علم الاقتصاد التطوري هو جزء من الاقتصاد السائد[1] ومدرسة اقتصاد بدعية للفكر الاقتصادي، مستوحاة من علم الأحياء التطوري. يشدّد على الترابطات المعقدة والمنافسة والتطور والتغيير الهيكلي والقيود على الموارد، لكنه يختلف عن الاقتصاد السائد في الأساليب المستخدمة لتحليل هذه الظواهر[2]
يعالج علم الاقتصاد التطوري دراسة العمليات التي تغير اقتصاد الشركات والمؤسسات والصناعات والعمالة والإنتاج -التجارة والنمو الداخلي- من خلال أنشطة عوامل متنوعة من الخبرة والتفاعلات وذلك باستخدام المنهجية التطورية. يُحلل علم الاقتصاد التطوري إطلاق العنان لعملية الابتكار المؤسساتي والتكنولوجي من خلال توليد واختبار مجموعة متنوعة من الأفكار التي تُراكم وتكشف عن قيم بقائيّة أكثر للنفقات الملتزَم بها من البدائل المنافِسة. تشير الأدلة إلى إمكانية أن تكون قابلية التكيف هي التي تحدد كفاءة الاقتصاد. يبدأ التفكير الاقتصادي السائد بافتراضات النّدرة وعوامل المنطقية (أي العوامل المُشكَّلة من أجل رفع مصلحة الفرد إلى أقصى حد)، مع اعتماد نظرية الاختيار العقلاني لأيّ عامل باعتبار ذلك تمرين بسيط في الاستمثال الرياضي. تجدّد الاهتمام بمعاملة النظم الاقتصادية كنظم تطورية في مجال علم الاقتصاد التعقيدي.
لا ينظر علم الاقتصاد التطوري إلى الأشياء المختارة أو صانعي القرار على أنها ثابتة. بدلًا من ذلك، يركز على العمليات غير المتوازنة التي تغير الاقتصاد من داخله وتداعياتها. تنبثق العمليات بدورها من تأثيرات العوامل المتنوعة ذات العقلانية المحدودة التي من الممكن أن تكتسب معرفة وتساهم اختلافاتها في إحداث التغيير. يرتكز الموضوع مؤخرًا إلى نظرية الألعاب التطورية[3] وإلى المنهجية التطورية لتشارلز داروين ومبدأ الاقتصادات غير المتوازنة للسببية الدائرية والتراكمية. يعتبر ذلك طبيعيًا في تغيير الأفكار السابقة عن التغيير الاقتصادي مثل الغائية أو تحسين ظروف الإنسان.[4]
يوجد نهج مختلف وهو تطبيق مبادئ علم النفس التطوري على الاقتصاد، والذي يُقال بأنها تُفسر مشاكل مثل التناقضات والتحيزات في نظرية الاختيار العقلاني. يمكن رؤية المفاهيم الاقتصادية الأساسية مثل المنفعة بشكل أفضل بسبب التفضيلات التي أدت إلى زيادة الكفاءة التطورية في بيئة الأسلاف لكن ليس بالضرورة حاليًا.[5]
في منتصف القرن التاسع عشر، قدّم كارل ماركس مخططًا لمراحل التطور التاريخي، من خلال الحديث عن فكرة أن الطبيعة البشرية لم تكن ثابتة ولم تكن جازمة بما يتعلق بطبيعة النظام الاجتماعي، على النقيض من ذلك، جعل فكرة أن السلوك البشري تابع للنظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يحدث فيه مبدأً أساسيًا. استند ماركس في نظريته عن التطور الاقتصادي على فرضية تطور النظم الاقتصادية، بشكل خاص على أن نهج النظم الاقتصادية الأعلى تاريخيًا سيحل محل النظم الدنيا منها. كانت النظم الدنيا تعاني من تناقضات داخلية ومواطن ضعف تجعل نجاحها مستحيلًا على المدى الطويل. استُبدلت الإقطاعية بالرأسمالية في مخطط ماركس، وحلت الاشتراكية محلها في النهاية.[6]
في الوقت نفسه تقريبًا، طوّر تشارلز داروين بنية عامة لفهم أيّ عملية ستتراكم وتطغى من خلالها المتغيرات العشوائية والصغيرة مع مرور الوقت لتصبح تغيرات كبيرة تسبب ظهور صيغ جديدة كليًا.
تَبع ذلك مباشرة أعمال للفلاسفة البراغماتيين الأمريكيين (بيرس، وجيمس، ودواي) وتأسيس لفرعين جديدين هما الفلسفة ووصف الأعراف البشرية. كل منهما موجّه إلى فهرسة وتطوير بنى توضيحية لتنوع النماذج السلوكية -الفردية منها والجماعية- التي كانت تصبح أكثر وضوحًا بالنسبة لجميع مراقبي الأنظمة. تطابقت حالة العالم مع حالة الأدلة لتجعل تطوير بنى أكثر «حداثة» أمرًا حتميًا من أجل تحليل المشاكل الاقتصادية الأساسية.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة=
(مساعدة)