كسرى الثاني

شاهنشاه إیران وأنیران‌
كسرى الثاني
(بالفهلوية: 𐭧𐭥𐭮𐭫𐭥𐭣𐭩)
عملة ذهبية تُصوِّر كسرى الثاني، ضُربت سنة 611
شاهنشاه الإمبراطورية الساسانية
فترة الحكم
590/591 - 628
الولاية الأولى
فترة الحكم
591
هرمز الرابع
بهرام جوبين
الولاية الثانية
فترة الحكم
591 – 25 فبراير 628
بهرام جوبين
قباد الثاني
معلومات شخصية
الميلاد ق. 570
قطسيفون، أشورستان،  الإمبراطوريَّة الساسانيَّة
الوفاة 28 فبراير 628 (57–58 سنة)
قطسيفون، أشورستان،  الإمبراطوريَّة الساسانيَّة
سبب الوفاة قطع الرأس  تعديل قيمة خاصية (P509) في ويكي بيانات
قتله مهر هرمزد  تعديل قيمة خاصية (P157) في ويكي بيانات
الإقامة إيوان المدائن  تعديل قيمة خاصية (P551) في ويكي بيانات
الديانة زرادشتي
الزوجة شيرين
مارية
كرديه  تعديل قيمة خاصية (P26) في ويكي بيانات
الأولاد انظر
الأب هرمز الرابع  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
الأم امرأة من آل اسباهبودان
أقرباء بهرام جوبين (أخو الزوجة)
رستم فرخزاد (ابن أخ من الدرجة الثانية)  تعديل قيمة خاصية (P1038) في ويكي بيانات
عائلة السلالة الساسانية  تعديل قيمة خاصية (P53) في ويكي بيانات
الحياة العملية
اللغة الأم الفهلوية  تعديل قيمة خاصية (P103) في ويكي بيانات
اللغات الفهلوية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
الخدمة العسكرية
الولاء الإمبراطورية الساسانية  تعديل قيمة خاصية (P945) في ويكي بيانات
الفرع الجيش الساساني  تعديل قيمة خاصية (P241) في ويكي بيانات
المعارك والحروب الحرب البيزنطية الساسانية 572–591،  والحرب الأهلية الساسانية 589–591،  والحرب الساسانية البيزنطية 602-628،  والحرب الفارسية التركية الثالثة  تعديل قيمة خاصية (P607) في ويكي بيانات

كِسْرى الثاني (590 - 628) (ويعرف باسم خُسرو الثاني أو خِسرو بَرْويز؛ بالفهلوية: 𐭧𐭥𐭮𐭫𐭥𐭣𐭩) هو آخرُ ملوكِ الإمبراطورية الساسانية في إيران وأعظمُهم كما يعُدُّه المؤرِّخونَ. حَكَم بين عامي (590 - 628) باستثناء عامٍ واحدٍ لم يكنْ فيه ملكاً.[1]

كان كِسرى الثاني ابن هرمز الرابع (حَكَم 579-590) وحفيدَ كِسرى الأول (حَكَم 531-579). وهو آخرُ ملوكِ الإمبراطورية الساسانية الذين حكموا لفترة طويلة قَبل الفتح الإسلامي لبلاد فارس الذي بدأ بعد خمسِ سنواتٍ تقريباً من إعدامه. فَقَد عرشَه، ثم استعادهُ بمساعدة الإمبراطور البيزنطي موريكيوس، وبعدَ عقدٍ من الزمان أرادَ أنْ يُعيدَ أمجادَ الأخمينيين، فقام باحتلالِ المقاطعاتِ البيزنطية الغنيةِ في الشرْق. قضى الكثير من فترة حُكْمه في حروبٍ مع الإمبراطورية البيزنطية، وكان مكافحاً لمن أسماهم مُغتصبي السلطة أمثال قائد الجيش بهرام جوبين وخالُهُ فيستهم.[1]

توغَّلَ كِسرى الثاني بعيداً في أقصى الشرق، فاحتلَّ الشام سنة 614، ثم استولى على القدس حيثُ وَجَد صليب الصلبوت الذي صُلبَ عليه يسوع وفقاً للمعتقدات المسيحية ونَقَله على إحدى العربات، وفي عام 616 استولى على الإسكندرية. لم يُهزم كِسرى الثاني نهائياً إلا حوالي سنة 628 عندما واجه الإمبراطور البيزنطي هرقل في معركة نينوى.[1]

بعد أنْ ثارَ البيزنطيون على مَلِكِهِم موريكيوس وقتلوه، بدأ كِسرى الثاني حرباً عام 602 ضد البيزنطيين. استولتْ قواتُه على الكثيرِ من أراضي الإمبراطورية البيزنطية مما أكسَبه لقبَ (المُنْتَصِر). لمْ ينجحْ في حصارِ العاصمة البيزنطية القسطنطينية عام 626، وبدأَ هرقل (الذي تحالف مع الأتراك) هجوماً مضاداً محفوفاً بالمخاطرِ في قلبِ بلاد فارس بدعم من العائلات الإقطاعية للإمبراطورية.

خُلع كِسرى الثاني عن العرش وقُتل على يد ابنه شيرو (أو قباذ الثاني) الذي استعان بأحد القادة من الحرس الملكي للإستيلاء على العاصمة طيسفون واحتجاز والده في أحد المنازل. أَمَرَ شيرو قائد الجيش (أسباد) بتجهيزِ لائحة تحتوي على تُهم ضد والِدِه الشاه المخلوع ثم قام لاحقاً بإعدامِه، أدت هذه الحادثة إلى اندلاع حربٍ أهلية في الإمبراطورية الساسانية تسببتْ في ضياعِ جميعِ المكاسب الساسانية في الحرب ضد البيزنطيين.[1]

في أعمالِ الأدب الفارسي مثل الشاهنامه وخسرو وشيرين (وهي قصة رومانسية مأساوية شهيرة كتبها نظامي الكنجوي (1141-1209)) يصوَّرُ كِسرى الثاني على أنه أحدُ أبطالِ الثقافةِ الفارسية. تروي (خسرو وشيرين) قصة حُبِّه للأميرة الآرامية البيزنطية شيرين، التي أصبحت ملكةً بعد فترةٍ طويلةٍ من الخطوبةِ المليئةِ بالأحداثِ المُؤسفةِ والصعوبات.[1]

الاسم

[عدل]

«خسرو» هو المقابل الفارسي الجديد لاسمه الذي يستخدمه العلماء. اسمُه في الأصل هو (هِسْرو) في اللغة الفهلوية (الفارسية الوسطى) وهو مشتُق من كلمة (هوْسَراواه) باللغة الأوستية والتي تعني (المشهور). تُرجم الاسم باليونانية إلى (Chosroes) وبالعربية إلى (كِسرى).[2]

حياته

[عدل]
كِسرى الثاني في مشهد صيد مُصوَّر على طبق من الفضة. القرن السابع، باريس

وُلد كِسرى الثاني في عام 570. كان ابن هرمزد الرابع وسيدة من النبلاء (مجهولة الهوية) من عائلة (اسباهبودان)، وهي إحدى العائلات النبيلة السبع الكبرى في إيران. تأثر كِسرى الثاني في حياته المبكرة بأخواله فندوييه وفيستهم.[3] كان جد كِسرى الثاني لأبيه هو الشاه الساساني الشهير كِسرى الأول (حَكَمَ 531 - 579) بينما كانت جدته لأبيه هي ابنةُ ملكِ الخزر.

ذُكر كِسرى الثاني لأولِ مرةٍ عام 580 عندما كان في بردعة (عاصمة أرَّان). شَغَل منصب حاكم المملكة أثناء إقامته هناك وتمكن من القضاء على مملكة أيبيريا وتحويلها إلى مقاطعةٍ ساسانيةٍ.[3] علاوة على ذلك شَغَلَ كِسرى الثاني أيضًا منصب حاكم أربيل في بلاد ما بين النهرين في وقتٍ ما قبل توليه العرش.[4]

تمرد بهرام جوبين

[عدل]

إسقاط هرمز الرابع واعتلاء كسرى العرش

[عدل]

في عام 590 غَضِبَ هرمز الرابع من قائد الجيشِ البارزِ بهرام جوبين (الذي كان يقومُ بحملةٍ عسكريةٍ في شرقِ الإمبراطورية) وعزلَهُ من منصِبه ونفاه. استاءَ بهرام من تصرفات هرمز الرابع وقام بالتمرد، وبسببِ مكانتهِ النبيلةِ وخبرته العسكرية الكبيرة استطاع بهرام أن يضُم إلى هذا التمرد العديد من الجنود وغيرهم. عين بهرام حاكمًا جديدًا على خراسان واختارِ مدينة طسيفون لتكونَ عاصمةَ الإمبراطورية الساسانية.[5]

نالت الأسرةُ الساسانيةُ الحاكمةُ الشرعيةَ في الحكم بناءًا على اعتقاد في الديانة الزرادشتية (يُدعى إكسواراه) يقول إنَّ هالة القداسة ومنصب المَلِكْ قد أُعطي للملك الساساني الأول أردشير الأول (حكم من 224 إلى 242) وعائلتُه ُبعد غزو الأخير للإمبراطورية الفرثية.[6] كانت هذه الشرعية محل شكٍ بالنسبة لـ بهرام، مما يمثل - وللمرة الأولى في التاريخ الساساني- قيام فردٍ من السلالة الفرثية (السلالة التي ينتمي إليها بهرام) بتحدي شرعية الأسرة الساسانية والقيامِ بتمرد.

حاولَ هرمز الرابع أن يتصالح مع صِهريه فندوييه وفيستهم (إخوة زوجته) اللذان (وفقاً للكاتب السرياني يشوع العمودي [الإنجليزية]) كانا يكرهان هرمز الرابع بالقَدْرِ نفسه.[7] أطاح الشقيقان (فندوييه وفيستهم) بهرمز عن العرش في ثورةٍ غير دموية حدثت في قصرِه على ما يبدو. قام الشقيقان بفقْءِ عيني هرمز الرابع وأفقداه بصره باستخدامِ إبرةٍ ساخنة، ثم قاما بتنصيب كِسرى الثاني على العرش. وفي وقت ما في صيف عام 590 قَتَل الشقيقان هرمز الرابع بموافقةٍ ضمنيةٍ على الأقل من كِسرى الثاني. في تلك الأثناء كان بهرام يواصُل الزحفَ العسكري مع جنودِهِ من شرق الإمبراطورية باتجاه العاصمة طيسفون بحجة الانتقام لهرمز الرابع والثأرِ لمقتله.

عملة معدنية تظهر صورة هرمز الرابع

ومنذُ اليومِ الأول لتوليه عرش الإمبراطورية الساسانية، عمِل كِسرى الثاني بمبدأ العصا والجزرة، فقد كتب رسالةً إلى بهرام يؤكد فيها على حقِّه في اعتلاءِ العرش الساساني ويحذِّره قائلاً: «من كِسرى الثاني، ملوك الملوك، الحاكم على العالم، سيد الشعوب، أمير السلام، الرجل الصالح بين البشر مثل الآلهة، الحي إلى الأبد، الإله الموقر، المنتصر، الذي يشرق مع الشمس وينير الليل ببصره، الشخص المشهور من خلال أسلافه، إلى بهرام، لواء الإيرانيين، صديقنا... لقد تسلمنا العرش الملكي بطريقةٍ مشروعةٍ ولم نخل بأي عاداتٍ إيرانية......، لقد قررنا بحزم ألا نخلع التاج لدرجة أننا توقعنا أن نحكم على عوالم أخرى إذا كان ذلك ممكناً،...... إذا كنت ترغب في العيش برفاهية، فكر فيما يجب القيام به»[8]

الصراع

[عدل]

تجاهل بهرام تحذير كِسرى الثاني له، وبعد بضعةِ أيامٍ وصل مع قواته إلى نهر النهروان بالقرب من طيسفون، حيث تصدى لهم رجالُ كِسرى الثاني الذين كان عددهم أقل بكثيرٍ، وتمكنوا من إبعاد بهرام وقواته في عدة اشتباكات. ومع ذلك، بدأ جنودُ كِسرى الثاني يفقدون معنوياتهم، وهُزموا في النهاية من قِبل قوات بهرام. هرب كِسرى الثاني مع أخواله الإثنين وزوجاته وحاشيةٍ من 30 من النبلاء إلى الأراضي البيزنطية، وسقطت طيسفون في يد بهرام وجنوده. أعلَنَ بهرام نفسه ملكًا للملوك في صيف عام 590، مؤكداً أن الملك الساساني الأول أردشير الأول (حَكَمَ من 224 إلى 242) قد اغتصبَ عرش الإمبراطورية الفرثية وأنَّه الآن يستعيدُ حكمهم.[9]

بهرام يقاتل الموالين الساسانيين بالقرب من طسيفون.

حاول بهرام إقناع الناس بأحقيتِهِ بالحكم عن طريق تذكيرهم بأحداثِ نهاية العالم التي وردت في الديانة الزرادشتية، حيثُ قال إنه وبحلول نهاية الألفية الزرادشتية، ستحدثُ الفوضى والحروب المدمرة مع الهياطلة، الهون، والبيزنطيين ثم يظهرُ المنقذُ (أو المخلِّص). كان بهرام قد تولى الحكمَ تقريبًا في نهاية الألفية الزرادشتية، مما جعل الكثيرين مقتنعين بأنه هو المخلِّص المنتظر وهو نفسه (كاي بهرام فارجافاند) المنقذ والمخلِّص الموعود المذكور في الزرادشتية.[5]

عَمِل بهرام على إعادة تأسيس الإمبراطورية الفرثية من أجل البدءِ بألفيةٍ جديدةٍ من حكم الأسرة الفرثية، فبدأ في صك العُملات المعدنية، حيث ظهرت صورته على إحدى وجوه القطعة المعدنية كرجلٍ عظيمٍ ملتحٍ ويرتدي تاجاً مزركشاً مع صورةٍ لهلالينِ يحيطانِ به، بينما يَظْهر على الوجه الآخر للعملة المعدنية بيت النار التقليدي يحيط به اثنانِ من الكهنة. ومع ذلك كان العديد من النبلاء والكهنة في طيسفون قد اختاروا الوقوفَ إلى جانب كِسرى الثاني عديمِ الخبرة والأقل سيطرة.[9]

ومن أجل أن يلفتَ انتباهَ الإمبراطور البيزنطي موريكيوس (حَكَمَ من 582-602) ذهب كِسرى الثاني إلى سوريا، وأرسل رسالةً إلى سكانِ مدينة مارتيروبوليس الساسانية المحتلة لكي يوقفوا مقاومتهم للبيزنطيين، ولكن دون جدوى.[10] ثم بعث رسالةً إلى الإمبراطور موريكيوس، وطلب منه مساعدته في استعادة العرش الساساني من بهرام، فوافق الإمبراطور البيزنطي مقابل أنْ يستعيدَ البيزنطيون السيادة على مدن آمد وكارهاي ودارا ومارتيروبوليس. علاوةً على ذلك؛ طَلب الإمبراطور من الساسانيين التوقف عن التدخل في شؤونِ أيبيريا وأرمينية والتنازل عن السيطرة على منطقة لازيكا إلى البيزنطيين.[3]

العودة إلى إيران

[عدل]
لوحة تصور المعركة بين قوات بهرام وكِسرى الثاني.

في عام 591 انتقل كِسرى الثاني إلى مدينة قسطنطينة، واستعدَّ لغزو الأراضي التي احتلها بهرام والواقعة في بلاد ما بين النهرين، بينما كان الشقيقان فندوييه وفيستهم (أخوال كِسرى الثاني الموالين له) يحشِدان جيشاً في أدرباداجان تحت مراقبة قائدِ الجيش البيزنطي يوحنا ميستاكون الذي كان أيضاً يجهِّز جيشاً في أرمينية. بعد مرور بعض الوقت غزا كِسرى الثاني مع القائد كومينتيولوس (الذي كان قائد مقاطعة بيزنطية في الجنوب) بلاد ما بين النهرين. خلال هذا الغزو انشقَّ سكانُ مدينتي نصيبين ومارتيروبوليس عن بهرام وانضموا سريعاً إلى كِسرى الثاني وكومينتيولوس،[3] هُزِم الزعيم «زاتسبارهام» الذي عيَّنه بهرام وقتل. وأُلقيَ القبضُ على «بريزاسيوس» في الموصل وهو أحد قادة بهرام الآخر وقُطع أنفُه وأذنيه، ثم أُرسل بعد ذلك إلى كِسرى الثاني حيث قُتل.[11][12] توغل كِسرى الثاني مع القائد البيزنطي الآخر«نارسيس»في عُمق أراضي بهرام، واستولى على مدينتي «دارا» و«ماردين» حيثُ أُعيد تنصيبُ كِسرى الثاني ملكاً. بعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ أرسلَ كِسرى الثاني أحدَ أنصارِهِ الإيرانيين (اسمه محبود) للاستيلاءِ على العاصمةِ طسيفون وتحريرها، وهو ما تمكَّن منْ تحقيقه.[10]

في الوقت نفسه، قامت قوةٌ قِوامها 8,000 إيراني بقيادة الشقيقين فندوييه وفيستهم و12,000 أرمني بقيادة موشيغ ماميكونيان الثاني بغزو مدينة أدرباداجان.[9] حاولَ بهرام إيقاف هذا الهجوم بكتابة رسالة إلى موشيغ جاء فيها: «أمّا بالنسبة لكم أيها الأرمن الذين يظهرون ولاءً في غيرِ مَحَلِّه، ألمْ تدمِّر الأسرةُ الساسانيةُ الحاكمةُ أرضكم وسيادتكم؟ وإلا لماذا تمرَّد آباؤكم ورفضوا خدمَتَهم ولازالوا يقاتلونَ حتى اليوم من أجلِ بلادهم؟».[13]

تعهَّد بهرام في رسالته إلى موشيغ بأن يصبحَ الأرمن شركاءً في الإمبراطورية الإيرانية الجديدة التي ستحكمها الأسرة الفرثية إذا قبِل اقتراحهُ بخيانة كِسرى الثاني.[13] ومع ذلك رَفَضَ موشيغ هذا العرض.

في النهاية، هُزِم بهرام في معركة بلاراثون مما أجبَرَه على الفرار مع 4,000 رجلٍ باتجاه الشرق. ثم سار نحو نيسابور، وفي طريقه هَزَمَ جيشاً كان يطارده بالإضافة إلى جيش آخرٍ بقيادة أحد النبلاء الكارنيين في مدينة قوميس. ثم عبر نهر جيجون حيث استقبله خاقان الأتراك (على الأرجح اسمه بيرمودا) بحفاوةٍ واحترامٍ، كان هذا الخاقان هو نفسُه الأمير التركي الذي هَزَمهُ بهرام وأسرهُ قبل بضعِ سنواتٍ خلال حُروبه ضد الأتراك.[9][14] دخل بهرام في خدمة الخاقان التركي الذي عيَّنه قائداً للجيش، وحقق المزيد من الإنجازاتِ العسكرية هناك.[9] أصبح بهرام شخصيةً ذاتِ شعبيةٍ كبيرة بعد أن أنقذ الخاقان التركي من مؤامرة حرَّض عليها أخوه الأصغر «بيغو».[15] لم يكن كِسرى الثاني يشعر بالأمان طالما بقيَ بهرام على قيد الحياة، لذا خطط لاغتياله وفي النهاية نجح في ذلك.[9] قيل إنَّ الاغتيال جرى بمؤامرة عبر توزيع الهدايا والرشاوى على أفراد العائلة المالكة التركية ولا سيما الملكة.[8] عاد منْ تبقى من أنصار بهرام إلى شمال إيران وانضموا إلى تمرد فيستهم (590 / 1-596 أو 594/5-600).[16]

توحيد الإمبراطورية

[عدل]

الشؤون الداخلية والعلاقات مع البيزنطيين

[عدل]
خريطة للحدود البيزنطية الساسانية خلال العصور القديمة المتأخرة، بما في ذلك حدود 591 التي نشأت بين الإمبراطوريتين بعد انتصار كِسرى الثاني على بهرام.

مع استعادة كِسرى الثاني لعرشِه من جديد، جعل واحداً من أهم أهدافه هو تعزيزُ قبضتِهِ على مملكته، والتي تضمَّنت إظهار التسامحِ والدعمِ لرعاياه المسيحيين. كانت زوجتُه شيرين (وهي مسيحية من خوزستان) أكثرُ زوجاته نفوذًا، حيث لعبتْ دورًا هامًا في الحقوق التي حَصَلَ عليها مسيحيو بلاد ما بين النهرين. قامتْ بتشييدِ كنيسة ودير بالقرب من القصر في طسيفون، حيث استُخدِمت لجمعِ جزءٍ من أموال الخزينة من أجل دفع أجورِ رجال الدين المسيحيين وثمن ملابسهم الكهنوتية.[17] شجَّع هذا التسامح والتعايش الديني دولة المناذرة (وهي دولة تابعة تقع في الحيرة ومحيطها) إلى أن تتحوَّل علنًا إلى المسيحية النسطورية دون إغضابِ الساسانيين.[17]

ظلَّ الساسانيون والبيزنطيون على علاقة جيدةٍ مع بعضهم بعضًا خلال السنواتِ الإحدى عشر الأولى، كان هذا واضحًا في إدارتهم للقضايا التي نشأت في أرمينية. في عام 590 سعى العديد من النبلاء الأرمن وأنصارُهم باللجوءِ إلى الإمبراطورية الساسانية في إيران، كي لايقومَ الإمبراطور موريكيوس بتجنيدهم من أجل القيام بحملاتٍ في البلقان. كانت الحدود المفتوحة بين الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية تعني أن النبلاء يمكنهم الهجرةُ بحريةٍ إلى إيران والحصولِ على ترقية. ومع ذلك عندما أظهروا النية والطموح لمحاربة البيزنطيين، عمل الساسانيون مع البيزنطيين معًا للتعامل مع هذه القضية.

تمرد فيستهم

[عدل]

بعد استعادتهِ لعرشه، كافأ كِسرى الثاني أخواله بمناصبَ عليا، فعيَّن فندوييه أمينًا للصندوق والوزير الأول، بينما حصل فيستهم على منصِب قائد للجيش في المناطق الشرقية بما في ذلك طبرستان وخراسان التي كانت موطنَ عائلة اسباهبودان (العائلة التي تنتمي إليها والدة كِسرى الثاني).[16][18] ومع ذلك سرعان ما غيّر كِسرى الثاني نواياه وحاول النأي بنفسه عن مقتل والده فقرر إعدامَ أخواله. من المؤكد أن عدم ثقة الملوك الساسانيين التقليديين في الأقطاب ذوي النفوذ المفرط واستياء كِسرى الثاني الشخصي من أسلوب فندوييه المتعالي ساهم بالتأكيد في هذا القرار، وسرعان ما أُعدم فندوييه، وفقًا لمصدرٍ سرياني أُلقي القبض عليه أثناءَ محاولته الفِرارَ إلى أخيه في الشرق.[16][18]

عملة معدنية عليها صورة فيستهم، صكت في مدينة الري

عندما وصلته أخبارُ مقتلِ شقيقه، قام فيستهم بثورةٍ مفتوحة. ووفقًا للمؤرخ أبو حنيفة الدينوري أرْسَلَ فيستهم رسالةَ إلى كِسرى الثاني يُعلن فيها مطالبته بعرشِ الإمبراطورية وفقًا لتقاليده الفرثية قائلا: «أنت لست مستحقًا للحكم أكثر مني. في الواقع أنا أستحق أكثر لأنني أنحدر من نسل داريوش الثالث الذي قاتل الإسكندر الأكبر. أنتم الساسانيون تفوقتم علينا بالمكر والخداع واغتصبتم حقنا وعاملتمونا بظلم. إن أول حاكم ساساني منكم لم يكن أكثر من راعي أغنام»

لقيَ تمردُ فيستهم (مثل ثورة بهرام جوبين سابقًا) الدعم وانتشر بسرعة، وانضم إليه الأقطاب المحليين (الأثرياء والمؤثرين) وكذلك الجنود الذين كانوا في جيش بهرام السابق، خاصة بعد أن تزوج فيستهم شقيقة بهرام (اسمها غورديا). صدَّ فيستهم العديد من المحاولاتِ لإخضاعه وقمْعِ ثورته، وسرعانَ ما سيطر على رُبع أراضي المملكة الساسانية الشرقية والشمالية بالكامل، وهي منطقة جغرافية تمتدُّ من نهر جيجون إلى منطقة أردبيل في الغرب، حتى إنه قام بحملة في الشرق، وأخضع اثنين من الأمراء الهياطلة في بلاد ما وراء النهر وهما «شوج» و«باريوك».[16][19] لا يُعرف بشكل مُؤكد تاريخ انتفاضة فيستهم، ولكن العملات المعدنية التي عُثر عليها أظهرت أن تمرّده استمر لمدة سبعِ سنواتٍ تقريبًا، يُعتقد اليوم أن هذا التمرد حدث بين عامي 590-596، لكن بعضَ المؤرخين المعاصرين مثل «هوارد جونستون» و«بارفاني بورشارياتي» جعلوا تاريخ هذا التمرد في عام 594، وهو التاريخ الذي يوافُق تمرد الأرمن الذي قاده فيهويني.[16]

عندما بدأ فيستهم يشكِّل تهديدًا على منطقة ميديا (المنطقة الواقعة شمال غرب إيران)، أرسل كِسرى الثاني عدة جيوشٍ ضدَّ خاله، لكنه فشل في تحقيق نتيجة حاسمة، انسحب فيستهم وأتباعه إلى منطقة غيلان الجبلية، في نفس الوقت تمردت العديد من الوحدات العسكرية الأرمينية في الجيش الساساني وانضمت إلى جيش فيستهم. أخيرًا طلب كِسرى الثاني المساعدة من الأمير الأرمني سمبات بقرادوني الرابع [الإنجليزية] الذي اشتبك مع فيستهم بالقرب من مدينة قوميس. قُتل فيستهم في هذا الاشتباك على يد الأمير «باريوك» بأوامر من كِسرى الثاني (أو بحسب رواية بديلة من قبل زوجته غورديا). ومع ذلك تمكَّنت قوات فيستهم من صد الجيش الساساني في قوميس، تطلبت حملة أخرى من سمبات في العام التالي لإنهاء التمرد في النهاية.[16][19]

نهاية مملكة المناذرة

[عدل]

في عام 600، أَعدم كِسرى الثاني الملك النعمان بن المنذر (ملك مملكة المناذرة في الحيرة)، على الأرجح بسبب رفض الملك النعمان بن المنذر تزويج ابنته هند من كسرى، وقيامه بإهانة المرأة الفارسية.[20] كان الحادث سبباً في استعداء القبائل العربية وأدى إلى معركة ذي قار (قبل عام 604 م على أرجح الأقوال) والتي ألحقَ فيها تحالفُ القبائل العربية هزيمةً نكراءَ بالجيش الفارسي الذي أرسله كسرى الثاني. بعد ذلك تولَّت الحكومة المركزية الساسانية مسؤولية الدفاع عن الحدود الغربية وانتهت بذلك دولة المناذرة. أدى هذا الحدث إلى تسهيل وصول الخلفاء المسلمين إلى جنوب العراق بعد أقل من عقد على وفاة كِسرى الثاني.

الحرب البيزنطية الساسانية 602-628

[عدل]

الغزو وبداية الهيمنة الساسانية

[عدل]
حدود الإمبراطورية الساسانية عام 620

في بداية حكمه كان لكِسرى الثاني علاقات جيدة مع البيزنطيين. لاحقا قُتل الإمبراطور موريكيوس في 602 على يد قائد الجيش فوقاس (602-610) الذي اغتصب العرش البيزنطي، فشن كِسرى الثاني هجومًا على القسطنطينية كان يبدو في ظاهره أنه يريد الانتقام لموت موريكيوس (الإمبراطور البيزنطي الذي ساعده على استعاده عرشه)، لكن هدفه الحقيقي كان ضم أكبر قدر مُستطاع من الأراضي البيزنطية.[21] سرعان ما استولى كِسرى الثاني في عام 604 (جنبًا إلى جنب مع القائد شهربراز وأفضل القادة الآخرين) على مدينتي دارا وإديسا، واستعادوا الأراضي التي فقدوها في الشمال، مما جعل الحدود الساسانية البيزنطية تعود إلى ما قبل عام 591، أي قبل أن يتنازل كِسرى الثاني عن هذه الأراضي لموريكيوس نظير المساعدة العسكرية التي قدمها له ضد بهرام. بعد أن استعاد هذه الأراضي انسحب كِسرى الثاني من ساحة المعركة وسلَّم قيادة العمليات العسكرية لشهرباراز وللقائد شاهين فهمانزاديغان [الإنجليزية]، ثم غزت الجيوش الساسانية سوريا وآسيا الصغرى، وفي عام 608 تقدَّمت إلى خلقدون.

في عام 610؛ ثار هرقل على فوقاس وقتله متوجًا نفسه إمبراطورًا للإمبراطورية البيزنطية. ثم حاول التفاوض على السلام مع كِسرى الثاني بإرسال دبلوماسيين إلى قصره. ومع ذلك رفض كِسرى الثاني العرض وقال: «تلك المملكة ملك لي، وسأقوم بتتويج ثيودوسيوس (نجل موريكيوس) إمبراطورًا. لقد اغتصب هرقل السلطة بدون إذنٍ مني، والآن يقدِّم لنا كنوزنا كهدايا، ولكنني لن يهدأ لي بال حتى أقبض عليه بيدي». ثم قام كِسرى الثاني بإعدام الدبلوماسيين.[22]

في عامي 613 و614؛ حاصر القائد شهربراز مدينتي دمشق والقدس واستولى عليهما، وعَثَر على صليب الصلبوت ونقله حيث أقيمت احتفالات ضخمة فرحةً بالنصر. بعد ذلك بوقتٍ قصير؛ سار القائد «شاهين فهمانزاديغان» عبر الأناضول، وهزم البيزنطيين مراتٍ عديدة وغزا مصر عام 618. لم يكن بمقدور البيزنطيين المقاومة حيث كانت الخلافات الداخلية قد مزَّقتهم، وتعرضوا لهجوم من قبل الآفار والسلاف الذين كانوا يغزون الإمبراطورية البيزنطية عبر نهر الدانوب. في عام 622 سقطت جزيرة رودس والعديدُ من الجزر الأخرى في شرق بحر إيجة في يد الساسانيين، مما شكل تهديدًا بشن هجوم بحري على القسطنطينية.[23][24][25][26] وصل هرقل لمرحلة من اليأس والاستسلام لدرجة أنه فكَّر في نقل العاصمة من القسطنطينية إلى قرطاج في إفريقيا.[27]

غزو الأتراك والهياطلة

[عدل]

في عام (606-607) استدعى كِسرى الثاني الأمير سمبات بقرادوني الرابع [الإنجليزية] من أرمينية الفارسية وأرسله للتصدي لتحالف الأتراك والهياطلة الذين قاموا بغزو الأراضي الساسانية حتى وصلوا إلى سبهان [الإنجليزية] في وسط إيران. قام الأمير سمبات بمساعدة أمير إيراني يُدعى «داتويان» بصد الأتراك والهياطلة، ونَهَب أراضيهم الواقعة في شرق خراسان حيث قِيل إن الأمير سمبات قتل ملكهم في نِزال فردي. أطلق كِسرى الثاني على الأمير سمبات اللقب الشرفي «كِسرى شون» (الذي يعني فرحة كِسرى)،[28] بينما أُطلق على ابنه «فارازتيروتس بقرادوني الثاني [الإنجليزية]» الاسم الفخري «جافتيان خسرو» (والذي يعني كِسرى الأبدي).[16][28]

يصف المؤرخ سيبيوس هذا الحدث قائلًا:

أمر [كِسرى الثاني] بتزيين فيل ضخم وإحضاره إلى المعبد. وأمر بأن يجلس [ابن سمبات] فارازتيروتس (الذي أُطلق عليه لقب جافتيان خسرو) فوق [الفيل]. وأمر بتوزيع الكنوز والأموال على الجموع والحاضرين. كتب [لسمبات] هروفارتاك [معربًا] عن رضاه الشديد، واستدعاه إلى القصر بشرف وأحضره بموكبٍ عظيم. توفي [سمبات] في العام الثامن والعشرين من حكم [كسرى الثاني] [618–619].

الهجوم المضاد وعودة البيزنطيين

[عدل]
هزيمة الملك الساساني كِسرى الثاني على يد الإمبراطور البيزنطي هرقل، من لوحة على صليب فرنسي من القرن الثاني عشر. مجرد قصة رمزية، حيث لم يتواجه كِسرى الثاني شخصيًا مع هرقل.

في عام 622 وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي كان يُحرزه الساسانيون في منطقة بحر إيجة؛ تمكَّن الإمبراطور البيزنطي هرقل من السيطرة على مُجريات الأحداث بقوة كبيرة. ففي عام 624؛ تقدَّم إلى شمال أدرباداجان، حيث رحَّب به فاروخ هرمزد وابنه رستم فرخزاد الذي تمرَّد على كِسرى الثاني. ثم بدأ هرقل في نهب العديد من المدن والمعابد بما في ذلك معبد تخت سليمان.

بعد عدة سنوات في عام 626؛ استولى هرقل على لازستان (كولخيس)، وفي وقتٍ لاحق من نفس العام تقدم شهربراز إلى خلقيدون على مضيق البوسفور وحاول الاستيلاء على القسطنطينية بمساعدة الآفار والسلاف الأوائل. في حصار القسطنطينية عام 626 فشلت القوات الساسانية والسلاف الأوائل والآفار مُجتمعة في الاستيلاء على العاصمة البيزنطية. لم يكن لدى الآفار الصبر أو المعدات العسكرية الحديثة لغزو المدينة. لم يتمكن الساسانييون الذين كانوا خبراء في حروب الحصار من نقل قواتهم ومعداتهم إلى الجانب الآخر من مضيق البوسفور حيث كان حلفاءهم السلاف الأوائل والآفار بسبب الحراسة المشددة للمضيق من قبل البحرية البيزنطية. علاوة على ذلك كانت أسوار القسطنطينية حصينة وتقاوم بشدة. سبب آخر لفشل حِصار القسطنطينية هو أن الفرس والسلاف لم يكن لديهم قوة بحرية كافية لمواجة القوات البحرية البيزنطية وإنشاء قناة اتصال. أدى نقص الإمدادات إلى الآفار في النهاية إلى تخليهم عن الحصار.[27] ومع فشل هذه المناورة هُزمت قوات شهربراز وسحب جيشه من الأناضول لاحقًا عام 628.

بعد الحرب الفارسية التركية الثالثة عام 627 هَزَم هرقل الجيش الساساني في معركة نينوى وتقدم نحو طيسفون. هرب كِسرى الثاني من مكان إقامته المفضل (مدينة داستاغرد القريبة من طيسفون) بدون مقاومة. ثم استولى هرقل على داستاغرد ونهبها.

نهاية الحكم والوفاة

[عدل]
لوحة لجان دي بير - تصور هرقل وهو يقطع رأس كِسرى الثاني

كان كِسرى الثاني قد سجن ابنه شيرو (قباد الثاني) سابقاً من أجل أن يضمن انتقال الحكم إلى ابنه الآخر مردانشاه الذي أنجبه من زوجته المفضلة شيرين. بعد الاستيلاء على داستاغرد، أُطلقَ سراح شيرو من قبل العائلات الإقطاعية للإمبراطورية الساسانية التي تضم: عائلة سباهبودان الفرثية التي ينحدر منها قائد الجيش فاروخ هرمزد وابناهُ رستم فرخزاد وفارخزاد، وعائلة مِهران التي ينحدر منها شهرباراز، والعائلة الأرمنية التي ينحدر منها فارازتيروتس بقرادوني الثاني [الإنجليزية]، وأخيراً عائلة كانارانجيان التي ينحدر منها كنارا.

في ليلة 25 فبراير؛ هتف الحارس الليلي للعاصمة الساسانية طسيفون (الذي كان يهتف عادة باسم كِسرى الثاني الشاه الحاكم) باسم شيرو بدلاً منه، مما يشير إلى أن انقلابًا كان يحدث. قام شيرو وأسباد (قائد من الحرس الملكي) بالاستيلاء على العاصمة طيسفون واحتجاز كِسرى الثاني في أحد المنازل. أمر شيرو قائد الجيش «أسباد» بتجهيز لائحة تحتوي على تُهم ضدَّ والده الشاه المخلوع (كِسرى الثاني). ومع ذلك رفض كِسرى الثاني جميع الاتهامات الموجهة له الواحدة تلو الأخرى.

شرع شيرو في إعدام جميع إخوته وإخوته غير الأشقاء -بما في ذلك الوريث مردانشاه- الذي كان الابن المفضل لكِسرى الثاني. قتل شيرو جميع إخوته وجميع الرجال المثقفين والشجعان والشرفاء.[29] جرَّد السلالة الساسانية من الحكم في المستقبل، ووُصِف بأنه (هائج) و(مجنون) و(طائش).[30] بعد ثلاثة أيام أمر شيرو أحد النبلاء واسمه مهرهرمزد بإعدام كِسرى الثاني. وبعد أن قَتَل والده، أعدم شيرو مهرهرمزد. وبحسب ما ورد انتقدت ابنتا كِسرى الثاني «بوران دخت» و«آزرمي دخت» الأفعال البربرية التي قام بها شيرو ووبَّختاه، مما جعله يشعر بالندم. عَقَد شيرو الصلح مع الإمبراطور البيزنطي هرقل بدعم من النبلاء الإيرانيين، الأمر الذي جعل البيزنطيين يستعيدون جميع أراضيهم المفقودة وجنودهم الأسرى وتعويضات الحروب إلى جانب صليب الصلبوت والآثار الأخرى التي فُقدت في القدس في عام 614.[31][32]

بسبب تصرفات شيرو؛ يُنظر إلى عهده على أنَّه نقطة تحول في التاريخ الساساني، وقد ذكر بعض المؤرخين أنه لعب دورًا رئيسيًا في سقوط الإمبراطورية الساسانية.[30] تسببت الإطاحة بكِسرى الثاني وإعدامه في حرب أهلية فوضوية حيث حصل أقوى أعضاء النبلاء على الحكم الذاتي الكامل وبدأوا في إنشاء حكومتهم الخاصة. كما استُؤنفت الأعمال العدائية بين العائلات النبيلة الفارسية (بارسيج) والفرثية (بهلاف)، مما أدى إلى تقسيم ثروة الإمبراطورية.[29] انتهت الحرب الأهلية أخيرًا عندما اعتلى العرش حفيد كِسرى الثاني (يزدجرد الثالث) البالغ من العمر ثماني سنوات، لكن الملك الشاب ورِثَ إمبراطورية مفككة تعرضت لضربة أخيرة عام 651 أثناء الفتح الإسلامي لإيران.[33]

السياسة والمعتقدات الدينية

[عدل]

كان كِسرى الثاني (مثل باقي الحكام الساسانيين الآخرين) من أتباع الزرادشتية. منذ القرن الخامس كان الملوك الساسانيون مدركين لأهمية الأقليات الدينية في العالم، ونتيجة لذلك حاولوا دمجهم في الهيكل الإداري. ووفقًا للمبادئ القانونية فقد تم التعامل مع الجميع بشكل مباشر على مبدأ رجل / امرأة مواطن (من الإمبراطورية).[34] قَبِل اليهود والمسيحيون (بشكل خاص) المبادئ والقوانين الساسانية واعتبروا أنفسهم جزءًا من الإمبراطورية.[34]

خلال فترة حكمه؛ كان هناك صراع مستمر بين المونوفيزية والمسيحيين النسطوريين. كان كِسرى الثاني يفضل المونوفيزية، وأمر جميع رعاياه بالالتزام بتعاليم المونوفيزية، قد يكون ذلك بسبب أن زوجته المسيحية شيرين وطبيبه الخاص «جبرائيل» كانا من المؤيدين لهذا المُعتقد. قام كِسرى الثاني أيضًا بتوزيع الأموال والهدايا على الأضرحة المسيحية.[35] حتى إن تسامح كِسرى الثاني الكبير مع المسيحية وصداقته مع المسيحيين البيزنطيين جعل بعض الكتاب الأرمن يعتقدون أن كِسرى الثاني كان مسيحيًا. سياسته المنفتحة والمتسامحة تجاه المسيحيين (والتي ربما كانت ذات دوافع سياسية) جعلته غير محبوب لدى كهنة الزرادشتية وأدت إلى انتشار المسيحية بشكل كبير في جميع أنحاء الإمبراطورية الساسانية.[35] خلال حرب كِسرى الثاني مع البيزنطيين، قام بدمج النخب والمنظمات المسيحية في النظام الساساني، كجزء من محاولته لضم المملكة البيزنطية في إمبراطوريته الموسعة. بلغت حياة الرفاهية للنبلاء المسيحيين ذروتها تحت حكم كِسرى الثاني.

مُنح موشيغ ماميكونيان الثاني وهو أرمني لقب (نخرار) وهو أحد أسمى الألقاب في الإمبراطورية الساسانية، وكان أحد النبلاء المسيحيين الأول والوحيد الذي أشاد به مؤرخو البلاط بسبب رفضه لإغراءات بهرام شوبان. قراره باختيار القتال في جيش كِسرى الثاني بدلاً من القتال في جيش وطنه أرمينية أكسبه مكانًا في الشاهنامه (الملحمة الوطنية الفارسية).[36] وبالمثل تولى «سمبات بقرادوني الرابع» الأمير الأرمني مناصب هامة بارزة تحت حكم كِسرى الثاني حيث ارتقى إلى منصب قائد الحدود في هيركانيا، وهي المنطقة الأكثر حيوية والمتنازع عليها في المملكة الساسانية. كما عُيِّن سمبات قائدًا للسلطة العسكرية في القوقاز كمكافأة له على إنجازاته في الشرق. علاوة على ذلك أصبحت العائلة الأرستقراطية التي ينتمي إليها سمبات (البقرادونيون) ركيزة أساسية للسلطة الساسانية في المنطقة.

اهتم كِسرى الثاني أيضًا بالزرادشتيين، وقام ببناء العديد من بيوت النار. ومع ذلك لم يؤدِّ ذلك إلى ازدهار الكنيسة الزرادشتية التي كانت في حالة تدهور شديد خلال فترة حكمه. وفقًا للمؤرخ «ريتشارد ن.فري» فإن الكنيسة الزرادشتية في عهد كِسرى اشتهرت بسبب فخامتها ونقوشها أكثر من شهرتها بسبب المعتقد والإيمان.[37]

الحضارة في عهد كِسرى الثاني

[عدل]

الموسيقى

[عدل]
تصوير لكِسرى الثاني وهو يقوم بتكريم (برباد) الموسيقي المفضل له.

تُعتبر فترة حكم كِسرى الثاني العصر الذهبي للموسيقا الساسانية. أبدى العديد من الملوك الساسانيين الآخرين قبل كِسرى الثاني اهتمامًا خاصًا بالموسيقا، مثل كِسرى الأول، بهرام غور، وحتى أردشير الأول. أما أبرز الموسيقيين في عهده فهم: برباد (الموسيقي المفضل لكِسرى الثاني)، بامشاد، وسركش، وناجيسا.

النقوش الصخرية

[عدل]

أعاد كِسرى الثاني عملية نصب النقوش الصخرية بعد انقطاع ما يقرب من ثلاثة قرون، آخر هذه النقوش أقيم خلال حكم سابور الثالث (ص 383-388). قام كِسرى الثاني بتقليد وتضخيم النحت الصخري لسابور الثالث في طق بستان. نقوش كِسرى التي تُعرف باسم «الأيفان العظيم» تقع في قبو أسطواني منحوت في منحدر. ينقسم الأيفان إلى قسمين علوي وسفلي؛ يصور القسم العلوي مشهد تنصيب إلهي حيث أعطى كل من الإلهين الزرادشتيين «أهورامازدا» و«أناهيتا [الإنجليزية]» إكليلاً لكِسرى الثاني.[38] أما القسم السفلي من الإيفان فيصور كِسرى الثاني وهو يمتطي حصاناً مرتدياً الدروع الواقية للبدن ويحمل رمحاً ودرعاً ورأسه مُحاط بهالة والتي (وفقًا للمؤرخ هوارد جونستون) من المرجَّح أنها تمثِّل المجد الملكي.[38][39] على يسار القبو يوجد نقش يصور مشهد صيد الخنازير، ويصور كِسرى الثاني على متن قارب وهو يسدد بالقوس، أما على اليمين فهناك مشهد صيد الغزلان، ومع ذلك فإن هذه النقوش ليست مكتملة ربما بسبب نكسة كِسرى الثاني في المراحل اللاحقة من الحرب وسقوطه في نهاية المطاف.

العملات

[عدل]
تاج (رأس) أحد الأعمدة في طق بستان يصور كِسرى الثاني
عملة ذهبية لكِسرى الثاني، ضُربت عام 625.

أضاف كِسرى الثاني في عهده الرسم الفكري GDH، الذي يعني (الروعة الملكية) على عملاته المعدنية. وجمع هذا الرسم مع كلمة abzōt (التي تعني :لقد زاد)، جاعلاً النقش بشكل كامل يُقرأ على النحو التالي: كِسرى، الذي زاد من روعة الملكية. (Khūsrōkhwarrah abzōt).[40] أعاد استخدام لقب ملك الملوك -المفقود منذ عهد بيروز الأول (459-484)- على عملاته المعدنية. ووفقًا للمؤرخ «شايغان» فإن تبني كِسرى الثاني لهذا اللقب كان بلا شك نتيجة لسياسته ضد الإمبراطورية البيزنطية، وكان يدل على إحياء الإمبراطورية الأخمينية القديمة، بينما امتنع خلفاؤه قباد الثاني (حكم من 628 إلى 628) وأردشير الثالث (حكم من 628 إلى 630)، عن استخدام اللقب، على ما يبدو لكي ينأوا بأنفسهم عنه.

الفن

[عدل]

تم تصوير المعارك بين هرقل وكِسرى الثاني في لوحة جدارية شهيرة تعود إلى أوائل عصر النهضة من قبل الرسام بييرو ديلا فرانشيسكا، كجزء من مجموعة لوحات تسمى (تاريخ صليب الصلبوت) في كنيسة سان فرانشيسكو في أريتسو. وهناك العديد من اللوحات الفارسية المصغَّرة التي تصور أحداثًا في حياة كسرى مثل معاركه أو اغتياله.

كِسرى في المصادر الإسلامية

[عدل]

تنبأت سورة الروم في القرآن بوقوع حرب بين الروم والفرس، وقد ذكر القرآن أن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنين (البضع هو ما بين الثلاث إلى العشر) فجاء في السورة: ﴿الم ۝١ غُلِبَتِ الرُّومُ ۝٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝٣ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ۝٤ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ۝٥

وأصل الحادثة أن الفرس انتصروا على الروم، فحزن المسلمون لأن الروم أهل كتاب بينما الفرس هم عبدة أوثان، فشَمَتَ كُفَّار مكَّة بالنبي محمد وأصحابه، فأنزل الله الآيات السابقة تحدِّيًا للعرب وبُشْرَى للمؤمنين.[41][42]

وقد تحققت نبوءة القرآن وهُزِمت الفرس بعد أقل من 10 سنوات من قبل الروم، حيث تذكر المصادر التاريخية الأجنبية أن هزيمة الفرس للروم كانت سنة 617 بينما كانت هزيمة الروم للفرس حوالي سنة 627.[43] بالإضافة إلى أن سورة الروم هي سورة مكية باتفاق أهل العلم (أي نزلت عندما كان النبي محمد في مكة قبل الهجرة إلى المدينة). والثابت في التاريخ الإسلامي أن هجرة النبي محمد كانت في عام 622 ميلادي تقريبا، وهو ما يدل على أن إخبار القرآن بوقوع معركة بين الروم والفرس وانتصار الروم فيها جاء قبل وقوع المعركة أصلًا.

ذكر المفسرون في تفسيرهم للآيات الأولى من سورة الروم رواية عن تشكيك المشركين باحتمال أن يَهزم الروم الفرس، حيث جعلوا من هذه الآيات معيارا لصدق القرآن الكريم. تقول الرواية:[44]

«وكان هذا التنبُّؤُ في ذلك الزمان خلاف القياس والظَّنِّ تمامًا؛ فإن التغلب على أمة غالبة عظيمة بعد تلك الهزيمة الكبرى في ظرف تسع سنوات كان مستحيلًا في نظر أهل الدنيا، ومن هنا جعل أُبَي بن خلف هذه الآية معيارًا لصدق القرآن الكريم، وكذبه، وأوعز لأبي بكر رضي الله عنه أن يراهن على ذلك لو كان مؤمنًا بالقرآن. وكان هذا الحادث وقع في العام السابع من البعثة، وقَبِلَ أبو بكر هذا الرِّهان؛ لأنَّ النَّهي عنه لم يكن قد نزل بعد؛ فقد جاء في الأثر أنه لما نزلت هذه الآيات قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك؟ يزعم أن الروم تغلب فارس. قال: صدق صاحبي. وفي رواية: فخرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الكفار فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا ولا يُقرُّ اللهُ عينَكم، فوالله ليظهرنَّ الروم على فارس؛ أخبرنا بذلك نبيُّنا. فقام إليه أبي بن خلف فقال: كذبت. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنت أكذب يا عدو الله. قال: أُنَاحِبُكَ –أُرَاهِنُكَ- عشر قلائص منيّ وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غرمت، وإن ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين. ثم جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «وَمَا هَكَذَا ذَكَرْتُ، إِنَّمَا الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ، فَزَايِدْهُ فِي الْخَطَرِ، وَمَادِّهِ فِي الْأَجَلِ». فخرج أبو بكر رضي الله عنه فلقي أُبيًّا فقال: لعلك ندمت؟ قال: لا. قال: تعالى أزيدك في الخطر وأمادّك في الأجل؛ فأجعلها مائة قلوص بمائة قلوص إلى تسع سنين. قال: فعلتُ. -وذلك قبل تحريم الرِّهان-، فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة أتاه ولزمه وقال: إني أخاف أن تخرج من مكة فَأَقِمْ كفيلًا. فَكَفَلَهُ ابنة عبد الله رضي الله عنهما. فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أُحُدٍ أتاه عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما وقال له: لا والله لا أدعك تخرج حتى تعطيني كفيلًا فأعطاه كفيلًا. فخرج إلى أُحُدٍ ثم رجع إلى مكة، وبه جراحة جرحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين بارزه يوم أُحُدٍ فمات منها بمكة، وظهرت الروم على فارس فغلب أبو بكر أبيًّا وأخذ الخطر من ورثته، فجاء يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هذا سُحْتٌ، تَصَدَّقْ بِهِ».»

خطاب النبي محمد له

[عدل]

تذكر المصادر الإسلامية أن كِسرى الثاني كان كبير الفرس، كان يعتنق المجوسية، وصله خطاب من النبي محمد يدعوه إلى الإسلام مع عبد الله بن حذافة السهمي ونصه:

كسرى الثاني بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس.

كسرى الثاني

غير أنّه ما إن قرأ أن النبي محمد قد بدأ الخطاب باسمه قبل اسم كِسرى، مزّق الكتاب وقال بغضب: عبد من عبادي يبدأ كتابه بنفسه قبلي! ثم قام بطرد السفير، فلما وصل الخبر إلى النبي محمد قال: «مزَّق الله ملكه»[45]

مقتله

[عدل]

قتل كِسرى عظيم الفرس على يد ابنه شيرويه (قباد الثاني) عام 628.[46]

صفحة من الشاهنامه تصور مقتل كسرى الثاني على يد مهر هرمزد.

عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ "رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلاً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ. فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ". صحيح البخاري - كتاب الجهاد (رقم 64).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنِ النَّبِيٌِ قَالَ:

«إذا هلكَ كسرى فلا كسرى بعدَهُ، وإذا هلكَ قيصرُ فلا قيصرَ بعدَه، والذي نفسي بيدِهِ لتُنْفِقُنَّ كنوزَهما في سبيلِ الله»

أخرجه البخاري (رقم 3120) ومسلم (رقم 2918)، وأخرجاه من حديث الزهري به.

نبوءة النبي محمد لسراقة بن مالك المدلجي

[عدل]

روى ابن إسحاق وابن هشام وابن كثير وغيرهم وهم من قدامى المؤرخين في الإسلام أن النبي محمد قد تنبأ للصحابي سراقة بن مالك المدلجي بأنه سيرتدي سواري كِسرى وتاجه، تقول الرواية:[47]

«مكرت قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأجمعت على قتله، فخرج مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه مهاجراً إلى المدينة، فبثت قريش عيونها في سبل مكة وشعابها بحثاً عنهما، فنفضوا الصحراء نفضاً فما وقعوا له على اثر وحينما يئست قريش أن تعثر على النبي وضعت جائزة مئة رأس من الإبل لمن يأتيها به حياً أو ميتاً. أن سراقة بن مالك، وهو فارس من بني مدلج، كان في بعض قومه قريباً من مكة، فإذا برجل يدخل عليهم، ويذيع فيهم نبأ الجائزة، فما كاد سراقة يسمع بالنوق المئة حتى اشتد حرصه عليها، ولكنه كان ذكياً، فضبط نفسه ولم ينطق بكلمة، وقبل أن ينهض من مجلسه، دخل رجل يقول لقد مر بي الآن ثلاثة رجال وإني لأظنهم محمداً وأبا بكر ودليلهما فقال سراقة إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها يريد أن يصرف الناس عن هذه الجائزة، فقال الرجل لعلهم كذلك. مكث سراقة قليلاً حتى دخل القوم في حديث آخر وانسل من بينهم، وأسرع ولبس درعه وتقلد سلاحه، واعتلى فرسه وانطلق ليدرك محمداً صلى الله عليه وسلم، ومضى، لكنه ما لبث أن عثرت فرسه، وهمّ بالرجوع وما رده إلا طمعه في النوق، فلم يبتعد كثيراً حتى أبصر النبي فمد يده إلى قوسه، ولكن يده جمدت في مكانها ثم غاصت قوائم فرسه في الأرض، فدفع الفرس، فإذا هي قد غاصت ثانية، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وقال ادعوا لي ربكما أن يطلق قوائم فرسي ولكما عليّ أن أكف عنكما فدعا له النبي فأطلق الله له قوائم فرسه. تذكر سراقة المئة ناقة، فتحركت أطماعه من جديد، فدفع فرسه نحوهما فغاصت قوائمه أكثر، فاستغاث للمرة الثانية، وقال إليكما زادي ومتاعي وسلاحي ولكما عليّ عهد الله أن أرد عنكما من ورائي من الناس، فقالا لا حاجة لنا بزادك ومتاعك، ولكن رد عنا الناس ثم دعا له النبي فانطلقت فرسه، فلما هم بالعودة ناداهما قائلاً والله لا يأتيكما مني شيء تكرهانه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تبتغي منا»، فقال والله يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر دينك ويعلو أمرك فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني، واكتب لي بذلك، أريد كتاب أمان، فأمر عامر بن فهيرة فكتب له في رقعة من جلد. ولما همّ بالانصراف قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى»، فقال سراقة: كسرى بن هرمز؟ قال الرسول: «نعم كسرى بن هرمز». عاد سراقة فوجد الناس قد أقبلوا ينشدون رسول الله، فقال لهم ارجعوا فقد نفضت الأرض نفضاً بحثاً عنه فلا ترهقوا أنفسكم فيما لا طائل من ورائه، وكتم خبره مع النبي وصاحبه حتى أيقن أنهما بلغا المدينة، وأصبحا في مأمن عند ذلك أذاع الخبر، فلما سمع أبو جهل بخبر سراقة وموقفه وجه له اللوم على تخاذله. وتأخر إسلام سراقة حتى سنة ثمانٍ من الهجرة أي بعد فتح مكة، ثم غزوة حنين وبعد عودة الرسول من الطائف، يقول سراقة لقد أتيت النبي بالجعرانة فدخلت في كتيبة الأنصار، حتى غدوت قريباً من رسول الله، وهو على ناقته، فرفعت يدي بالكتاب، وقلت يا رسول الله أنا سراقة بن مالك، وهذا كتابك لي، فقال عليه الصلاة والسلام: «يوم وفاء وبر ادنه ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» فأقبلت عليه وأعلنت إسلامي بين يديه. دارت الأيام دورتها، وآل أمر المسلمين إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتحققت نبوءة النبي وهبت جيوش المسلمين على مملكة فارس تدك الحصون، وتهزم الجيوش، وتحرز الغنائم وقدم على المدينة رسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يبشرون بالفتح. دعا الفاروق رضي الله عنه سراقة بن مالك فألبسه قميص كسرى وسراويله وخفيه وقلده سيفه ووضع على رأسه تاجه وألبسه سواريه عند ذلك هتف المسلمون الله أكبر الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله، وقال عمر الله أكبر والحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول أنا رب الناس وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابياً من بني مدلج، ثم أركب سراقة فرسا طاف به المدينة المنورة احتفاء والناس حوله وسراقة يردد قول الفاروق.»

العائلة

[عدل]

كان كِسرى الثاني نجل هرمزد الرابع، وأمه هي سيدة نبيلة (لا يعرف اسمها) من عائلة إسباهبودان وهي أخت فيستهم وفندوييه. كان لكِسرى الثاني أيضًا اثنين من الأقارب من عائلة إسباهبودان وهما ماه-أدهورغوشناسب ونارسي.[16] ولديه قريب آخر يُدعى هرمزان،[48] وهو أحد النبلاء الساسانيين من إحدى عشائر البارثيين السبع، والذي قاتل فيما بعد ضد المسلمين أثناء الفتح الإسلامي لبلاد فارس. ومع ذلك، فإن هذا خطأ على الأرجح لأن والدة قباد الثاني كانت أميرة بيزنطية تدعى مارية.

تزوج كِسرى الثاني ثلاث مرات: الأولى من ماريا ابنة الإمبراطور البيزنطي موريكيوس، التي أنجبت قباد الثاني. ثم تزوج من جورديا، أخت بهرام جوبين التي ولدت له جوانشير. ثم من شيرين التي انجبت مردانشاه.[49] كان لكِسرى الثاني أيضًا أولاد آخرين وهم: بوراندخت، وآزرمي دخت، وشهريار، وفرُخزاد كِسرى الخامس. أصبح كل هؤلاء الأبناء (باستثناء شهريار) ملوكا فيما بعد على إيران خلال الحرب الأهلية الساسانية بين 628-632. كان لكِسرى الثاني أخ يُدعى «كافاد» وأخت تُدعى «ميرران»، والتي كانت متزوجة من قائد الجيش الساساني شهرباراز وأنجبت سابور الخامس،[16] بينما تزوج شقيقه كافاد من امرأة لم يُذكر اسمها وأنجبت له كِسرى الثالث.

شجرة العائلة

[عدل]
كسرى الأول
حكم.531-79
 
 
هرمز الرابع
حكم.579-90
 
 
كسرى الثاني
حكم.591-628
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
قباذ الثاني
حكم.628
بوراندخت
حكم.630-31
آزرمي دخت
حكم.631
شهريارفاروخ زاد كسرى الخامسجوانشيرمردانشاه
 
 
 
 
أردشير الثالث
حكم.628-630
يزدجرد الثالث
حكم.632-51
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
شهربانوبيروز الثالث
 
 
نرسيه

انظر أيضًا

[عدل]

مراجع

[عدل]
  1. ^ ا ب ج د ه غوربينار، دوغان (2016). "دبلوماسية الإمبراطورية العثمانية : التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي". مجلة رؤية تركية: 198. DOI:10.36360/1560-005-001-015. مؤرشف من الأصل في 2021-02-13.
  2. ^ Oliver NicholsonOliver; Canepa, Matthew CanepaMatthew; Daryaee, Touraj DaryaeeTouraj (22 Mar 2018). The Oxford Dictionary of Late Antiquity (بالإنجليزية). Oxford University Press. DOI:10.1093/acref/9780198662778.001.0001/acref-9780198662778-e-2644#. ISBN:978-0-19-866277-8. Archived from the original on 2020-12-24.
  3. ^ ا ب ج د "ḴOSROW II – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-11-18. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-13.
  4. ^ "ARBELA – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-09-28. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-13.
  5. ^ ا ب Foundation, Encyclopaedia Iranica. "Welcome to Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2023-12-10. Retrieved 2023-12-10.
  6. ^ Shayegan 2017, p. 810.
  7. ^ "ḴOSROW II – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-11-18. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-13.
  8. ^ ا ب Kia, Mehrdad (2016). The Persian Empire: A Historical Encyclopedia [2 volumes]: A Historical Encyclopedia (بالإنجليزية). ABC-CLIO. p. 241. ISBN:978-1-61069-391-2.
  9. ^ ا ب ج د ه و "Bahrām VI Čōbīn – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-11-17. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-13.
  10. ^ ا ب Greatrex, Geoffrey; Lieu, Samuel N. C. (2002). The Roman Eastern Frontier and the Persian Wars (Part II, 363–630 AD). New York, New York and London, United Kingdom: Routledge (Taylor & Francis). ISBN 0-415-14687-9.
  11. ^ Martindale, John Robert; Jones, Arnold Hugh Martin; Morris, J., eds. (1992). The Prosopography of the Later Roman Empire, Volume III: A.D. 527–641. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-20160-5.
  12. ^ Rawlinson 2004, p. 509.
  13. ^ ا ب Pourshariati, Parvaneh (2008). Decline and Fall of the Sasanian Empire: The Sasanian-Parthian Confederacy and the Arab Conquest of Iran. London and New York: I.B. Tauris. ISBN 978-1-84511-645-3.
  14. ^ Rezakhani 2017, p. 178.
  15. ^ Daryaee، Touraj؛ Rezakhani، Khodadad (11 يناير 2016). "Sasanian Empire". The Encyclopedia of Empire. Oxford, UK: John Wiley & Sons, Ltd: 1–8. ISBN:978-1-118-45507-4. مؤرشف من الأصل في 2021-02-13.
  16. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط Parvaneh (2008). Decline and fall of the Sasanian empire : the Sasanian-Parthian confederacy and the Arab conquest of Iran. London: I.B. Tauris. ISBN:978-1-4356-9176-6. OCLC:298821333. مؤرشف من الأصل في 2021-02-13.
  17. ^ ا ب "ḴOSROW II – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-11-18. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.
  18. ^ ا ب "BESṬĀM O BENDŌY – Encyclopaedia Iranica". web.archive.org. 22 سبتمبر 2013. مؤرشف من الأصل في 2013-09-22. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  19. ^ ا ب "BESṬĀM O BENDŌY". Encyclopaedia Iranica Online. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.
  20. ^ "ḎŪ QĀR". Encyclopaedia Iranica Online. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.
  21. ^ "ḴOSROW II". Encyclopaedia Iranica Online. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.
  22. ^ "Sebēos, pseudo-Sebeos". Christian-Muslim Relations. A Bibliographical History. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-14.
  23. ^ Mehrdad (2016). The Persian empire : a historical encyclopedia. Santa Barbara, California. ISBN:978-1-61069-391-2. OCLC:951103479. مؤرشف من الأصل في 2020-06-22.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
  24. ^ Greatrex, Geoffrey; Lieu, Samuel N. C. (2005). The Roman Eastern Frontier and the Persian Wars AD 363-628. Routledge. ISBN 978-1-134-75646-9.
  25. ^ J. D. (2006). East Rome, Sasanian Persia and the end of antiquity : historiographical and historical studies. Aldershot, Hampshire, England: Ashgate. ISBN:978-0-86078-992-5. OCLC:64596004. مؤرشف من الأصل في 2017-07-12.
  26. ^ Foss, Clive (1975). "The Persians in Asia Minor and the end of Antiquity". The English Historical Review (بالإنجليزية). XC (CCCLVII): 721–747. DOI:10.1093/ehr/XC.CCCLVII.721. ISSN:0013-8266. Archived from the original on 2021-02-14.
  27. ^ ا ب Walter Emil (2003). Heraclius, emperor of Byzantium. Cambridge, U.K.: Cambridge University Press. ISBN:0-521-81459-6. OCLC:49351729. مؤرشف من الأصل في 2016-10-31.
  28. ^ ا ب Lavender، H. (28 نوفمبر 1992). "Unemployment and health". BMJ. ج. 305 ع. 6865: 1363–1364. DOI:10.1136/bmj.305.6865.1363-e. ISSN:0959-8138. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14.
  29. ^ ا ب "ANNOUNCEMENTS". Anesthesiology. ج. 100 ع. 2: 466–467. 1 فبراير 2004. DOI:10.1097/00000542-200402000-00059. ISSN:0003-3022. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14.
  30. ^ ا ب Gehaltsästhetik. Wilhelm Fink Verlag. 1 يناير 2016. ص. 255–256. ISBN:978-3-8467-5983-7. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14.
  31. ^ "Fine Watch Tools and Machinery". Scientific American. ج. 69 ع. 14: 212–212. 30 سبتمبر 1893. DOI:10.1038/scientificamerican09301893-212. ISSN:0036-8733. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14.
  32. ^ Kaegi، Walter E. (2003-01). "The Byzantine Wars: Battles and Campaigns of the Byzantine Era. John Haldon". Speculum. ج. 78 ع. 1: 189–190. DOI:10.1017/s003871340009936x. ISSN:0038-7134. مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 2021. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  33. ^ Diagnostic Imaging: Obstetrics. Elsevier. 2016. ص. 284–285. ISBN:978-0-323-39256-3. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14.
  34. ^ ا ب Daryaee، Touraj (16 فبراير 2012). "Introduction". Oxford Handbooks Online. DOI:10.1093/oxfordhb/9780199732159.013.0001. مؤرشف من الأصل في 2020-03-03.
  35. ^ ا ب The Cambridge history of Iran. Cambridge,: University Press. 1968–1991. ISBN:0-521-06935-1. OCLC:745412. مؤرشف من الأصل في 2020-11-30.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: تنسيق التاريخ (link) صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  36. ^ Coulter, Steven L. Melvin, Terry. Carden, J. Payne. Mathis, Rick. Hospice Care in a Commercial Preferred Provider Organization Population in Tennessee. OCLC:1051917487. مؤرشف من الأصل في 2021-02-15.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  37. ^ Wenzel، Helene V.؛ Frye، Marilyn (1 أكتوبر 1983). "Philosophy and Passion". The Women's Review of Books. ج. 1 ع. 1: 5. DOI:10.2307/20109650. ISSN:0738-1433. مؤرشف من الأصل في 2021-02-15.
  38. ^ ا ب Matthew P. (2018). The Iranian expanse : transforming royal identity through architecture, landscape, and the built environment, 550 BCE-642 CE. Oakland, California. ISBN:978-0-520-96436-5. OCLC:995630478. مؤرشف من الأصل في 2021-02-15.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
  39. ^ "ḴOSROW II – Encyclopaedia Iranica". iranicaonline.org. مؤرشف من الأصل في 2020-11-18. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-15.
  40. ^ The Oxford handbook of ancient Iran. Oxford: Oxford University Press. 2013. ISBN:978-0-19-973330-9. OCLC:808930446. مؤرشف من الأصل في 2021-02-15.
  41. ^ Abu Leil_0.pdf "الإعجاز الغيبي في القرآن الكريم - رسالة ماجستير من الطالب عمر أبو ليل - جامعة النجاح الوطنية" (PDF). مؤرشف من Abu Leil_0.pdf الأصل (PDF) في 2021-02-12. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدةتحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة)، وتحقق من قيمة |مسار= (مساعدة)
  42. ^ "في تحرير وقت نزول أوائل سورة الروم، وبحث الروايات المتعارضة ظاهرا في ذلك - الإسلام سؤال وجواب". islamqa.info. مؤرشف من الأصل في 2021-02-12. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-11.
  43. ^ "Sassanids vs Byzantines - All Empires". www.allempires.com. مؤرشف من الأصل في 2019-08-05. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-11.
  44. ^ "ص888 - كتاب رحمة للعالمين - تنبؤ عن الروم والفرس وقريش والمؤمنين - المكتبة الشاملة الحديثة". al-maktaba.org. مؤرشف من الأصل في 2021-03-25. اطلع عليه بتاريخ 2021-03-25.
  45. ^ البداية والنهاية/الجزء الرابع/بعثه إلى كسرى ملك الفرس
  46. ^ 1 نسخة محفوظة 21 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  47. ^ الاتحاد, صحيفة (10 Jul 2013). "سراقة بن مالك يلبس سواري كسرى". صحيفة الاتحاد (بar-AR). Archived from the original on 2021-03-03. Retrieved 2021-03-03.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  48. ^ "HORMOZĀN". Encyclopaedia Iranica Online. مؤرشف من الأصل في 2021-02-15. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-15.
  49. ^ "ḴOSROW II". Encyclopaedia Iranica Online. مؤرشف من الأصل في 2021-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-15.

وصلات خارجية

[عدل]
كسرى الثاني
سبقه
هرمز الرابع
شاهنشاه فارس

590

تبعه
بهرام جوبين
سبقه
بهرام جوبين
شاهنشاه فارس

591–628

تبعه
قباذ الثاني