جزء من سلسلة مقالات حول |
الروحانية |
---|
|
التأثير |
الأبحاث |
التجربة الدينية (تُعرف في بعض الأحيان باسم التجربة الروحية أو التجربة المُقدسة أو التجربة الغامضة) تعد تجربة ذاتية، والتي يُقرر الفرد فيها التواصل مع واقع متسامٍ (متعالي) ، لقاءً أو اتحادًا مع عالم اللاهوت. وغالبًا ما تضمن مثل هذه التجربة الوصول إلى بعض المعرفة أو البصيرة التي لم تكن سابقًا متاحةً لهذا الموضوع بالرغم من عدم خضوعها للمساءلة أو عدم توقعها وفقًا للإطار المفاهيمي المُعتاد أو النفسي الذي يُستخدم من خلاله الموضوع للتشغيل. تُجلِب التجربة الدينية عمومًا فهمًا جزئيًا أو كليًا للأمور الشخصية الأساسية التي قد تكون سببًا (سواء أكانت مُعترفًا بها بوعي أم لا) للكرب أو الاغتراب للموضوع لمدةٍ ممتدة من الوقت. ويمكن تجربة هذا كشكلٍ من أشكال الإبراء أو التنوير أو التحول. وقد مكَّنت أوجه التشابه والاختلاف بين التجارب الدينية عبر مختلف الحضارات الباحثين من تصنيفها للدراسة الأكاديمية.[1]
تنظُر العديد من التقاليد الدينية والغامضة إلى التجارب الدينية (خاصةً تلك المعرفة التي تصاحبها) كـوحي مُنزَّل من قوة واسِطَة الإلهيةٍ بدلاً من العمليات الطبيعية العادية. وهي تُعتبر مواجهات واقعية مع الله (God) أو الآلهة، أو تواصلًا واقعيًّا مع حقائق ذات مقامٍ أعلى والتي لا يكون البشر على علم بها عادةً.[2] وقد يرى المتشككون أو العلماء أن التجربة الدينية تُعد سمة تطورية من العقل البشري قابلة للدراسة العلمية العادية. ومن الممكن القول بأن مثل هذه الدراسة بدأت مع عالم النفس والفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس (William James) في محاضرات جيفورد (Gifford Lectures) الخاصة به عام 1902/1901 والتي نُشِرت لاحقًا باسم أصناف من التجربة الدينية (The Varieties of Religious Experience).
وصف عالم النفس والفيلسوف ويليام جيمس أربعة خصائص للتجربة الصوفية ضمن كتابه أصناف الخبرة الدينية. ووفقًا لما ذكره جيمس، فإن هذه التجربة:
يُعرّف نورمان هابيل التجربة الدينية بأنها الطريقة المنظمة التي من خلالها يرتبط المؤمن في علاقة مع ما هو مُقدّس أو يكتسب وعيًا به ضمن سياق طقس ديني خاص (هابيل، أودونغو ومادوكس: 1993). التجارب الدينية خارقة بطبيعتها؛ أي إنها خارجة عن النظام العادي أو الطبيعي للأشياء. قد يكون من الصعب التمييز بينها وبين الاضطرابات النفسية مثل الذهان أو أشكال أخرى من تغيّر الوعي (تشارلسورث: 1988). لا تُعتبر التجارب التي تفوق الطبيعة تجارب دينية. وفقًا لتعريف هابيل، لا تُعتَبر الاضطرابات النفسية أو حالات الوعي التي تُسببها العقاقير المخدرة تجارب دينية لأنها لا تحدث ضمن سياق طقس ديني خاص.
يُحدّد كل من مور وهابيل فئتين للتجارب الدينية هما: التجربة الدينية المباشرة والتجربة التي تحتاج إلى وسيط (مور وهابيل: 1982).
في كتابه «الإيمان والعقل»، صاغ الفيلسوف ريتشارد سوينبورن خمس فئات تندرج فيها جميع التجارب الدينية:
اقترح سوينبورن أيضًا مبدأين لتقييم التجارب الدينية هما:
يقول المفكر الألماني رودولف أوتو (1869-1937) أن هناك عاملًا مشتركًا واحدًا لكل التجارب الدينية، بمعزل عن الخلفية الثقافية. في كتابه فكرة المقدس (1923) يُحدّد رودولف هذا العامل على أنه (نومينو: قوة إلهية) إذ تنطوي هذه التجربة على جانبين هما:
مفهوم ارتعاش الباطن، وهو الميل لاستدعاء مشاعر الخوف والرعشة؛
مفهوم الجذب، وهو الميل إلى الجذب والافتتان والإخضاع.
تقتضي هذه التجربة بأن يشعر المرء بقربه من المُقدّس، إذ يرى أوتو أن هذه التجربة الدينية هي التجربة الوحيدة المحتملة، ويقول: «ليس هناك دين لا يكون (نومينو) الجوهر الأعمق فيه، وبدونه لا يستحق أي دين اسمه» (أوتو: 1972). لا يأخذ أوتو أي نوع آخر من التجارب الدينية مثل النشوة أو الحماس على محمل الجدّ، إذ يرى بأن مثل هذه التجارب تنتمي إلى ردهة الدين فقط وليس إلى ما هو أعمق.
وفقًا للفلسفة الخالدة، فالتجارب الصوفية في جميع الأديان هي نفسها في الأساس. وهي تفترض بأن العديد من الأديان، أو جميع أديان العالم، نشأت من التعاليم الصوفية، بما في ذلك غوتاما بوذا ويسوع ولاوتزه وكريشنا. ترى هذه الفلسفة أيضًا أن معظم التقاليد الدينية تصف التجربة الروحانية الأساسية، على الأقل من الناحية الباطنية. يُعرَف ألدوس هكسلي بأنه من كبار أنصار هذه الفلسفة في القرن العشرين، و«تأثر بشكل كبير في وصفه للهندوسية الجديدة ونسخة زن المميزة التي صُدّرَت إلى الغرب من قبل دي. تي. سوزوكي». إذ وضع كل من هؤلاء المفكرين نسخهم الخاصة من الأطروحات التي تتمحور حول الفلسفة الخالدة، والتي قد تلقوها في الأصل من المفكرين وعلماء الدين في الغرب.[3]
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)