النماذج الحيوانية للاكتئاب

النماذج الحيوانية للاكتئاب (بالإنجليزية: Animal models of depression)‏ هي أدوات بحثية تُستخدم لاستقصاء الاكتئاب وتأثير مضادات الاكتئاب باعتبارها محاكاةً لتقصي علم الأعراض المرضية والفسيولوجيا المرضية الخاصة بمرض الاكتئاب، أو إجراء مسح لمضادات الاكتئاب الجديدة.

مدخل

[عدل]

الاكتئاب

[عدل]

الاضطراب الاكتئابي الرئيس، والذي يُطلق عليه أيضًا «الاكتئاب السريري» أو فقط «الاكتئاب»، هو متلازمة نفسية شائعة طويلة الأمد ومتعددة الأشكال، تؤثر بشكل كبير على أفكار الشخص وسلوكه ومشاعره وإحساسه بالراحة. تشمل الأعراض انخفاض المزاج والنفور من الأنشطة. قد يشعر الأشخاص المصابون بالاكتئاب بالحزن أو القلق أو الفراغ أو اليأس أو الهم أو العجز أو انعدام القيمة أو بالذنب أو الانفعال أو التأذي أو عدم الراحة، وقد يفقدون اهتمامهم بالأنشطة التي كانت تبدو ممتعة سابقًا، ويعانون من فقد الشهية أو الإفراط في تناول الطعام، ويواجهون مشاكل في التركيز أو تذكر التفاصيل أو اتخاذ القرارات، وقد يفكرون في الانتحار أو يحاولون القيام به. قد يُشاهد لديهم أيضًا أرق أو إفراط في النوم أو تعب أو فقدان الطاقة أو معاناة الأوجاع أو الآلام أو مشاكل هضمية معندة على العلاج.[1]

سيصاب تقريبًا واحد من كل ستة أشخاص في الولايات المتحدة بالاكتئاب في مرحلة ما من حياته، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية،[2] من المتوقع أن يصل الاكتئاب إلى المركز الثاني في قائمة المساهمين الأساسيين في العبء العالمي للأمراض بحلول عام 2020.[3] غالبًا ما يتأخر ظهور تأثيرات الأدوية الحالية المضادة للاكتئاب بشكل كبير، إذ يبدأ التحسن بعد 3-6 أسابيع من بدء العلاج. رغم النجاح السريري للعديد من الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (تي سي إيه إس) ومثبطات أكسيداز أحادي الأمين (إم إيه أو آي إس) ومثبطات إعادة قبط السيروتونين (إس آر آي إس)، لا تتحسن العديد من الأعراض المفردة بما يكفي باستخدام الدواء وحده، وقد يوصى باستخدام طرق أخرى للعلاج.[4]

نمذجة الاكتئاب في الحيوانات

[عدل]

يصعب إنشاء نموذج حيواني يقلد أعراض الاكتئاب لدى المرضى بشكل كامل. تفتقر العديد من الحيوانات إلى وعي الذات والتفكر الذاتي وتقدير أهمية الأمور؛ وعلاوة على ذلك، يصعب رصد السمات المميزة لهذا الاضطرابات عند الكائنات غير البشرية مثل المزاج المنخفض أو تدني تقدير الذات أو الميل إلى الانتحار.[5]

يتألف الاكتئاب –مثل الاضطرابات العقلية الأخرى– من أنماط ظاهرية داخلية يمكن استنساخها بشكل مستقل وتقييمها في الحيوانات. يقدم النموذج الحيواني المثالي الفرصة لفهم العوامل الجزيئية والجينية وفوق الجينية التي قد تؤدي إلى الاكتئاب. من خلال استخدام النماذج الحيوانية يمكن فحص التغيرات الجزيئية المستبطنة والعلاقة السببية بين التغيرات الوراثية أو البيئية والاكتئاب، الأمر الذي من شأنه أن يؤمن معرفة أفضل لإمراضية الاكتئاب. إضافةً لما سبق، تعتبر النماذج الحيوانية للاكتئاب ضرورية لتحديد علاجات جديدة للاكتئاب.

الأنماط الظاهرية الداخلية في النموذج الحيواني للاكتئاب

[عدل]

وُصفت الأنماط الظاهرية الداخلية التالية:[5]

  • انعدام التلذذ: فقدان الاهتمام هو عرض رئيسي للاكتئاب. يمكن تقييم انعدام التلذذ عند القوارض عن طريق اختبار تفضيل السكروز أو عبر مكافأة تنبيه الدماغ.
  • اليأس السلوكي: قد يُقيم اليأس السلوكي بالاستعانة باختبارات مثل اختبار السباحة القسري أو اختبار تعليق الذيل.
  • التغيرات في الشهية أو كسب الوزن: يترافق الاكتئاب غالبًا مع تغيرات في الشهية أو كسب الوزن، والتي يمكن قياسها بسهولة عند القوارض.
  • التشريح العصبي: تبدي العينات المصابة بالاكتئاب انخفاضًا في حجم الحصين وتبدي القوارض التي تعرضت لشدة مزمنة أو وارد مفرط من القشرانيات السكرية علامات مماثلة على فقدان العصبونات من الحصين وضمور التغصنات.
  • الاضطرابات العصبية الصماوية: تعد اضطرابات المحور النخامي الوطائي الكظري (إتش بي إيه) واحدة من أكثر الأعراض ثباتًا في الاكتئاب الرئيس. يمكن تقييم وظائف المحور النخامي الوطائي الكظري (إتش بي إيه) عبر اختبار التثبيط بالديكساميتازون.
  • التبدلات في نظام النوم: غالبًا ما تُلاحظ الاضطرابات في النظم اليوماوي ولا سيما في طراز النوم عند المصابين بالاكتئاب. يمكن رصدها عند القوارض عبر تخطيط أمواج الدماغ (إي إي جي).
  • السلوك المتعلق بالقلق: القلق عرض ذو انتشار واسع في الاكتئاب. وبالتالي تُظهر النماذج الحيوانية للاكتئاب غالبًا سلوكًا متبدلًا متعلقًا بالقلق.

معايير النماذج الحيوانية المناسبة للاكتئاب

[عدل]

يجب على النموذج الحيواني المناسب للاكتئاب البشري أن يستوفي المعايير التالية قدر الإمكان: التشابهات الظاهراتية قوية وفسيولوجيا مرضية مماثلة (مصداقية المظهر)، سببيات قابلة للمقارنة (المصداقية البنيوية)، والعلاج المشترك (المصداقية التنبؤية).[6][7][8]

مجددًا، الاكتئاب اضطراب متغاير والعديد من أعراضه يصعب محاكاتها في حيوانات المختبر. وبالتالي يبقى السؤال المطروح هل نستطيع معرفة أن الحيوان «مكتئب»؟. في الواقع، هناك القليل من نماذج الاكتئاب التي تتوافق تمامًا مع معايير المصداقية سابقة الذكر، وتعتمد معظم النماذج المستخدمة حاليًا إما على تأثيرات مضادات الاكتئاب المعروفة أو الاستجابة للشدة. من غير الضروري أن يظهر النموذج الحيواني «المثالي» للاكتئاب كل شذوذات السلوك ذات الصلة بالاكتئاب، كما هو الحال عند المرضى الذين لا يظهرون كل أعراض الاكتئاب المحتملة.

اختبارات تحري مضادات الاكتئاب

[عدل]

تقدم اختبارات تحري مضادات الاكتئاب -بعكس النماذج الحيوانية التي يمكن تعريفها على أنها [كائن حي] أو حالة معينة للكائن الحي تعيد تمثيل جوانب من إمراضية الإنسان- فقط قياسًا سلوكيًا أو فسيولوجيًا نهائيًا مصممًا لتقييم تأثير التلاعب الجيني أو الدوائي أو البيئي.

اختبارات قائمة على اليأس

[عدل]
  • اختبار السباحة القسري: يعتمد اختبار السباحة القسري (إف إس تي) على ملاحظة أن الحيوانات تتخذ وضعية جامدة في أسطوانة مملوءة بالماء لا مفر منها. في هذا الاختبار، يُفسر الجمود على أنه إستراتيجية منفعلة لمواجهة الشدة أو سلوك مشابه للاكتئاب (اليأس السلوكي). بعد إعطاء مضادات الاكتئاب ستؤدي الحيوانات بشكل فاعل سلوكيات موجهة للهرب ولمدة أطول من الحيوانات المعالجة بالمحلول الملحي بشكل مضبوط. هذا الاختبار هو الأداة الأكثر استخدامًا في أبحاث الاكتئاب، وبشكل خاص لمسح مضادات الاكتئاب الحادة.[9]

المراجع

[عدل]
  1. ^ "Depression Basics". National Institute of Mental Health. مؤرشف من الأصل في 2013-06-11.
  2. ^ Kessler, Ronald C.; Berglund, Patricia; Demler, Olga; Jin, Robert; Merikangas, Kathleen R.; Walters, Ellen E. (1 Jun 2005). "Lifetime Prevalence and Age-of-Onset Distributions of DSM-IV Disorders in the National Comorbidity Survey Replication" (PDF). Archives of General Psychiatry (بالإنجليزية). 62 (6): 593–602. DOI:10.1001/archpsyc.62.6.593. ISSN:0003-990X. PMID:15939837. Archived from the original (PDF) on 2020-02-08.
  3. ^ Murray، Christopher JL؛ Lopez، Alan D (مايو 1997). "Alternative projections of mortality and disability by cause 1990–2020: Global Burden of Disease Study" (PDF). The Lancet. ج. 349 ع. 9064: 1498–1504. DOI:10.1016/s0140-6736(96)07492-2. ISSN:0140-6736. PMID:9167458. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-11-23.
  4. ^ Yan, Hua-Cheng; Cao, Xiong; Das, Manas; Zhu, Xin-Hong; Gao, Tian-Ming (Aug 2010). "Behavioral animal models of depression". Neuroscience Bulletin (بالإنجليزية). 26 (4): 327–337. DOI:10.1007/s12264-010-0323-7. ISSN:1673-7067. PMC:5552573. PMID:20651815.
  5. ^ ا ب Hasler، Gregor؛ Drevets، Wayne C؛ Manji، Husseini K؛ Charney، Dennis S (23 يونيو 2004). "Discovering Endophenotypes for Major Depression". Neuropsychopharmacology. ج. 29 ع. 10: 1765–1781. DOI:10.1038/sj.npp.1300506. ISSN:0893-133X. PMID:15213704.
  6. ^ Willner، P.؛ Mitchell، P. J. (مايو 2002). "The validity of animal models of predisposition to depression". Behavioural Pharmacology. ج. 13 ع. 3: 169–188. DOI:10.1097/00008877-200205000-00001. ISSN:0955-8810. PMID:12122308.
  7. ^ Anisman، Hymie؛ Matheson، Kim (يناير 2005). "Stress, depression, and anhedonia: Caveats concerning animal models". Neuroscience & Biobehavioral Reviews. ج. 29 ع. 4–5: 525–546. DOI:10.1016/j.neubiorev.2005.03.007. ISSN:0149-7634.
  8. ^ Vollmayr, Barbara; Mahlstedt, Magdalena M.; Henn, Fritz A. (1 Apr 2007). "Neurogenesis and depression: what animal models tell us about the link". European Archives of Psychiatry and Clinical Neuroscience (بالإنجليزية). 257 (5): 300–303. DOI:10.1007/s00406-007-0734-2. ISSN:0940-1334.
  9. ^ Petit-Demouliere، Benoit؛ Chenu، Franck؛ Bourin، Michel (2005). "Forced swimming test in mice: a review of antidepressant activity". Psychopharmacology. ج. 177 ع. 3: 245–255. DOI:10.1007/s00213-004-2048-7. PMID:15609067.