هذه المقالة بحاجة لمراجعة خبير مختص في مجالها.(أبريل 2019) |
جزء من سلسلة مقالات حول |
الإسلام |
---|
بوابة الإسلام |
خلق القرآن وعرفها البعض بـ محنة خلق القرآن وهو فكر انتشر في عهد الخليفة العباسي المأمون من قبل فرقة المعتزلة والتي تدّع أن القرآن مخلوق وكلام الله مخلوق وهو ما ابتدع القول به الجهم بن صفوان،[1][2][3] واقتنع بهذا الرأي الخليفة المأمون وطالب بنشر هذا الفكر وعزل كلِّ قاضٍ لا يؤمن بهِ. وهو ما لقي معارضة واستهجاناً كثيراً من الائمة مثل الإمام أحمد بن حنبل والذي تحمل من أجل ذلك الكثير من التعذيب حتى قام الخليفة المتوكل بإنهاء هذه المحنة وأفرج عنه.[4]
كان ظهور فرقة المعتزلة تأسيسا لما أصبح يسمى بعلم الكلام الذي اختص بدراسة قضايا العقيدة، أما في الواقع فقد مثل المعتزلة بداية التفاعل مع التصور السائد الديني والمعرفي والفكري في البلاد المفتوحة وبداية تعديل تفسير النص المقدس وفق أسس عقلية تحديدا. لقد كانت مدرستا النقل في الحجاز والعقل في العراق في مقاربة القضايا الفقهية قد تمايزتا لتحددا المقاربتين الأبرز للنص المقدس. وهكذا إلى جانب القضايا السياسية الساخنة المتعلقة بقضية الإمامة وتبرير ظهور «الملك العضوض» (الحاكم المطلق) برزت قضية هامش ودور العقل في مقاربة النص المقدس وتفسيره. أراد المعتزلة أن يفسروا النص المقدس بما يحقق انسجامه مع مقتضيات العقل فيما اعتمدت مدرسة أهل الحديث على مبدأ تقديم النقل على العقل. ومن هذه المقدمة وصل المعتزلة إلى نفي صفات الذات الإلهية فأبطلوا أن تشاركه في القدم ومن هذا النفي كان اعتبارهم القرآن مخلوقاً أي محدثاً. ومن هنا بدأت المحنة، أو محنة خلق القرآن وهي تعدّ تتابع أحداث في التاريخ الإسلامي بداية من 218 هـ / 833م واستمرت قرابة خمسة عشر عاماً.
إن من أسباب نشوء المحنة كان محاولة من الخليفة العباسي المأمون في عام 218 هـ / 833م لفرض آرائهِ الفلسفية حول عدة مواضيع. وكان يتلخص في سؤال واختبار أشخاص بعينهم، فيما يرونه من وجهة نظرهم، حول ما إذا كان القرآن مخلوقا أم لا. فكل الطوائف أجابت أن القرآن هو الكلمة التي لم تمسها شائبة منسوبة إلى الله العلي، بما يعنى أن القرآن كلام الله ولم يخلق. وكانت المسألة هل القرآن مخلوق؟ (هذا هو موقف ورأى المأمون)، أم أن القرآن هو كلام الله. وكان هذا الجواب الأخير لايخلو من العواقب من قبل المحققين واتخذت ذرائع ضد من رفض الزعم بخلق القرآن، بما فيها الفصل من الوظيفة العمومية، والسجن، وحتى الجلد أيضا. واستمرت المحنة بعد وفاة المأمون وفي عهد خلفه المعتصم بالله والواثق بالله وانتهت عام 861م بوصول المتوكل على الله.
قال سليمان بن عبد الله السجزى أتيت إلى باب المعتصم فدخلت الدار، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم أقبل، فجلس على الكرسي، ثم قال يحضر أحمد بن حنبل، فأحضر فلما وقف بين يديه وسلم عليه، قال له يا أحمد تكلم ولا تخف، فقال أحمد والله يا أمير المؤمنين، لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع، فقال له المعتصم ما تقول في القرآن؟ فقال كلام الله، قديم غير مخلوق، قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ}[5]، فقال له عندك حجة غير هذا؟ فقال أحمد نعم، يا أمير المؤمنين قوله تعالى: {الرَّحْمَن () عَلَّمَ الْقُرْآن}[6]، ولم يقل الرحمن خلق القرآن، وقوله تعالى: {يس () وَالْقُرْآنِ الْحَكِيم}[7]، ولم يقل «يس والقرآن المخلوق» فقال المعتصم احبسوه، فحبس وتفرق الناس.
فلما أصبحت قصدت الباب، فأدخل الناس، فدخلت معهم، فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال هاتوا أحمد بن حنبل؛ فجئ به، فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟ فقال: بخير، والحمد لله، إلا أنى رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمراً عجباً، قال له وما رأيت؟ قال قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين فقرأت في ركعة قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}[8]، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس}[9]، في الثانية {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}[8]، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}[10]، ثم جلست وتشهدت وسلمت، ثم قمت فكبرت وقرأت {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}[8]، وأردت أن أقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد}[11]، فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر، فمددت عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مسجى ميتاً، فغسلته وكفنته، وصليت عليه ودفنته، فقال له ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟ فقال له أحمد فأنت كذا تقول إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت، فقال المعتصم قهرنا أحمد، قهرنا أحمد.
فقال ابن أبى دؤاد وبشر المريسى: اقتله، حتى نستريح منه، فقال إني قد عاهدت الله ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف، فقال له ابن أبى دؤاد اضربه بالسياط، فقال نعم، ثم قال أحضروا الجلادين، فقال المعتصم لواحد منهم بكم سوط تقتله؟ فقال بعشرة يا أمير المؤمنين، فقال خذه إليك، قال سليمان السجزى: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشد في يديه حبلان جديدان، وأخذ السوط في يده، وقال أضربه يا أمير المؤمنين؟ فقال المعتصم اضرب، فضربه سوطاً، فقال أحمد الحمد لله.
وضربه ثانياً فقال ما شاء الله كان، فضربه ثالثاً، فقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، فتقدم إليه ابن أبى دؤاد وقال له يا أحمد، قل في أذني إن القرآن مخلوق، حتى أخلصك من يد الخليفة، فقال له أحمد، يا ابن أبي دؤاد قل في أذني إن القرآن كلام الله غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب الله.
فقال المعتصم أدخلوه الحبس، فلما كان الغد أقبل الناس، فخرج المعتصم، وجلس على الكرسي، وقال هاتوا أحمد بن حنبل فجئ به، فلما وقف بين يديه، قال له المعتصم كيف كنت في محبسك الليلة يا ابن حنبل؟ قال كنت بخير والحمد لله، فقال يا أحمد، إني رأيت البارحة رؤيا، قال وما رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال رأيت في منامي كأن أسدين قد أقبلا إلى وأرادا أن يفترساني، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عنى، ودفعا إلى كتاباً وقالا لي هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل في محبسه، فما الذى رأيت يا ابن حنبل؟
فأقبل أحمد على المعتصم، فقال له، يا أمير المؤمنين فالكتاب معك؟ قال نعم، وقرأته لما أصبحت وفهمت ما فيه، فقال له أحمد يا أمير المؤمنين، رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الله قد جمع الأولين والآخرين في صعيد واحد وهو يحاسبهم، فبينما أنا قائم إذ نودى بي، فقدمت حتى وقفت بين يدي الله، فقال لي يا أحمد، فيم ضربت؟ فقلت من جهة القرآن، فقال لي وما القرآن؟ فقلت كلامك اللهم لك، فقال لي من أين قلت هذا؟ فقلت يا رب حدثني عبد الرزاق، فنودى بعبد الرزاق، فجئ به حتى أقيم بين يدي الله، فقال له ما تقول في القرآن؟ فقال كلامك اللهم لك، فقال الله، من أين قلت هذا؟ فقال حدثني معمر، فنودى بمعمر، فجئ به حتى أوقف بين يدي الله، فقال له ما تقول في القرآن؟ فقال معمر كلامك اللهم لك، فقال له من أين قلت هذا؟ فقال معمر حدثني الزهري، فنودي بالزهري فجئ به، حتى أوقف بين يدي الله، فقال له ما تقول في القرآن؟ فقال الزهري: كلامك اللهم لك، فقال يا زهري من أين لك هذا؟ قال حدثني عروة، فجئ به، فقال ما تقول في القرآن؟ فقال كلامك اللهم لك، فقال له يا عروة من أين لك هذا؟ فقال حدثتني عائشة بنت أبى بكر.
فنوديت عائشة، فجيء بها، فوقفت بين يدي الله فقال لها يا عائشة ما تقولين في القرآن؟ فقالت كلامك اللهم لك، فقال لها من أين لك هذا؟ قالت حدثني نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال فنودى بمحمد فجئ به، فوقف بين يدي الله فقال له يا محمد، ما تقول في القرآن؟ فقال له: كلامك اللهم لك، فقال الله له من أين لك هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم حدثني به جبريل.
فنودى بجبريل، فجئ به، حتى وقف بين يدي الله فقال له ما تقول في القرآن؟ قال كلامك اللهم لك، فقال تعالى له من أين لك هذا؟ فقال هكذا حدثنا إسرافيل، فنودى بإسرافيل، فجئ به، حتى وقف بين يدي الله فقال سبحانه يا إسرافيل ما تقول في القرآن؟ فقال كلامك اللهم لك، فقال له ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل رأيت ذلك في اللوح المحفوظ، فجئ باللوح، فوقف بين يدي الله فقال له أيها اللوح، ما تقول في القرآن؟ فقال كلامك اللهم لك، فقال له من أين لك هذا؟ فقال اللوح كذا جرى القلم على، فأتى بالقلم حتى وقف بين يدي الله فقال له يا قلم ما تقول في القرآن؟ فقال القلم كلامك اللهم لك، فقال الله من أين لك هذا؟ فقال القلم أنت نطقت وأنا جريت.
فقال الله صدق القلم، صدق اللوح، صدق إسرافيل صدق جبريل صدق محمد، صدقت عائشة، صدق عروة، صدق الزهري، صدق معمر، صدق عبد الرزاق، صدق أحمد بن حنبل القرآن كلامي غير مخلوق.
قال سليمان السجزى: فوثب عند ذلك المعتصم، فقال صدقت يا ابن حنبل وتاب المعتصم، وأمر بضرب رقبة "بشر المريسى، وابن أبى دؤاد"، وأكرم أحمد بن حنبل، وخلع عليه، فامتنع من ذلك، فأمر به فحمل إلى بيته.[12][13]
تشكل مسألة خلق القرآن التي قال بها المعتزلة أخطر القضايا المثارة في الجدل اللاهوتي الذي شهده التاريخ الإسلامي في العصرين الأموي والعباسي. بل إن هذه القضية لا تزال تحتل موقعاً راهناً في السجال حول كيفية قراءة النص الديني. أتى قول المعتزلة بان القرآن مخلوق وليس أبدياً تطبيقاً عملياً لاعتماد العقل في تفسير الشريعة الإسلامية، واستندوا هنا أيضا على نصوص دينية لدعم حجتهم. في هذا المجال، انطلق المعتزلة من مسألة صفات الله، فبعد أن قرروا وحدة الذات الإلهية وصفاتها، وقرروا نفي الصفات الزائدة عن الذات، تحولوا إلى النظر في ما ورد من هذه الصفات داخل النصوص الدينية عبر إخضاعها إلى التأويل العقلي.
اعتبر المعتزلة أن القرآن يحوي نصوصا متنوعة ومختلفة ومتعارضة أحيانا، ففيها من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد والكلام التشريعي والكلام الإخباري والكلام الوضعي، كما يجمع بين المسائل الروحية والدنيوية في آن. إذا كان ليس جائزا تنسيب التناقض في القول إلى الله، يصبح من الضرورة إذا اللجوء إلى النظر العقلي لتفسير ما ورد في القرآن، مما ينزع عنه الأبدية أو عدم الاجتهاد في نصوصه، لأن «كلام الله محدث ومخلوق في محل، كما هو حرف وصوت كتب أمثاله في المصاحف حكايات عنه»، كما يشير المعتزلة إلى ذلك.. يذهب القاضي عبد الجبار أحد ابرز أركان المعتزلة في شرحه مبررات القول بخلق القرآن إلى القول: «إن القرآن كلام الله ووحيه، وهو مخلوق محدث، أنزله الله على نبيه ليكون علما ودالاً على نبوته، وجعله دلالة لنا على الأحكام لنرجع إليه في الحلال والحرام، واستوجب منا بذلك الحمد والشكر والتحميد والتقديس... القرآن يتقدم بعضه على بعض، وما هذا سبيله لا يجوز أن يكون قديماً، إذ القديم هو ما لا يتقدمه غيره... وآخر، ونصف وربع، وسدس وسبع، وما يكون بهذا الوصف، كيف يجوز أن يكون قديما؟».
لم يكتف المعتزلة يتجاوز المألوف في الجدل اللاهوتي بقولهم بخلق القرآن، بل تجاوزوا ذلك إلى نفي صفة الإعجاز عنه، وهو ما نظر إليه بوصفه مساّ بمقدسات أجمع عليها المسلمون، وكانت مصدر فخرهم وتميزهم بأنّ كتابهم العظيم يستحيل الإتيان به من حيث النظم والبلاغة والفصاحة. في هذا المجال، كما في خلق القرآن، كان المعتزلة منطقيّين مع أنفسهم وأمناء لمنهجهم العقلاني في النظر إلى الأمور وعلى الأخصّ منها النص الديني، برفض كل ما لا يقبله العقل مهما أهدلت عليه صفات القدسية. شكلت قضية خلق القرآن عند المعتزلة جوهر نظريتهم في اللاهوت الإسلامي وفي الجدال الذي انخرطوا فيه أو فرض عليهم. لم يختلفوا عن خصومهم في اعتماد تكفير من خالفهم الرأي في هذا المجال، وستتخذ هذه المسألة حجماً كبيراً عندما ستفرض عقيدة على الدولة الإسلامية في عهد الخليفة المأمون. لكن المعتزلة ستؤسس في قضية خلق القرآن لوجهة «ثورية»، إذا أردنا استخدام مصطلحات حديثة، في قراءة النص الديني الإسلامي، تشكل اليوم محورا مركزيا في الصراع السياسي على الإسلام وعلى كيفية توظيفه بما يخدم التقدم والتطور أو بما يكرس التطرف والإرهاب. تسود اليوم وجهتا نظر مركزيتين في قراءة النص الديني، واحدة ترى فيه نصاً صالحاً لكل زمان ومكان ولا يجوز الاجتهاد فيه، وأخرى ترى فيه نصاً تاريخياً لهُ زمان هو تاريخ الدعوة الإسلامية، كما لهُ مكان هو الجزيرة العربية، وإن قراءته يجب أن تعتمد زمان نزول آياته ومكانه وسبب هذا النزول والحاجة التي أتت لتلبيتها، وهي قراءة ترفض التسليم بالمعنى الحرفي الظاهري للآيات. إن الخلافات ليست شكلية بمقدار ما يترتب عليها من ممارسات خطيرة.
يعتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق، فقد روي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: والقرآن كلام الله، ليس بمخلوق، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق: فهو أخبث من الأول، ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي، ومن لم يكفر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم.[14]
وبين ابن العطار مذهب أهل السنة والجماعة في القرآن، وأنه كلام الله غير مخلوق، وأنه صفة من صفاته، وأن جبريل عليه السلام نزل به على النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه أمته، وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسن، ويكتب في المصاحف، وأيقن المؤمنون أنه كلام الله حقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية، ومن زعم أنه مخلوق فقد كفر.[15]
وقال الإمام ابن أبي العز الحنفي شارح الطحاوية:[16] (وبالجملة: فأهل السنة كلهم من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من السلف والخلف متفقون على أن كلام الله غير مخلوق. ولكن بعد ذلك تنازع المتأخرون في أن كلام الله هل هو معنى واحد قائم بالذات أو أنه حروف وأصوات تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلماً أو أنه لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وأن نوع الكلام قديم...)اهـ.[17]
عندما وصلت أخبار الفتنة إلى الإباضية في عُمان وبلاد المغرب حينئذ، وهم أيضا اختلفوا فيها ولهم فيها رأيان معتمدان في المذهب، والاختلاف ناتج عن معنى كلمة القرآن: هل هو علم الله وكلامه الذاتي أم هو المصحف؟ فمنهم من قال بأن القرآن مخلوق، ومنهم من قال بأنه غير مخلوق (ولكن لم يكفر أحد منهم الآخر كما حصل في العراق). فعلماء الإباضية في بلاد المغرب وقتئذ اتفقوا على أن القرآن مخلوق، أما في عُمان فقد اختلف العلماء في خلق القرآن ذلك الوقت في بداية الأمر وخصوصا بين الإمامين محمد بن محبوب بن الرحيل وبين محمد بن هاشم (مع أن الرأي الغالب بين أئمة الأباضية عامة كان إستنكار أو نفي المسألة)[18] واستمر النقاش فيها فترة من الزمن؛ وعندما خافوا الفتنة والانشقاق، اجتمعوا في مدينة دما (السيب حاليا) واتفقوا على الاكتفاء بما كان عليه السلف، وهو الكف عن التصريح بخلق القرآن أو عدمه[19]
ـ أَما بالنسبة إلى الشيعة، فقد منعوا الخوض في تلك المسألة وقد وردت الكثير من الروايات في هذا الشأن، منها:
عد فهمي جدعان «المحنة» حدثًا محيرًا في التاريخ الإسلامي، وبخاصة أنها بدأت في العهد، الذي أعتبر، وكان ذو سمعة انفتاحية للعقل، وطغيان العقلانية، عهد الخليفة المأمون. وإن كان من المعتقد على نطاق واسع إلى ان المأمون بادر بإبراز هذا الأمر تحت تأثير شديد الارتباط بالمعتزلة. إن دراسة متأنية للأحداث التاريخية، تساعد في تكشف أكثر الدوافع تعقيدا وراء الحدث. لخص بعض الباحثين دوافع المأمون للمحنة إلى أن المحنة كانت في الغالب محاولة من المأمون لتأمين كامل السيطرة من جانب الخلافة فوق المؤسسة الدينية كما فعلت بسيطرتها على السلطة العلمانية، وتلك هي النقاط الرئيسية لتلافى تأكيد أثر المعتزلة:
النقاط المذكورة أعلاه مجتمعة تثبت أن المعتزلة لم يكونوا هم المهيمنين خلال المحنة[وفقًا لِمَن؟]، كما هي عقيدة الدولة الرسمية. لقد كانت المحنة لدى المأمون تعبر عن محاولتهِ لإثبات سيطرته على السلطة الدينية والقانونية على المدى الفقهي والثقافي، وخاصة التحدي لدى الأطراف التقليدية.[27]
ومن المهم أن نلاحظ أنه في منهج الإسلام، كان الأفراد العاديين وليس رجال الخلافة الذي اضطلع بمهمة تطوير مختلف العلوم الإسلامية بما في ذلك القانون. وبالتالي فإن القانون، على عكس ما يحدث في الدول القومية الحديثة، ليس حكراً على الدولة. وفي الواقع، فإن الفقهاء وضعوا في المعارضة الواعية لهذه الدولة (على سبيل المثال، وجاكسون، 2002). في وقت مبكر كان هناك النظام الديني في الإسلام الذي كان متميزاً عن النظام السياسي. وهو شبه حكم ذاتي للعلماء وأسفر ذلك عن ظاهرة مثيرة للاهتمام لظهور ظواهر مختلفة، وبشأن بعض القضايا، على طرفي نقيض مدارس الفقه — وكلها تعدّ صحيحة شرعاً وأصيلة. ففي المحنة، في هذا السياق، يعبر عن الخليفة الإحباط مع ثقافة قوية وذات نفوذ معنوي. واستمر حوالى خمس عشرة سنة، وبعد ذلك أصبحت مجالات السلطة في كل من الأوامر الدينية والسياسية أكثر معرفة تعريفا واضحا. وهذا لا يعني أن المواجهة كانت السمة المميزة للعلاقة بين كل من الأوامر والقوانين. لأن العلاقة كانت أكثر دقة والمشاركة بين كلا الطرفين وليس المواجهة فحسب، بل أيضا التعاون بصفة عامة، في النظام الديني الذي وقف حاجزا بين النظام السياسي والناس العاديين.[28]
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: التاريخ والسنة (link)
{{استشهاد بكتاب}}
: |الأول=
باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة){{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة){{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة){{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ=
(مساعدة)