علي محمد الشيرازي | |
---|---|
(بالفارسية: باب)، والْبَاب | |
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | (بالفارسية: عَلی مُحَمَّد شیرَازی) |
الميلاد | 20 أكتوبر 1819 [1][2] شيراز[3] |
الوفاة | 9 يوليو 1850 (30 سنة)
[1][4][2] تبريز |
سبب الوفاة | إصابة بعيار ناري |
مكان الدفن | ضريح الباب |
مواطنة | الدولة القاجارية إيران |
الديانة | بابية[3] |
الحياة العملية | |
المهنة | موظف ديني [3]، وداعية، ومظاهر الظهور الإلهي، وتاجر |
تعديل مصدري - تعديل |
هذه المقالة مكتوبة من وجهة نظر مُعجَب أو مُشجِّع، وهي لا تعرِض وجهة نظر محايدة. |
شخصیات مهمة | |
الباب | |
كتب | |
كتاب البيان العربي · كتاب البيان الفارسي | |
طقوس واماكن ومقدسة | |
تاریخ وتقويم | |
انظر أيضا | |
|
علي محمد الشيرازي الملقب بـ الباب (20 تشرين الأول، 1819 – 9 تموز، 1850)[5][6]، مؤسس البابية، ظهر في القرن التاسع عشر.[7] أحصى أتباعًا عديدةً خلال السنوات الست من رسالته – وهو في عمرٍ يناهز 25 إلى 31 عامًا - من مختلف الطبقات والأعراق ونقابات الشرق.[8][9] أطلق على نفسه اسم المهدي الموعود، النبي الجديد والمبشر لدينٍ عالميٍ سيظهر من بعده بواسطة «من يُظهره الله»،[10] والذي ذكره مرارًا وتكرارًا في أعماله وكتاباته وأشار إلى ظهوره قريبًا.[11][12] من أهم ما قام به الباب في دورته القصيرة هو الإعلان عن بداية دورٍ جديدٍ للبشرية وتكامل الظهور التدريجي للرسالة الإلهية واستمراريتها، والنهوض بدور المرأة، والاهتمام بالتربية والتعليم. بعد أن ذاع صيته وازداد عدد أتباعه، قامت حكومة القاجار بترحيل الباب إلى أبعد مناطق إيران في أذربيجان، وحرض رجال الدين على اضطهاد وتعذيب وقتل أتباع الباب في جميع أنحاء إيران.[13] وأخيرًا، بعد ست سنواتٍ من بدء النهضة البابية، وفي سن 31، تم إعدام الباب رميًا بالرصاص مع أحد أتباعه في مدينة تبريز.[13][13][14] بعد أكثر من عقدٍ بقليلٍ من إعدام الباب، وقتل العديد من البابيين في إيران، آمن الغالبية العظمى من أتباعه بـ بهاء الله كما وعد به الباب بأنه «من يُظهره الله» وأصبحوا بهائيين. بهاء الله هو رسول وشارع ومؤسس الدين البهائي.[15]
ولد علي محمد (بالفارسية: علیمحمد) في مدينة شيراز في العشرين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1819م الموافق ليوم أوّل محرّم سنة 1235 هجريّة،[16] من عائلةٍ معروفةٍ من التجار من الطبقة المتوسطة. كان والده السيد محمد رضا الشيرازي ووالدته فاطمة بگم (1800م–1881م)، وكان والدها أحد تجار شيراز المشهورين. توفي والده وهو طفلٌ صغيرٌ وتولّى أحد أخواله (الحاج ميرزا سيّد علي) رعايته وتربيته.[16] وفي أثناء طفولته ذهب ولمدّةٍ قصيرةٍ إلى كتًاب (مدرسة) الشّيخ محمد المعروف أيضًا بالشيخ عابد وتعلّم لديه مبادئ الدين والقراءة والكتابة باللغة الفارسيّة. وكان في طفولته يقضي أوقاتًا طويلةً في الدعاء والتأمل. ولمّا بلغ سنّ الخامسة عشرة، اشتغل بالتّجارة أوّلاً مع وليّ أمره، ثمّ بعد ذلك مع خالٍ آخر له في مدينة بوشهر.[16]
في 1842م تزوج من خديجة بيكم (1822م–1882م) وكان عمره وقت ذلك 23 سنة وعمرها 20، وكانت بنت أحد تجار شيراز ومن أقربائه البعيدين. ولد لهما صبيٌ (أحمد) توفي في نفس سنة ولادته (1843).
في ليلة 5 جمادى الأولى في سنة 1260 هجرية (23 مايو- أيار 1844م ميلادية) أعلن علي محمد وهو شابٌ في الخامسة والعشرين من عمره بأنه جاء طبقًا للنبؤات والوعود السابقة، وبأن مهمته هي تمهيد الطريق والتبشير بمجيء من سماه بــ (منْ يُظْهِرُهُ الله) الذي سيكون مربي العالم في هذا الزمن.[17] وحصل ذلك عندما أعلن لضيفه تلك الليلة، الملا حسين بشروئي، والذي كان من فرقة الشيخية ومن تلاميذ الشيخ أحمد الأحسائي ومن بعده السيد كاضم الرشتي، بأنه الموعود الذي كانا قد بشرا بوشوك قدومه، وبأن كل العلامات التي وصفاه بها تنطبق عليه.[16] وبعد إجابة أسئلة الملا حسين وتقديم البراهين التي طلبها (ومن ضمنها – من دون أن يُطلَب منه- تفسير مسهب لسورة يوسف عرف بعدها بكتاب «قيوم الأسماء»)، آمن به الملا حسين، واتّخذ علي محمد لنفسه لقب «الباب»[16] في خطابه له:
يا من هو أول من آمن بي حقًا إنني أنا باب الله وأنت باب الباب...
وكذلك تنبأ الباب في تلك الليلة الأولى بالمصاعب والأذى الذي كان لابدّ أن يلحقه نتيجة هذا الادعاء، وأعرب عن رضائه وتقبّله لذلك في مخاطبته لمن كان سيأتي بعده (منْ يُظْهِرُهُ الله):
يا بَقِيَّةَ اللّهِ قَدْ فَدَيتُ بِكُلّي لَكَ وَ رَضَيتُ السَّبَ في سَبيلِكَ وَ ما تَمَنَّيْتُ اِلّا اَلْقَتْلَ في مَحَبَّتِكَ وَ كَفي بِاللّهِ الْعَلِيِّ مُعْتَصِماً قَديماً
وطلب من الملا حسين أن لا يجهر ما حصل تلك الليلة إلى أن يؤمن به سبعة عشر شخصًا آخرون، بعد أن يجدوه بأنفسهم وبدون مساعدة الملا حسين.[16]
حصل ذلك في بيت الباب في مدينة شيراز في بلاد فارس ومن بعدها كان ذلك البيت مزارًا للبهائيين، حتى تهديمه بعد الثورة الإسلامية في إيران.
عُرف تلاميذ الباب الثّمانية عشر الأولين بـ «حروف الحي»[ا] وهؤلاء هم الذّين أرسلهم الباب إلى جهاتٍ مختلفة من إيران والعراق وتركستان وصولاً إلى الهند لنشر خبر ظهوره، وكانت من ضمنهم امرأة باسم فاطمة زرين تاج البرغاني، والتي عُرفت فيما بعد بلقب الطاهرة.[18][19] وسافر بنفسه في نفس الوقت للحج إلى مكّة والمدينة، فوصل مكة في ديسمبر (كانون الأول) سنة 1844م، وفيها أعلن بعثته جهارًا لشريفها وبعض طائفي الكعبة من الحجاج دون أن يجد بينهم من سامعٍ.[20]
أثارت سرعة انتشار الدين البابي مخاوف الحكومة الإيرانية والسلطات الدينية واعتبروه تحديًا لأساس النظام الديني وتهديدًا لأصول الإسلام فأمر الملك محمد شاه بإرسال الباب إلى العاصمة طهران تحت الحراسة للإستعلام عن طبيعة دعوته، ولكن رئيس الوزراء (الحاج ميرزا آقاسي) خشي أن يقع الشاه تحت تأثير الباب مثلما حصل ليحيى الدارابي مندوب الشاه الذي آمن بالباب بعد أن أرسله الشاه للتحقيق معه، فأمر رئيس الوزراء بأن ينقل الباب تحت الحراسة المشددة إلى قلعة ماه كو الواقعة في منطقة أذربيجان الشمالية على حدود روسيا، ظنًا منه بأنَّ سكان تلك المنطقة، وهم من الأكراد السنة، سوف لن يتجاوبوا أو يقبلوا دعوة الباب.[7] وبرّر ميرزا آقاسي عمله هذا بأنَّ قدوم الباب للعاصمة قد يؤدي إلى وقوع صدامٍ بين أتباعه ورجال الدين، ولربما يتطور إلى هيجانٍ عامٍ.
لم تنجح محاولة رئيس الوزراء في إيقاف انتشار العقيدة البابية، بل زادت أعدادهم في منطقة أذربيجان، وحتى المأمورين من العاملين في السجن كانوا قد خففوا من خشونتهم في معاملة السجين وأظهروا تعاطفًا معه. وفي محاولةٍ أخيرةٍ للميرزا آقاسي لكي يحدّ من هذا الأمر الذي اعتبره تهديدًا متزايدًا له، أرسل الباب إلى قلعةٍ بعيدةٍ أخرى تدعي «چهريق» قرب حدود تركيا.[7]
وكان الباب منذ بداية دعوته، وكذلك في سنوات حبسه، منهمكًا في كتابة ما يعتبره أتباعه البابيون (ومن بعدهم البهائيون) تنزيلًا سماويًا وكتبًا مقدسةً، وجاء بشرائع وأحكام وكـتابٍ سمي بـ البيان.[21]
في الوقت الذي أعلن فيه الباب دعوته العلنية في تبريز (سنة 1848م) اجتمع حوالي 80 من البابيين مع بعض أهم قادتهم ومنهم حسين علي نوري الذي لقب بعدها بـ بهاء الله (الذي أسس الديانة البهائية فيما بعد)، في قريةٍ اسمها بدشت في شمال إيران.[22] ومن ضمن أهداف الاجتماع كان البحث في كيفية إنقاذ الباب من سجنه في قلعة چهريق ومناقشة وضع البابيين في البلاد وطبيعة عقيدتهم. وكان لذلك المؤتمر الأثر الكبير في تحديد طبيعة هذه الحركة، ويعتبر من أهم الوقائع في التاريخ البابي، حيث أدت أحداثه إلى إيضاح الفرق بين الديانة البابية والإسلام، فالبعض من البابيين كانوا قبلها قد اعتبروا دعوة الباب مجرد دعوةٍ تجديدية للدين، والبعض الآخر التبس عليهم معنى ولفظ كلمة «الباب»، فقامت أم سلمى زرين تاج «الطاهرة» بشرح وتوضيح رسالة ومهمة الباب بصورةٍ مسهبةٍ معلنةً استقلالية البابية عما سبقها. ومما يجدر بالذكر أيضًا أن الطاهرة قامت يومها بإلقاء خطبتها من دون الحجاب المألووف على الوجه، مما أدى إلى اضطرابٍ في نفوس بعض الحاضرين الذين تركوا المؤتمر بهلعٍ بما اعتبروا ذلك خرقًا لما كان متعارفٌ عليه، ولإدراكهم أن الدين البابي ليس حركةً إصلاحيةً للدين الإسلامي فحسب. بعد المؤتمر، تعرّض الكثير من الحضور إلى مهاجمة سكان تلك المنطقة، وقُتل بعضًا منهم في طريق العودة، وسُجن آخرون.
منذ بدايات الدعوة البابية تعرض أتباعها للقتل والأذى والتعذيب بتحريضٍ رجال الدين في كل أنحاء إيران، وقامت مناوشاتٌ عديدةٌ بين الحكومة والبابيين الذين قاموا للدفاع عن أنفسهم في عدة مواقع، ومنها زنجان، وقلعة الشيخ طبرسي، ونيريز، وغيرها.[13] وفي السنوات الستة الأولى قُتل أكثر من عشرين ألفٍ من أتباع الباب في إيران، إما بعد إلقاء القبض عليهم في المدن وتعذيبهم حسب أوامر الحكومة ورجال الدين، وإما بعد معارك وحصاراتٍ دامت عدة أشهرٍ في بعض الأحيان، والتي انتهت بتعهداتٍ كاذبةٍ في الأمن والأمان من الحكومة في حين سلّم البابيون أنفسهم وامتنعوا عن القتال.[13]
ورغبةً في إنهاء كل هذا، أمر ميرزا تقي خان (الأمير نظام) رئيس الوزراء الجديد في عهد ناصر الدين شاه بإرسال الباب إلى مدينة تبريز لكي يُحاكَم أمام مجموعةٍ من كبار رجال الدين هناك، وللحصول على حكمهم عليه بالإعدام. وقاموا بطرح الأسئلة عليه بخصوص طبيعة دعوته، فأجابهم فيها بترديده ثلاثة مراتٍ ما مضمونه:
إني أنا الموعود، وأنا الذي دعوتموه مدة ألف سنةٍ، وكنتم تشتاقون لقائه عند مجيئه، وتدعون الله بتعجيل ساعة ظهوره.....
وعند طلبهم منه البراهين والمعجزات أجابهم بأن دليله هو نفس دليل رسول الإسلام (أي كتابه). وتعرّض الباب للتهجم والتوبيخ والكلمات القاسية خلال التحقيق والمحاكمة، وطلبوا منه أيضًا إنكار دعوته والتراجع عنها، دون أن ينجحوا في ذلك.
و بعدها جلب مرةً ثانيةً للتحقيق، وكانت هذه المرة في بيتٍ، وكان شيخ الإسلام في تبريز الميرزا علي أصغر، وقام شيخ الإسلام بنفسه يومها بضرب الباب بالعصا على رجله (عقاب الفلقة) 11 مرةً، وقعت إحداها على وجهه ربما بقصدٍ أو دون قصدٍ، وأحدثت كدمًا كبيرًا استدعى العلاج، وطلب من أحد الأطباء الإنجليز، وهو الدكتور وليام كورمك الذي استقطن تبريز عدة سنواتٍ، أن يقوم بمعالجته. وترك الطبيب انطباعاته عن الباب في رسالةٍ منه إلى القس بنيامين لاباري من الإرسالية الأمريكية في أورومية، ترك فيها وصفًا نادرًا للباب من شخصٍ أجنبيٍ.
وفي النهاية قامت الحكومة وبإصرار الأمير نظام رئيس الوزراء بإعدام الباب، بعد أن أفتى ثلاثة من كبار علماء ومجتهدي تبريز بقتله، وكان ذلك في اليوم التاسع من تموز - يوليو سنة 1850م(28 شعبان 1266هـ) في ميدان الحكومة.[21] وأُعدِم الباب رميًا بالرصاص مع أحد أتباعه (محمد علي الزنوزي) الذي أصرّ أن يُعدم معه. وقام بتنفيذ الإعدام فرقة الضابط آقا جان خمسة، بعد أن انسحبت الفرقة الأولى من الحرس الأرمني بقيادة سام خان، والتي حاولت تنفيذ الحكم مسبقًا في ذلك اليوم دون نجاحٍ.
وبعد إعدام الباب، نُقلت رفاته ورفات رفيقه محمد علي إلى حافّة الخندق خارج المدينة، وفي اللّيلة التّالية خلًص بعض البابيّين جسديهما في منتصف اللّيل. وبعد نقلهما وإخفاء الجسدين ما يزيد عن 60 سنة في أماكن سريّةٍ عديدةٍ في إيران، جيء بهما بصعوبةٍ وتحت الخطر إلى فلسطين، ودفنا يوم 21 آذار في سنة 1909م على سفح جبل الكرمل في مدينة حيفا في مقامٍ يُسمى الآن بضريح الباب، على مقربةٍ من كهف إيليّا النّبي.
يربط البهائيون بداية تاريخهم بوقت إعلان الدعوة البابية في مدينة شيراز، إيران سنة 1844م (1260 هـ). كانت البابية قد تأسست على يد علي-محمد بن محمد-رضا الشيرازي الذي أعلن أنه الباب لـ «مَن يُظهِرُه الله»، وأنه هو المهدي المنتظر.[10] وكان قد سبق ذلك فترةً قصيرةً نمت فيها حركاتٌ كانت تترقب مجيء الموعود الذي بشرت به الكتب السماوية وأحاديث الأنبياء. وكانت المدرسة الشيخية التي أسسها أحمد بن زين الدين الأحسائي إحدى تلك المدراس الفكرية التي أكّدت على وشك قدوم الموعود المنتظر.[16] وجديرٌ بالذكر أن أول من آمن بالباب، وهو الملا حسين بشروئي، قد درس عند أحمد الأحسائي، ثم عند كاظم الرشتي اللذان يعدان من أبرز رموز الشيخية.[16]
وقد آمن بالباب بعد إيمان الملا حسين بشروئي أشخاصٌ آخرون بلغ عددهم 17 شخصًا، من ضمنهم امرأةً واحدةً تُعرف بالطاهرة، أو قرة العين. ومُنح هؤلاء الثمانية عشر شخصًا لقب «حروف الحي».[16] ومن ضمن الذين أيّدوا دعوة الباب وكان لهم تأثيرٌ بالغٌ في تطورها هو حسين علي النوري الذي عُرف فيما بعد باسم بهاء الله، ونتيجةً لذلك فان هناك ارتباطٌ تاريخيٌ بين البهائية والبابية.[8]
وبعد أن شاع أمر البابية، قامت السلطات الإيرانية، بإيعازٍ من رجال الدين، بتعذيب البابيين والقبض على الباب سنة 1847م وإيداعه السجن. وكانت إيران محكومةً انذاك من قبل أسرة القاجار التركمانية. وظل أتباع الباب رغم حبسه يترددون عليه في السجن، وأخذوا يُظهرون إيمانهم به وبرسالته على عامة الناس. وازداد عدد أتباع الباب رغم حبسه وذلك نتيجةً لجهود أتباعه وقياداتهم.[10] وأدى ذلك إلى ازدياد وطأة تعذيب البابيين، الذي دوّن تفاصيله العديد من المؤرخين الشرقيين والغربيين. وفي نهاية المطاف أُعدم الباب في مدينة تبريز سنة 1850م رميًا بالرصاص أمام العامة.[14][23]
واستمرت الحكومة الإيرانية آنذاك بعملية القمع ضد البابين وقياداتهم ومن ضمنهم بهاء الله، حيث حبست بهاء الله في طهران مدة أربعة أشهرٍ، وبعد ذلك نفته وأتباعه إلى العراق.[24] وأقام بهاء الله في العراق عدة سنواتٍ قام خلالها بتدبير شؤون البابين ولمّ شملهم.[25] وتشير المصادر البهائية أن بهاء الله أعلن دعوته للعديد من أتباعه في حديقة الرضوان في بغداد قبل نفيه منها عام 1863م.[26] وبتحريضٍ من الحكومة الإيرانية، نفت الحكومة العثمانية بهاء الله إلى إسطنبول، ثم إلى أدرنة، التابعتين للأراضي العثمانية آنذاك.[27]
تثبت الوقائع التاريخية أنه في عام 1868تم نقل بهاء الله وأتباعه إلى سجن قلعة عكا المشهور، الواقعة في فلسطين آنذاك،[28] حيث تعرّضوا فيها إلى شتى أنواع العذاب والحرمان. واستمر بهاء الله بالإعلان أنه الموعود المنتظر. بالإضافة إلى كتاباته العديدة في تلك الفترة ومن أهمها «الكتاب الأقدس»، أرسل بهاء الله العديد من الرسائل لملوك الأرض وحكامها يوصيهم فيها بالحكم بالعدل، ويدعوهم لاتباع الدين الجديد وأحكامه.[28] وقد قام ابنه عباس أفندي الذي عُرف بلقب «عبد البهاء» على خدمته إلى حين وفاته في 29 مايو 1892م.[29] وبقى ابنه عباس سجينًا هناك إلى سنة 1908م، ورغم إطلاق سراحه بعد ثورة تركيا الفتاة وسقوط السلطان العثماني استمرّ في العيش في مدينة حيفا في فلسطين إلى حين وفاته في سنة 1921م.[30]
استمرت هذه الاضطهادات التي يحركها رجال الدين وتدعمها الحكومات الإيرانية لتشمل مؤسس، وأعلام، وأتباع الدين البهائي. وفي العصر الحالي، لا يزال هذا الاضطهاد مستمرًا في عددٍ من بلدان العالم الإسلامي وخصوصًا في إيران؛ حيث وضع الدستور الإيراني الذي تم صياغته خلال الثورة الدستورية الإيرانية في عام 1906م الأساس للاضطهاد المؤسسي للبهائيين.[31] حُكم على أكثر من 200 بهائي بالإعدام منذ بداية الثورة الإسلامية في عام 1979م، وسُجن الكثير منهم في معتقلاتها بعد أن رفضوا إنكار عقيدتهم عندما خُيّروا بين ذلك وبين إطلاق سراحهم. كما تم الاستيلاءعلى العديد من المقابر البهائية وأماكن العبادة والأماكن المقدسة وتدميرها، ولم يعد بإمكان البهائيين الاحتفاظ بمراكزهم ووظائفهم الحكومية، ولا يُسمح لهم بدخول الجامعات، وحتى أنه لا يعترف بشرعية زواجهم أو وثائق التسجيل والولادة وغيرها.[32]
من التعاليم الأساسية للباب هي استمرارية تتابع الأديان وتطورها تدريجياً على مر الزمان [33] من خلال رسله الذين تتجلى عليهم الكمالات الإلهية تدريجيًا في كل دينٍ يأتي. أي أن مع تقدم البشرية عبر العصور، يُرسِل الله تعاليم جديدة؛ مواكبة بذلك، ذلك العصر؛ فتكون التعاليم الإلهية دائمة التقدم وأكثر شمولاً.[34] فظهور كل دينٍ يكون استجابةً لاحتياجات الإنسانية، ومتزامنًا مع تقبّل البشرية لذلك الدين. فكل دينٍ – مقارنةً بما سبقه من أديان - أكثر تقدمًا، لكن كمال تعاليمه الكامنة يتحقق من خلال ظهور الدين التالي؛[35] فعلى سبيل المثال، المسيحية هي كمال اليهودية، والإسلام هو كمال الديانات التي سبقته. ووفقًا لهذا المنطق، فدين الله واحدٌ بتعاقب الأديان كحلقاتٍ في سلسلةٍ متصلةٍ إلى أبد الآبدين، ولا وجود لمفهوم خاتِم أو آخِر الأديان.[34] علاوة على ذلك، كتب الباب أن الأديان تأتي تِتْرًا في كل كورٍ إلهي (دورة)، وتتعاقب كفصول السنة، لتجديد «الدين النقي» للبشرية.[36] ومفهوم تتابع الأديان وتعاقبها هذا يُنبؤ بنزول الوحي الإلهي برسالاتٍ سماويةٍ مُرْتَقَبةٍ ومُقْبِلةٍ لاحقًا بعد الباب.[36] وبشكلٍ أكثر تحديدًا، يذكر الباب أن ثمر دينه يجب أن يكون الاعتراف والإيمان بالمجيء الثاني، شخصيةٌ أعظم منه تظهر بعده والتي أشار إليها بـ «من يُظْهِره الله».[37]
يشير الباب مرارًا وتكرارًا في كتاباته إلى حلول اليوم المنتظر بظهور المجيء الثاني وأشار إليه بـ «من يُظْهِره الله».[16][38] ويصف هذا المجيء بأنه أصل كل الصفات الإلهية، ويذكر أن أمره هو أمر الله.[39] كما يصف الباب مجيء من يُظْهره الله، قائلاً: «إنّك لو تلوت آيةً واحدةً من آيات من يظهره الله لكان ذلك أفضل من أن تحفظ البيان كلّه عن ظهر قلبٍ، لأنّ تلك الآية الواحدة تنجيك في ذلك اليوم، ولكنّ البيان كلّه لن ينجيك». «البيان اليوم في مقام النّطفة وآخر كمالٍ للبيان عند أوّل ظهور من يظهره الله». «مجد البيان وجلاله مستمدٌّ ممّن يظهره الله».[40]
إن جوهر دعوة الباب والغرض منها، كما أكّد الباب بذاته دائمًا، هو إعداد الناس لمجيء هذا الموعود.[16][38][41] فقد طلب من أتباعه تحري الحقيقة تحريًا مستقلاً والبحث عن الموعود، والتعرف عليه من واقع أعماله وسماته الجوهرية، دون التقيّد بالموروثات والتقاليد.[38] بل حذّرهم من ألّا يخسروا ملكوت الله بحرمان أنفسهم من نعمة الإيمان بالموعود؛ وألا ينقلبوا على أعقابهم ويسلكوا مسلك السابقين حين عارض أتباع الديانات السابقة في كل عصرٍ رسل الله وجادلوهم بالآيات المتشابهات.[38] تحدث الباب عن اقتراب مجيء الموعود وأشار إلى وقت قدومه في سنة التسع والتاسعة عشرة.[42] فقد قال الباب: «راقبوا من مبدأ الظّهور إلى عدد الواحد (19)».[40] بل إنّه قرّر ذلك في وضوحٍ أكثر حين قال: «يظهر مالك يوم الدّين في نهاية الواحد (19) وابتداء الثّمانين (1280 هـ)».[40] ومن شدّة لهفه على ألاّ يصدّ النّاس عن الموعود اقتراب الظّهور الموعود بسرعةٍ قال: «لو ظهر في هذه اللّحظة لكنت أوّل العابدين وأوّل السّاجدين».[40] ففي عام 1863م، بعد تسعة عشر عامًا من إعلان الباب عن دعوته؛ أعلن بهاء الله برفقة المؤمنين الأوائل من رفقائه في العراق، وفي وقتٍ لاحقٍ في عام 1866م في أدرنة، وبطريقةٍ أكثر انتشارًا؛ أعلن عن دعوته وأنه الموعود الذي وعد به الباب، حيث أشار إليه الباب بـ «من يُظْهِره الله».[43] عقب هذا الإعلان، قَبِل كل البابيين تقريبًا دعوته، وآمنوا بـ بهاء الله، ومنذ ذلك الحين صاروا يُعرَفون بالبهائيين.[44]
وفقًا لكتابات الباب، تكشف آثاره الكتابية عن حقائق من المفاهيم الإسلامية والآيات القرآنية؛ حقائق تختلف تمام الاختلاف عن الموروثات الثقافية والاعتقاد السائد بين المسلمين.[45] فيوضح أن معاني مثل «القيامة» و «الجنة» و «النار» لها دلالاتٌ مجازيةٌ رمزيةٌ. ووفقًا لكتابات الباب، فإن مفهوم القيامة ليس نهاية العالم، ولكن نهاية إحدى مراحل التطور البشري، أي نهاية دينٍ من الأديان وبداية الدين التالي له، [35] وأن «قيامة الأموات من القبور» تعني اليقظة الروحانية لمن ابتعدوا عن صحيح الدين.[46] ويذكر كذلك أن «يوم القيامة» يشير إلى ظهور رسولٍ أو مبعوثٍ إلهيٍ أي مظهرٍ إلهيٍ جديدٍ من مظاهر أمر الله، ويحاسب الله البشر على قبولهم وإيمانهم بهذا المظهر الإلهي أو رفضهم له.[47][48] الجنة والنار في نظر الباب ليست أماكن للتعذيب الأبدي لبعض الناس، أو مكانًا للمتعة الجسدية والجنسية للآخرين، ولكن لها معاني روحانية. فالجنة هي عرفان الله والرضا بمرضاته وذلك بالإيمان بمن يبعثه الله في ذلك الوقت والعمل بما أوتي في محكم كتابه من أجل ازدهار كمال الإنسان الروحي؛ أما النار فهي الحرمان منها.[48]
بشكلٍ عامٍ، تحرص تعاليم الباب على المساواة بين النساء والرجال؛ فالمرأة والرجل على قدم المساواة في الأحكام والفرائض التي أنزلها الباب.[49] وفي عددٍ من النصوص على وجه التحديد، خفف الباب بعض الأعباء والأحكام التي فرضتها الشريعة الإسلامية على المرأة؛ وفي ذات السياق، على سبيل المثال، أصبح الطلاق أكثر صعوبةً بفرض سنة اصطبار أي تأجيله لمدة اثني عشر شهرًا؛ ولا يُشجع على تعدد الزوجات، ويحرم زواج المتعة.[49][50] كما خفّف القيود الصارمة على التواصل الاجتماعي للمرأة، وأمر الرجال بعدم إيذاء النساء؛ فقد أمر الرجال بمعاملة النساء بأقصى درجات المحبة.[49] وفي سياقاتٍ أخرى، أعطى الباب المرأة أفضلية على الرجل؛ فهناك عقوبةٌ مثلًا على كل من يتسبب في حزن شخصٍ آخر وهو بمثابة حزن لله، لكنة يقول إن عقوبة جلب الأسى للمرأة مضاعفةٌ.[49]
ومن تعاليم الباب، بما أن الله يسمو فوق حدود الذكر والأنثى، فإن الله يتمنى «ألا يعلو الرجال أنفسهم على النساء، ولا تتعالى النساء بأنفسهن على الرجال».[51] كما أنه يشجع على تعليم النساء.[52]
تتفق معظم الروايات المعاصرة على أن أحد التأثيرات الاجتماعية الرئيسية لحركة البابيين كان تحسين وضع المرأة. وفضلاً عن ذلك، فقد أشار الباب في كتاباته إلى أن دينه سيؤدي إلى تحسين وضع المرأة من خلال الدعم الذي قدمه لإحدى حروف الحي (الحواريين) البارزة: الطاهرة قُرّة العين.[49] فقد كانت أبرز أنشطة الطاهرة متمثلةً في في الظهور كاشفةً عن وجهها بدون حجابٍ أمام أعين الحاضرين، وتبليغ دعوة الباب؛ وهذا بدوره كان نقطةً مفصليةً وفارقةً في فصل الشريعة البابية عن سابقتها الإسلامية، كما كان له عظيم الأثر في كسر جمود وقيود الموروثات الثقافية والدينية آن ذلك، والتي كانت مصحوبةً أحيانًا باحتجاجات وتذمر من بعض البابيين؛ وبرغم أن ما قامت به الطاهرة من إقدامٍ وهِمّةٍ على ما فعلته كان صادمًا ومفاجئًا للموروثات الدينية والثقافية آن ذلك، إلا أنها كانت تحظى دائمًا بقبول وإشادة الباب.[49][53]
{{استشهاد بموسوعة}}
: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)