الرسالة الذهبية | |
---|---|
تعديل مصدري - تعديل |
جزء من سلسلة مقالات عن |
الشيعة الاثنا عشرية |
---|
الرسالة الذهبية أو طب الإمام الرضا هي مجموعةٌ من النصائح والإرشادات العامة القيمة التي تنسب إلى علي بن موسى الرضا المكنى بأبي الحسن وهو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإمامية وهي رسالة في تعديل المزاج باستعمال الأغذية والأشربة والأدوية وتشمل على العلوم الطبيه مثل التشريح والأحياء والصحة والأمراض والوقاية. وتشمل أيضًا على علم الكيمياء والتغذية، والعديد من العلوم الأخرى التي كانت حصيلة تجاربه وما سمعه عن آبائه وجده رسول اللّه (ص). وهناك كثير من الكتب التي ترجمت وشرحت هذه الرسالة.
في المصادر التاريخية المتوفرة لم يذكر تاريخ إصدار هذه الرسالة، لكن يمكن تحديد الفترة الزمنية التي كتبت فيها بين سنة (201-203 هجري).[1]
كان المأمون بـ نيسابور وكان بلاطه في معظم الأوقات ندوة من ندوات العلم والأدب. ففي يوم ما جرى ذكر الطب، وما يضمه بدن الإنسان من الأجهزة والخلايا العجيبة، وبدائع تركيب أعضائه التي تجلت فيها حكمة الخالق العظيم، وروعة قدرته. و كان في المجلس سيد ابوالحسن الرضا وجماعة من الفلاسفة والأطباء، مثل: يوحنا بن ماسويه وجبريل بن بختيشوع، وصالح بن بهلمة الهندي وغيرهم من منتحلي العلوم. وقد خاض هؤلاء القوم سوى السيد ابوالحسن في البحوث الطبية وهو صامت لم يتكلم بشئ فانبرى إليه المأمون قائلا له باكبار: ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه اليوم والذي لا بد منه من معرفة هذه الأشياء والأغذية، النافع منها، والضار وتدبير الجسد؟ فأجابه: عندي ما جربته، وعرفت صحته بالاختبار ومرور الأيام مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الإنسان جهله ولا يعذر في تركه، فأنا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج إلى معرفته....
و بعد فترة غادر المأمون النيسابور إلي البلخ فكتب المأمون إليه كتابا يتنجز ما كان ذكره له، مما يحتاج إلى معرفته على ماسمعه وجربه من الاطعمة، والاشربة، وأخذ الادوية، والفصد والحجامة والسواك، والحمام، والنورة، والتدبير في ذلك. فكتب إليه أبوالحسن رسالةً.[2]
فلما وصلت هذه الرسالة إلى المأمون، قرأها فأعجب بها، وأمر أن تكتب بالذهب، وكما أمر أن تكتب نسخ منها، وتوزع على أولاده وافراد أسرته، وجهاز دولته، كما أمر أن تودع نسخة منها في بيوت الحكمة.[3][4]
ينتهي إسناد هذه الرسالة في كثير من الكتب إلي محمد بن جمهور الذي تؤيد ثقته من قبل علماء الرجال [5] وهذه بعض الكتب:
ولهذه الرسالة العديد من النسخ الخطية في مكاتب عالم الإسلام وذكرها فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي.[12] فهذه الشواهد التاريخية والنسخ المتوفرة منها، تعتبر قرائن دالة لانتساب هذه الرسالة للسيد علي ابن موسي الرضا.
تتميز هذه الرسالة بأنها كتبت في موضوع واحد محدد وهو حفظ الصحة وكيفية تدبير الغذاء في مختلف فصول السنة وآداب الحمام وما يناسب الإنسان من الأطعمة ومقدارها والرياضة والنكاح مع مراعات الاعتدال. وذكر أبو الحسن في رسالته هذه أهمية السواك كما تحدث عن أهمية استخدام الأدوية حين الحاجة إليها وخاصة الحجامة والفصد وأوقاتهما، وتحدث عن مراحل عمر الإنسان وما يصلح لكل مرحلة. ومقدار النوم الذي يحتاجه في كل مرحلة من هذه المراحل.و في أثناءذلك كله يبث معلوماته بإيجاز شديد وبيان واضح مستدلًا علي ذلك بالأحاديث النبوية وينبه الخليفة المأمون إلي ما ينبغي أن يفعله في الحضر والسفر وفي اختلاف فصول السنة ويذكر كل ذلك فصلًا فصلًا وشهراً شهراً با لتقويم الشمسي مبتدياً بشهر آذار (مارس) ومنتهيًا بشهر شباط (فبراير)...و ينتهي رسالته بذكر مراحل العمر ويقسمها إلي أربع مراحل: مرحلة البناء وبداية الشباب إلي سن خمس عشرة سنة ومرحلة القوة وغلبة المرة الصفراء من سن 15 إلي 35 سنة.و في مرحلة الثالثة وهي من خمس وثلاثين سنة إلى أن يستوفى ستين سنة، فيكون في سلطان المرة السوداء ثم يدخل في مرحلة الرابعة وهي سلطان البلغم.
هذه الرسالة تفتح لنا آفاقاً كثيرة. وقيمتها ليست فحسب في كونها أول رسالة في حفظ الصحة باللغة العربية، وإنما تكمن قيمتها أيضاً في منهج مؤلفها الذي جمع فيها ما ورثه من طب النبوة عن آبائه فدمج ذلك، وصاغه بلغة أدبية رائعة، واستطاع أن يوجز تلك المعلومات الكثيرة والمتباينة والتي تميزت بالدقة وسلاسة العبارة ووضوح المعني.[13]
و أيضاً ان هذه الرسالة تمثل مرحلة تاريخية تتعلق بفن الطب وتطوره في العصر الإسلامي الأول، فهي تكشف للمعنيين بالطب وتاريخ تطوره عبر العصور غزارة علمه، وسعة اطلاعه.
يبدأ الإمام علي الرضا رسالته بتشبيه جسم الإنسان بالمملكة الصغيرة وتشريح اعضائه الرئيسية:
ووضع أبو الحسن الرضا المنهج العام للصحة العامة، وأساسها التوازن، وعدم الإسراف في الأكل والشرب، وقد أعلن القرآن هذه القاعدة في حفظ بدن الإنسان ووقايته من الإصابة بالأمراض قال تعالى: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا).
و يقول أيضاً:
وأشار إلي منفعة الحمام للجسد: