الزُّمُـرُّد[2][3]حجر كريم ومعدن بيريلي والمكون من سيليكات البيريليوم والألومنيوم ، يتم العثور عليه في مناجم بين الصخور الصلدة والرخام بخلاف معظم الأحجار الكريمة، لونه أخضر غامق عميق وشفاف، ويحتل المرتبة الثالثة من حيث الأهمية. يكتسب لونه الأخضر لوجود كميات ضئيلة من الكروم أو الحديد، يعتبر الزمرد من الأحجار الكريمة، وبالمقارنة بالأوزان يعتبر الأعلى قيمة بين الأحجار الكريمة، خاصة عندما يتخلله عروق من أملاح معدنية أخرى، ولأملاح البريل قساوة بين 7.5 و8 على مقياس موس لقساوة المواد.[4][5]
تحتوي معظم بلورات الزُّمرُّد على قشور دقيقة يطلق عليها أحيانا اسم سُتُر. كما تحتوي على جسيمات دخيلة متعدّدة. إن أحجار الزُّمُرُّد الكاملة لنادرة جدا، وإذا وُجدت تكون أغلى من الماس. والزُّمُرُّد الأزرق أغلى من الزُّمُرَّد ذي اللون الأصفر.
في العصور الفرعونية كانت صحراء النوبة تشتهر بمناجم الزمرد، التي كانت تصدر الزمرد إلى قصور حكام بلاد فارس والهندوبيزنطة، كما اكتشفت كميات منه في مقابر ومعابد في المكسيكوالبيرووكولومبيا وكان الإمبراطور الرومي نيرون يهوى مشاهدة مصارعة العبيد من خلال بلورة كبيرة من الزمرد.
وقد حظى الزمرد باهتمام بالغ من لدن الإنسان منذ أقدم العصور وتبوء مكانة تاريخية رفيعة بين الأحجار الكريمة التي استخدمها الإنسان لأول مرة في صنع المجوهرات. ولفت جماله الرائع انتباه قدماء المصريينوالبابليينوالاشوريينوالهنود منذ آلاف السنين فرصعوا به حليهم وعقودهم.[6] فمنذ نحو 5000 عام ساح المصريون في الصحراء بحثًا عنه ليتخذوه زينةُ وتمائم.[7] ورد في أحد أقدم المؤلفات الفلسفية وهي تعاليم بتاح حوتب1 التي تعود إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد حكمة تقول (الكلام الجميل أنور من الزمرد الذي نعثر عليه بين الحصى)، ثم جاءت التوراة لتصفي عليه قدسية وهيبة عندما اوصت بوضعه في الصف الأول من صدرة القضاء المرصعة بأثنى عشر حجرًا تمثل اسباطهم.[8] وفي الأنجيل ذكر الحجر الكريم في ثلاثة مواضع من رؤيا يوحنا اللاهوتي[9] وقيل إن مائدة سليمان في رومية صنعت من زمرد أخضر.[10] وقيل أن أسرار الصنعة وستمائة لسن لمختلف أنواع الأحجار الكريمة كان قد دونها هرمس الهرامسة (وقيل ساره زوج إبراهيم الخليل عليه السلام) على لوح من الزمرد زعموا أن الاسكندر المقدوني عثر عليه في مغارة بالقرب من صيدون في فلسطين.[11] ونقل عن ملوك اليونان من أرباب الحكمة تفضيلهم إياه على سائر الأحجار.[12] وقد دأبوا على تقديمه لفينوس آلهة الجمال عندهم.
وفي أيام كليوباترا كانت مناجمه بمصر ملكًا لها تنقش على بعضها صورتها لتهديها إلى المقربين وعرف عن يوليوس قيصر ولعه الشديد باقتنائه وجمعه لجماله وقيمته ولما كان ينسب إليه من قدرات.[13]
وفي حوالي القرن الثاني قبل الميلاد، تنبأ هيرودوت بوجود كنز زمرد في صحراء شمال أفريقيا وأشتهر باسم كنز الكرمانت وقد كان لنبوءته تلك أبلغ الأثر في اكتشاف كنوز البترول الجزائرية الحديثة2، واشتملت أبهى هدايا نابليون لزوجته جوزفين على أجود الزمرد كما شكل أروع ماضمته خزانة كاترين إمبراطورة الروس التي بيعت عام 1906 برمتها بقيمة 770000 دولار.[14] ولم تكن مكانة الزمرد لدى العرب بأقل من مكانته لدى غيرهم فكان البيروني يقول (الجواهر الفاخرة في الأصل ثلاثة الياقوت والزمرد واللؤلؤ) ووصفه الشيخ الانطاكي بأنه شريف في الجمادات كالذهب في المنطرقات.[15]
حسب التفسير الغربي جاء اسم الزمرد (باللاتينية: Emerald) من اللغة اللاتينية، ويشمل هذا الاسم جميع مشتقات الللون الأخضر.[16][17][18][19]
الزمرد بضم الراء وتشديدها قيل الزبرجد معرب.[20] وقيل العكس ويؤيد معظم اللغويين الرأي الأول فيما نقل الرأي الثاني عن الفارابي وقد ضمنه في كتابه في اللغة ايوان الأدب.[21] ذكر المغربي معارضة بعض الحكماء له ونقل عن صاحب نخبة الدهر أنه يدعى الزبرجد والزبرج فيما نقل عن غيره انهما حجران متغايران.[22] ويذكر الزمرد بالذال المعجمة تارة وبالدال المهملة أخرى. قال صاحب البستان (ويقال زبرجد أيضًا دخل على العربية من الفارسية واحدته زمرده) ولكنه عرف الزبرجد في موضع آخر بأنه (حجر يشبه الزمرد) فتارة يعدهما حجرًا واحدًا وأخرى حجرين متشابهين[23] شأن صاحب النخبة وغيره وقد وقعت بهذا الاضطراب معظم معاجم اللغة وكثير من العلماء والجوهريين القدماء منهم والمحدثين حتى بات من الصعب لدى كثيرين البت في دلالة هاتين المفردتين والعلاقة بينهما والواقع ان الزمرد حجر كريم يختلف كليًا عن حجر الزبرجد ولعل الصلة الوحيدة بينهما تتمثل في انحدار اسميهما من أصل واحد كان يراد به الأول ويكاد اسم الحجر في معظم اللغات الشرقية والغربية أن يتفرع عن ذلك الأصل القديم الذي لاشك في ساميته. فقد كان اسم هذا الحجر في اللغات السامية زمرجدا وقد ورد بهذا الاسم في النسخة السريانية من العهد الجديد.[24] بيد ان العرب شأنهم دائمًا في تعريب الدخيل تفردوا بتهذيبها إلى (زمرد) بيد أن المفردة الجديدة لم تفلح في طرد سابقتها تمامًا المفردتان جنبًا إلى جنب كتعايش كثير من المفردات المعربة مع أصولها الأجنبية (كالتقنية والتكنولوجيا مثلًا). ومالبث بعض أهل العلم وأرباب الفن أن استعاروا التسمية القديمة لحجر كريم نادر أخضر اللون لم يكن له في لغة العرب حتى ذلك الحين اسمًا فاطلق عليه (الزبرجد) ولعلها لم تكن استعارة موفقة لما اثارته فيما بعد من جدل حول دلالة المفردة كان باعثًا لكثير من الخلط بين الحجرين[24] فن قائل أنما أريد بالزبرجد الزمرد الأزرق المخضر (Aquamarine)[25] ومن قائل أنما هو مرادف لا يحمل دلالة مستقلة. ولم يكن الأمر في لغات أوروبا مثله في لغتنا فالحجر الذي استعرنا له اسم الزبرجد اتخذوا له اسماًء لايمت لحرج الزرمد بصلة فتجنبوا ماوقع به العرب من ارتباك، بيد أن هناك اعتقاد أن اسم هذا الحجر الكريم في معظم الحديثة يبعث على الاعتقاد بأنه دخلها من العربية. وليس كما هو شائع عن دخوله عبر اليونانية أو اللاتينية فأسمه بالفرنسية القديمة esmeraude وبالإنجليزية الوسطى emeraude أقرب إلى الزمرد في العربية منه إلى smergdos في اللاتينية أو اليونانية من الجوانب الجوهرية التالية:
سقوط حرف (g)
حلول الصوت (au) بعد الصامت (r) بما يطابق لفظ الراء العربية المضمومة في الزمرد.
يرجح أن الصوت (e) الذي يبدأ به الاسم باللغتين الإنجليزية والفرنسية يعود إلى (ال) التعريف في العربية. أما سقوط اللام أملته ضرورة اللفظ لأن الزاي حرفًا شمسيًا. وظاهرة اقتباس الكلمات العربية مع أداة التعريف معروفة في الكلمات عربية الأصل في لغات أوروبا وبخاصة الاسبانية ومن الجدير بالذكر أن اسمه بالفرنسية الحديثة أصبح emeraude وبالإنجليزية الحديثة أصبح emeralde.[24]
هناك دول كثيرة يوجد فيها الزمرد كروسيا والهند والبرازيل وأفريقيا، لكن أفضل الزمرد بشكل عام هو الزمرد الكولومبي والذي يتميز بدرجة اللون الأخضر الخاصة وهي الأجمل والأنقى بين جميع أنواع الزمرد الأخرى بالإضافة إلى درجة صفاء رائعة وهناك بعض درجات الزمرد الكولومبي أغلى من بعض درجات الألماس ويصل القيراط منه لحوالي 25 ألف دولار.[1][26][26]
زمرد ذبابي Vert-mouch شديد الخضرة لا يشوب خضرته شي من الألوان من صفرة ولا سواد ولا غيرهما حسن الصبغ جيد المائية شديد الشعاع ويسمى: ذبابيًا لمشابهة لونه في الخضرة لون كبار الذباب الأخضر الربيعي وهو من أحسن الألوان خضرة وبصيصًا.
زمرد ريحاني ولونه مثل لون الريحان الشبيه بورق الآس الرطب
الزمرد السلقي كلون السلقي الطري.
الزمرد الصابوني كلون الصابون الأخضر، لا قيمة له ويوجد في الحجاز وسمي بالعربي وهو من أشباه الزمرد.
الزمرد البحري، يشمل هذا الصنف الأحجار الزرقاء والزرقاء المخضرة التي تشبه زرقة ماء البحر ويعزى لونها إلى شوائب الحديد[30]، وتنسب له معظم بلورات الزمرد الهائلة التي عثر عليها في الولايات المتحدة الأمريكيةوروسيا[31]، كما أن معظم البلورات التي يعثر عليها في الهند تقع في إطار هذا النوع من الزمرد.[32]
الزمرد الذهبي، تعزى الصفرة الذهبية لبلوراته إلى شوائب اليوانيوم.[33]
الزمرد الوردي، تتراوح ألوان هذه البلورات بين الوردي الغامق والقرنفلي الباهت وتعزى ألوانه لشوائب الليثوم.[33] وهو نوع نادر جدًا بحيث يقتصر وجوده على ثلاث مناطق من العالم فقط، هي جزيرة مدغشقروسانتياغووكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ويدعونه المرغانيت نسبة لاسم الثري الأمريكي جون بيربونت مورغان.
الزمرد اللالوني، أن نقاء بعض البلورات من الشوائب يجعلها عديمة اللون وهي أسوة بالزمارد غير الخضراء لم يتعرض لها مصدر قديم بالذكر إلا إذا جاز أن نعتبر الأصناف المائلة إلى بياض منه (البيضاء المشوبة بخضرة باهتة كمده غير مشرقة) كالذي وصفه ابن الأكفاني بالزمرد العربي الضارب إلى بياض مع كموده وزعم أنه يعثر عليه في برية العرب من أرض الحجاز،[34][35] أو قليل الخضرة الذي شبهه الكندي بالملح أو الاصم الذي وصف بأنه أدنة أنواع الزمرد وأقلها ثمنا لقلة مائه وخضرته.[36] وإلا فلعلهم كانوا ينسبون مايعثرون عليه من زمرد عديم اللون لأحجار البلور مثلا.
يمكن صنع الزمرد في المختبرات، حيث توضع البلُّورات في محلول مائي تحت ضغط عال. يكون الزمرد الصناعي شبيهاً بالزمرد الطبيعي، ومن السهل تمييزه تحت المجهر بسبب وجود جُسَيْمات دخيلة.[37]
1 حاكم منقب وكبير وزراء الملك أيام الأسرة الخامسة اعتزل الحكم وألف كتابا في الحكمة وتركه لولده من بعده.
2 بدأ الفرنسي كونراد دلاكروا وزميلة له تدعى فلورنس رحلتهما عبر الصحراء الجزائرية عام 1922 بحثًا عن كنز الزمرد المزعوم واستعانوا بدليل من الطوارق وتعرضا لكثير من المشاق وانتهت المغامرة باكتشاف حقول جنوب الجزائر التي بلغ التكالب عليه ذروته عام 1945.
^داود الانطاكي، أولى الألباب والجامع للعجب العجاب، ص 179
^Tavernier, J. B. (1925) Travels in India by Jean Baptiste Tavernier, Baron of Aubonne; translated from the original French edition of 1676 with a biographical sketch of the author, notes, appendices, &c. by V. Ball. 2nd ed., edited by William Crooke; Vol. II, pp. 44, 58
^Wise, R. W. (2001) Secrets of the Gem Trade: the connoisseur's guide to precious gemstones. Brunswick House Press ISBN 0-9728223-8-0; p. 108
^Read, Peter (2008) Gemmology 3rd rev. ed. NAG Press; p. 218