الأطباء (خاصة أطباء علم النفس) أن يأخذوا بعين الاعتبار التهاب الدماغ بأضداد مستقبلات NMDA كسبب محتمل للذهان الحاد عند المرضى الشباب الذين ليس لديهم تاريخ طبي نفسي عصبي.
يتضمن الخط الثاني للأدوية المناعية ريتوكسيماب (بالإنجليزية: rituximab)، وهي عبارة عن أضداد وحيدة النسيلة تستهدف مستقبل CD20 الموجود على سطح الخلايا البائية (بالإنجليزية: B cells)، وبالتالي تدمير رد الفعل المناعي الذاتي للخلايا البائية. سيكلوفوسفاميد (بالإنجليزية: Cyclophosphamide)، وهو عامل مؤلكِل يرتبط مع الحمض النووي DNA ويستخدم لعلاج كل من السرطان وأمراض المناعة الذاتية، وأثبت فعاليته أحياناً عند فشل العلاجات الأخرى.
الشفاء من التهاب الدماغ بأضداد مستقبلات NMDA يمكن أن يأخذ عدة أشهر. تعود الأعراض لتظهر بترتيب عكسي: يمكن أن يعاني المريض من الذهان مجدداً، مما يدفع العديد من الأشخاص للاعتقاد بشكل خاطئ أن المريض لا يتعافى. مع استمرار عملية الشفاء، يتلاشى الذهان. وأخيراً، يبدأ السلوك الاجتماعي والوظائف التنفيذية للشخص بالتحسن.[8]
إن عدد الحالات المرضية الجديدة خلال السنة غير معروف.[22] حسب مشروع كاليفورنيا لالتهاب الدماغ (بالإنجليزية: California Encephalitis Project)، معدل حدوث المرض أعلى من نظيره «التهاب الدماغ الفيروسي الفردي» في الأعمار الأقل من 30 عاماً.[23] أكبر سلسلة حالات حتى الآن سجلت 577 مريضاً مصابين بالتهاب الدماغ بأضداد مستقبلات NMDA. البيانات الوبائية كانت محدودة، لكن هذه الدراسة توفر أفضل معلومات عن انتشار المرض. وُجد أن الإناث أكثر عرضةً للإصابة، حيث كانت 81% من الحالات المسجلة عند الإناث. يميل ظهور المرض عند الأطفال، مع متوسط عمر التشخيص 21 سنة. أكثر من ثلث الحالات ظهرت عند الأطفال، بينما 5% من الحالات شُخصت عند الأشخاص فوق 45 سنة. نفس الدراسة أظهرت أن 394 من أصل 501 مريض (79%) تحسنت حالتهم الصحية خلال 24 شهر.[9] 30 مريض (6%) ماتوا، والباقي حدث لديهم عجز متوسط لشديد. أكدت الدراسة أيضاً أن المرض أكثر حدوثاً عند الأشخاص ذوي الأصل الآسيوي أو الإفريقي.
قضى أموبي أوكوي (بالإنجليزية: Amobi Okoye) لاعب في خط الدفاع في فريق دالاس كاوبويز (بالإنجليزية: Dallas Cowboys) 17 شهراً يتصارع مع التهاب الدماغ بأضداد مستقبلات NMDA. بالإضافة لذلك قضى 3 أشهر بغيبوبة محدثة طبياً، حدث لديه فجوة في الذاكرة لمدة 145 يوم وخسر 78 باوند (حوالي ~35.3 كيلوغرام) من وزنه. عاد للتدريب في 23 تشرين الأول 2014.[30]
كنوت (بالإنجليزية: Knut)، دب قطبي في حديقة الحيوان في برلين Berlin Zoological Garden توفي في 19 آذار2011، شُخص بالتهاب الدماغ بأضداد مستقبلات NMDA في آب 2015. كانت هذه أول حالة اكتشفت خارج الإنسان.[31][32][33]
^ ابجدVenkatesan، A؛ Adatia، K (20 ديسمبر 2017). "Anti-NMDA-Receptor Encephalitis: From Bench to Clinic". ACS Chemical Neuroscience. ج. 8 ع. 12: 2586–2595. DOI:10.1021/acschemneuro.7b00319. PMID:29077387.
^Rabchevsky، Alexander G.؛ Degos، Jean-Denis؛ Dreyfus، Patrick A. (1999). "Peripheral injections of Freund's adjuvant in mice provoke leakage of serum proteins through the blood–brain barrier without inducing reactive gliosis". Brain Research. ج. 832 ع. 1–2: 84–96. DOI:10.1016/S0006-8993(99)01479-1. PMID:10375654.