معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية | |||
---|---|---|---|
تعديل مصدري - تعديل |
معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية (عبرية: הסכם השלום בין ישראל לירדן) أو ما يشار إليه باسم معاهدة وادي عربة، هي معاهدة سلام وقعت بين الأردن وإسرائيل على الحدود الفاصلة بين الدولتين والمارة بوادي عربة في 26 أكتوبر 1994.[1][2][3] طبعت هذه المعاهدة العلاقات بين البلدين وتناولت النزاعات الحدودية بينهما. وترتبط هذه المعاهدة مباشرة بالجهود المبذولة في عملية السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. بتوقيع هذه المعاهدة أصبحت الأردن ثاني دولة عربية بعد مصر وثالث جهة عربية بعد مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية تطبع علاقاتها مع إسرائيل.
في عام 1987، حاول وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز وملك الأردن الحسين بن طلال ترتيب اتفاق سلام سري تتنازل فيه إسرائيل عن الضفة الغربية للأردن. ووقع الاثنان اتفاقية تحدد إطار عمل مؤتمر سلام شرق أوسطي. لم يتم تنفيذ الاقتراح بسبب اعتراض رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شامير. في العام التالي، تخلى الأردن عن مطالبته بالضفة الغربية لصالح حل سلمي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.[4][5]
بدأت المحادثات في عام 1994، بعدما أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريز الملك الحسين بن طلال أنه بعد اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، قد «يُستبعد الأردن من اللعبة الكبيرة». استشار العاهل الأردني الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري حافظ الأسد. مبارك شجعه، لكن الأسد قال له فقط «الحديث» وعدم التوقيع على أي اتفاق. نجح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالضغط على الأردن لبدء مفاوضات سلام وتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل ووعده بإلغاء ديون الأردن. نجحت الجهود، ووقع رابين وحسين وكلينتون على إعلان واشنطن في واشنطن العاصمة في 25 يوليو 1994.[6] وجاء في الإعلان أن إسرائيل والأردن أنهيا حالة العداء الرسمية وسيبدآن مفاوضات من أجل «وضع حد لسفك الدماء» ولأجل سلام عادل ودائم.[7]
في يوليو 1994، أعلن رئيس الوزراء الأردني عبد السلام المجالي عن «نهاية عصر الحروب» وقال شمعون بيريز رداً على ذلك أن «الوقت قد حان من أجل السلام». التقى رابين والملك حسين رسمياً في البيت الأبيض بناء على دعوة من بيل كلينتون.
في 26 أكتوبر 1994، تم التوقيع على معاهدة السلام التاريخية خلال حفل أقيم في وادي عربة في الأردن، شمال إيلات وبالقرب من الحدود الإسرائيلية الأردنية. وقع رئيسا الوزراء إسحاق رابين وعبد السلام المجالي المعاهدة فيما ظهر الرئيس عيزر وايزمان والملك حسين بمصافحة تاريخية. وكان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ووزير الخارجية وارن كريستوفر حاضرين خلال التوقيع. وأرسلت آلاف البالونات إلى السماء في ختام الحفل.
استقبل الرأي العام الإسرائيلي هذه المعاهدة بشكل إيجابي. ورحبت بها مصر بينما تجاهلتها سوريا. أظهر حزب الله عدم موافقته فشن هجوماً بقذائف المورتر والصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية في شمال الجليل. بعد هذا الاتفاق أصبحت الحدود الإسرائيلية الأردنية مفتوحة لمرور السياح والبضائع والعمال بين البلدين.
بعد الاتفاقات، فتحت إسرائيل والأردن حدودهما، وأقيمت عدة معابر حدودية سمحت للسياح ورجال الأعمال والعمال بالسفر بين البلدين.[8] بدأ السائحون الإسرائيليون زيارة الأردن، وخصوصًا منطقة البتراء.
في 4 نوفمبر 1995، اغتال متطرف يهودي رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بهدف تقويض جهود رابين للسلام مع الفلسطينيين.[9] دُعي الحسين بن طلال لإلقاء خطاب خلال جنازة رابين في القدس.[9] وكانت المرة الأولى التي كان فيها فيها الحسين بن طلال في القدس منذ حرب عام 1967.[9]
قُوبل الأردن بعد توقيعه معاهدة سلام مع إسرائيل، بازدراء من الرئيس السوري حافظ الأسد.[10] وسلمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريرًا مفصلاً في ديسمبر 1995 حذرت فيه من وجود مؤامرة سورية لاغتيال الحسين بن طلال وأخيه الحسن.[10] بعد شهر، أرسلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريرًا آخر إلى الحسين بن طلال تُحذر فيه من نوايا عراقية لمهاجمة أهداف غربية في الأردن لتقويض أمن الأردن لدعمها المعارضة العراقية.[10] في إسرائيل، كان شمعون بيريز من حزب العمل اليساري وبنيامين نتنياهو من حزب الليكود اليميني يتنافسان على منصب رئيس الوزراء.[10] بلغت شعبية الحسين بن طلال في إسرائيل ذروتها بعد توقيع معاهدة السلام، وكان من المتوقع أن يعرب عن دعمه لأحد المرشحين.[10] ظل محايدًا في البداية، لكنه أعرب لاحقًا عن دعمه لنتنياهو.[10] شهدت الانتخابات الإسرائيلية العامة التي أجريت في 29 مايو 1996 صعود نتنياهو إلى منصب رئاسة الوزراء.[10]
سرعان ما أدى دعم حسين لنتنياهو إلى نتائج عكسية.[11] أثارت تصرفات إسرائيل خلال مذبحة قانا عام 1996 في جنوب لبنان، وقرار حكومته بناء مستوطنات في القدس الشرقية، وأحداث هبة النفق بعد حفر إسرائيل مجموعة من الأنفاق تحت المسجد الأقصى ضجة من الانتقادات لنتنياهو في العالم العربي.[11]
في 9 مارس 1997 بعث حسين برسالة من ثلاث صفحات لنتنياهو يعبر فيها عن خيبة أمله.[11] في 12 مارس 1997، قتل جندي أردني يدعى احمد الدقامسة كان يقوم بدورية على الحدود المشتركة قُرب جزيرة السلام سبع طالبات إسرائيليات وجرح ست أخريات.[11] عاد الملك، الذي كان في زيارة رسمية لإسبانيا إلى الأردن على الفور.[11] ثم ذهب إلى بلدة بيت شيمش الإسرائيلية لتقديم تعازيه لأسر الأطفال الإسرائيليين المقتولين.[11] جثا على ركبتيه أمام الأهالي وقال لهم إن الحادث «جريمة عار علينا جميعا. أشعر وكأنني فقدت طفلي. إذا كان هناك أي هدف في الحياة فسيكون التأكد من أن جميع الأطفال لم يعودوا يعانون كما عانى جيلنا».[12] لقيت لفتته ترحيباً حاراً في إسرائيل، وأرسل حسين للعائلات مليون دولار كتعويض عن الخسائر في الأرواح.[11] قررت محكمة عسكرية أردنية أن الجندي غير مستقر عقليًا وحكم عليه بالسجن 20 عامًا، قضى فيها بالكامل.[11]
أدت المعارضة المتزايدة في الأردن لمعاهدة السلام مع إسرائيل إلى قيام الحسين بفرض قيود على حرية التعبير.[11] حيث سُجن العديد من المعارضين ومن بينهم ليث شبيلات الإسلامي البارز. ومع ذلك، أدت الحملة القمعية إلى مقاطعة المعارضة في الأردن للانتخابات البرلمانية لعام 1997.[11] في عام 1998، رفض الأردن طلبًا سريًا من نتنياهو لمهاجمة العراق باستخدام الأجواء الأردنية بعد أن زعم أن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل.[11]
في ديسمبر 2013، وقعت إسرائيل والأردن اتفاقية لبناء محطة لتحلية المياه على البحر الأحمر، بالقرب من ميناء العقبة الأردني، كجزء من قناة البحر الأحمر - البحر الميت.[13]
نتيجة للصراع بين إسرائيل وحماس، تأثر المشهد السياسي في الأردن. أعرب بشر الخصاونة، رئيس الوزراء الأردني، عن استنكار بلاده للهجوم الإسرائيلي على غزة من خلال استدعاء سفيرها من إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، أعلن الأردن أن السفير الإسرائيلي، الذي غادر عمان بعد هجوم حماس، لن يسمح له بالعودة. وأكد الخصاونة أن الأردن يدرس كافة الخيارات المتاحة في رده على العدوان الإسرائيلي على غزة وتبعاته. يشار إلى أن الأردن وإسرائيل وقعا معاهدة سلام عام 1994. وقال الخصاونة إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المكتظ بالسكان لا يمكن تبريره على أنه دفاع عن النفس، على عكس ادعاءاتهم. وشدد كذلك على أن العدوان الإسرائيلي العشوائي لا يفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية، حتى أنه يستهدف المناطق الآمنة وسيارات الإسعاف.[14][15]
في 25 سبتمبر 1997، هاجم شخصان يحملان جوازات سفر كندية مزورة من وحدة كيدون التابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان، في محاولة لاغتياله بواسطة حقنه بمادة سامة. استطاع مرافقو مشعل وآخرين القبض عليهم. اعتقلت السلطات الأردنية بقية المجموعة الستة الذين اختبؤا داخل السفارة الإسرائيلية، وهددت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إذا لم تزودها بالترياق وباقتحام السفارة الإسرائيلية.[16][17]
اتصل الحسين بالرئيس الأمريكي كلينتون وطلب تدخله وهدد بإلغاء المعاهدة إذا لم تقدم إسرائيل الترياق.[11] تمكن كلينتون لاحقًا من الحصول على موافقة إسرائيل على الكشف عن اسم الترياق، واشتكى من نتنياهو: «هذا الرجل مستحيل!»[11] تعافى خالد مشعل، لكن العلاقات الأردنية مع إسرائيل تدهورت ورُفضت الطلبات الإسرائيلية بالاتصال بصدام حسين.[11] أفرج الأردن عن عناصر الموساد بعد أن وافقت إسرائيل على إطلاق سراح 23 أردنيًا و 50 أسيراً فلسطينياً بينهم الشيخ أحمد ياسين.[11]
في 10 نوفمبر 2019 أعلن الملك الأردني عبد الله الثاني انتهاء العمل بالمُلحقين الخاصين بمنطقتي الباقورة والغمر في المعاهدة وفرض سيادة الدولة الأردنية عليها، بعد انتفاع إسرائيل بهما لفترة دامت 25 عامًا.[18]