يمكن تعريف الدعم الاجتماعي وقياسه بطرقٍ عديدة. ويمكن أن يكون تعريفه تعريفاً فضفاضاً كأن نقول إن الدعم الاجتماعي هو أن يشعر الشخص بالرعاية والمساعدة من المحيطين به وأن يعتبر نفسه فرداً من شبكة اجتماعية داعمة. وقد تكون هذه الموارد الداعمة عاطفية (مثل: الحنان) أو محسوسة (مثل: المساعدة المالية) أو إعلامية (مثل: تقديم المشورة) أو أن تكون بشكل رفقة (مثل: الشعور بالانتماء). ويمكن أن يقاس الدعم الاجتماعي عن طريق إحساس المرء بأن هناك مساعدة متاحة له، أو بالمساعدة الفعلية التي حصلت له، أو عن طريق قياس درجة اندماج الشخص مع الشبكة الاجتماعية. وتتعدد مصادر الدعم فقد يأتي الدعم من الأسرة والأصدقاء، والحيوانات الأليفة، والمنظمات، وزملاء العمل... إلخ.
ويعتبر الدعم الاجتماعي هاماً لدى المهتمين بالصحة البدنية (مثل: قياس معدل الوفيات) أو الصحة النفسية (مثل الاكتئاب). ونتيجةً لذلك يوجد أكثر من خمسة وأربعين ألف مقالةٍ وفصلٍ وكتابٍ اهتمت بالدعم الاجتماعي عبر مجموعة واسعة من التخصصات بما في ذلك علم النفس والطب وعلم الاجتماع، والتمريض، والصحة العامة، والعمل الاجتماعي. بشكلٍ عام، تم الربط بين الدعم الاجتماعي وبين العديد من المنافع الصحية البدنية والنفسية على حدٍ سواء، ومع ذلك قد لا يكون الدعم الاجتماعي مفيداً دائماً. وقد تم اقتراح نموذجين لوصف العلاقة بين الدعم الاجتماعي والصحة وهما: فرضية التخزين المؤقت، وفرضية الآثار الرئيسية.[1] بالإضافة إلى ذلك، تم اقتراح العديد من النظريات والطرق البيولوجية لدراسة العلاقة بين الدعم الاجتماعي والصحة وقد وجدت العديد من الاختلافات الثقافية والفروقات بين الجنسين فيما يخص الدعم الاجتماعي.
يمكن للدعم الاجتماعي أن يصنف ويقاس بطرق مختلفة هناك أربع وظائف شائعة للدعم الاجتماعي:[2][3][4]
وهو إظهار التعاطف، والاهتمام، والمودة، والمحبة، والثقة، والتقبل، والألفة، والتشجيع، والرعاية.[5][6] وهو الدفء والحنان الذي يقدم من مصادر الدعم الاجتماعي[7] ويشعر الفرد بقيمته كما يسمى أحيانًا بدعم الاحترام أو دعم التقدير.[2]
وهو تقديم المساعدة المالية أو السلع أو الخدمات ويسمى أيضًا بالدعم الفعال. وهذا الشكل من أشكال الدعم الاجتماعي يشمل الطرق المادية المباشرة لمساعدة الناس بعضهم البعض.[8][9]
وهو تقديم النصيحة والتوجيه والاقتراحات والمعلومات المفيدة للشخص وهذا النوع من المعلومات من شأنه أن يساعد الآخرون في حل مشاكلهم.
وهذا النوع من الدعم يُشعر الفرد بالانتماء الاجتماعي (ويسمى أيضًا بدعم الانتماء) ويمكن ملاحظته بوجود الأصحاب والانخراط في الأنشطة الاجتماعية المشتركة معهم.
يفرق الباحثون عادةً بين الدعم المتوقع والدعم المتلَقى، الدعم المتوقع يعود إلى الحكم الشخصي للمستلم\المستفيد على ما سيوفره «أو وفره» مقدمو الدعم من مساعدة فاعلة عند الحاجة. أما الدعم المستَلَم أو الدعم المتلقى «يسمى أيضا الدعم الفعال» يعود إلى أفعال أو إجراءات داعمة محددة مثل نصيحة أو طمأنة وتقدم من الداعمين عند الحاجة أيضًا. من جهة أخرى يمكن أن نقيس الدعم الاجتماعي إذا نظرنا إليه من ناحية أنه دعم هيكلي ودعم وظيفي. الدعم الهيكلي (ويسمى أيضًا التكافل الاجتماعي) حيث يكون الفرد المدعوم متصلًا بشبكة اجتماعية ومثال ذلك العلاقات الاجتماعية أو عندما يتكامل الفرد في شبكته الاجتماعية مثل علاقاته العائلية، صداقاته، وعضويته في مختلف النوادي والمنظمات مما يُعزز التكافل الاجتماعي. الدعم الوظيفي ينظر إلى الوظيفة المحددة التي يمكن للعضو في الشبكة الاجتماعية أن يقدمها وقد تكون عاطفية آلية معلوماتية أو مجموعات داعمة والمذكورة سابقًا. هذه الأنواع المختلفة من الدعم الاجتماعي لها أيضًا تأثيرات وتفاعلات مختلفة على صحة الفرد وشخصيته وعلاقاته الشخصية فمثلًا الدعم المتوقع يرتبط غالبًا بالوعي الأفضل للصحة الذهنية، ولا يحدث هذا مع الدعم المتلقى والتكامل الاجتماعي.
هناك اقتراح من البعض أن "الدعم الخفي" وهو النوع من الدعم الذي يكون بغير وعي الشخص الداعم" قد يكون هو الأكثر فائدةً.
للدعم الاجتماعي مصادر عدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر: الأسرة، الأصدقاء، الزوج أو الزوجة الحميمة، الحيوانات الأليفة، العلاقات الاجتماعية وزملاء العمل. هذهِ المصادر قد تكون طبيعية كالأصدقاء والعائلة، وقد تكون أكثر رسميةً متمثلةً في المتخصصين بالصحة العقلية أو المنظمات الاجتماعية. دعم الشريك سواءً الزوج أو الزوجة لهُ أثر كبير على الصحةِ خصوصاً بالنسبة للرجال. مؤخراً، تبيَّن أن الدعم العائلي مهم جداً للأطفال وقدرتهم على تطوير كفاءاتهم الاجتماعية. أيضاً، دعم الوالدين أوضح مدى أهميته وفائدته وأثره على الأبناء في سن ارتياد الجامعة.
في الأوقات العصيبة يساعد الدعم الاجتماعي على تقليل الضغوطات النفسية لدى الأشخاص، مثل القلق والاكتئاب... إلخ. لوحظ أن الدعم الاجتماعي يعزز التحسن المعنوي لدى المصابين بالأمراض المسببة للتوتر المزمن مثل الإيدز، التهاب المفاصل (الروماتيزم)، السرطان، الجلطة الدماغية، أمراض تصلب شرايين القلب... إلخ. سجل الأشخاص ممن يتلقون دعمًا اجتماعيًا قليلًا نسبة أعلى في ظهور أعراض القلق والاكتئاب مقارنةً بالأشخاص الذين يتلقون دعمًا أكثر. بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يتلقون دعمًا أقل مهددون بالإصابة بأمراض عقلية بنسبة أكبر ممن يتلقون دعمًا أكثر. من هذه الأمراض اضطرابات ما بعد الصدمة، نوبات الهلع، الرهاب الاجتماعي، نوبات الاكتئاب الحادة، الاضطرابات النفسية المتعلقة بالأكل. من بين المصابين بمرض الانفصام ظهرت أعراض أكثر لدى المرضى الذين لا يتلقون دعماً اجتماعياً كافيًا. بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين لا يتلقون دعمًا اجتماعيًا كافيًا يفكرون بالانتحار بشكل أكبر كما أنهم يميلون لتعاطي الكحول والمخدرات بشكل أكبر. ولوحظ نفس التأثير لدى الأطفال.
للدعم الاجتماعي ارتباطات عديدة بالصحة الجسدية، بما في ذلك طول أو قصر العمر. فالأشخاص الذين لا يتلقون دعمًا اجتماعيا كافياً ترتفع لديهم احتمالية الوفاة بسبب العديد من الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والشرايين. أظهرت دراسات عديدة أن الأشخاص الذين يتلقون دعمًا اجتماعيًا أكثر لديهم قابلية متزايدة للنجاة من الأمراض. إن الأفراد الذين يعانون من قلة الدعم الاجتماعي يعانون بشكل أكبر من أمراض القلب والشرايين والتهابات مع ضعف في الجهاز المناعي وتعقيدات أكثر أثناء فترة الحمل لدى النساء. كما أنهم يعانون بشكل أكبر من الألم وتعطل وظائف الأعضاء في حالة الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزم. على العكس من ذلك نجد لدى الأفراد الذين يتلقون دعمًا معنويًا مرتفعًا نتائج أكثر إيجابية. فنجد أنهم يتماثلون للشفاء بشكل أسرع في حالة إجراء عملية جراحية للقلب أو لشرايين القلب. وتقل القابلية لديهم لنوبات الهربس ومشاكل الإدراك المرتبطة بالتقدم في العمر ولديهم تحكم أكبر في مرض السكر. كما أن الأشخاص الذين يتلقون دعمًا اجتماعيًا أكثر تقل لديهم قابلية الإصابة بالبرد ويتماثلون للشفاء منه بسرعة.
على الرغم من أن هناك العديد من الفوائد للدعم الاجتماعي، إلا أنها ليست دائماً مفيدة، وقد كانت مقترحة من أجل الدعم الاجتماعي لتكون مفيدة ونافعة. ويكون الدعم الاجتماعي مطلوبًا من قبل العائل لمماثلة ومطابقة الدعم المعطى له أو لها. هذا هو المعروف باسم «فرضية المماثلة». ويمكن أن يزيد الضغط النفسي إذا كانت هناك أنواع متعددة من الدعم مقدمَةً على ما يتمناه الشخص من متطلبات. وقد ارتبطت العوائد مع الدعم الاجتماعي، على سبيل المثال: الدعم الذي نتلقاه لم يكن مرتبطًا على الدوام بالصحة سواءً أكانت صحة عقلية أو صحة جسدية. والمفاجئ في الأمر أن الدعم الذي نتلقاه مرتبط بجعل الصحة العقلية تسوء. ونضيف على ذلك، إذا كان الدعم الاجتماعي فضوليًا بشكل كبير وزائدًا يمكن أن يزيد التوتر والعصبية.
نموذجان رئيسيان:
هناك نظريتان رئيسيتان تشرحان العلاقة بين الدعم الاجتماعي والصحة، وهما: نظرية العزل ونظرية التأثير المباشر. الفرق الرئيسي بيت هاتين النظريتين هو أنه في نظرية التأثير المباشر يتوقع أن الدعم الاجتماعي مفيد في كل الحالات، لكن في نظرية العزل يتوقع أن الدعم الاجتماعي غالبا يكون مفيدًا خلال الأوقات الصعبة. وجدت الدلائل لتدعم كلتا النظريتين.
الدعم الاجتماعي يحمي «أو يعزل» الناس من التأثير السيئ لوقائع أو أحداث الحياة الشديدة مثل وفاة الشريك أو فقدان الوظيفة. هناك أدلة على أن العلاقة بين الأوقات الصعبة وسوء الصحة كانت أقل عند الناس الذين يملكون دعمًا اجتماعيًا أكثر عند مقارنتهم بالناس ذوي الدعم الاجتماعي القليل. العلاقة الضعيفة بين ضغوطات الحياة والصحة عند الناس الذين يملكون دعمًا اجتماعيًا كبيرًا أحيانًا تُفسر لتعني أن هذا الدعم الاجتماعي قد حمى الناس من الضغوطات. غالبًا ما يلاحظ أن عزل الضغط النفسي في الدعم المتوقع أكثر منه في التكافل الاجتماعي وفي الدعم المستلم.
يتمتع الناس أصحاب الدعم الاجتماعي الكبير بصحة أفضل من الناس ذوي الدعم الاجتماعي الأقل، بغض النظر عن ضغوطات الحياة الواقعة عليهم. بالإضافة لتأثير العزل الذي يظهره الدعم المتوقع فإنه أيضًا يظهر لنا تأثيرًا مستمرًا ومباشرًا على نتائج الصحة الذهنية بينما كلٌّ من الدعم المتوقع والتكافل الاجتماعي يظهران تأثيرًا رئيسيًا على نتائج الصحة الجسدية. على الرغم من ذلك فإن الدعم المستلم نادرًا ما يعطي تأثيرًا رئيسيًا.
أجريت العديد من الدراسات في المسارات الاجتماعية النفسية الحيوية لمعرفة العلاقة بين الدعم الاجتماعي والصحة. ولقد وُجد أن الدعم الاجتماعي له أثر إيجابي على جهاز المناعة والجهاز العصبي وجهاز الأوعية الدموية. وعلى الرغم من أن هذه الأجهزة ذُكر كلًا منها على حدة ولكن أثبتت الدراسات أن هذه الأجهزة يمكن أن تتداخل وأن يؤثر أحدها على الآخر. جهاز المناعة: عادة ما يزيد الدعم الاجتماعي من مناعة الجسم. ومثالًا على ذلك كلما كان الشخص مندمجًا اجتماعيًا كلما قلت إصابته بالالتهابات (وتم قياس تلك الالتهابات ببروتين سي C المعروف بحساسيته العالية للالتهابات) وأيضا فإن الأشخاص ذوي الدعم الاجتماعي تقل نسبة إصابتهم بنزلات البرد الشائعة. الجهاز العصبي: يقلل الدعم الاجتماعي في حالات الإجهاد من مستويات مادة الكورتيزل («الهرمون المسؤول عن الإجهاد»). حيث أثبت التصوير العصبي أن الدعم الاجتماعي يقلل من نشاط المناطق المسؤولة عن الاضطراب الاجتماعي في المخ وخفض نشاط هذه المناطق مرتبط أيضاً بتقليل مستويات مادة الكورتيزل. جهاز الأوعية الدموية: أُثبت أن الدعم الاجتماعي يقلل من تفاعلية الأوعية الدموية عند التعرض للضغوطات. والدعم الاجتماعي مفيد أيضاً للجهاز القلبي الدموي حيث أنه يُخفض ضغط الدم ويُقلل من سرعة نبضات القلب. على الرغم من إيجاد العديد من المنافع للدعم الاجتماعي ولكن يجب معرفة أن كل الأبحاث لم تثبت أن للدعم الاجتماعي آثارًا إيجابية على هذه الأجهزة. فعلى سبيل المثال وجود الشخص الداعم أحيانًا يؤدي إلى ارتفاع النشاط العصبي والنشاط الفسيولوجي.
مجموعات الدعم الاجتماعي يمكن أن تكون مصدرَ دعمٍ معلوماتي، من خلال توفير معلومات تربوية قيّمة، والدعم العاطفي بما فيه من تشجيع الأشخاص الذين يعانون من ظروف مماثلة. وقد وجدت الدراسات بشكلٍ عام آثارًا مفيدة ونافعة لتدخلات مجموعات الدعم الاجتماعي في جميع أنواع الظروف، بما في ذلك المجموعات الموجودة في الإنترنت «شبكات الاتصال» التي تقدم الدعم للأشخاص. يوجد أيضاً عوائد وفوائد لتقديم الدعم للآخرين. وتقديم الرعاية طويلة الأجل أو توفير الدعم لشخصٍ ما، يعتبر في بعض الأحيان ضغط وإجهاد مزمن مرتبط بالقلق والاكتئاب والتغيرات في الجهاز المناعي. ومع ذلك فإن تقديم الدعم مرتبط بالفوائد الصحية. وفي الواقع نقول إن تقديم الدعم الفعال للأصدقاء والأقارب والجيران، والدعم العاطفي للأقران والأزواج، له ارتباط ملحوظ في رفع معنوياتهم وخفض معدل إحباطهم. أيضاً، وجدت دراسة حديثة أن تقديم الدعم من خلال الخبرات غير المجهدة تزيد النشاط في أجزاء المخ.
تم اكتشاف الفروقات بين الجنسين من خلال بحث عن الدعم الاجتماعي. وُجِد فيه أن النساء يقدمن دعمًا اجتماعيًا أكثر للآخرين وأنهن يشاركن بشكل أكبر في الشبكات الاجتماعية. تدعم الأدلة كذلك فكرة أن النساء يلعبن دورًا أفضل في تقديم الدعم الاجتماعي. بالإضافة لكونهن أكثر مشاركة في تقديم الدعم الاجتماعي، فإن النساء يحتمل كثيرا أن يبحثن عن الدعم الاجتماعي عند مواجهتهن للضغوط. كذلك فالدعم يمكن أن يكون أكثر فائدة للنساء. تقترح شيلي تايلر وزملائها أن تلك الاختلافات بين الجنسين في الدعم الاجتماعي مردها إلى الفروقات الفسيولوجية بين الرجال والنساء من خلال طريقة استجابتهم للضغوطات (كركوب الطائرة أو المشاجرة).
على الرغم من اعتبار الدعم الاجتماعي مصدرًا شاملًا إلا أن هنالك اختلافات ثقافية في الدعم الاجتماعي. على سبيل المثال لوحظ أن الأمريكيين من أصول أوروبية يستعينون بعلاقاتهم الاجتماعية لتقديم الدعم أثناء الأحداث المجهدة أكثر من الأمريكيين من أصول آسيوية أو الآسيويين. كما أن الأمريكيين الآسيويين يؤمنون بكون الدعم الاجتماعي أقل فائدة على عكس الأمريكيين من أصول أوروبية. هذه الاختلافات في الدعم الاجتماعي يمكن تحديد جذورها من خلال أفكار ثقافية متعددة عن المجموعات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك تم اكتشاف اختلافات عرقية في الدعم الاجتماعي المقدم من العائلة والأصدقاء.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)