الخلاف على تسمية المسيحيين السريان

أدت الخلافات والانقسامات الكنسيّة والتباعد الجغرافي النسبي بين أتباع إثنية آشوريون/سريان/كلدان إلى نشوء عدة تسميات لهم. ولعل أهمها:

الآشوريون

[عدل]
العلم الآشوري؛ يمثل الهوية العرقية الآشوريّة.

بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐآشورايي؛ وهذه التسمية مأخوذة مباشرةً من الآشوريون القدماء الذين عاشوا شمال ما بين النهرين وأسسوا الامبراطورية الآشورية. وبحسب التوراة فقد كان آشور أحد أبناء سام الذي استقر شمال ما بين النهرين.[1] ويرى الباحثون أن أصل الكلمة يعود إلى تسمية الإله آشور الذي كان يعبد في المدينة المعروفة بنفس الاسم منذ أواخر الألف الثالث قبل الميلاد.[2] وبالرغم من وجود بعض الباحثين المعارضين لفكرة أن الآشوريون الحاليون هم أحفاد الآشوريين القدماء،[3] إلا أن أغلبهم يسلمون بهذه الفرضية.[4][5][6] كما يسمي بعض الاشورين نفسهم ب«الآثوريين» (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐآثورايي) وهي مأخوذة من «آثورا»، الاسم الذي أطلقه الأخمينيون (539 ق.م. - 330 ق.م.) على ساتراب آشور بمنطقة شملت شمال العراق ومنطقة الجزيرة بسوريا وتركيا.[7] كما ورد ذكر الآثوريين في عدة كتب ومخطوطات عربية وإسلامية، حيث اقترنت حينئذ بطائفة النساطرة.[8]

يتبنى هذه التسمية تقليدياً المنتمون لكنيسة المشرق وكنيسة المشرق القديمة والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية،[9] كما يتم تبني هذه التسمية كذلك من قبل بعض المنتمين لكنائس سريانية أخرى.

السريان

[عدل]
العلم السرياني؛ يمثل الهوية العرقية السريانية.

بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐسُريويي وتلفظ أحيانا سورايي (ܣܘܪܝܐ) بالسريانية الشرقية. وهناك خلاف بين الباحثين حول أصل تسمية سريان (التي اشتقت منها كلمة سوريا) فمعظمهم يعتقد بأنها أصلاً تحريف يوناني للفظة آشور باليونانية (Ασσυρία أسيريا) لتصبح «Συρία سيريا» بعد حذف الألف في بداية الكلمة.[10][11][12] هناك فرضية أخرى مفادها أن أصل الكلمة يأتي من اللفظة الحورية صور أو صبر وهي تحريف للفظة سوبارتو الأكدية.[13]

وقد انتشرت تسمية السريان بين المتحدثين بالآرامية الذين اعتنقوا المسيحية في القرون الأولى وتبنوا لهجة مملكة الرها كلغة طقسية لهم.[14] وتستخدم هذه التسمية حالياً بشكل خاص بين أبناء الكنيسة السريانية الأرثذوكسية والكاثوليكية وبعض الموارنة.

الكلدان

[عدل]

بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐكلدايي؛ ويعود أصل التسمية إلى كلمة «كسدوم» الأكادية بمعنى «يسرق» أو «يقبض» حيث أطلقت هذه التسمية على أقوام سامية بدوية قام الآشوريون بسبيهم إلى بابل وازدهروا فيها، فتحولت تسميتهم بمرور الوقت إلى «كلدو».[15] والكلدان الحاليون هم أصلا أتباع كنيسة المشرق الذين انشقوا عنها في القرن السادس عشر على أثر نشوب خلاف على كرسي البطريركية بين أساقفة كنيسة المشرق، فقامت مجموعة من الأساقفة بالاتصال بالبابا يوليوس الثالث، وتم الاتفاق على تنصيب شمعون الثامن يوحنان سولاقا كأول «بطريرك على كنيسة الكلدان الكاثوليك في الموصل وآثور» في 20 شباط 1553.[16] كما حصل أحد خلفته، يوسف الثالث معروف، على لقب بطريرك بابل للكلدان من قبل البابا كلمنت الحادي عشر سنة 1701.[17] وتسمية الكلدان كانت قد اختيرت للتفريق بينهم وبين الآشوريين، فالتسمية لا علاقة بها بالسلالة الكلدانية التي حكمت بابل والهلال الخصيب بين 626 ق.م. و-533 ق.م.[18][19] هناك من بين أبناء الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية من يتخذ لفظة آشوري تسمية له بينما يتسمى اخرون بالكلدان.

الآراميون

[عدل]

بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐآرامآيي؛ تعني كلمة آرام «المرتفع» أو «العلو» في اللغات السامية البدائية وذلك لتفريقهم عن كنعان والتي تعني «منخفض».[20] والآراميون شعب سامي سكن في منطقة امتدت من البحر الأبيض المتوسط غرباً وحتى بلاد ما بين النهرين شرقاً، فانصهرت العديد من الشعوب القاطنة في تلك المناطق كالحثيين والفينيقيين معهم. كما أسسوا عدة ممالك في سوريا غير أن الآشوريون تمكنوا من إسقاطها جميعا ثم قاموا بسبي أعداد كبيرة منهم إلى آشور لمنع قيام أي عصيان ضدهم. غير أن لغة الآراميين طغت على اللغة الآشورية الأكادية فحلت محلها كلغة رسمية للإمبراطورية الآشورية الحديثة.[21] وخلال القرون المسيحية الأولى أصبح المتحدثون بالآرامية يطلقون على أنفسهم لقب آراميون فغالباً ما سميت الرها ب«بنت الآراميين» في الأدبيات السريانية كما لقب ملوك الرها ب«أبناء الآراميين».[22][23] غير أن لفظة «السريان» أصبحت المفضلة لمن اعتنق المسيحية وذلك كوسيلة للتفريق بينهم وبين الآراميين الوثنيين. يتبنى هذه التسمية بعض السريان الأرثوذكس والموارنة.

المراجع

[عدل]
  1. ^ Samuel Shuckford, James Talboys Wheeler (1858)، The sacred and profane history of the world connected، ج. Vol.1، ص. 106-107، مؤرشف من الأصل في 2020-01-28 {{استشهاد}}: |المجلد= يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة) و|archive-date= / |archive-url= timestamp mismatch (مساعدة)
  2. ^ A dictionary of ancient Near Eastern mythology, Gwendolyn Leick نسخة محفوظة 07 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ "The disappearance of the Assyrian People will always remain a unique and striking phenomenon in ancient history. Other similar kingdoms and empires have indeed died, but people have lived on. Recent discoveries have, it is true, shown that poverty-stricken communities perpetuated the old Assyrian names at various places, for instance on the ruined site of Ashur, for many centuries, but the essential truth remains the same. A nation, which had existed for two thousand years and had ruled over a wide area, lost its independent character." Yildiz, pp. 16, ref 3
  4. ^ Assyrians After Assyria, Parpola نسخة محفوظة 24 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ "There is no reason to believe that there would be no racial or cultural continuity in Assyria, since there is no evidence that the population of Assyria was removed." Yildiz, pp. 22, ref 24
  6. ^ "In Achaemenian times there was an Assyrian detachment in the Persian army, but they could only have been a remnant. That remnant persisted through the centuries to the Christian era, and continued to use in their personal names appellations of their pagan deities. This continuance of an Assyrian tradition is significant for two reasons; the miserable conditions of these late Assyrians is attested to by the excavations at Ashur, and it is clear that they were reduced to extreme poverty under Persian rule." Yildiz, pp. 17, ref 9
  7. ^ Parpola, Simo (2004). "National and Ethnic Identity in the Neo-Assyrian Empire and Assyrian Identity in Post-Empire Times" نسخة محفوظة 17 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين. (PDF). Journal of Assyrian Academic Studies [الإنجليزية] (JAAS) 18 (2): pp. 18. http://www.jaas.org/edocs/v18n2/Parpola-identity_Article%20-Final.pdf نسخة محفوظة 17 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين.. "With the fall of Nineveh, the Empire was split in two, the western half falling in the hands of a Chaldean dynasty, the eastern one in the hands of Median kings. In 539 BC, both became incorporated in the Achaemenid Empire, the western one as the megasatrapy of Assyria (Aθūra), the eastern one as the satrapy of Media (Māda).". "نسخة مؤرشفة" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2012-03-07. اطلع عليه بتاريخ 2016-02-21.
  8. ^ The Fihrist (Catalog): A Tench Century Survey of Islamic Culture. Abu 'l Faraj Muhammad ibn Ishaq al Nadim. Great Books of the Islamic World, Kazi Publications. Translator: Bayard Dodge.
  9. ^ Mar Raphael I Bedawid (2004). "National and Ethnic Identity in the Neo-Assyrian Empire and Assyrian Identity in Post-Empire Times". Journal of Assyrian Academic Studies, Vol 18, N0. 2. http://www.jaas.org/edocs/v18n2/Parpola-identity_Article%20-Final.pdf نسخة محفوظة 17 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين.. "I personally think that these different names serve to add confusion. The original name of our Church was the ‘Church of the East’... When a portion of the Church of the East became Catholic, the name given was ‘Chaldean’ based on the Magi kings who came from the land of the Chaldean, to Bethlehem. The name ‘Chaldean’ does not represent an ethnicity... We have to separate what is ethnicity and what is religion... I myself, my sect is Chaldean, but ethnically, I am Assyrian."
  10. ^ Herodotus. "Herodotus VII.63". http://www.fordham.edu/Halsall/ancient/greek-babylon.html نسخة محفوظة 5 أكتوبر 2000 على موقع واي باك مشين.. "VII.63: The Assyrians went to war with helmets upon their heads made of brass, and plaited in a strange fashion which is not easy to describe. They carried shields, lances, and daggers very like the Egyptian; but in addition they had wooden clubs knotted with iron, and linen corselets. This people, whom the Hellenes call Syrians, are called Assyrians by the barbarians. The Chaldeans served in their ranks, and they had for commander Otaspes, the son of Artachaeus." "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2020-09-27. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-27.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  11. ^ cf. Harper, Douglas. "Syria". Online Etymology Dictionary. http://www.etymonline.com/index.php?term=Syria. Retrieved 2007-06-13. نسخة محفوظة 2020-09-27 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ Rollinger, Robert (2006). "The terms “Assyria” and “Syria” again". Assyriology. Journal of Near Eastern Studies, 65(4). pp. 284–287. http://www.aina.org/articles/ttaasa.pdf. نسخة محفوظة 2021-02-25 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ Tvedtnes, John A. (1981). "The Origin of the Name "Syria"". Journal of Near Eastern Studies 40: 139. doi:دُوِي:10.1086%2F372868.
  14. ^ Ancient Scripts: Syriac نسخة محفوظة 16 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ kaṣādum, Akkadian dictionary نسخة محفوظة 10 نوفمبر 2012 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  16. ^ Rabban, "Chaldean Rite", Catholic Encyclopedia, 1967, Vol. III, pp.427-428
  17. ^ [1] The learned Joseph (II) Ma'aruf (1693-1713), received from Clement XI (1701) the title of Patriarch of Babylon. نسخة محفوظة 02 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Catholic Encyclopedia, Chaldean Christians "His title of Patriarch of Babylon results from the erroneous identification (in the seventeenth century) of modern Baghdad with ancient Babylon. As a matter of fact the Chaldean patriarch resides habitually at Mosul and reserves for himself the direct administration of this diocese and that of Baghdad." "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2017-02-02. اطلع عليه بتاريخ 2016-02-21.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  19. ^ Chaldeans Facts and Fiction.html The Chaldeans, Facts and Fiction نسخة محفوظة 8 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ A historical and critical commentary on the Old Testament, M. M. Kalisch نسخة محفوظة 08 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
  21. ^ http://www.nineveh.com/parpola_eng.pdf Assyrian identity in ancient times and Today], Simo Parpola نسخة محفوظة 10 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ Saint James of Sarug in his Homily on Urhoy and Jerusalem: Words, Texts And Concepts Cruising The Mediterranean Sea: Studies On The Sources, Contents And Influences Of Islamic Civilization And Arabic Philosophy And Science : Dedicated To Gerhard Endress On His Sixty Peter Bruns' Ein Memra des Jakob von Serug Auf Edessa und Jerusalem, p. 546 and 549
  23. ^ Solomon of al-Basra's "The Book of the Bee", edited and translated by Earnest A. Wallis Budge, M. A. [Oxford, the Clarendon Press] 1886, chapt. XXIII, p. 38

انظر أيضًا

[عدل]