حضارات النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد في منطقة شرق الأوسط الحالية.
كان مركزها قبل خمسة آلاف سنة تقريبا في جزر البحرين وجزيرة تاروت في القطيف؛ هي جنة دلمون والسبب في هذه التسمية أنها كانت تحوي مقبرة دلمون. وقد مثلت مركزا استراتيجيا مهما؛ فهي حلقة الوصل بين بلدان الشرق، الأوسطوالأدنى؛ حيث كانت في الشمال حضارة بلاد ما بين النهرين (العراق)، وفي الشرق حضارة ميلوخا في وادي السند (الهند)، وفي مصر حضارة الفراعنة.
امتدت حضارة الدلمون على طول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية؛ من الكويت عند جزيرة فيلكا، حتى حدود حضارة مجان في سلطنة عمان، وحضارة أم النار في إمارة أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد عُرفت دلمون بهذا الاسم عبر التاريخ لأنها محاطة بالماء (مياه البحر) من كل ناحية.
رأس ثور مصنوع من النحاس في حوالي عام (2000 قبل الميلاد)، اكتشفه علماء الآثار الدنماركيون تحت معبد باربار ، البحرين نقش نذري لأور نانشي، ملك لكش : تقول إحدى النقوش: «كانت القوارب من أرض دلمون (البعيدة) تحمل الخشب (بالنسبة له)»، وهو أقدم سجل مكتوب معروف عن دلمون والاستيراد البضائع في بلاد ما بين النهرينإيصال للملابس المرسلة بالقارب إلى دلمون في العام الأول من حكم إبي سين، حوالي عام 2028 قبل الميلاد. المتحف البريطاني BM 130462أنقاض مستوطنة يُعتقد أنها من حضارة دلمون في سار.
مدن ومعابد قديمة؛ حيث عثر المنقبون تحت قلعة البحرين وحولها على مجموعة من المدن المحصنة، يعود تاريخ بناء أقدم مدينة فيها إلى حوالي سنة 2800 ق.م، وقد أحرقت هذه المدينة بعد خمسمائة سنة من إنشائها، وشيد مكانها المدينة الثانية التي أحيطت بسور عالٍ يصد عنها الغزاة القادمين من ناحية البحر. وبالإضافة إلى هذه المدن القديمة وجدت آثار معابد كثيرة؛ أهمها: معابد بار بار الثلاثة في قرية بار بار، ولم تبن هذه المعابد مرة واحدة، وإنما شيدت على التوالي، شأنها في ذلك شأن المدن التي عثر عليها تحت قلعة البحرين.
من الآثار القديمة لدلمون الكثير من الأواني الفخارية المتنوعة، وقد عثر عليها المنقبون مرصوفةً في القبور، كما عثروا أيضا على آنية نحاسية للاستخدام المنزلي، وكذلك عثروا على تماثيل كانت لها مكانة دينية في نظر أصحابها، وعلى أختام كانت تستخدم لإثبات الملكية، وللتوقيع على الاتفاقيات وعلى كثير من العقود، وقد عثر عليها في آنية فخارية.
تضم جزيرة البحرين أكبر مقبرة تاريخية اكتشفت في العالم حتى الآن، والتي تُدعَى مقبرة عالي: وهي عبارة عن تلال تتكون من 21 جزءًا منتشرة على امتداد يصل إلى 20 كيلومتر، وتضم تلال مدينة حمد، تلال مدافن الجنبية، تلال مدافن عالي الشرقي، وتلال مدافن عالي الغربي، ويصل عددها إلى 11,774 تلة، فيما تتواجد بينها تلال ملكية.[5]
كان نظام الحكم فيها ملكيا وراثيا، وتشير النصوص التي عثر عليها أنه لا بد أن يكون خادم الإله ملكا، ولكن مملكة دلمون كانت في معظم الأحيان تخضع لسيطرة حكام بلاد الرافدين، وتدفع الجزية لهم، ولقد هاجمها سرجون الأكادي وأحرق مدينتها الأولى وأخضعها لحكمه.
بنى أهل دلمون المعابد المقدسة ومئات الآلاف من المدافن على مختلف الأشكال والأحجام؛ مما يدل على إيمانهم بعقيدة الخلود، ويدل على ذلك تشييد المقابر الضخمة، ووجود مخلفات مادية وجنائزية في القبور، بالإضافة إلى اكتشاف بعض المعابد التي عثر فيها على أقداح مخروطية الشكل؛ مثل تلك التي عرفت في العراق في العصر السومري، ومن أهم هذه المعابد ((معبد باربار)).
اشتهرت في دلمون صناعة الفخار الذي كان يتميز بأشكال ورسومات تختلف عن رسومات فخار الحضارات المجاورة، كما ازدهرت صناعة الأختام الدلمونية الدائرية، التي كانت تستعمل لإثبات الملكية، وصناعة التماثيل والأواني الخزفية والنحاسية.
دلمون، التي توصف أحيانًا بأنها «المكان الذي تشرق فيه الشمس» و«أرض الأحياء»، هي مسرح لبعض نسخ أسطورة الخلق السومرية، وهي المكان الذي كان فيه بطلالطوفانالسومري المُؤلَّه، أوتنابيشتيم (زيوسودرا) الذي اتخذته الآلهة ليعيش إلى الأبد. إن ترجمة ثوركيلد جاكوبسن لسفر التكوين يسميها «جبل دلمون» الذي وصفه بأنه «مكان قصيٌّ ونصف أسطوري».[11]
وصفت دلمون أيضًا في القصة الملحميةلإنكيوننهورساج على أنها الموقع الذي حدث فيه الخلق.[12][13] وتتحدث إينوما إيليش (أسطورة الخلق البابلية) اللاحقة عن موقع الخلق على أنه المكان الذي تم فيه خلط الماء المالح، والذي تجسد ليكون تيامات واختلط بالمياه العذبة أبزو. إنَّ كلمة البحرين تعني باللغة العربية «المياه المجتمعة»، حيث تختلط المياه العذبة لطبقة المياه الجوفية العربية بالمياه المالحة للخليج العربي. وعد إنكي لننهورساج، أم الأرض:
بالنسبة لدلمون، أرض قلب سيدتي، سوف أقوم بإنشاء مجاري مائية وأنهار وقنوات طويلة، حيث ستتدفق المياه لإرواء عطش جميع الكائنات وتوفير الثروة لكل تلك الأرواح.
كما كانت لنينليل، الإلهة السومرية للهواء والرياح الجنوبية، منزلًا في دلمون.
^Serge Cleuziou (1996). "The emergence of oasis towns in eastern and southern Arabia". في G. Afanas'ev؛ S. Cleuziou؛ R. Lukacs؛ M. Tosi (المحررون). The prehistory of Asia and Oceania, Forlí: Colloquia of the XIII International congress of prehistoric and protohistoric sciences. ABACO Edizioni, Forlì. ج. 16. ص. 157. ISBN:978-88-86-71206-4.
[أ] مصطلح إقليم البحرين يشير إلى شرق الجزيرة العربية كاملًا، ومن أشهر المواطن البشرية هناك هم القطيف، جزيرة أوال، الأحساء، كما تشمل بعض الممالك في هذه المجموعات، مناطق من سلطنة عمان
[ب] تركزوا في اليمن وعُمان وجنوب السعودية
[ج] بعض الممالك مثل مملكة الحضر تركزت في شمال العراق وامتدت للشام
[د] إن وصف الجاهلية في الإسلام، يشير فقط للحقبة التي سبقت الإسلام بحوالي 250 سنة