التوسع المالي (بالإنجليزية البريطانية: Financialisation) هو مصطلح يُستخدم أحياناً في وصف تطور الرأسمالية المالية خلال الفترة ما بين العام 1980 حتى وقتنا الحالي، ما يؤدي إلى زيادة النسبة المالية بين الدّين وأسهم رأس المال وزيادة حصة الدخل الوطني المرتبط بقطاعات أخرى عن طريق السوق المالية.
يصف التوسع المالي العملية الاقتصادية التي تُسهل التبادلات عن طريق وساطة الأدوات المالية. يمكن أن يوفر التوسع المالي تبادل السلع الأصلية والخدمات والمخاطر بسهولة مقابل العملة، وبالتالي تسهيل أمر ترشيد السلع الأصلية وتدفقات الدخل على المواطنين.
تُركز تعاريف متعددة على مبادئ معينة وتفسيرات سبق استخدامها:
"وحدها الديون التي تتزايد بشكل كبير، عاماً بعد عام وبشكل حتمي، وحتى عندما يتراجع الاقتصاد وتقع الشركات والناس في أزمات شديدة تحت مستوى التعادل (لا ربح ولا خسارة). ومع زيادة ديونهم، يختلسون من الفائض الاقتصادي لسداد الديون. تكمن المشكلة في أن إيرادات القطاع المالي لا تتحول إلى تكوين رأس مال ثابت لزيادة الصادرات.
تبعت القوى الاقتصادية الرائدة انطلاقة تطورية: أولاً، الزراعة وصيد السمك وغيرها، من ثم التجارة والصناعة ونهايةً الأعمال المالية. وضّح العديد من المؤرخين هذه النقطة. أكدّ بركس آدمز على أنه «عند توطيد المجتمعات، فإنها تمرّ بمرحلة تغيير فكري شامل. يتوقف النشاط عن الاستمرار عن طريق التصور ويأخذ شكل رأس المال».[4]
من خلال التجربة الأمريكية، حدث التوسع المالي بالتزامن مع نهوض النيوليبرالية ومبادئ ميلتون فريدمان للسوق الحرة ومدرسة شيكاغو للاقتصاد في أواخر القرن العشرين. قدّم العديد من علماء الاقتصاد من تلك الفترة تنظيمات مالية إيديولوجية ونظرية ومناهج تحليلية لتسهيل رفع القيود المتصاعد للأنظمة المالية والأعمال المصرفية.
تحدّث مايكل هادسون في مقالة له في عام 1998 عن علماء اقتصاد سابقين ممن لاحظوا المشكلة الناتجة عن عملية التوسع المالي.[5] أكّد كل من جون إيه هوبسون على أن (التوسع المالي يشجع على نهوض الإمبريالية البريطانية), وثورستاين فيبلن على (أنه يعمل ضد التنظيم المنطقي), وأشار هربرت سوميرتون فوكسويل إلى أنه (لم تكن بريطانيا تستخدم الموارد المالية مثل بقية أوروبا), وقال رودولف هيلفردينغ: (تخطّت ألمانيا كلًا من بريطانيا والولايات المتحدة في الأعمال المصرفية التي تدعم الصناعة).
وفي مؤتمر عام 1998 ذاته عُقد في مدينة أوسلو، طرح كل من إريك إس رينيرت وأرنو مونغ داستول بياناً شاملاً حول الكتابات السابقة تحت عنوان «الرأسمالية الإنتاجية ضد الرأسمالية المالية», وطرحا السؤال التالي:
في الولايات المتحدة الأمريكية، جُمعت الكثير من الأموال عن طريق الاهتمام بالممتلكات الحقيقية أكثر من أي طريقة أخرى. ما هي التبعات طويلة الأمد في حال استُخدمت معدلات المدخرات والأموال والممتلكات والأسواق المشتركة -كما يبدو الحال الآن- لتضخيم أسعار السلع الحقيقية الموجودة مُسبقاً عوضاً عن خلق عمليات إنتاجية واستحداثات جديدة؟
أبدت الأسواق المالية الأخرى نمواً ضخماً مشابهاً. ونمت التجارة في السوق الأمريكية المشتركة بمعدل 136,0 مليار دولار (أو 13,1% من النتاج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة) في عام 1970. وإلى 1,671 تريليون دولار (أو 28,8% من النتاج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة) في عام 1990. في عام 2002, كانت نسبة التجارة ضمن الأسواق الأمريكية المشتركة هي 14,222 تريليون دولار (144,9% من النتاج المحلي للولايات المتحدة). ويُعزى بشكل مباشر معظم النمو في السوق التجارية إلى تقديم وانتشار البرنامج التجاري.
استناداً إلى التقرير الفصلي من بنك التسويات الدولية في شهر آذار من عام 2007:
تباطأت تبادلات تجارة المشتقات العالمية في الربع الرابع من عام 2006. وانخفضت معدلات تقلبات المنافع والعملة ومشتقات جدول السوق المشتركة بنسبة 7% إلى 431 تريليون دولار بين شهري أكتوبر وديسمبر من عام 2006.
وبهذا، بلغت نسبة تجارة المشتقات -معظمها من العقود المستقبلية على معدلات المنافع والعملات الأجنبية وسندات الخزينة العامة وغيرها- نحو 1200 تريليون دولار، أو 1,2 كواردليون في السنة. بالمقارنة مع ذلك، بلغت نسبة النتاج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نحو 12,456 تريليون دولار.
تستند بيانات التقلبات المالية في الأسواق المستقبلية في الأعوام 1970 و 1980 و 1990 إلى عدد العقود المتبادلة، والتي تُحدد من قبل التبادلات المنظمة مثل مجلس شيكاغو التجاري وسوق شيكاغو للتبادل التجاري ومؤسسة نيويورك للتبادل التجاري، وتوضع في ملحقات البيانات للتقارير السنوية إلى مفوضية تجارة السلع المستقبلية في الولايات المتحدة الأمريكية. يُظهر المخطط البياني في الأسفل التحول المفاجئ لأنماط العقود المستقبلية المتبادلة من عام 1970 إلى عام 2004.