العلامة المجلسي | |
---|---|
محمد باقر المجلسي | |
أَبُوعَبْدِ الله مُحَمَّد بَاقِر بِن مُحَمَّد تَقِي بِن مَقْصُودْ عَلِي المَجْلِسِي الأَصْفَهَانِي | |
محمد باقر المجلسي
| |
معلومات شخصية | |
الميلاد | 1037 هـ أصفهان |
الوفاة | 3 رمضان 1111هـ /
29 مارس 1699 (72-73 سنة) أصفهان |
الإقامة | أصفهان |
مواطنة | الدولة الصفوية |
أسماء أخرى | المجلسي الثاني |
اللقب | العلامة المجلسي |
المذهب الفقهي | شيعي |
الأولاد | عبد الله |
الأب | محمد تقي المجلسي |
الأم | بنت صدر الدين القمي |
الحياة العملية | |
العصر | الدولة الصفوية |
أعمال | بحار الأنوار ، حلية المتقين ، زاد المعاد |
تعلم لدى | محمد تقي المجلسي، ومحمد صالح المازندراني، والفيض الكاشاني، ومحمد بن الحسن الحر العاملي |
التلامذة المشهورون | نعمة الله الجزائري، وسليمان الماحوزي |
المهنة | محدث |
اللغات | الفارسية، والعربية |
مجال العمل | التاريخ والحديث |
أعمال بارزة | بحار الأنوار، وحلية المتقين |
المواقع | |
الموقع | موقع العلامة المجلسي |
مؤلف:محمد باقر المجلسي - ويكي مصدر | |
تعديل مصدري - تعديل |
أَبُوعَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بَاقِرْ بِنُ مُحَمَّدٍ تَقِيِّ بِنُ مَقْصُوْدٍ عَلِيٍّ المَجْلِسِيُّ الأَصْفَهَانِيُّ[1] (3 رمضان 1037 هـ - 27 رمضان 1111 هـ) / (1627 م - 1 سبتمبر 1699)؛[2] هو رجل دين وفقيهٌ ومرجع ومُحدِّث شيعي إمامي إثنا عشري، لُقب بعدة ألقاب منها «العلامة المجلسي»،[3] و«المجلسي الثاني»،[4] يعود أصله إلى أحمد بن عبد الله المعروف بالحافظ أبو نعيم (336 هـ - 430 هـ) صاحب الكتاب المشهور المسمى حلية الاولياء في طبقات الاصفياء،[5] ولد المحدث المجلسي في شهر رمضان يوم ثلاثة سنة 1037 هـ في مدينة أصفهان في عصر الدولة الصفوية، تربى على يده والده محمد تقي المجلسي وكان يعيش خلف مسجد الجامع بأصفهان، وتتلمذ على يد كبار علماء الشيعة في عصره من أمثال الحر العاملي والفيض الكاشاني وعلي خان المدني ومحمد صالح المازندراني وغيرهم.[6]
له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب "بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الإئمة الأطهار" الذي يعد من أكبر كتب الحديث عند الشيعة،[7] عاش المجلسي في عصر الدولة الصفوية، وكان والده محمّد تقي المجلسيّ من مفاخر علماء الشّيعة فيها إنذاك، وكان للمجلسي منزلة ونفوذ في البلاط الصفوي، حيث تصدّى لمنصب شيخ الإسلام في أواخر حكم الشاه سليمان وأوائل عهد الشاه سلطان حسين الصفويين،[8] وهو أعلى منصب ديني في تلك الأيّام،[9] تتلمذ على يده كثير من علماء الشيعة كنعمة الله الجزائري وعبد الله الأفندي الأصفهاني ومحمد المشهدي وغيرهم،[10] توفي في السابع والعشرين من شهر رمضان 1111 هـ، وكان عمره 73 عامًا.[11]
ولد المجلسي في مدينة أصفهان[35] في شهر رمضان[36] سنة 1037 هـ،[37] في عصر الدولة الصفوية[38] وبالتحديد في زمن حكومة الشاه عباس الأول،[39] وذكر عبد الحسين الحسيني الخاتون آبادي أن ولادته كانت عام ألف وسبعة وثلاثين هجرية دون ذكر شهر رمضان،[40] وقال المجلسي عن يوم ولادته: «ومن الغرائب أنه وافق تاریخ ولادتي عدد: «جامع کتاب بحار الأنوار»»،[41] وقال يوسف البحراني: «و منه يظهر أن مولده كان السنة السابعة والثلاثين بعد الألف»،[42] لكن الآغا أحمد البهبهاني ذكر أن ولادته كانت في أول سنة ألف وثمانية وثلاثين هجرية.[43]
نشأ المجلسي مع والده في أصفهان وكان يعيش خلف مسجد الجامع باصفهان وهو من أقدم المساجد في إيران، ويعود إنشاؤه إلى عام 771م، وكان المنزل الذي يعيش فيه صغيرًا، يضم ساحة وثلاثة غرف، وغرفة كبيرة يطلق عليها «براني» كان يستقبل فيها الضيوف والمراجعین، وكان والده شديد الرعاية به وكان يدعوا له دائما ويوري الآغا أحمد البهبهاني قوله: «سمعت من بعض الثقات أن والده المولی محمد تقي قد قال: «إن في بعض الليالي بعد أن فزعت من صلاة الليل والبكاء والتضرع إلى الله القادر على الإطلاق عرضت لي حالة عرفت منها أن الله تعالی سیستجیب لي كل ما أسأله، وكنت افكر ماذا أسأله من الأمور الأخروية أو الدنيوية؟ بينما أنا على ذلك إذا سمعت صوت بكاء محمد باقر في المهد فقلت: إلهي بحق محمد وآل محمد و اجعل هذا الطفل من مروجي الدين وناشر أحكام سيد المرسلین صلی الله عليه وآله ووفقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها»، وكان المجلسي الأول ينهى زوجته أن ترضعه إلا أن تكون على وضوء.[44] وبعد أن حظى بمقام سامي عند البلاط الصفوي وصل إلى درجة من النعيم وبسط اليد وأصبحت حالته المادية جيدة جدا، وقال میرزا حسن خان الحائري الأنصاري بشأن حياة المجلسي المادية: «لقد وصل - قدس سره - إلى درجة من النعيم وبسط اليد بحيث أن جواري مطبخه كن يلبسن ثياب ترمة صنع کشمیر، قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده»،[45] وقد تصدى للإفتاء وعمره عشرون سنة، أي في حياة والده.[46]
عكف المجلسي على طلب العلم منذ نعومة أظفاره، فتتلمذ على والده، وأنكبّ في عنفوان شبابه على طلب العلوم بأنواعها، ثمّ صرف همّته إلى تتبع كتب الحديث، والبحث عن أخبار وآثار أئمّة أهل البيت، وجمعها وتدوينها ودراستها، وقد أبدى رغبة كبيرة في طلب العلم ووصف تلك الفترة بقوله: «إني كنت في عنفوان شبابي حريصا على طلب العلوم بأنواعها مولعاً باجتناء فنون المعالي من أفنانها فبفضل الله سبحانه وردت حياضها وأتيت رياضها وعثرت على صحاحها ومراضها حتى ملأت كمّي من ألوان ثمارها واحتوى جيبي على أصناف خيارها وشربت من كل منهل جرعة روية وأخذت من كل بيدر حفنة...».[47]
كان المجلسي كثير الترحال والسفر، حيث سافر مع والده إلى النجف الأشرف قبل عام 1060 هـ، وهي سنة وفاة شيخه في الإجازة شرف الدين علي بن حجة الله الشولستاني، ولقد أجازة له في النجف الأشرف، وسافر إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وذلك حدود عام 1070 هـ، حيث قال: «شرفني الله تعالی بصحبته الشريفة في طريق الحج، فارتبطت بجنابه واهتديت بنور هدايته، وأخذت في تتبع كتب الفقه والحديث وعلوم الدين، وصرفت في خدمته أربعين سنة من بقية عمري متمتعة بفيوضاته، مشاهدة آثار کراماته، واستجابة دعواتهم»، وسافر إلى مكة عام 1080هـ أيضا، وسافر إلى مشهد علي الرضا في عامي 1085 هـ - 1086 هـ، وسافر إليه مره آخرى في عامي 1088هـ - 1089هـ.[48]
عين العلامة المجلسي سنة 1098هـ بمنصب شيخ الاسلام في أصفهان، عينه الشاه سليمان الصفوي، وكان لقب شيخ الاسلام كان أعلى منصب ديني في ذلك العصر، ومن المهمام التي وكلت إليه حين تقلد المنصب: حل النزاعات والدعاوى، إدارة كافة الشۆون الدينية، حيث كانت جميع الأموال ترسل اليه، تولي مسؤولية أبناء السبيل واليتامي وغيرها.[49]
ذكر عبد الحسین الخاتون آبادي أنه توفي في 27 رمضان سنة 1111 هـ، قائلًا: «توفي المولی محمد باقر المجلسي في السابع والعشرين من شهر رمضان عام ألف ومائة وأحد عشر»، وقال يوسف البحراني: «توفي - طاب ثراه - للسنة الحادية عشرة بعد الماءة والألف، وتاريخه: «غم وحزن»»،[51] إلا ان الخونساري صاحب كتاب الروضات نقل عن كتاب حدائق المقربين أن تاريخ وفاة العلامة المجلسي في 28 رمضان / 1110 هـ وليس 1111 هـ.[52]
وبعد وفاته رثاه أحد الأشخاص بقوله باللغة الفارسية:[53]
دفن بأصفهان في الباب القبلي من جامع العتيق في القبّة الّتي دفن فيها أبوه، ودفن قرب عدة من العلماء الذين منهم:[54][55]
جاء في وصية العلامة المجلسي:[62][63]
«أما بعد: فهذا ما أوصى به المذنب الخاطىء العائر المقر القاصر ابن المولی محمد تقي، محمد باقر أوتیا کتابهما يمينا، وحوسبا حسابا يسيرا إلى أولاده وأقاربه وعشائره وأصدقائه وإخوانه وخلانه وسائر المؤمنين، أوصيهم بشهادة أن لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وأن محمد سيد الأنبياء ونخبة الأصفياء، عبده ورسوله ونبيه وحبيبه وخليله، وأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة الأحد عشر من ولده، الذين خاتمهم قائمهم معصومون مطهرون منصوصون بالإمامة والخلافة من الله ومن رسوله صلوات الله عليهم وأجمعين، وهم حجج الله على الخلق وأشرف الخلائق بعد سید المرسلين، وأن الموت حق، وسؤال القبر حق، والبعث حق، والنشور حق، والرجعة التي تفردت بها الإمامية حق، وأن الصراط والميزان والحساب والجنة والنار حق، وأن جميع ما جاء به النبي كما بينه و أوضحه وأوصياؤه على حق، وأن الله هو الحق المبين، على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء الله، ثم أوصيهم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، واتباع أوامره، واجتناب مساخطه، والتوكل عليه في جميع أمور الدنيا والدين، والتمسك بحبل الله المتين، أعني اقتفاء آثار الائمة الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين، وبذل الجهد في نشر آثارهم وترويج أخبارهم، فإني لا أعلم في هذا الزمان وسيلة يرتقى بها إلى الدرجات العالية والسعادات الباقية أوثق منها، وقد بينت ما تبين لي من طرق النجاة ببرکات الأئمة الهداة في تصانیفي العربية والفارسية ما يكفي لطالب الحق واليقين، لا سيما رسالتي العقائد، وحق اليقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، ثم إني أوصي أولادي بالتوافق والتراحم والتعاطف، وأن يوقر صغيرهم كبيرهم، ويرحم كبيرهم صغيرهم، ولا يختلفوا في شيء من أمورهم، فيغلب أعداؤهم عليهم، وجعلت ولاية صغار أولادي وأداء ديوني والعمل بوصاياي إلى قرة عيني وفلذة كبدي محمد رضا بنظارة الفاضلين العالمين العاملين الذكيين التقيين: حبيب قلبي وابن أخي مولانا محمد نصير والسيد الأيد العلامة الأمير محمد صالح مع حضورهما، وإلا فكل من حضر منهما، فليتوافقوا وليترافقوا ويهتموا لله تعالى، ورعاية لبعض حقوقي إن أذعنوا أن لي عليهم حقا، فأول وصيتي إليهم رعاية صغار أولادي، وتعليمهم وتربيتهم بلطف ورفق، وعدم تضييق الأمر في المعيشة عليهم، ثم قضاء دیوني المظنونة عندهم وإن لم يثبت شرعًا، وليبذلوا جهدهم في إبراء ذمتي من حقوق الله تعالی وحقوق الناس، وأحب أن يدفنونني إن مت في هذا البلد في جوار والدي قدس الله روحه إن تیسر مکان مناسب، ولو برفع الضفة المفتوحة إلى الخارج إلى قدر يمكن إحداث قبر ولحد فيه، بحيث لا يضر بما تحته، أو في وسط القبة مقابل قبر والدي في موضع يعرفه الأخ في الله آقا جلال المعروف، وفقه الله، وإن أمكن شراء مكان قريب من مدفنه قدس سره، کبیت الحكيم الذي أخذه ابن اختي السيد حسين علي، فإنه يمكن إحداث طريق بينهما فوق الشارع أو تحته. فليشتروا في وليوقفوا لمدفني ومدفن أولادي وأقاربي، ثم إني وقفت من تصانيفي كل ماکان بخطي كلها أو بعضها - أي نسخ الأصل - على كافة المؤمنین عربية كانت أم فارسية، وكذا النسخ التي جعلتها منتسخة للناس، وفوضت توليتها إلى أصلح أولادي الذكور، ثم إلى أصلح أولاد | أولادي الذكور، ومع التساوي في الصلاح فالأعلم مع ترتب الأعلى على الأسفل، مع وجود صالح فيهم يضبطها | ويبذلها لمستحقها، ومع فقدهم الصالح بينهم والعياذ بالله فإلى أصلح أولاد إخواني، ثم إلى أصلح أولاد بناتي، ثم إلى | اصلح أولاد أخواتي ومع فقدهم والعياذ بالله فإلى العالم المحدث الموافق لمسلکي من تلامذتي بواسطة أو بدونها ومع التعدد والاشتباه أو التشاح في جميع المراتب فإلی من عينته القرعة الشرعية، ومع وجود الولد النحرير الصالح ملا محمد رضا ينبغي للمتولي أن لا يأخذ الكتب من يده، فإنه أعرف بمواقعها، و ألتمس من أولادي أن لا يتركوا من له صحبة قديمة معي، ولا يدخلوا في امورهم من ليس له عهد ولا وفاء ولا نصيحة، وكذا تولية الكتب التي وقفتها من نماء الحمام الذي وقفه السلطان المبرور المغفور السلطان سليمان أحله الله أعلى غرف الجنان إلى الجماعة المذكورة بالترتيب المسطور، وكذا تولية جميع الكتب التي كانت لي ابتداء أو بعد والدي نور الله ضريحه، ککتب الحديث للحافظ کاظم وللسيد محمد علي رحمة الله عليهما، وكتب الحديث للسيد المبرور الشاه أبو تراب حشره الله مع الأئمة الطاهرين، وكتب السيد الجليل السيد حسن من آل برای روح الله روحه، وكتب میرزا غیاث وغيرها، وكتب والدي العلامة رفع الله مقامه، التهذيب في مجلدين وقد قوبل مع النسخة البهائية مرارة، والمجلد الأول من الكافي، والفقيه، وكتاب الرجال للسيد مصطفى ، الذي عليه حواشيه بخطه الشریف، وكل ما كان من تصانيفه بخطه قدس الله لطيفه من العربية والفارسية، كلها وقف على كافة المؤمنين، وكذا الصحيفة الكاملة بخطه، والمجموعة المشتملة على الأشعار وغيرها بخطه، والتولية في الجميع على الترتيب المذكور، وكذا کل قرآن أو صحيفة أو سائر الكتب التي كنت ناظراً عليها، أو متوليًا فيها، إلا إذا كان الشرط في الوقف على خلاف ما ذکر، فليعمل بمقتضاه، وملك کربکندي وقف على وجوه البر، فليجمع نماؤه، ويصرف في ليالي الجمع وايامها وسائر الأزمنة الشريفة إلى الفقراء والمساكين من السادات وغيرهم، وكذا نماء الأرض التي في حوالي اشکاوند من أوقاف جدة محمد رضا ولدي، ونماء الخان الواقع في تل عاشقان، مصارفه معلومة في الوقفية، وسائر الوصايا كتبتها في ورقة أخرى، وجعلتها في جوف تلك الورقة، والجميع بخطي وعليها ختمي فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه.»
كان المجلسي محافظًا على جميع اوقاته موظفا تلك الاوقات في سبيل اللّه واعلاء كلمته، وكان لسانه دائما يلهج بذكره جل وعلا، وقد نقل عنه تلميذه نعمة اللّه الجزائري ذلك، حيث قال: «رافقته سنين طويلة، وكان معي ليل نهار، -وخلال هذه المدة الطويلة كان شديد الحذر في أعماله المباحة، فكيف يمكن ان يُتصور منه المكروه؟» ونقل عنه العلامة محمد صالح الخاتون آبادي، أذ قال: «اهتم العلامة المجلسي باقامة صلاة الجماعة، وكذلك صلاة الجمعة، وأحيا ليالي شهر رمضان المبارك بالعبادة والذكر، وإلقاء المواعظ والخطب في المساجد».[64]
انتشرت في زمان المجلسي آراء الصوفية في أنحاء إيران، فلم يتحمّل مشاهدة تلك الانحرافات، فأخذ يكشفها للناس عن طريق الخطب والكلمات وتأليف الكتب التي تفضح مثل هذه الانحرافات، وتوضيح النهج الصحيح للإسلام- من وجهة نظره-.
وعندما كان المجلسي رئيسًا لدار السلطنة في إصفهان أيّام حكم الدولة الصفوية، انتشرت كذلك بعض المفاسد الأخلاقية، وكان على رأس تلك المفاسد شرب الخمور، واستطاع أن يُقنع السلطان حسين الصفوي بإصدار أمر يقضي بمنع تعاطي الخمور، ومعاقبة كلّ مَن يخالف ذلك.[65][66]
كان المجلسي يسعى دائمًا لرفع احتياجات الفقراء، والدفاع عن حقوقهم المغتصبة من قبل الظالمين، ويسعى بشتّى الطرق لدفع الظلم عنهم، وكان يحاول إيصال أخبار المحتاجين والفقراء إلى أسماع ولاة الأمر؛ لكي يقوموا بتحمّل مسؤوليّاتهم تجاههم.[65]
بذل المجلسي طاقاته ومساعيه كافة في سبيل الدفاع عن العلماء، وتأمين رفاههم وتحسين ظروف مـعـيـشـتـهم، وفي خلال عمره لم يتعرض العلماء أو الروحانيون لأي نقص في أمورهم المعيشية.[64]
كان المجلسي في بدابة الأمر يرى أن الفلسفة لابأس بها، إلا أنه في وقت لاحق أصبح شديد الإنكار على المتفلسفين، حيث كتب عام 1057 هـ / مجموعة من الرسائل الفلسفية والكلامية، وصدر كتاب السماء والعالم من كتابه «بحار الأنوار» بخطبة ضمنها بعض المصطلحات الفلسفية، وقال المجلسي في كتاب آخر: «ترك أكثر الناس في زماننا آثار اهل بیت نبتهم، واستبدوا بأرائهم ، فمنهم من سلك مسلك الحكماء الذين ضلوا وأضلوا، ولم يقروا بنبي، ولم يؤمنوا بكتاب، واعتمدوا على عقولهم الفاسدة، وآرائهم الكاسدة، فاتخذوهم أئمة وقادة ، فهم يأولوا النصوص الصريحة عن أئمة الهدی صلوات الله عليهم بأنه لا يوافق ما ذهب إليه الحكماء، مع أنهم يرون أن دلائلهم وشبههم لا تفيد ظنأ ولا وهمأ، بل ليس أفكارهم إلا كنسج العنكبوت ، و أيضا يروون تخالف أهوائهم و تباین آرائهم، فمنهم مشاؤون، ومنهم إشراقيون، قل ما يوافق رأي إحدى الطائفتين رأي الأخرى، ومعاذ الله أن يتكل الناس إلى عقولهم في أصول العقائد، فيتحيرون في مراتع الجهالات ، و لعمري أنهم كيف يتجرؤون أن يأولوا النصوص الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة، لحسن ظنهم بیوناني کافر، لا يعتقد دین و مذهب».
نعرف من كتابتة لهذه الرسائل الفلسفية والكلامية أنه كان درس الفلسفة والكلام في عنفوان شبابه، ولم يكن موقفه اتجاه هذين العلمين ناشئا عن جهله بهما.
وقد التحق لاحقًا بجماعة من العلماء الذين ثاروا ضد الفلسفة بعد أن رأى إفراط الحوزات العلمية في تعلم هذا العلم وتركها لأحاديث أهل البيت، مما سبب ابتعادهم عن شريعة السماء.
وقال أيضًا بشأن هجر وإعراض الناس في زمانه عن القرآن وأخبار أهل البيت وخلط الحقائق الشرعية بالمصطلحات الفلسفية: «و في قريب من عصرنا لما ولع الناس بمطالعة كتب المتفلسفين، ورغبوا عن الخوض في الكتاب والسنة وأخبار الأئمة الدين ، وصار بعد العهد عن أعصارهم لا سبية لهجر آثارهم ، وطمس أنوارهم ، واختلطت و دنية ، صارت هذه المسألة معترك الآراء ومصطدم الأهواء، فمال ابهات المضلين، وروجوها بين المسلمين، فضلوا وأضلوا، وطعنوا على أتباع الشريعة حتى ملوا وقلو».
ويقول بشأن المعاد الجسماني الذي أشتغله فيه المتفلسفين كثيرًا: «اعلم أن القول بالمعاد الجسماني مما اتفق عليه جميع المليين، وهو من ضروریات الدین و منکره خارج عن عداد المسلمين، والآيات الكريمة في ذلك ناصة لا يعقل تأويلها، والأخبار فيه متواترة لا يمكن ردوها ولا الطعن فيها، وقد نفا أكثره ملاحدة الفلاسفة تمسكة بامتناع إعادة المعدوم ولم يقيموا دليلا عليه، بل تمسکوا تارة بادعاء البداهة، واخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة واليقين و ترك تقليد الملحدين من المتفلسفين».[67]
وعن سبب تركه الفلسفة والحكمة يقول التنكابني: «كان العلامة المجلسي يدرس المعقول ، ففي يوم من الأيام أخذ يشرح المذهب الدهري، فقال أحد الطلاب: هذا المذهب حق، وقام من مجلسه ليخرج، | فأضر عليه العلامة المجلسي ليجلس کي يسمع أدلة رد هذا المذهب، لكنه أعاد قوله: هذا المذهب حق، ولا رد عليه. فبعد هذا قد ترك المجلسي تدريس الكلام والحكمة».[68]
كان المجلسي شديد الإنكار على المتصوفة وكتب كتبا كثيرة في الرد عليهم حتى أنه أتهم أنه يضطهدهم[69] حيث قال في كتابه الإعتقادات: «وطائفة من أهل دهرنا اتخذوا البدع ديناً يعبدون الله به، وسموه بالتصوف، فاتخذوا الرهبانية عبادة مع أن نبينا قد نهى عنها، وأمر بالتزويج، ومعاشرة الخلق، والحضور في الجماعة، والاجتماع مع المؤمنين في مجالسهم، وهداية بعضهم بعضاً، وتعلّم أحكام الله تعالى وتعليمها، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وزيارة المؤمنين، والسعي في حوائجهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله، ونشر أحكام الله، والرهبانية التي ابتدعوها تستلزم ترك جميع تلك الفرائض والسنن ، ثم إنهم في تلك الرهبانية أحدثوا عبادات مخترعة؛ فمنها الذكر الخفي، الذي هو عمل خاص على هيئة خاصة لم يرد به نص ولا خبر، ولم يوجد في كتاب ولا أثر، ومثل هذا بدعة محرمة بلا شك ولا ريب. قال رسول الله: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار». ومنها الذكر الجلي الذي يتغنون فيه بالأشعار، ويشهقون شهيق الحمار، ويعبدون الله بالمكاء والتصدية. ويزعمون أن ليس لله تبارك وتعالى عبادة سوى هذين الذكرين المبتدعين، ويتركون جميع السنن والنوافل، ويقنعون من الصلاة الفريضة بنقر كنقر الغراب، ولولا خوف العلماء لكانوا يتركونها رأساً، ثم إنهم لعنهم الله لا يقنعون بتلك البدع؛ بل يحرفون أصول الدين، ويقولون بوحدة الوجود، والمعنى المشهور في هذا الزمان المسموع من مشائخهم، كفر بالله العظيم، ويقولون بالجبر وسقوط العبادات وغيرها من الأصول الفاسدة السخيفة ، فاحذروا يا إخواني، واحفظوا إيمانكم وأديانكم من وساوس هؤلاء الشياطين وتسويلاتهم، وإياكم أن تخدعوا من أطوارهم المتصنعة التي تعلقت بقلوب الجاهلين.»[70] وذكر آغا بزرك الطهراني أن العلامة المجلسي نهی تلميذه نعمة الله الجزائري عن إتمام کتابه «مقامات النجاة في شرح الأسماء الحسنی» وذلك بسبب ما أورد فيه من المقامات العرفانية والأشعار المناسبة بمذاق العرفاء.[71]
أورد حسين النوري الطبرسي في كتابه «الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي» قائمة بأسماء أساتذة ومشايخ المجلسي بلغ عددهم 18 شيخًا، ومن أبرزهم:[31]
نقل البعض أن عدد تلامذة المجلسي بلغ الألف،[82] كل منهم عالم في الفن الذي تخصص فيه، وذكر منهم الميرزا حسين النوري 49 تلميذاً، وذكر أحمد الحسيني 272 من تلامذته الذين أخذوا منهم الإجازة، ومن أبرزهم:[83]
كان للمجلسي منزلة ونفوذ في البلاط الصفوي، وعرف بإنتقاده الشديد للفلسفلة والعرفان والتصوف، مما أدى إلى إتهامه بعدة تهم من قبل المستشرقين، وأغلب الانتقادات الموجهة إلى المجلسي هي انتقادات بشأن الحياة السياسية له مع حكومة الدولة الصفوية، ومن الأنتقادات الموجهة إليه:
للمجلسي أكثر من سبعين مؤلفاً باللغتين العربيَّة والفارسيَّة، وقد عرَّبت معظم كتبه الفارسيَّة، كما ترجمت بعض المؤلَّفات العربيَّة إلى الفارسيَّة، وكذا ترجمت بعض كتبه العربيَّة والفارسيَّة إلى لغات أخرى كالأردويَّة والإنگليزيَّة وغيرها من اللغات.[117]
ويعد من أبرز مؤلفاته على الإطلاق، ومن أهم المصادر الجامعة للأحاديث عند الشيعة، ويتكون من 110 مجلدًا، وقد مُنعت طباعة بعض الأجزاء في إيران،[118] المتضمنة لأبواب المطاعن على أبي بكر، وعمر بن الخطاب، وعثمان، وعائشة، وحفصة.[119]
وسبب التأليف يقول المجلسي:«ثم بعد الإحاطة بالكتب المتداولة المشهورة تتبعت الأصول المعتبرة المهجورة التي تركت في الأعصار المتطاولة والأزمان المتمادية إما لاستيلاء سلاطين المخالفين وأئمة الضلال أو لرواج العلوم الباطلة بين الجهال المدعين للفضل والكمال أو لقلة اعتناء جماعة من المتأخرين بها اكتفاء بما اشتهر منها لكونها أجمع وأكفى وأكمل وأشفى من كل واحد منها. فطفقت أسأل عنها في شرق البلاد وغربها حينا وألحّ في الطلب لدى كل من أظن عنده شيئا من ذلك وإن كان به ضنينا».«و لما رأيت الزمان في غاية الفساد ووجدت أكثر أهلها حائدين عما يؤدي إلى الرشاد خشيت أن ترجع عما قليل إلى ما كانت عليه من النسيان والهجران وخفت أن يتطرق إليها التشتت لعدم مساعدة الدهر الخوان.... فأرجو من فضله سبحانه على عبده الراجي رحمته وامتنانه أن يكون كتابي هذا إلى قيام قائم آل محمد عليهم الصلاة والسلام والتحية والإكرام مرجعا للأفاضل الكرام ومصدراً لكل من طلب علوم الأئمة الأعلام»[120] وفد أشاد بها كثير من علماء الشيعة من أمثال الخميني[121] وآغا بزرك[122] ومحمد حسين الطبطبائي[123] ، وكتبت حولها الكثير من الدراسات التي من أهمها كتاب سفينة البحار لعباس القمي، وقد طبع كتاب بحار الأنوار في 110 مجلد لأول مرة في طهران ثم تم طبعه في مؤسسة دار الكتب الإسلامية وتم نشر نفس النسخ من قبل مؤسسة دار الإحياء والوفاء، وطبع في 54 مجلد بيروتي و 38 مجلد إيراني في الآونة الأخيرة.[124] (تحميل الكتاب PDF)
الاعتقادات أو العقائد هو كتاب أو رسالة من تأليف المُحدّث الشيعي محمد باقر المجلسي المعروف عند الشيعة بلقب العلامة المجلسي، وتُسمّى هذه الرسالة كذلك باسم الرسالة الليلية لأن الشيعة ينقلون أن المجلسي كتبها في ليلة واحدة بمشهد علي بن موسى الرضا في إيران.[125] ويُقال لهذه الرسالة كذلك اعتقادات المجلسي تمييزاً لها عن رسالة الاعتقادات للصدوق. وتتميز هذه الرسالة أن المجلسي كتبها بعد أن أنهى موسوعته الكبيرة بحار الأنوار الجامعة لدرر الائمة الأطهار والتي هي موسوعة ضخمة فيها الكثير من أحاديث النبي محمد وأهل بيته عن طرق الشيعة، ولذلك يقول الشيعة أن المجلسي قد استوعب وحقق كثيراً في الأحاديث والسنة التي هي من الأدلة التي يرجع إليها الشيعة في اعتقاداتهم فبنى عليها ما كتبه في رسالة الاعتقادات.[126](تحميل الكتاب PDF)
زاد المعاد هو كتاب باللغة الفارسية يتضمن طائفة من الأعمال المستحبة فرغ منه سنة 1107 هـ، وهو في سنين عمره الأخيرة، يتضمّن الكتاب مجموعة من الأدعية والزيارات والأعمال المستحبة للأيام والأسابيع والشهور مع نبذة مختصرة عن بعض الأحكام الشرعية. وقد استحوذ الكتاب على الساحة وكان هو المتداول في أوساط المؤمنين قبل صدور كتاب «مفاتيح الجنان» الرائج تداوله اليوم بين الناس. ويتحد الكتاب عنواناً مع كتاب «زاد المعاد في هدي خير العباد» لابن قيم الجوزية في الفقه وسيرة النبي الأكرم عند أهل السنة ، حظي الكتاب باستقبال واسع من قبل القراء وقد طبع في الكثير من البلدان وذلك قبل صدور كتاب مفاتيح الجنان وانتشاره، والجدير بالذكر أن حجم زاد المعاد يبلغ نصف كتاب المفاتيح، وقد تصدى السيد حسن الموسوي لترجمة الأدعية إلى اللغة الفارسية، فيما تصدت مؤسسة الأعلمي للمطبوعات لتعريب الكتاب ونشره.[127](تحميل الكتاب PDF)
لقد اعتنى العلماء والباحثون قديماً وحديثاً بترجمة المجلسي، وأفرده بالترجمة غير واحد في كتب مستقلة، ومنهم:
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف |9&dq=
تم تجاهله (مساعدة)
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة)
{{استشهاد ويب}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة)
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)