المُرۡشِدُ الكَامِلۛ مَلِكُ المُلُوكِۛ ٱلسُّلۡطَانُ العَادِلُ الكَامِلُ الهَادِيۡ الوَالِيۡ أَبُو المُظَفَّرِ ٱلشَّاهُ إِسۡمَاعِيۡل بَهَادُر خَان بنُ شُجَاعِ ٱلْدِّيۡنِ حَيۡدَرࣲ بنِ الجُنَيۡدِ ٱلصَّفَوِي الأًردَبِيۡلِي[9][10] (بالفارسية: مُرشِد کَامِل شَاهِنشَاه السُلطَان العَادِل الکَامِل الهَادِی الوَالِی ابُوالمُظَفَّر شَاه اسمَٰعِیل بَهادُرخَان بن شُجَاعالدِّین حَیدَر بن جُنَید صَفَوی اردَبِیلی) (25 رجب 892هـ - 19 رجب 930هـ المُوافق فيه 17 تمُّوز (يوليو) 1487م - 23 أيار (مايو) 1524م)[11][12] الشهير اختصارًا بِـ«إسماعيل الأول» (بالفارسية: اسماعیل یکم) أو «إسماعيل الصفوي» (بالفارسية: اسماعیل صفوی)، هو مؤسَّس الدَّولة الصفويَّة مُترامية الأطراف التي دام سُلطانها لِما يزيد على قرنين من الزَّمن،[13][14] وقد حكم البِلاد من سنة 907هـ المُوافقة لِسنة 1501م حتَّى سنة 930هـ المُوافقة لِسنة 1524م. وتُعد فترة حُكمه بداية للتاريخ الإيراني الحديث[15] ومن أهم المراحل في تاريخ الإسلام والمشرق[16] إذ تمكَّن من إقامة إمبراطوريَّة شيعيَّة اثنا عشريَّة قُدِّر لها أن تتصدَّر القوى العُظمى في عصرها.[17][18] كما كان شاعرًا أغزر في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.[19][20]
أسس إسماعيل السلالة الصفوية على أساس المذهب الشيعي الإثني عشري في جنوب أذربيجان في 1509 وجمع أذربيجان وإيران والعراق وجنوب شرق الأناضول في دولة واحدة.[21] [22]
كتب الشاه إسماعيل أعماله الأدبية تحت الاسم المستعار «خطائي». وكتب أعماله بالأذرية التركية[23][24] وكتب جزئيًا باللغة الفارسية والعربية.[25]
تم إدراج الشاه إسماعيل خاتاي في قائمة المؤلفين الذين تم إعلان أعمالهم ملكية للدولة في جمهورية أذربيجان بموجب المرسوم الصادر عن مجلس وزراء جمهورية أذربيجان بتاريخ 7 مايو 2019، رقم 211.[26]
يمثل تاريخ الدولة الصفوية في إيران منعطفا مهما في تاريخها، فبقيامها اتخذت إيران المذهب الشيعي الإثني عشرياً مذهباً رسميا، وكان لهذا التحول آثاره البعيدة في تاريخ إيران خاصة وتاريخ العالم الإسلامي عامة.
ويعتز الصفويون بالشيخ «صفي الدين الأردبيلي» المولود عام (650 هـ= 1334م)، وهو الجد الخامس للشاه إسماعيل، وكان رجلاً نشيطاً دائب الحركة والسعي؛ استطاع أن يجذب الأتباع حوله في أذربيجان. ثم انتقل الأمر إلى ابنه، ثم إلى حفيده صدر الدين خواجة علي سياهبوش.
نجح أبناء الأردبيلي وأحفاده في نشر المذهب، والتمكين له بين المحبين والمريدين، وصارت لهم قوة وقدرة على المشاركة في الأحداث السياسية في المناطق التي يقيمون بها، وتحولوا من أصحاب دعوة وشيوخ طريقة إلى مؤسسي دولة لها أهدافها السياسية والمذهبية.
وكانت الأجواء التي تعيشها إيران في أواخر القرن التاسع الهجري من التمزق السياسي وشيوع الفوضى أفضل مناخ استغله الصفويون لجذب المزيد من الأنصار، والتطلع إلى قيام دولة تدين بالمذهب الشيعي. حيث سيطرت على إيران قبيلتان من قبائل التركمان هما قراقويونلو أي أصحاب الخراف السوداء، وآق قويونلو أي أصحاب الخراف البيضاء. وكان القتال مستمراً بين تلك القبائل، مما زاد تمزقَ إيران بعد تعرضها لتدمير المغول ثم لتدمير تيمورلنك.
قُتل جد إسماعيل الصفوي الشيخ جنيد بن إبراهيم في معركة دارت بينه وبين حاكم شروان السلطان خليل التركماني الموالي للقراقويونلو عام (10 جمادى الأولى 864هـ\4 اذار 1460م)[27] فالتف أتباع الشيخ الجنيد حول ابنه حيدر (أب إسماعيل الصفوي) فبدأ يعمل على تنمية قدرات أتباعه واتخذ لهم شعارا يميزهم وهي قلنسوة حمراء ذات عشرِ زوايا؛ دلالةً على الائمة الاثنا عشر، فأطلق العثمانيّون على كل من يلبس تاج حيدر «قزل باش» أي: الرؤوس الحمراء.[28]
غادر الشيخ حيدر اردبيل متوجها إلى ديار بكر حيث التقى هناك بـحسن قوصون زعيم الآق قويونلو الذي كان يحترم حيدر بن جنيد شديد الاحترام وزوجه من ابنته حليمة بيكم الملقبة بعلم شاه. وكان حسن قوصون أحد الداعمين والمحبين لحيدر فخسره الصفويّون عندما توفي عام 882هـ\1477م وتولى الحكم بعده يعقوب الذي كان معاديا لحيدر. وانتهى الأمر بقتل حيدر عام 893هـ\1488م في معركة في طبرستان[29] وخلف بعده ثلاثة أبناء هم إبراهيم وعلي وإسماعيل.
ولد إسماعيل لمرتا والشيخ حيدر في أردبيل. حيث والده حيدر شيخ الطريقة الصفوية وسليل مباشر لمؤسسها صفي الدين الأردبيلي (1252–1334). كان إسماعيل هو الأخير في هذا الخط من كبار سادة النظام الوراثي، قبل صعوده إلى سلالة حاكمة.[30][31]
ولد إسماعيل الصفوي في (25 رجب 892 هـ/25 يوليو 1487م) واعتقل هو وإخوته وأمه بعد مقتل والده وكان عمره عاماً واحداً، وبعد أن قضى هو وعائلته أربع سنين في سجنهم في قلعة اصطخر جاء خبر وفاة يعقوب عام 896هـ\1491م فاطلق سراحهم[32]، وعاش بعد وفاة أبيه في كنف «كاركيا ميرزا» حاكم «لاهيجان» الذي كان محبا للمسلمين الصفويين. ظل إسماعيل الصفوي 5 سنوات تحت سمع هذا الحاكم وبصره، حتى شبّ قويا محبا للفروسية والقتال، قادرا على القيادة والإدارة وهناك خلاف حول أصله بين عربي أو تركماني أو فارسي، إلا أن الوثائق التاريخية المعاصرة تؤكد أنه من الجنس الآري، من ذرية «فيروز شاه زرين كلاه».[33][34][35][36][37][38]
وفي أثناء هذه الفترة كانت الدولة تعيش فترة صراعات بين أفراد أسرة آق قويونلو التي كانت تحكم فارس آنذاك، وهو ما استغله أنصار الصفويين، وأمّروا عليهم إسماعيل الصفوي، وكان صغيرا لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، لكنه كان مهيأ للقيادة والزعامة بفضل الرعاية التي أحاطه بها حاكم لاهيجان.
تمكن إسماعيل الصفوي وأنصاره من خوض عدة معارك ضد حكام بعض المناطق في إيران والتغلب عليهم، وتساقطت في يده كثير من المدن الإيرانية، وتوج جهوده بالاستيلاء على مدينة «تبريز» عاصمة آق قويونلو، ودخلها دخول الفاتحين، ثم أعلنها عاصمة لدولته.
وبدخول إسماعيل مدينة تبريز تم تتويجه ملكا على إيران، ولقبه أعوانه بأبي المظفر شاه إسماعيل الهادي الوالي، وذلك في سنة (907 هـ = 1502م) وأصدروا العملة باسمه....
كانت إيران تدين بمذهب السنة ولم يكون فيها سوى أربع مدن شيعية هي: آوه، قاشان، سبزوان، قم. وعقب تتويج إسماعيل الصفوي ملكا على إيران أعلن المذهب الشيعي مذهبا رسميا للدولة عن طريق القوة، فيقول المؤرخ السني قطب الدين النهروالي عن إسماعيل الصفوي «قتل خلقاً كثيراً لايحصون عن ألف ألف نفس»[39] ويصف المؤرخ الشيعي محسن الامين ذلك «بالكذب الصريح»[40] بينما يقول عنه: وأجبر البقية على تغيير مذهبهم
توجهت أنظار إسماعيل إلى منطقة جبل عامل في لبنان التي كانت آنذاك أحد معاقل الشيعة، وفيها الكثير من علمائهم.
يقول الباحث حسن غريب: "رأى مؤسس الدولة الصفوية – الشاه إسماعيل– أنه من العسير عليه أن يوفر للناس حقيقة المعتقد وترسيخ مبادئه في نفوسهم، ووجد أيضاً أن الكتب غير متوفرة، فعمد إلى ملء الفراغ من خلال استحضار علماء الشيعة من جبل عامل. وقد غادر هؤلاء العلماء إلى إيران بدعوة وبغير دعوة.وفي عهد الملك الصفوي، وأصبحت استمالة علماء جبل عامل للتوجه إلى إيران من السياسات الأساسية للحكومة هناك، وهكذا استمرت هجرة العلماء العامليين منذ ذلك الحين، وحتى سقوط الحكم الصفوي. لم يستطع علماء الشيعة في جبل عامل مقاومة الإغراءات الصفوية للقدوم إلى إيران، فنصرة المذهب ودعمه وترسيخ دعائمه في إيران احتل لديهم مكانة كبيرة، لكن أسباباً أخرى دفعتهم للهجرة إلى إيران إذ "كان المهاجرون عموماً يجدون في إيران ظروفاً مواتية، والذين تجاوبوا مع الحكومة الصفوية وتضامنوا معها، كانوا يحصلون على عطايا وهدايا، على شكل أملاك وأموال نقدية وعينية".[41][42][43]
ومن الأسباب التي شجعت علماء جبل عامل بلبنان للتوجه إلى إيران المكانة الكبيرة التي حصلوا عليها: وقد وصل احترام الملوك من الصفويين للعلماء والفقهاء العامليين – خصوصاً - إلى حد أنهم فوضوا إليهم كافة المهام القضائية في البلاد، ومنحوهم السلطات والصلاحيات اللازمة، فأصبحوا المصدرين والمنفذين للحكام والحدود الشرعية وعقوبات القصاص في كل مدن إيران".
ويقدر صاحب كتاب «هجرة علماء الشيعة» عدد علماء جبل عامل الذين هاجروا إلى إيران في العهد الصفوي بـ (97) عالماً، لم يعد منهم إلى جبل عامل سوى سبعة فقط. أما حسن غريب فيقول إن الذين ذكرتهم كتب التاريخ يبلغ عددهم 63 عالماً، أما من لم يذكر فعددهم كثير.
يعتبر علي بن عبد العالي الكركي، المعروف بالمحقق الكركي أو المحقق الثاني أبرز المهاجرين العامليين إلى إيران، فقد هاجر في السنوات الأولى لتأسيس دولة الصفويين، وليس هذا فحسب، بل إنه تبوأ في هذه الدولة منزلة لا تدانيها منزلة، إذ يقول الشاهرودي عن الكركي وتنقله في الأمصار ثم استقراره في إيران: «ثم رحل إلى بلاد إيران هادفاً الترويج للمذهب الشيعي، وقد لقي من السلطان الشاه إسماعيل الصفوي آيات الاحترام والتكريم والتقدير، وأناط إليه الشاه وظائف كثيرة وجعل له مرتباً سنوياً كبيراً ليصرفه في تحصيل العلوم ويفرقه بين الطلاب والمشتغلين بالعلم، كما كان في دولة السلطان الشاه طهماسب الأول، ثاني ملوك السلالة الصفوية، معظماً مبجلاً في جميع أرجاء بلاد إيران، نافذ الكلمة مطاعاً، وعينه الشاه حاكماً في الأمور الشرعية في عموم البلاد، وأعطاه فرماناً» مرسوماً«ملكياً بذلك، وقد بلغ شأنه في تحديد الوظائف والمراتب حتى قيل: إن كل من يعزله الشيخ الكركي لا يعين ثانية، وإن كل من ينصبه الشيخ لا يعزل الا بالتسبيب الواضح منه»
لم ينته تأثير علماء جبل عامل بعد وفاة الكركي، ذلك أن عدداً من المهاجرين هم أيضاً تبوءوا المراتب العليا في الدولة الصفوية، وساهموا في النهضة الشيعية، نذكر منهم على وجه الاختصار:
ونشط العاملي في التأليف، وبلغت مؤلفاته من الأهمية بمكان عند الشيعة للحد الذي اعتبروا فيه كتابه «جامع عباسي» أحد أعظم الكتب تأثيراً في تاريخ الشعوب الإسلامية. وكتابه الآخر «خلاصة الحساب» ظل يدرس في المدارس الإيرانية حتى أمد قريب، وكذلك أشعاره بالفارسية. أما كتاباه «زبدة الأصول» و«الفوائد الصمدية» فهما دائران حتى اليوم في الحوزات العلمية، درج عليهما مئات الألوف من طلابها، ويكفي أن نلقي نظرة على قائمة الشروح والحواشي والتعليقات التي وضعت على مختلف كتبه لنتصور وكأنها كانت شغل الناس الشاغل.
من مؤلفاته الهامة كتابه «أمل الآمل في علماء جبل عامل» لكن أهمها على الإطلاق هو «وسائل الشيعة إلى تحصل مسائل الشريعة»، وقد ألّفه في مدة 18 سنة، وهو كتاب في الحديث له مكانته الكبيرة عند الشيعة.
ويعتبر الشيعة أن كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي، وكتاب الوافي للفيض الكاشاني، وبحار الأنوار للمجلسي، «من أهم ما أضافه العصر الصفوي إلى المكتبة الشيعية، في حقل الدراسات الفقهية والعلوم المهيئة لها».
واعتبروا أن كتب الحديث الثلاثة السابقة (وسائل الشيعة، والوافي، وبحار الأنوار) قد أكملت سلسلة كتب الحديث الأربعة القديمة، ذات القيمة التاريخية لفقه الإمامية وتطوره.
والخلاصة، أن دراسة هجرة علماء لبنان وعلى الأخص منطقة جبل عامل إلى إيران منذ السنوات الأولى لقيام الدولة الصفوية وحتى نهايتها، وتقلدهم أعلى المناصب؛ لا تدع مجالاً للشك في أن العلماء الشيعة العرب وعلى وجه الخصوص اللبنانيون كان لهم التأثير البالغ في التشيع الصفوي، فقد نشروا العلوم الشيعية وألفوا الكتب الكثيرة وأقاموا الحوزات والمعاهد، فالحوزة العلمية في أصفهان مثلاً لم تزدهر إلاّ في عهد البهائي العاملي.
ويؤكد الباحث الإيراني مهدي فرهاني أن علماء جبل عامل ساهموا بتربية جيل من الفقهاء الإيرانيين الذين مارسوا الشأن السياسي في الدولة الصفوية بعد ذلك، وهو ما يجسد ما قام به العامليون من إغناء الفقه الشيعي في أبعاده السياسية.
بعد أن فرغ إسماعيل الصفوي من تعديل دولته بدأ يوجه همه إلى تدعيم الوحدة السياسية لدولته، ويعد العدة ليضع يده على كل بلاد فارس، وكان لا بد من الاصطدام بقبائل الأوزبك التي كانت تموج في المناطق الشمالية الشرقية من فارس.
كانت قبائل الأوزبك تعتنق المذهب السني، وتحت زعامة الخان محمد الشيباني الذي نجح في أن يقيم ملكا على حساب الدولة التيمورية، وأن يستولي على عاصمتها «سمرقند» وأن يمد سيطرته على «هراة» في مطلع سنة (913هـ = 1507م).
وهكذا أصبح الأوزبك وجها لوجه أمام إسماعيل الصفوي، وزاد من الصراع بينهما التراشق المذهبي بينهما، وبلغ من اعتداد محمد الشيباني أن أرسل إلى إسماعيل الصفوي يدعوه إلى ترك المذهب الشيعي والعودة إلى مذهب السنة والجماعة، ويهدده بحرب ضروس في قلب إيران ذاتها، وبهذا أصبح لا مفر من الحرب بينهما.
كان الشيباني يتصف بالجرأة والإقدام، لكنه لم يكن على مستوى عدوه إسماعيل الصفوي في المراوغة والخداع في الحروب، فاستغل إسماعيل ذلك، وجرَّ خصمه إلى معركة كان قد استعد لها تماما، وتمكن من إلحاق هزيمة مدوية به في «محمود آباد» -وهي قرية تبعد قليلا عن مرو- وذلك في سنة (916هـ = 1510م).
قتل الشيباني نفسه في المعركة، وبعد مقتله أعمل إسماعيل الصفوي القتل في أهل مرو، وأمضى فصل الشتاء في هراة، وأعلن فيها المذهب الشيعي مذهبا رسميا، على الرغم من أن أهالي هذه المناطق كانت تدين بالمذهب السني.
اتسمت العلاقات بين الدولة الصفوية الناشئة والعثمانيين بالهدوء، وساعد على ذلك أن السلطان بايزيد الثاني الذي تولى بعد محمد الفاتح كان رجلا يحب السلام ويحب الأدب والفلسفة، ويميل إلى دعم العلاقات العثمانية الصفوية، لكنه حين علم أن إسماعيل الصفوي يتمادى في إلحاق الأذى بالسنة، مما جعلهم يهربون إلى الأراضي العثمانية كتب إليه أن يلتزم بالعقل والحكمة في معاملتهم.
ومع تولي السلطان سليم الأول مقاليد الحكم في الدولة العثمانية ازداد التوتر بين الدولتين، وكان سليم الأول ينظر بعين الارتياب إلى تحركات الصفويين، ويخشى من تنامي قوتهم وتهديدهم لدولته؛ فعزم على مهاجمة خصمه وتسديد ضربة قوية قبل أن يستعد للنزال.
جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة أدرنة في (19 من المحرم 920 هـ= 16 من شهر مارس 1514 م)، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي وحكومته الشيعية في الدولة الصفوية، وأنه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، وأنه فصل بدولته الشيعية المسلمين السنيين في وسط آسيا والهند وأفغانستان عن إخوانهم في تركيا والعراق ومصر. ولم يجد السلطان العثماني صعوبة في إقناع الحاضرين بضرورة محاربة الصفويين؛ لأنهم صاروا خطرا داهما يهدد وجود العثمانيين، وخرج بعد 3 أيام من هذا الاجتماع على رأس جيش كبير متجها إلى إيران، ولم ينس وهو في طريقه أن يكتب إلى «عبيد الله خان» قائد الأوزبك يذكره بقتل عمه شيباني، ويحثه على الانتقام من إسماعيل الصفوي، ومهاجمة خراسان بمجرد وصول الجيش العثماني إلى إيران، وكان هدف سليم من ذلك أن يجعل إيران بين شقي الرحى من الغرب بهجومه، ومن الشرق بهجوم عبيد الله خان على خراسان.
و جاء في خطابه إلى إسماعيل الصفوي يقول فيه :
أنا زعيم وسلطان آل عثمان، أنا سيد فرسان هذا الزمان، أنا الجامع بين شجاعة وبأس افريدون الحائز لعز الإسكندر، والمتصف بعدل كسرى، أنا كاسر الأصنام ومبيد أعداء الإسلام، أنا خوف الظالمين وفزع الجبارين المتكبرين، أنا الذي تذل أمامه الملوك المتصفون بالكبر والجبروت، وتتحكم لدى قوتي صوالج العزة والعظموت، أنا الملك الهمام السلطان سليم خان ابن السلطان الأعظم مراد خان، أتنازل بتوجيه إليك أيها الأمير إسماعيل، يا زعيم الجنود الفارسية... ولما كنت مسلما من خاصة المسلمين وسلطانا لجماعة المؤمنين السنيين الموحدين... وإذ أفتى العلماء والفقهاء الذين بين ظهرانينا بوجوب قتلك ومقاتلة قومك فقد حق علينا أن ننشط لحربك ونخلص الناس من شرك.
حين علم إسماعيل الصفوي بقدوم القوات العثمانية -وكان مشغولا بإخراج الأوزبك من خراسان- عمل على تعطيل وصولها، فأمر بتخريب الطرق والقرى الواقعة في طريق الجيش العثماني؛ الأمر الذي أخّر وصول العثمانيين وأنهك قواهم، لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة السير إلى إيران، والإقامة في «سيواس» انتظارا للمعركة الحاسمة.
لم يبد إسماعيل الصفوي حماسا للمعركة، وحاول أن يتجنب ملاقاة العثمانيين باستدراج الجيش العثماني إلى داخل إيران، ليقطع خطوط الإمدادات عليه، لكن سليم الأول كان منتبها لما يدور في ذهن خصمه، فعزم على الإسراع في لقاء الصفويين، وخاصة بعد أن بدأ التذمر يشق طريقه إلى جنود العثمانيين من طول الانتظار وكثرة الانتقال من مكان إلى آخر.
التقى الفريقان في صحراء جالديران في شرق الأناضول في (2 رجب سنة 920 هـ = 24 من أغسطس 1514 م) وانتهت المعركة بهزيمة إسماعيل الصفوي هزيمة نكراء، وفراره من أرض المعركة إلى أذربيجان، ووقوع كثير من قواده في الأسر.
وفي (14 من شهر رجب 920 هـ= 5 من سبتمبر 1514 هـ) دخل سليم الأول مدينة تبريز عاصمة الصفويين واستولى على أموال إسماعيل الصفوي وبعث بها إلى إستانبول، ثم قفل راجعا إلى بلاده، مكتفيا بهذا النصر الكبير، غير راغب في اقتفاء أثر إسماعيل الصفوي والتوغل في بلاده.
وعلى الرغم من الهزيمة المدوية التي لحقت بإسماعيل الصفوي، فإنها لم تحسم الصراع لصالح العثمانيين، وظل كل طرف يتربص بالآخر وينتهز الفرصة للانقضاض عليه، ونظرا لفداحة خسائر الصفويين؛ فقد حاول إسماعيل الصفوي أن يبرم صلحا مع السلطان سليم الأول، لكن محاولته لم تلق قبولا لدى السلطان العثماني.
وترتب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء شمال العراق -وهم من الشافعية السنة- لمساندة العثمانيين. فلم يمض وقت طويل حتى انضمت 25 مدينة للحكم العثماني، على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها. فتوسع العثمانيون وضموا إليهم ديار بكر وسائر مدن شمال العراق حتى أصبح الجزء الأكبر من أراضي شمال العراق في يد العثمانيين، وأصبح الإيرانيون وجها لوجه أمام العثمانيين، وبات من الصعب على الصفويين التوسع على حساب العثمانيين.
آثار السقوط والهزيمة :
تركت الهزيمة التي لقيها إسماعيل الصفوي آثارا قاسية في نفسه، ولم يكن قد لحقت به هزيمة قبل ذلك. وشغل نفسه بالتفكير في طريقة الانتقام من غريمه سليم الأول، إلا أن المنية عاجلت سليم الأول سنة (926 هـ = 1520م) وهو في طريقه لغزو إيران مرة أخرى.
شجعت وفاة سليم الأول المفاجئة إسماعيل الصفوي على أن تستحكم منه الرغبة في الانتقام من العثمانيين من جديد، غير أن الموت اغتال أمنياته؛ فمات متأثرا بالسل وعمره سبعة وثلاثون عاما في (18 رجب 930 هـ= 23 مايو 1524م) على مقربة من أذربيجان، ودفن في أردبيل إلى جوار أجداده، وخلفه في الحكم طهماسب الأول.
سبقه لا أحد |
شاه صفوي | تبعه طهماسب الأول |
{{استشهاد ويب}}
: الوسيط |title=
غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة) والوسيط |مسار=
غير موجود أو فارع (مساعدة)
{{استشهاد}}
: تحقق من التاريخ في: |publication-date=
(help)
The Safawid was originally a Sufi order whose founder, Shaykh Safi al-Din, a Sunni Sufi master descended from a Kurdish family ...