الكيمياء الكمومية أو كيمياء الكم (بالإنجليزية: Quantum chemistry) هو فرع من الكيمياء النظرية يقوم بتطبيق ميكانيكا الكم ونظرية الحقل الكمومي وتقريب بورن-أوبنهايمر لحل قضايا ومسائل في الكيمياء.[1][2][3] أحد تطبيقات الكيمياء الكمومية هي دراسة سلوك الذرات والجزيئات فيما يخص قابليتها للتفاعل. تقع الكيمياء الكمومية على الحدود بين الكيمياء والفيزياء، ويشارك بها مختصون من كلا الفرعين.
سبب تسميته بهذا الاسم يرجع إلى الأعداد الكمية التي هي عبارة عن أعداد تظهر كنتيجة رياضية منطقية تحدد أحجام وأشكال المجالات الإلكترونية.
يعتمد الكيميائيون الكميون التجريبيون بشكل كبير على المطيافية (التحليل الطيفي) الذي يمكن من خلاله الحصول على المعلومات المتعلقة بتكميم الطاقة على المقياس الجزيئي. الأساليب الشائعة هي التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء (IR)، والرنين المغناطيسي النووي الطيف (NMR)، والفحص المجهري بالمسبار الماسح.
تسعى كيمياء الكم النظرية (والتي تصنَّف اعمالها ايضًا تحت فئة الكيمياء الحاسوبية) إلى إيجاد تنبؤات النظرية الكمية حيث أن الذرات والجزيئات تملك طاقات منفصلة، ونظرًا لأن هذه المهمة تسبب عند تطبيقها على الأنواع متعددة الذرات معضلة الاجسام المتعددة لذلك يتم إجراء هذه الحسابات باستخدام أجهزة الحاسوب.
ينطوي ذلك على تفاعل عميق بين الأساليب التجريبية والنظرية. ويقوم الكيميائيون الكميون بهذه الطريقة بالتحقيق في الظواهر الكيميائية.
تدرس كيمياء الكم الحالة القاعية للذرات والجزيئات الفردية، والحالات المثارة، والحالات الانتقالية التي تحدث أثناء التفاعلات الكيميائية.
إن الخطوة الأولى في حل أي معضلة كيميائية كميّة هي عادة حل معادلة شرودنغر (أو معادلة ديراك في كيمياء الكم النسبية) عن طريق مؤثر هاملتوني. وهذا ما يسمى تحديد البنية الإلكترونية للجزيء. يمكننا القول أنّ البنية الإلكترونية لجزيء أو بلورة تدل اساسًا على خواصها الكيميائية. لا يمكن الحصول على حل دقيق لمعادلة شرودنغر إلا من أجل ذرة الهيدروجين (على الرغم من أن الحلول الدقيقة لحالة طاقات الحالة المرتبطة في أيون الهيدروجين الجزيئي قد تم تحديدها حسب شروط دالة لامبرت). بما أن جميع الأنظمة الذرية أو الجزيئية الأخرى تضم حركات ثلاثة أو أكثر من الجسيمات فإن معادلات شرودنغر لا يمكن حلها بدقة ولذلك يجب البحث عن حلول تقريبية.
إن أساس ميكانيكا الكم والكيمياء الكميّة هو نموذج الموجة، حيث تكون الذرة عبارة عن نواة صغيرة كثيفة موجبة الشحنة تحيط بها الإلكترونات. تم اشتقاق نموذج الموجة من الدالة الموجية وهي مجموعة من المعادلات المحتملة المشتقة من التطور الزمني لمعادلة شرودنغر التي تطبًّق على توزيع الاحتمالية المتموجة للجسيمات دون الذرية. وعلى عكس نموذج بور السابق للذرة يصف نموذج الموجة الإلكترونات بأنها سحابة تتحرك في المدارات، ويتم تمثيل مواقعها بتوزيعات احتمالية بدلًا من نقاط محددة. تكمن قوة هذا النموذج في قدرته التنبؤية. ويتنبأ خصيصًا بنموذج العناصر المتماثلة كيميائيًا الموجودة في الجدول الدوري. سُمّي نموذج الموجة بهذا الاسم لأن الإلكترونات تبدي خصائص تقليدية مرتبطة بالموجات (مثل التداخل). عندما نحل معادلة شرودنغر لذرة الهيدروجين في هذا النموذج نحصل على حل يعتمد على بعض الأرقام المسماة بالأعداد الكمية والتي تصف المدار وهو المكان الأكثر احتمالًا لوجود الإلكترون. ويسمى ذلك n العدد الكمي الرئيسي من أجل الطاقة L، أو العدد الكمي الثانوي الذي يرتبط بالزخم الزاوي ويرمز بـ ml للاتجاه و MS للدورة. يمكن لهذا النموذج أن يشرح الخطوط الجديدة التي ظهرت في التحليل الطيفي للذرات. بالنسبة إلى الذرات متعددة الإلكترونات يجب علينا إدخال بعض القواعد لأن الإلكترونات تملأ المدارات بطريقة تقلل من طاقة الذرة لحدها الأدنى من أجل زيادة الطاقة الكلية لها، منها: مبدأ استبعاد باولي، وقاعدة هوند، ومبدأ أوفباو.
على الرغم من أن الأساس الرياضي للكيمياء الكمية قد وُضع في عام 1926 بواسطة شرودنغر، إلا أنه من المعروف بشكل عام أن أول حساب حقيقي في كيمياء الكم أجراه الفيزيائيين الألمانيين فالتر هايتلر وفريتز لندن على جزيء الهيدروجين (H2) في عام 1927. توسعت دراسات هايتلر ولندن بسبب دراستها من قبل الفيزيائي النظري الأمريكي جون سي سلاتر والكيميائي النظري الأمريكي لينوس بولينج لتنتج دراسة رابطة التكافؤ (VB). يتم التركيز في هذه الطريقة على التفاعلات الزوجية بين الذرات، ولذلك تتوافق هذه الطريقة بشكل كبير مع رسومات الكيميائيين الكلاسيكيين للروابط. وهي تركز على كيفية دمج المدارات الذرية لتشكيل روابط كيميائية فردية عند تشكل جزيء. يتغير مفهوم الرابطة الكيميائية عندما يتم النظر في المركبات العضوية، عندها تحتاج إلى تطبيق أفكار الرنين والتهجين التي لا تتوافق مع النظرة الكيميائية للزوج المشترك الثابت من الإلكترونات بين الجزيئات.
خطوة أخرى يمكن أن تتشكل من حل معادلة شرودنغر عن طريق مؤثر هاملتوني لدراسة حركة الجزيئات. ويسمى الحل المباشر لمعادلة شرودنغر بالديناميكيات الجزيئية الكمية.
يتم تمثيل التفاعلات بين الذرات في الديناميكيات ثابتة الحرارة باحتمالات مفردة قياسية تسمى أسطح الطاقة المحتملة. يسمى ذلك تقريب بورن وأوبنهايمر الذين طرحاه في عام 1927. تم تنفيذ التطبيقات الرائدة لذلك في الكيمياء بواسطة رايس ورامسبيرغر في عام 1927 وكاسل في عام 1928، وتم التوسع بها في نظرية رايس ورامسبيرغر وكاسل وماركوس (RRKM) في عام 1952 من قبل ماركوس الذي أخذ بعين الاعتبار نظرية الحالة الانتقالية التي وُضعت من قبل الكيميائي فيرينغ في عام 1935. توفر هذه الطرق تقديرات بسيطة لمعدلات التفاعل غير الجزيئي من بعض خصائص السطح المحتمل.
تتكون الديناميكيات متغيرة الحرارة من التفاعل بين العديد من أسطح الطاقة المحتملة الثنائية (المقابلة للحالات الإلكترونية الكمية المختلفة للجزيء). وتسمى حالات الاقتران هذه بالاقتران متغير الحرارة. وقد تم انجاز عمل مميز في هذا المجال من قبل ستيكلبيرغ ولانداو وزينر في ثلاثينيات القرن العشرين، وسمّيَ عملهم تحول لانداو- زينر.
تنطبق قوانين الميكانيكا الكلاسيكية على الأجسام الكبيرة وعند تطبيق هذه القوانين على الأجسام الصغيرة مثل: الذرات أو الإلكترونات، وجد أن هذه القوانين فشلت في تفسير الظواهر الطبيعية وسلوك هذه الأجسام ولذلك ظهرت نظرية ميكانيكا الكم Quantum mechanism التي استطاعت تفسير سلوك هذه الأجسام بجانب أنها تفسر أيضا سلوك الأجسام الكبيرة.
ومن أهم الظواهر التي فشلت الميكانيكا الكلاسيكية في تفسيرها ونجحت ميكانيكا الكم هي: