| ||||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
المواضيع |
|
|||||||||||||
إحصائيات السُّورة | ||||||||||||||
| ||||||||||||||
تَرتيب السُّورة في المُصحَف | ||||||||||||||
|
||||||||||||||
نُزول السُّورة | ||||||||||||||
النزول | مكية | |||||||||||||
ترتيب نزولها | 97 | |||||||||||||
|
||||||||||||||
نص السورة | ||||||||||||||
|
||||||||||||||
بوابة القرآن | ||||||||||||||
تعديل مصدري - تعديل |
سُورَةُ ٱلرَّحْمٰن هي سورة مكية في قول الجمهور، من المفصل، آياتها 78، وترتيبها في المصحف 55، في الجزء السابع والعشرين، وهي بدأت وسُميت على اسم من أسماء الله الحسنى ﴿الرَّحْمَنُ ١﴾ [الرحمن:1]، نزلت بعد سورة الرعد،[1] وهي تُسمى عروس القرآن للحديث: «لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن» رواه البيهقي وضعفه الألباني،[2] جاءت ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣﴾ [الرحمن:13] 31 مرة في السورة،[3] ومن أبرز ما ورد في مناسبة السورة لما قبلها، مّا ذَكَرَ اللهُ في السورة السابقة القمر لأنواع النقم التي حلَّت بالأمم السابقة، وذَكَرَ في (الرحمن) أنواع الآلاء والنعم،[4] ولهذه السورة مقاصد كثيرة، أهمها أنها بينت أن الله علم نبيه القرآن وأوحاه إليه، وأنه خلق كل إنسان وعلمه كيف يعبر عن مقاصده ويبينها، وأما المحتوى العام للسورة، فهو ذكر كثيراً من نعم الله وآياته وأولها القرآن، لأنه أعظم النعم شأنا وأرفعها مكانة،[5] وتتعدد أوجه الإعراب والدلالات في سورة الرحمن بتعدد القراءات.[6]
هذه السورة مكية مكية في قول الجمهور،[7] وذات نسق خاص ملحوظ، إنها إعلان هام في ساحة الوجود الكبير، وإعلام بآلاء الله الباهرة الظاهرة، في جميل صنعه، إبداع خلقه، وفي فيض نعمائه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتوجيه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم وهي إشهاد عام للوجود كله على الثقلين: الأنس والجن المخاطبين بالسورة على السواء، في ساحة الوجود على مشهد من كل موجود، مع تحدياهما إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحدياً يتكرر عقب بيان كل نعمة التي يعدها ويفصلها، ويجعل الكون كله معرضاً لها، وساحة الآخرة كذلك.
ويبدأ معرض الآلاء بتعليم القرآن بوصفة المنة الكبرى على الإنسان، تسبق في الذكر خلق الإنسان ذاته وتعليمه البيان ُثم يذكر خلق الإنسان، ومنحه الصفة الإنسانية الكبرى: البيان.
ومن ثم يفتح صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله الشمس والقمر والنجم والشجر والسماء المرفوعة، والميزان الموضوع. والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان. والجن والإنس. والمشرقان والمغربان. والبحران ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ٢٠﴾ [الرحمن:20]. وما يخرج منهما وما يجرى فيهما.
فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار عرض فنائها جميعاً، مشهد المناء المطلق للخلائق، وفي ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي، الذي إليه تتوجه الخلائق جميعاً، ليتصرف بأمرها بما يشاء.
وفي ظل الفناء المطلق والبقاء المطلق يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ٣١ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٣٢﴾ [الرحمن:31–32].
ثم يعرض مشهد يوم القيامة مشهد النهاية، في صورة كونية، يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة، ومشهد العذاب للمجرمين، والثواب للمتقين في تطويل وتفصيل.
ثم يجيء الختام المناسب لمعرض الآلاء: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٧٨﴾ [الرحمن:78] وتقع هذه السورة في الجزء السابع والعشرون.
نزلت سورة (الرحمن) في مكة، فهي مكِّيّة بالاتِّفاق،[8] ومما يدل على نزولها بمكة، حديث جابر بن عبد الله، أن رسول الله ﷺ قرأ على أصحابه سورة الرحمن، من أولها إلى آخرها، فسكتوا، فقال: «لقد قرأتها على الجن، ليلة الجن، فكانوا أحسن ردوداً منكم.. كنت كما أتيت على قوله تعالى: «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» قالوا: ولا بشىء من نعمك ربّنا نكذب.. فلك الحمد»،[9][10] وقد استدل بهذا الحديث على أن السورة مكية، لأن ليلة الجن التي يشير إليها النبي ﷺ، كانت قبل الهجرة، وذلك كان بوادي نخلة حيث بات النبي ﷺ، وهو في طريق عودته من الطائف إلى مكة، بعد أن عرض دعوته على ثقيف بالطائف، فردوه، ولم يقبلوا منه.[11]
وفي تاريخ نزولها، قيل: نزلت سورة (الرحمن) بعد سورة (الرعد)، ونزلت سورة (الرعد)، فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك، فيكون نزول سورة (الرحمن) في ذلك التاريخ أيضا.[12]
وسورة الرحمن من أول السور نزولاً،[13] وقد أخرج أحمد في مسنده، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «سمعت رسول الله ﷺ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يسمعون يقرأ:﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣﴾ [الرحمن:13]،[8] وهذا دليل على أنها من أول السور نزولاً.[14]
وعدد آياتها (ثمان وسبعون آية) في عدّ الكوفة والشام، وسبع في الحجاز، وست في البصرة. وكلماتها (ثلاثمائة وإِحدى وخمسون كلمة)، وحروفها (أَلف وثلاثمائة وستّ وثلاثون حرفاً).[15]
وأما ترتيب سورة (الرحمن) في القرآن، فقد جاء ترتيبها من حيث النزول بعد سورة الرعد، وأما في المصحف الشريف ففي المرتبة الخامسة والخمسون، بعد سورة القمر، وقبل سورة الواقعة،[15] وسر مجيئها بعد سورة (القمر)، فهو لمَّا قال سبحانه وتعالى في آخر القمر:﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ٤٦﴾ [القمر:46]، ثم وصف حال المجرمين في سقر، وحال المتقين في جنات ونهر، فصَّل هذا الإجمال في هذه السورة أتم تفصيل، على الترتيب الوارد في الإجمال، وعرف بذلك أن هذه السورة بأسرها شرح لآخر السورة التي قبلها.[16]
سُميت بـ: (سورة الرحمن)، لافتتاحها باسم من أسماء الله الحسنى (الرحمن)، وهو اسم مبالغة من الرحمة،[4] وفي تفسير القرطبي، أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي ﷺ: «اتل علي ما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة الرحمن، فقال: أعدها، فأعادها ثلاثاً، فقال: إن له لحلاوة»، وكذلك سميت في كتب السنة وفي المصاحف.[15]
وقال عبد الكريم الخطيب: وقد سميت السورة سورة «الرحمن»، وكل آية من آياتها رحمة راحمة، ونعمة سابغة، حتى تلك الآيات التي تحمل العذاب إلى الكافرين والضالين فإنهم- مع هذا العذاب الذي هم فيه واقعون تحت رحمة الله، ولولا هذه الرحمة لتضاعف لهم هذا العذاب أضعافا كثيرة، لا تنتهي.[11]
وسُميت بـ: عروس القرآن، لما فيها من جميل اللفظ وموسيقية الإيقاع،[4] وذكر في الإتقان: أنها تسمى (عروس القرآن)، وقال الصابوني: تسمى سورة الرحمن (عروس القرآن)، لما ورد: «لكل شيء عروس، وعروس القرآن سورة الرحمن»،[17] وتأتي معانيها من جميع الوجوه، فإن هذه السورة الكاملة، شاملة لتعدد النعم الدنيوية والأخروية، طروها بطراو اسم (الرحمن) الذي هو اسم الذات المشتمل على جميع الأسماء والصفات، ليسند إليه كل النعم.[4]
يرى بعض أهل العلم أنها نزلت جواباً، لتجاهل الكافرين اسم الله (الرحمن).[7]
وقيل هو قول المشركين المحكي عنهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ٦٠﴾ [الفرقان:60]، فتكون تسميتها باعتبار إضافة سورة إلى الرحمن على معنى إثبات وصف الرحمن، فردَّ الله على المشركين بأن الرحمن، هو الذي علَّم النبي محمد ﷺ القرآن، وهي من أول السور نزولاً، وقيل أيضاً: هو قول المشركين في النبي ﷺ:﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣﴾ [النحل:3]، أي يعلمه القرآن؛ وكان ذكر الذي يُعلِّم النبي ﷺ القرآن أقوى من الاهتمام بالتعليم.[8]
لا شك أن لكل سورة من سور القرآن ميزات وخصائص وصفات تختص بها عن غيرها من السور، ومن هذه السور سورة (الرحمن)، فلها مميزات وخصائص كثيرة، ومنها ما يلي:
ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد الله قال: «خرج رسول الله ﷺ على أصحابه فقرأ سورة الرحمن، من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال: لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم ...».[22]
وعن جابر بن عبد الله ، قال: لما قرأ رسول الله ﷺ سورة الرحمن على أصحابه حتى فرغ قال:«ما لي أراكم سكوتاً، للجن كانوا أحسن منكم رداً، ما قرأت عليهم من مرة، ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣﴾ [الرحمن:13]، إلا قالوا: ولا بشيء من نعمتك ربنا».[23]
وروى هشام بن عروة عن أبيه قال: أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله ﷺ عبد الله ابن مسعود، «وذلك أن أصحاب رسول الله اجتمعوا فقالوا: ما سمعت قريش القرآن يجهر به، فمن رجل يسمعهم؟ فقال ابن مسعود: أنا، فقالوا: إنا نخشى عليك منهم، وإنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه، فقال: دعوني فإن الله سيمنعني، ثم قام عند المقام فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن علم القرآن، رافعا بها صوته، وقريش في أنديتها فتأملوا وقالوا: ما يقول ابن أم عبد؟ ثم قاموا إليه فجعلوا يضربونه وهو يقرأ حتى يبلغ منها ما شاء، ثم انصرف إلى أصحابه، وقد أثروا في وجهه، فقالوا: هذا الذي خشينا عليك».[24]
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله ﷺ: «ومن قرأ سورة الرحمن رحم الله ضعفه وأدى شكر ما أنعم الله عليه».[25][26]
بين سورة (الرحمن)، والسورة التي قبلها (القمر) أكثر من مناسبة، ومنها:
قوله تعالى: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ١٢﴾ [الرحمن:12] قرأ ابن عامر (والحبّ) بفتح الباء، ذا العصف بألف بدل الواو، والرّيحان بفتح النون نصباً في الثلاثة، الباقون بالرفع فيهن، إلّا حمزة والكسائيّ وخلف، في (والرّيحان)، فإنهم قرأوه بالجر.[32]
وقوله تعالى:﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ٢٢﴾ [الرحمن:22] {يَخْرُجُ مِنْهُمَا}: قرأ نافع والبصري بضم الياء وفتح الراء، والباقون بفتح الياء وضم الراء، و{اللُّؤْلُؤُ}، قرأ السوسي وشعبة بإبدال الهمزة الأولى واواً، والباقون بالهمزة، وقوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ٢٤﴾ [الرحمن:24] {الْمُنْشَآتُ}: قرأ حمزة وشعبة بخلف عنه بكسر الشين والباقون بفتح الشين، وهو الطريق الثاني لشعبة. وقوله تعالى:﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ٢٩﴾ [الرحمن:29] {في شَأْنٍ}: قرأ السوسي بإبدال الهمز، والباقون بالهمز، وقوله تعالى:﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ٣١﴾ [الرحمن:31] {سَنَفْرُغُ}: قرأ الأخوان بالياء التحتية المفتوحة بعد السين، والباقون بنون العظمة.[33]
وقوله تعالى: {الْمُنْشَآتُ}: قرأ حمزة وأبو بكر بكسر الشين، والباقون بالفتح. وقوله تعالى: {وَالْإِكْرامِ}: قرأ ابن ذكوان بالإمالة، وورش على أصله في ترقيق الراء، وقوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ٣١﴾ [الرحمن:31] قرأ حمزة والكسائي بعد السين بالياء التحتية، والباقون بالنون.[34]
وقوله تعالى: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ ٣٥﴾ [الرحمن:35] {شُواظٌ}: قرأ المكي بكسر الشين، والباقون بالضم لغتان، وقوله: {ونُحاسٌ}: قرأ وأبو عمرو البصري بجر السين عطفا على نار، والباقون بالرفع عطفا على شواظ، فصار نافع وابن عامر الشامي، والكوفيون بضم الشين ورفع السين، وابن كثير المكي بكسرهما، والبصري بضم الأول وكسر الثاني، وقوله تعالى: {جَانٌّ}: كله مده لازم، لأن سببه الساكن المدغم وهم فيه سواء، وظاهر كلامهم أنه لا فرق في هذا المد بين الوصل والوقف، وقال المحقق: ولو قيل بزيادة في الوقف على قدره في الوصل لم يكن بعيداً لاجتماع ثلاث سواكن والله أعلم.[34]
وقوله تعالى: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ٥٦﴾ [الرحمن:56] {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}: قرأ ابو عمر عن الكسائي في الأول بضم الميم، وأبو الحارث الليث عنه في الثاني كذلك، والذي نص عليه أبو الحارث كرواية الدوري والباقون بكسر الميم فيهما.[35]
وقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ٧٨﴾ [الرحمن:78] { ذُو الْجَلالِ}: قرأ ابن عامر (ذو الجلال) بواو، بدل الياء رفعاً، كما هي في مصحف أهل الشام،[32] والباقون (ذي) بالياء خفضاً.[34]
رنة الإعلان تتجلى في بناء السورة كله، وفي إيقاع فواصلها تتجلى في إطلاق الصوت إلى أعلى، وامتداد التصويت إلى بعيد، كما تتجلى في المطلع الموقظ الذي يستثير الترقب والانتظار لما يأتي بعد المطلع من أخبار الرحمن كلمة واحدة، مبتدأ مفرد الرحمن كلمة واحدة في معناها الرحمة، وفي رنتها الإعلان، والسورة بعد ذلك بيان للمسات الرحمة ومعرض لآلاء الرحمن.
فسورة الرحمن تحتوي على (78 آية)، حيث من الآية الأولى إلى الآية السادسة والثلاثين تصور نعم الدنيا، ومن الآية السابعة والثلاثين إلى آخر السورة تصور نعم الآخرة.[36]
في قوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ٤﴾ [الرحمن:4]: و(الْبَيانَ): في اللغة: المنطق الفصيح المعرب عمّا في الضمير، وفي الاصطلاح أحد فنون البلاغة الثلاثة وهو يبحث في التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية وقد تقدمت أمثلتها في هذا الكتاب.[37]
في قوله تعالى:﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣﴾ [الرحمن:13]، ومن وظائف هذا التكرار للآية، هو استخراج الشكر الذي عبادة الله وتقواه، والاستخراج يكون من خلال تأكيد المعنى في التذكير بالنعمة،[38] والسر في تكرير الآية عقب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه، وبعد آيات فيها ذكر النار وشدائدها، لأن من جملة الآلاء رفع البلاء، وتأخير العقاب، والتقرير بالنعم المعدودة، والتأكيد في التذكير بها كلها، ولأن من علامات العاطفة المحتدمة هذا التكرير.[37]
وفي قوله تعالى:﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ٥ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ٦﴾ [الرحمن:5–6]، فن التوهيم، وهو عبارة عن إتيان المتكلم بكلمة يوهم باقي الكلام قبلها أو بعدها أن المتكلم أراد اشتراك لغتها بأخرى أو أراد تصحيفها أو تحريفها أو اختلاف إعرابها أو اختلاف معناها أو وجها من وجوه الاختلاف والأمر بضد ذلك، فإن ذكر الشمس والقمر يوهم السامع أن النجم أحد نجوم السماء وإنما المراد النبت الذي لا ساق له.[37]
وفي قوله تعالى: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ [الرحمن:56]، والمعنى فيهنّ عفيفات قد قصرت عفّتهنّ طرفهن على بعولتهنّ، وعدل عن المعنى الخاص إلى لفظ الإرداف لأن كلّ من عفّ غضّ الطرف عن الطموح، فقد يمتد نظر الإنسان إلى شيء وتشتهيه نفسه ويعفّ عنه مع القدرة عليه لأمر آخر، وقصر طرف المرأة على بعلها أو قصر طرفها حياء وخفرا أو قصر عيني من ينظر إليهنّ عن النظر إلى غيرهنّ أمر زائد على العفّة لأن من لا يطمح طرفها لغير بعلها أو لا يطمح حياء وخفرا فإنها ضرورة تكون عفيفة، فكل قاصرة الطرف عفيفة وليست كل عفيفة قاصرة الطرف فلذلك عدل عن اللفظ الخاص إلى لفظ الإرداف.[37]
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)