ملكة إنجلترا | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
إليزابيث الأولى | |||||||
(بالإنجليزية: Elizabeth I) | |||||||
ملكة إنجلترا وإيرلندا | |||||||
فترة الحكم 17 نوفمبر 1558 - 24 مارس 1603 |
|||||||
تاريخ التتويج | 15 يناير 1559 | ||||||
|
|||||||
معلومات شخصية | |||||||
الميلاد | 7 سبتمبر 1533 [1] قصر بلاسنتيا |
||||||
الوفاة | 24 مارس 1603 (69 سنة)
[1] قصر ريتشموند |
||||||
سبب الوفاة | إنتان | ||||||
مكان الدفن | دير وستمنستر | ||||||
مكان الاعتقال | برج لندن (18 مارس 1554–) | ||||||
مواطنة | مملكة إنجلترا | ||||||
اللقب | الملكة العذراء | ||||||
لون الشعر | شعر أحمر | ||||||
الأب | هنري الثامن ملك إنجلترا[2] | ||||||
الأم | آن بولين[2] | ||||||
إخوة وأخوات | |||||||
عائلة | أسرة تيودور | ||||||
الحياة العملية | |||||||
المهنة | ملكة، وعاهلة | ||||||
اللغة الأم | الإنجليزية | ||||||
اللغات | الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، واللاتينية | ||||||
تعديل مصدري - تعديل |
إليزابيث الأولى (بالإنجليزية: Elizabeth I) (7 سبتمبر 1533 - 24 مارس 1603)،[3] ملكة إنجلترا، وأيرلندا من 17 نوفمبر 1558 وحتى وفاتها. لُقبت بـالملكة العذراء، وغلوريانا، والملكة المباركة الفاضلة، وهي الحاكم الخامس والأخير من سلالة تيودور.
إليزابيث ابنة الملك هنري الثامن، وآن بولين زوجته الثانية التي نفِّذ فيها حكم الإعدام عام 1536 بتهمة خيانة الوطن وكانت إليزابيث حينها في الثانية والنصف من عمرها ومن هنا تم إلغاء زواج آن من هنري الثامن وتم إعلان إليزابيث ابنة غير شرعية. بعد موت أبيها الملك هنري في عام 1547، خلفه في الحكم أخوها من أبيها إدوارد السادس الذي نشأ بروتستانتياً كأخته إليزابيث. وعندما توفي في عام 1553، ورث العرش إلى ليدي جين غراي مُقصياً بذلك أختيه إليزابيث، وماري الكاثوليكية الرومانية عن الحكم ومخالفا للقانون آنذاك. لكن أرادته لم تتم، فقد تُوجت ماري على العرش، وتم خلع ليدي جين غراي ومن ثم أعدمت. كانت ماري مثل أمها كاثوليكية فجعلت مذهب الأمة الإنجليزية كاثوليكياً. وكانت تضطهد الفئة البروتستانتية حتى عُرفت باسم السفّاكة ماري. كانت ماري تسيء الظن بإليزابيث التي كانت سُترشَّح بعدها للحكم، بينما كانت إليزابيث تتجنب بشدة التدخل في الأمور السياسية خلال فترة حكم ماري. ومع ذلك فقد وقعت إليزابيث ضحية الظن في عام 1554 بعد الثورة المعروفة باسم ثورة ويات، التي فشل فيها الثوار في الإطاحة بحكم ماري. واعتُقلت إليزابيث رغم عدم ثبوت أي أدلة تدينها بالاشتراك في الثورة.
عندما توفيت ماري عام 1558 أصبحت إليزابيث الملكة وتولت الحكم، وأدارت البلاد بالشورى.[4] واعتمدت في كثير من الأمور على فريق من المستشارين الموثوق بهم بقيادة وليام سيسيل، بارون بورغلي الأول. وكان من أول ما قامت به الملكة إليزابيث بعد اعتلائها العرش إقامة الكنيسة البروتستانتية الإنجليزية، وأصبحت الحاكم الأعلى لها. هذا وقد أسهمت تسوية إليزابيث الدينية في تطوير الشكل الذي عليه الكنيسة الإنجليزية حاليا. كان من المتوقع أن تتزوج إليزابيث وتنجب وريثا لمواصلة حكم سلالة تيودور. إلا أنها لم تفعل، رغم كثرة من المتقدمين إليها. وبتقدم إليزابيث بالسن، اشتهرت بكونها ما زالت عذراء. الأمر الذي أنشأ هالة من حولها نُقلت من خلال الصور، والمواكب، والأدب في ذلك العصر.
كانت إليزابيث في فترة حكمها أكثر اعتدال من والدها وإخواتها غير الأشقاء.[5] وكان أحد شعاراتها «أرى، ولكني لا أتكلم».[6] لم يكن لديها تعصب ديني، بل كانت تتجنب الاضطهاد المنهجي. وفي عام 1570 أعلن البابا أن إليزابيث حاكمة غير شرعية، كما أحل رعاياها من الولاء لها، وجرت مؤامرات عديدة تهدد حياتها، ولكن تم إحباط جميع هذه المؤامرات بفضل جهاز الخدمة السرية الذي يديره وزرائها. كانت إليزابيث حذرة وعلى دراية بالشؤون الخارجية والمناورات التي تدور بين القوى الكبرى، مثل فرنسا وإسبانيا. وقد ساندت بغير حماسة الحملات العسكرية غير الفعالة، وذات الموارد الشحيحة في هولندا وفرنسا وأيرلندا. وفي منتصف عقد 1580 لم يكن لإنجلترا الخيار لتجنب الحرب مع إسبانيا، انهزم أسطول الأرمادا الإسباني على القوات الإنجليزية في عام 1588، ليرتبط اسم إليزابيث بأعظم انتصار عسكري في التاريخ الإنجليزي.
عُرفت فترة حكم الملكة إليزابيث بالعصر الإليزابيثي، حيث اشتهرت تلك الفترة بازدهار الدراما الإنجليزية بريادة عدد من الكتاب المسرحيين مثل وليم شكسبير وكريستوفر مارلو، كما اشتهر ببراعة البحارة الإنجليز المغامرين مثل فرنسيس دريك. ولكن كان بعض المؤرخين أكثر تحفظا في تقيمهم، فوصفها بعضهم بأنها حادة الطباع ومتذبذبة في بعض الأحيان،[7] وأنها نالت أكثر مما تستحق. وفي نهاية عهدها، ظهرت سلسلة من المشاكل الاقتصادية والعسكرية، التي أدت إلى انخفاض شعبيتها. وفي ظل حكومة محدودة الصلاحيات ومتداعية للسقوط، وأثناء تعرض ملوك الدول المجاورة لمشكلات داخلية، فقد أثبتت إليزابيث أنها ملكة مثابرة وعنيدة وذات شخصية براقة. وكذلك كان حال مع ابنة عمها المنافسة ماري ستيوارت ملكة اسكتلندا، مما أدى إلى سجن ماري في عام 1568، ثم إعدامها في عام 1587. وبعد فترات الحكم القصيرة لإخوة إليزابيث غير الأشقاء، فقد نجحت إليزابيث خلال فترة حكمها التي امتدت إلى 44 عاما أن تجلب الاستقرار إلى البلاد، وتساعد على تعزيز الشعور بالهوية الوطنية.[5]
ولدت إليزابيث في قصر بلاسنتيا، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى جدتيها إليزابيث يورك وإليزابيث هوارد.[8] نشأت وعاشت طفولتها في ظل زواج ملكي بين هنري الثامن ملك إنجلترا وآن بولين، الزوجة الثانية لهنري. وتُعد إليزابيث الابنة الثانية لهنري والوريثة المفترضة لعرش إنجلترا. فقدت أختها الكبرى الغير شقيقة ماري مكانتها كوريث شرعي عندما أنهى هنري زواجه من والدة ماري كاثرين أراغون، لكي يتزوج من آن بولين وينجب ولداً لضمان خلافة تيودور.[9][10] عُمدت إليزابيث في يوم 10 سبتمبر 1533، وقد عمدت من قبل كبير الأساقفة توماس كرانمر، ومركيز إكسيتر، ودوقة نورفولك، وأرملة ماركيزة دورست. وقد حمل مظلة المراسم فوق الطفلة البالغة من العمر ثلاثة أيام كل من جورج بولين، فيكونت روشفورد الثاني، وجون هوسي، بارون هوسي سليافورد الأول، ولورد توماس هوارد، ووليام هوارد، بارون هوارد إفنغهام الأول.[11]
كانت إليزابيث تبلغ من العمر سنتين وثمانية أشهر عندما تم قطع رأس أمها في 19 مايو 1536، بعد أربعة أشهر من الوفاة الطبيعية لكاثرين أراغون. وتم إعلان أن إليزابيث ابنة غير شرعية، ومن هنا فقدت حقها في تولي العرش.[12] وبعد مرور إحدى عشر يوما من إعدام آن بولين، تزوج هنري من جين سيمور، ولكنها توفيت بعد فترة قصيرة من ولادة ابنهما الأمير إدوارد في عام 1537. وصار الأمير إدوارد منذ ولادته، هو الوريث الشرعي للبلاد بلا منازع. ووضعت إليزابيث في بيته، وهي من حملت قماش التعميد أثناء مراسم التعميد.[13]
كتبت مارجريت بريان أول مربية لإليزابيث، أنها كانت «ألطف طفلة عرفتها في حياتي».[14] وفي خريف 1537، صارت إليزابيث تحت رعاية السيدة تروي بلانش هربرت التي ظلت مربيتها الخاصة حتى تقاعدت في نهاية عام 1545 أو في بداية عام 1546.[15] وبعد ذلك، في عام 1537 تم تعيين كاثرين شامبرنون، ولقب زواجها "كاثرين كات أشلي [الإنجليزية]" كمربية خاصة لإليزابيث، وظلت صديقتها المقربة حتى توفيت عام 1565، حيث خلفتها بلانش باري كرئيسة وصيفات الغرفة الخاصة.[16] وقامت شامبرنون بتعليم إليزابيث أربع لغات، وهي: الفرنسية، والفلمنكية، والإيطالية، والإسبانية.[17] وقبل أن يصبح ويليام جريندل معلمها في عام 1544، كانت إليزابيث تجيد كتابة الإنجليزية، واللاتينية، والإيطالية. وتحت إشراف جريندل المعلم الموهوب، والماهر، أتقنت إليزابيث أيضا اللغة الفرنسية واليونانية.[18] وبعد وفاة جريندل عام 1548، تلقت إليزابيث تعليمها على يد المُعلم العطوف روجر أشام، الذي كان يؤمن بأن التعليم يجب أن يكون ممتعا.[19]
عندما انتهت من تعليمها الرسمي في عام 1550، صارت إليزابيث واحدة من أفضل النساء تعليماَ في جيلها.[20] ويُقال أن في نهاية حياتها كانت قد أتقنت التحدث باللغة الويلزية، والكورنية، والاسكتلندية، والأيرلندية، بجانب اللغات التي تعلمتها سابقا. حتى أن السفير الفينيسي قد صرح في عام 1603 أنها قد «أتقنت كل هذه اللغات كما لو كانت لغاتها الأم».[21] ويُرجح المؤرخ مارك ستويل أن فضل تعلم إليزابيث للكورنية يعود إلى السيد ويليام كليجرو، رئيس شئون البلاط الملكي، وفيما بعد وزير الخزانة.[22]
في عام 1547 توفى هنري الثامن، وخلفه إدوارد السادس الأخ غير الشقيق لإليزابيث وهو في التاسعة من عمره. وما لبثت كاثرين بار، أرملة هنري، أن تزوجت من توماس سيمور، بارون سيمور سوديلي الأول، وعم إدوارد السادس وشقيق السيد الحامي، إدوارد سيمور، دوق سومرست الأول. وانتقل الزوجان ومعهم إليزابيث إلى تشيلسي. وهناك تعرضت إليزابيث لأزمة عاطفية شديدة، حتى أن بعض المؤرخين يرون أنها قد أثرت عليها طيلة حياتها.[24] كان توماس سيمور في سن الأربعين ولديه جاذبية وميول جنسي قوي،[24] شاركها مع إليزابيث البالغة من العمر 14 عاما. وكان يدخل غرفة نومها وهو لابس ثوب النوم، ليداعبها. وبدلا من أن تواجهه كاثرين بار زوجها بأعماله المشينة، انضمت إليهم. فقد شاركت زوجها مرتين في مداعبة إليزابيث، وفي أحد المرات أمسكت بإليزابيث حتى مزق سيمور ردائها الأسود «إلى ألف قطعة».[25] لكن عندما اكتشفت كاثرين الاثنان يتعانقان، قررت أن تنهي الوضع.[26] وفي مايو 1548 تم إبعاد إليزابيث عن المنزل.
ومع ذلك، واصل توماس سيمور تخطيطه في السيطرة على العائلة المالكة، ومحاولة تنصيب نفسه المنظم لأمور الملك.[27][28] في 5 سبتمبر 1548 توفيت كاثرين بار أثناء ولادتها، وبعدها تجدد شعور سيمور بالإعجاب تجاه إليزابيث، وعزم على الزواج منها.[29] وعاد إلى سلوكه السابق مع إليزابيث،[30] وبالنسبة لأخيه ولمجلس الملك كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.[31] وفي يناير 1549 تم القبض على سيمور بتهمة التخطيط للزواج من إليزابيث والإطاحة بأخيه السيد الحامي. لم تود إليزابيث التي تعيش في هاتفيلد هاوس، الاعتراف بأي شيء، وقد أدى عنادها إلى إثارة غضب محققها السير روبرت تيرت، الذي علق قائلا: «أستطيع أن أرى الإدانة في عينيها».[31] وفي 20 مارس 1549 تم قطع رأس سيمور.
في 6 يوليو 1553، توفى إدوارد السادس وهو في الخامسة عشر من عمره. كانت وصيته تخطي قانون الخلافة الثالث لعام 1543، واستبعاد كلا من ماري وإليزابيث من الخلافة، وبدلا من ذلك إعلان السيدة جين غراي حفيدة شقيقة هنري الثامن ماري تيودور ملكة فرنسا وريثة شرعية للعرش. وتم إعلان السيدة جين ملكة من قبل المجلس الملكي. ولكن سرعان ما خسرت الدعم الذي كان يُقدم لها وتم إعدامها بعد تسعة أيام من توليها الحكم، واطلق عليها ملكة التسعة الأيام. وفي 3 أغسطس 1553، جاءت ماري إلى لندن منتصرة وبرفقتها أختها إليزابيث.[32]
لم يدم هذا التضامن بين الأختين طويلا. فقد عزمت ماري الكاثوليكية المتشددة على قمع جميع الأفكار البروتستانتية التي تتبناها إليزابيث، وأمرت الجميع أن يحضر القداس الكاثوليكي، وما كان على إليزابيث سوى ألتظاهر بالاتفاق معها. في عام 1554 تراجعت شعبية ماري عندما أعلنت عن خطة زواجها من فيليب ملك إسبانيا وابن الإمبراطور الروماني المقدس تشارلز الخامس.[33] انتشر الاستياء بسرعة عبر البلاد، وبدأ العديد يتطلع إلى إليزابيث كركيزة لمعارضتهم لسياسات ماري الدينية.
في يناير وفبراير من عام 1554 اندلعت ثورة ويات، وتم قمعها بسرعة.[34] وفي 18 مارس تم إحضار إليزابيث إلى المحكمة والتحقيق معها بشأن دورها في هذه الثورة، وحُبست في برج لندن. احتجت إليزابيث ودافعت بشدة عن براءتها.[35] رغم من أنه من غير المرجح أنها قد تآمرت مع المتمردين، إلا أن بعضهم قد تقرب منها. وجاءت النصيحة إلى الملكة ماري من أقرب المقربين لها سفير تشارلز الخامس سيمون رينارد [الإنجليزية]، بأنه سيظل عرشها مُهددا طالما إليزابيث على قيد الحياة، واستنادا إلى ذلك عمل المستشار ستيفن جاردينر على تقديم إليزابيث للمحاكمة.[36] تقدم أنصار إليزابيث من أفراد الحكومة، بمن فيهم اللورد باجيت إلى ماري وأقنعوها بأن تعفو عن أختها إليزابيث وذلك بسبب عدم وجود أدلة دامغة ضدها. ولكن، في 22 مايو، نقلت إليزابيث من البرج إلى وودستوك، حيث قضت حوالي سنة تحت الإقامة الجبرية بإشراف السير هنري بدنجفيلد. وكان الحشود يهتف لها طول الطريق.[37][38]
وفي 17 أبريل 1555، تم استدعاء إليزابيث إلى المحكمة لتشهد الشهور الأخيرة من حمل ماري، فإذا توفيت ماري وطفلها، تصبح إليزابيث هي الملكة. أما إذا أنجبت ماري طفلا سليما، فستتراجع فرصة إليزابيث بأن تصبح ملكة. ولما اتضح أن ماري لم تكن حاملا بالأساس، لم يعد أحد يُصدق أنها ستنجب طفل،[39] وبدأ حق إليزابيث في تولي الخلافة مضمونا.[40]
وعندما اعتلى الملك فيليب عرش أسبانيا في عام 1556، اعترف بالواقع السياسي الجديد وشقيقة زوجته المهذبة. وكانت هي حليفة أفضل بكثير من القائد البديل ماري ستيوارت ملكة اسكتلندا، التي عاشت في فرنسا، وكانت مخطوبة لدوفين فرنسا فرانسوا الثاني.[41] وعندما مرضت زوجته في 1558، أرسل الملك فيليب كونت فيريا للتشاور مع إليزابيث.[42] كانت هذه المقابلة في هاتفيلد هاوس، حيث كانت إليزابيث قد عادت لتعيش فيها في أكتوبر 1555. وبحلول شهر أكتوبر 1558، كانت إليزابيث قد وضعت الخطط بشأن حكومتها الجديدة. وفي 6 نوفمبر، اعترفت ماري بإليزابيث كوريثة شرعية لها.[43] وفي 17 نوفمبر 1558 توفيت الملكة ماري، وخلفتها إليزابيث على العرش.
اعتلت إليزابيث العرش وهي في سن الخامسة والعشرين، وأعلنت عن نواياها أمام المجلس والنبلاء الذين أتوا إلى هاتفيلد لإلقاء قسم الولاء. يشمل خطابها على أول سجل على تبنيها للاهوت السياسة السيادي للعصور الوسطى في «هيئتين»: الجهاز السياسي والجهاز الطبيعي:[44]
سادتي، بحكم قانون الطبيعة أشعر بالأسى من أجل أختي، كما أن العبء الذي ألقى على عاتقي يجعلني مندهشة، وبعد، معتبرة نفسي مخلوقة الله ويُقدر علي الاستجابة لتعيينه لي في هذا المنصب، وسأخضع له، فأتمنى من أعماق قلبي أن يساعدني بنعمته أن أكون وكيلة لإرادته السماوية في هذا المنصب الذي أوتى إليّ. ولأنني اعتبر نفسي فقط جهاز طبيعي واحد، حتى لو إذن للجهاز السياسي في الحكم، لذا فأنا أحتاج مساعدتكم جميعا... أنا بحكمي وأنتم بخدمتكم يمكننا أن نقدم عملا نافعا يرضى الله القدير ويُقدم بعض الراحة لأجيالنا القادمة على الأرض. وسأجعل المشورة سبيلي عند اتخاذ القرارات.[45]
وعندما ذاع صيت تقدمها عشية حفل التتويج، رحب بها المواطنون ترحيبا حارا، واستقبلوها بالمواكب والخطبة ذات الصبغة البروتستانتية. كانت استجابة إليزابيث اللطيفة وغير المتكلفة محببة للجمهور الذين تعلقوا بها.[46] وفي اليوم التالي، في 15 يناير 1555، توجت إليزابيث ومسح عليها بواسطة أسقف كارلايا الكاثوليكي أوين أوغليثورب [الإنجليزية]، في دير وستمنستر. ثم عرضت على الشعب لقبولها كملكة وسط ضجيج الأرغن والناي، والأبواق، والطبول والأجراس.[47] وعلى الرغم من ترحيب بإليزابيث كملكة في إنجلترا، إلا أن البلاد لا تزال في حالة من القلق إزاء التهديد الكاثوليكي الملموس من الداخل والخارج، فضلا عن اختيار من ستتزوج.[48]
كانت معتقدات إليزابيث الدينية محط جدل كبير بين العلماء. فهي بروتستانتية ولكنها أبقت بعض الرموز الكاثوليكية (كالصليب)، كما أنها قللت من دور الخطب متحدية بذلك المعتقد البروتستانتي.[50]
وفيما يتعلق بالسياسة العامة فقد فضلت البراغماتية في التعامل مع الأمور الدينية. وكانت قضية شرعيتها هي أحد الشواغل الرئيسية: رغم أنها من الناحية الفنية، تعد غير شرعية بموجب القانون البروتستانتي والكاثوليكي، إلا أن عدم شرعيتها المعلنة بأثر رجعي بموجب الكنيسة الإنجليزية لم يكن عقبة خطيرة مقارنة بزعم الكاثوليك أن إليزابيث لم تكن أبدا شرعية. ولهذا السبب وحده، فلا يوجد أدنى شك أن إليزابيث ستتبنى البروتستانتية.
ادركت إليزابيث ومستشاريها أن هناك تهديدات بحملة كاثوليكية ضد إنجلترا المهرطقة. ولذلك سعت إليزابيث إلى حل يرضي البروتستانت وفي الوقت نفسه لا يسيء إلى الكاثوليك كثيرا عند مناقشة رغبات الإنجليز البروتستانت؛ فهي لن تتسامح مع التطهيريين الأكثر تطرفا، حتى لو كانوا يسعون جاهدين لتحقيق إصلاحات بعيدة المدى.[51] ونتيجة لذلك، بدأ برلمان 1559 في التشريع للكنيسة استنادا إلى تسوية إدوارد السادس البروتستانتينية برئاسة الملك، لكن مع وجود العديد من العناصر الكاثوليكية مثل الأثواب الكهنوتية.[52]
دعم مجلس العموم المقترحات بقوة، ولكن قانون السيادة لاقى معارضة شديدة في مجلس اللوردات وخاصة من الأساقفة. ومن حسن حظ إليزابيث أن في ذلك الوقت كانت الأساقفة شاغرة بما فيها مطرانية كانتربري.[53][54] وهذا مّكن المؤيدين من النبلاء من الفوز بأغلبية الأصوات على الأساقفة والنبلاء المحافظين. ومع ذلك، اضطرت إليزابيث أن تقبل لقب الحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا بدلا من لقب الرئيس الأعلى الذي كان قد اتخذه والدها هنري الثامن، وقد كان مثيرا للجدل لأن الكثير يعتقد أنه من غير المقبول أن تحمله امرأة. وفي 8 مايو 1559 أقرت الكنيسة قانون السيادة. وكان على جميع الموظفين العموميين إما قسم اليمين بالولاء للملك باعتباره الحاكم الأعلى أو المخاطرة بفقدان المنصب؛ وتم إلغاء قوانين الهرطقة تجنبا لتكرار اضطهاد المنشقين الذين كانت تديرهم ماري. وفي الوقت نفسه، صدر قانون التوحيد الجديد، الذي جعل الحضور إلى الكنيسة واستخدام النسخة المعدلة من كتاب الصلاة المشترك لعام 1552 إلزاميا، وعلى الرغم من ذلك فكانت عقوبة من يتخلف عن ذلك ليست بالشديدة.[55]
كان المتوقع منذ بداية حكم إليزابيث هو زواجها، والسؤال هو ممن ستتزوج. وبالرغم من تلقيها عدة عروض للزواج، فإنها لم تتزوج قط لأسباب غير معروفة حتى الآن. يعتقد بعض المؤرخون أن السبب يعود إلى توماس سيمور الذي جعلها تنفر من أية علاقة جنسية، أو أنها عرف بأنها عقيمة.[57][58] وظلت تفكر فيمن تقدم إليها من الخطاب حتى وصلت سن الخمسين. وآخر من تودد إليها كان فرانسيس، دوق أنجو، وهو أصغر منها بـ 22 عاما. بدلا من المخاطرة في فقدان السلطة كما حدث مع أختها التي كان يتحكم بها فيليب الثاني ملك إسبانيا، فإن الزواج سيوفر لها فرصة أن تنجب وريث.[59] ومع ذلك فإن اختيار الزوج قد يؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي أو حتى العصيان.[60]
في ربيع عام 1559، تبين أن إليزابيث تعيش قصة حب مع صديق الطفولة روبرت دادلي.[61] وقيل أن زوجته إيمي روبسارت [الإنجليزية] كانت تعاني من «مرض في أحد ثدييها»، وأن إليزابيث كانت ترغب في الزواج منه إذا توفيت.[62] وبحلول خريف عام 1559، بدأ المتقدمين الأجانب يتوافدون لطلب يد الملكة؛ حتى أن مبعوثيهم عديمي الصبر شاركوا في كلام مشين ونقلوا عنها أن زواجها من الرجل الذي تتمناه غير مرحب به في إنجلترا:[63]«لا يوجد شخص إلا واستاء منه ومنها ... وهي لن تتزوج غير حبيبها روبرت».[64] في عام 1560 توفيت إيمي زوجة دادلي نتيجة سقوطها من سلم مرتفع، وبالرغم من أن تقرير المحقق الشرعي قد أثبت أنها حادثة، الا أن البعض قد اتهم دادلي بأنه الفاعل؛ ليتمكن من الزواج بإليزابيث.[65] وبالفعل كانت إليزابيث تفكر بجدية في موضوع زواجها من دادلي، إلا أن ويليام سيسيل، ونيكولاس ثروكمورتون [الإنجليزية]، وبعض النبلاء المحافظين قد أبدوا رفضهم بوضوح.[66] وعلاوة على ذلك، كانت هناك شائعات بأن النبلاء سيثورون ضد الملكة، إذا تم هذا الزواج.[67]
ومن بين المرشحين للزواج الذين تفكر فيهم إليزابيث، لازال روبرت دادلي يعتبر مرشح محتمل لعقد آخر من الزمن.[68] فكانت إليزابيث تغار عليه كثيرا حتى بعدما تأكدت أنها لم تعد تستطيع الزواج منه.[69] وفي عام 1564، رفعت إليزابيث رتبة دادلي إلى رتبة النبلاء كإيرل ليستر (الإيرل: لقب إنجليزي أدنى من مركيز وأرفع من فيكونت). وأخيرا تزوج في عام 1578 من ليتيس نوليس، التي كانت ردة فعل الملكة معها باستياء شديد وكراهية طوال حياتها.[70] وعلى الرغم من ذلك، لا يزال دادلي «يستحوذ على قلب إليزابيث ومشاعرها» على حد قول المؤرخ سوزان دوران.[71] وتوفى دادلي بعد هزيمة الأرمادا بفترة قصيرة. وبعد وفاة إليزابيث، وجدت رسالة منه ضمن ممتلكاتها الشخصية، مكتوب عليها بخط يدها «آخر جواب منه».[72]
شكلت مفاوضات الزواج عنصر مهم في سياسة إليزابيث الخارجية.[74] رفضت طلب فيليب أن يتزوجها، لكنها ظلت سنوات تفكر في إريك الرابع عشر ملك السويد. وخلال عدة سنوات كانت تفكر بشكل جدي في الزواج من ابن عم فيليب كارل الثاني، أرشيدوق النمسا. وبحلول عام 1569 تدهورت العلاقات مع عائلة هابسبورغ، حينها فكرت إليزابيث في الزواج من أحد الأميريين الفرنسيين من عائلة آل فالوا، الأول هنري دوق أنجو والثاني من عام 1572 حتى 1581 كان شقيقه فرانسيس دوق أنجو، كان سابقا دوق ألونسون.[75] أن المقترح الأخير للزواج كان مخطط ليكون تحالف منظم ضد السيطرة الإسبانية على الأراضي المنخفضة الجنوبية.[76] ويبدو أن إليزابيث قد أخذت هذه الخطوبة مأخذ الجد لبعض الوقت، حتى أنها كانت ترتدي قرط على شكل ضفدع، قد أهداه إياها دوق أنجو.[77]
وفي عام 1563، أخبرت إليزابيث المبعوث الإمبراطوري الآتي: «إذا اتبعت أهواء نفسي، فأنا أفضل أن أكون فقيرة ووحيدة على أن أكون ملكة ومتزوجة».[74] وفي وقت لاحق من نفس العام، وبعد إصابة الملكة بالجدريٍ، أصبحت مسألة الخلافة من القضايا الساخنة التي يتم مناقشتها في البرلمان. وأخذوا يحثون الملكة على الزواج أو ترشيح وريث لها خشية أن تحدث حرب أهلية بعد وفاتها. لكنها رفضت الخيارين. وفي أبريل قامت بتأجيل البرلمان، ولم تعقد مرة ثانية إلا حينما احتاجت دعمه لرفع الضرائب عام 1566. ولأنها قد وعدت من قبل بالزواج، قالت كلمة قوية:
لن أكسر كلمة قالها الأمير علناً، ولي الشرف في ذلك. ولهذا أقولها ثانية، سأتزوج بأقرب وقت عندما أشعر أن ذلك مناسبا، إذا لم يأخذ الرب الرجل الذي تعهدت بزواجه، أو يتوفاني، أو يحدث أي حدث كبير يمنع هذا الزواج.[78]
وبحلول عام 1570 تقبل كبار المسئولون في الحكومة فكرة أن إليزابيث لن تتزوج أبدا، أو تعيين خليفة. وقد كان وليام سيسيل يسعى لإيجاد حل لمشكلة الخلافة.[74] ولفشلها بالزواج، كانت إليزابيث تُتهم كثيرا بعدم المسئولية.[79] ومع ذلك، فكان صمتها يعزز أمنها السياسي: فهي تعرف أنها إذا عيّنت وريثا لها، فستكون مملكتها مهددة بحدوث انقلاب؛ حيث تذكرت أن تعيين شخصا آخر ليخلفها على العرش، كما كانت هي من قبل، قد يؤدي إلى كثير من المؤامرات ضد من يعقبها.[80]
ألهمت إليزابيث العزباء العقيدة العذرية، وقد وصفت في الشعر والبورتريه بالعذراء أو ألإلهه، ولم تُصوَر على أنها امرأة عادية.[82] في بادِئَ الأمْر إليزابيث هي التي صنعت فَضِيلَة عذريتها؛ ففي عام 1955، قالت للعموم: «وفي النهاية، يكفيني حجر رخام نقش عليه أن ملكة حكمت فترة من الزمن، عاشت وماتت عذراء».[83] وفيما بعد تناول بعض الشعراء والكتاب هذا الموضوع وحولوه إلى مجموعة صور تمجد إليزابيث. بحلول عام 1578 كانت تحية الجمهور للعذراء بمثابة تأكيد خفي لمعارضتهم على مفاوضاتها للزواج من دوق ألونسون.[84]
وفي نهاية المطاف، أصرت إليزابيث أنها متزوجة من مملكتها وشئونها، تحت العناية الإلهية. وفي عام 1599، تحدثت قائلة أن «جميع أزواجي؛ شعبي الكريم».[85]
كانت أول سياسة لإليزابيث تجاه اسكتلندا هي معارضة الوجود الفرنسي هناك.[86] لأنها كانت تخشى عزم الفرنسيين على غزو إنجلترا وتنصيب ماري ملكة اسكتلندا، على العرش؛[87] حيث يعتقد العديد منهم أن ماري وريث للتاج الإنجليزي.[88] وكانت إليزابيث مقتنعة بأن ترسل قوات إلى اسكتلندا لمؤازرة المتمردين البروتستانت. وبالرغم من ذلك لم تكن هذه الحملة مناسبة، فنتج عنها معاهدة إدنبرة في يوليو 1560 التي أدت إلى إزالة الخطر الفرنسي في الشمال.[89] في عام 1562 وعندما عادت ماري إلى اسكتلندا لتولي مقاليد السلطة، كانت الدولة قد أسست كنيسة بروتستانتية يديرها مجلس النبلاء بدعم من إليزابيث.[90] فرفضت ماري التصديق على المعاهدة.[91]
وفي عام 1563، قدمت إليزابيث حبيبها، اللورد دادلي زوجا لماري، دون أن تستشير أيا منهم في ذلك الأمر. وكلاهما أبدوا عدم رغبتهم في إتمام ذلك الزواج.[92] وفي عام 1565، تزوجت ماري من هنري ستيوارت، لورد دارنلي الذي طالب بتولي عرش إنجلترا. وكان هذا الزواج أول قرار خاطئ تتخذه ماري، ولم يكن الأخير، فبذلك حققت ماري النصر للاسكتلنديين البروتستانت ولإليزابيث. وفقد دارنلي شعبيته في اسكتلندا، وذلك لأنه تصدر مقتل وزير الملكة ماري الإيطالي، ديفيد ريتزو. وفي فبراير 1567، قام مجموعة من المتآمرين بقتل دارنلي، ويُقال أن من حرضهم هو جيمس هيببرن، إيرل بوثويل الرابع. وبعد تلك الحادثة بفترة قصيرة، في 15 مايو 1567، تزوجت ماري من بوثويل، مما أثار الشبهات حول ماري بأنها كانت طرفا في قتل زوجها. حيث بعثت لها إليزابيث برسالة مكتوب فيها الآتي:
كيف يمكن أن يكون هناك خيار أكثر سوء لشرفك من التسرع في الزواج من هذا الشخص، الذي بجانب سوء سمعته، اتهمه الجميع بقتل زوجك السابق، وبجانب تأثرك في بعض المواقف، فإننا نثق أن ذلك من اجل مصلحة كاذبة.[93]
وبشكل سريع أدت هذه الأحداث إلى اعتقال ماري، وسجنها في قلعة بحيرة ليفين. وأجبرها اللوردات الاسكتلنديين على التنازل عن العرش لابنها جيمس، الذي وُلد في يونيو 1566. وتم أخذه إلى قلعة ستيرلينغ، ونشأ هناك بعقيدة بروتستانتية. في عام 1568 هربت ماري من بحيرة ليفين عقب هزيمة أخرى وفرت إلى حدود إنجلترا، عندما تأكدت من دعم إليزابيث لها. كانت غريزة إليزابيث استعادة غريمتها الملكة، ولكن بدلا من ذلك اختارت إليزابيث ومستشاريها تجنب المخاطر. وبدلا من المخاطرة في إرسال ماري إلى اسكتلندا مع الجيش الإنجليزي، أو إرسالها إلى فرنسا والكاثوليك، أعداء إنجلترا، قرروا احتجازها في إنجلترا، وظلت محبوسة هناك حوالي تسعة عشر عاما.[94]
وسريعا صارت ماري شرارة ثورة. ففي عام 1569 تحركت انتفاضة كاثوليكية عارمة في الشمال لتحرير ماري، وتزويجها من توماس هوارد، دوق نورفولك الرابع [الإنجليزية]، وتنصيبها على العرش الإنجليزي.[95] وبعد دحر المتمردين، تم إعدام أكثر من 750 منهم بأوامر من إليزابيث.[96] وإيمانا بنجاح هذه الثورة، أصدر البابا بيوس الخامس مرسوما عام 1570، يعلن فيه «إليزابيث، ملكة إنجلترا الزائفة وخادمة الجريمة» وتصبح مهرطقة وتحرم كنسيا وإطلاق سراح جميع رعاياها من أي ولاء لها.[97][98] وتهديد الكاثوليك الذين يتبعون أوامرها بالحرمان الكنسي.[97] كما سن البرلمان الإنجليزي قوانين أشد صرامة ضد الكاثوليك، تُحد من تدخل إليزابيث.[99] وفي 1581، كان تحويل الرعايا الإنجليز إلى الكاثوليكية بوجود «نوايا» إحلالهم من الولاء لإليزابيث، خيانة عظمى عقوبتها الإعدام.[100] ومن عقد 1570، بدأ الكهنة التبشيريين يأتون سرا من المعاهد اللاهوتيّة القارية، لإعادة إنجلترا إلى وضعها الأول.[98] وقد عانى الكثير من عقوبات الإعدام، ومن هنا نشأ مُعتقد الاستشهاد.[98]
بعث مرسوم بيوس الخامس بحافز قوي للكاثوليك الإنجليز للنظر إلى ماري ستيوارت بأنها صاحب السيادة الحقيقي لإنجلترا. قد لا تكون ماري على علم بكل مؤامرة كاثوليكية لتنصيبها على العرش، ولكن منذ مؤامرة ريدولفي عام 1571 (التي تسببت في قطع رأس خطيب ماري، دوق نورفولك) إلى مؤامرة بابينجتون عام 1586، تجمع السير فرنسيس والسينغهام، مسئول تجسس الملكة، والمجلس الملكي ضدها.[101] في البداية، رفضت إليزابيث الدعوات القائلة بقتل ماري. ولكن قبل عام 1586، كان قد تم إقناع إليزابيث بمحاكمة ماري وإعدامها وذلك بناءَ على الرسائل المكتوبة أثناء مؤامرة بابينجتون.[102] وجاء إعلان إليزابيث للعقوبة بالتالي: «لقد فعلت وتخيلت المذكورة ماري، التي تتطلع إلى العرش، أشياء قد تؤدي إلى الضرر، والموت، والدمار لجلالتنا.»[103] وفي يوم 8 فبراير، تم قطع رأس ماري في قلعة فوزورينغي، في نورثهامبتونشاير.[104] وبعد إعدام ماري، ادعًت إليزابيث بأنها لم تأمر بمثل هذا الفعل، وفي الواقع تقول معظم الروايات أنها أمرت الوزير ديفيدسون، الذي أحضر لها القرار لتُوقع عليه، بعدم إرسال هذا القرار، بالرغم من أنها قامت فعلا بالتوقيع عليه. وقد قام مؤرخين تاريخيين ومعاصرين بالتشكيك في صدق ندم إليزابيث، ودوافعها لإخبار ديفيدسون بعدم تنفيذ هذا القرار.
اتسمت سياسة إليزابيث الخارجية بأنها كانت دفاعية إلى حد كبير. فكان الاستثناء الوحيد هو احتلال إنجلترا للو هافر من أكتوبر 1562 إلى يونيو 1563، والذي انتهى بالفشل عندما انضم حلفاء إليزابيث الهوغونوتيون إلى الكاثوليك لاستعادة الميناء. ونتيجة لذلك، عزمت إليزابيث على استبداللو هافر بكاليه، وانهزمت إنجلترا أمام فرنسا في يناير 1558.[105] ومن هنا اتبعت إليزابيث سياسة عدائية من خلال تحركات الأساطيل البريطانية. وهذا دفع إلى شن حرب على أسبانيا، و 80% من هذه الحرب كانت بين الأساطيل في البحر.[106] ووسمت الملكة فرانسيس دريك بلقب الفارس بعدما قام بملاحة دورانية من عام 1577 إلى 1580، كما أنه حظي بشهرة كبيرة من خلال الغارات التي شنها على الموانئ والأسطول الإسباني. قاد البحارة الإليزابيثيين شهوة الثراء الذاتي، فقاموا ببعض أعمال القرصنة، الأمر الذي سيطرت عليه الملكة ولكن بنسبة ضعيفة.[107][108]
بعد احتلال لو هافر وخسارتها بين عامي 1562 و 1563، قررت إليزابيث تفادي شن أية حملة عسكرية في القارة حتى عام 1585، عندما قامت بإرسال الجيش الإنجليزي لمساندة المتمردين الهولنديين البروتستانت ضد فيليب الثاني.[109] وجاء ذلك في وفيات عام 1548 للحليفين ويليام الصامت، أمير أورانج، وفرانسيس، دوق أنجو [الإنجليزية]، واستسلام عدد من المدن الهولندية إلى ألساندرو فارنيزي، دوق بارما، وحاكم الأراضي المنخفضة الجنوبية تحت سلطة فيليب. وفي ديسمبر 1584، أدى التحالف القائم بين فيليب الثاني والرابطة الكاثوليكية الفرنسية في جوينفيل إلى تقويض قدرة شقيق أنجو هنري الثالث ملك فرنسا، لمواجهة الهيمنة الإسبانية على هولندا. كما أنها ساعدت في امتداد النفوذ الإسباني على طول ساحل القناة من فرنسا، حيث الرابطة الكاثوليكية قوية، وتعريض إنجلترا للغزو.[109] استدعى حصار أنتويرب الذي فرضه دوق بارما في صيف 1585، تحرك من جهة الإنجليز والهولنديين. وجاء إثر ذلك التوقيع على معاهدة نانساتش في أغسطس 1585، وبموجبها تعهدت إليزابيث بتقديم الدعم العسكري لهولندا.[110] وأدت المعاهدة إلى بداية الحرب الإنجليزية الإسبانية، التي استمرت حتى معاهدة لندن في عام 1604.
كان قائد تلك الحملة هو خطيب إليزابيث السابق، روبرت دادلي، إيرل ليستر. ولم تكن إليزابيث مؤيدة لذلك منذ البداية. كانت واستراتيجيتها أن تدعم الهولنديين ظاهريا بالجيش البريطاني، بينما تُجرى مفاوضات سلام سرية مع إسبانيا في غضون أيام من وصول روبرت دادلي إلى هولندا،[111] وهذا يتعارض مع روبرت دادلي الذي أراد كما توقع منه الهولنديين إطلاق حملة حربية نشطة. وإليزابيث من ناحية أخرى أرادته «أن يتجنب اتخاذ أية إجراءات حاسمة مع العدو، بأي ثمن».[112] وقد أثار غضب إليزابيث بقبوله منصب الحاكم العام الصادر من البرلمان الهولندي. فسرت إليزابيث ذلك القرار على أنه حيلة هولندية لإجبارها على قبول السيادة على هولندا،[113] الأمر الذي لا زالت ترفضه. وكتبت إليزابيث إلى روبرت دادلي الآتي:
«لم نكن نتصور أبدا (ولم يحدث قبل ذلك قط) أن رجلا قد ترقى على أيدينا، والمفضل لدينا أكثر من أي شخص آخر على وجه الأرض، أن يتورط في مثل هذا الفعل الوضيع ويخالف وصايتنا بشكل يمس بسمعتنا هكذا. ومن ثم، فمن دواعي سرورنا ووصيتنا الصريحة لك، هي أن تضع كل هذا التأخير والأعذار جانبا وتستمر في تلبية الواجب بالطاعة والولاء والالتزام بكل ما يكلفك به حامل هذا القرار لتفعله باسمنا. وإذا حدث غير ذلك، فعلى مسئوليتك»[114]
وكانت وصية إليزابيث أن يقرأ مبعوثها رسائلها التي تنم عن الرفض علنًا أمام مجلس الدولة الهولندي في حضرة روبرت دادلي.[115] سببت هذه الإهانة العلنية لجنرالها بجانب محادثاتها المستمرة من أجل السلام المنفصل مع إسبانيا،[116] إلى تقويض مكانته بين الهولنديين. وتعرضت الحملة العسكرية لعرقلة شديدة بسبب رفض إليزابيث المستمر قي إرسال المعونات المالية لجنودها الذين يتضورون جوعًا. ويعد عدم موافقتها على هذا الأمر، وعيوب روبرت دادلي كقائد سياسي وعسكري، وكذلك الوضع المنكوب والفوضوي للسياسات الهولندية أسبابًا لفشل الحملة.[117] وأخيرًا استقال روبرت دادلي من قيادته في ديسمبر 1587.
في هذه الأثناء، بدأ السير فرنسيس دريك برحلة بحرية ضخمة ضد الموانيء والسفن الإسبانية التي تقع على شاطيء الكاريبي في عامي 1585 و1586. وفي عام 1587 شن غارة ناجحة على قادس ودمر السفن الحربية للأسطول الإسباني المُعدة لمشروع إنجلترا،[118] وبهذا قرر فيليب الثاني شن الحرب على إنجلترا.[119]
في 12 يوليو 1588 أبحر الأسطول العظيم من سفن الأرمادا الإسبانيةإلى القناة لنقل قوات غزو إسبانية تحت إشراف ألساندرو فارنيزي، دوق بارما إلى ساحل جنوب شرق إنجلترا من هولندا. وقد أدى سوء التقدير[120] والحظ وكذلك الهجوم الناري الذي شنّته سفن الحرق الإنجليزية في 29 يوليو قبالة جريفلاين إلى تفريق السفن الإسبانية إلى الشمال الشرقي وإلى هزيمة الأرمادا.[121] عادت الأرمادا إلى موطنها إسبانيا تجر خلفها البقايا المحطمة بعد خسائر فادحة على ساحل آيرلندا (بعد محاولة بعض السفن مناضلة من أجل العودة إلى إسبانيا عن طريق بحر الشمال ثم العودة إلى الجنوب بعد ساحل آيرلندا الغربي).[122] حشدت الميلشيات الإنجليزية للدفاع عن الدولة تحت قيادة الإيرل ليسستر دون علمهم بمصير الأرمادا، وفي 8 أغسطس قام بدعوة إليزابيث لتتفقد جنودها في تيلبوري بضاحية إسكس والقت عليهم خطاب يعد الأشهر لها مرتديةً الدرع الفضي فوق فستانها المخملي الأبيض، قائلةً:
شعبي الحبيب، قد أقنعنا بعض من يهمهم أمننا بالحذر عندما نلزم أنفسنا بالحشود المسلحة خوفًا من الخيانة والغدر؛ ولكني أؤكد لكم أني لا أرغب في العيش وأنا لا أثق في شعبي المخلص والمحب...أعلم أني امرأة ذات جسد ضعيف ولكني أمتلك قلبًا وإرادة ملك، وكذلك ملك إنجلترا، وأعتقد أنه من الغباء أن بارما أو إسبانيا أو أي أمير أوروبي يجرؤ أن يغزو حدود مملكتي.[123]
سعدت الأمة لعدم حدوث أي غزو إليها. وكان مشهد موكب إليزابيث إلى كاتدرائية سانت بول في عيد الشكر مشابهًا لمشهد تتويجها.[124] وكانت هزيمة الأسطول انتصارًا دعائيًا قويًا لكلٍ من إليزابيث وإنجلترا البروتستانتية. وقبل الإنجليز وضعهم على أنه فضل من الله وعهد الأمة في ظل حكم ملكة عذراء.[106] إلا أن النصر لم يكن نقطة تحول في الحرب التي استمر وطيسها وكانت غالبًا لصالح إسبانيا. ولا زالت إسبانيا تفرض سيطرتها على المقاطعات الجنوبية من هولندا، وظل خطر الغزو مستمرا.[119] يقول السير والتر رالي بعد وفاة إليزابيث أن حذرها هذا أعاق الحرب ضد إسبانيا:
ورغم أن بعض المؤرخين انتقدوا إليزابيث لأسباب مماثلة،[126] فإن حكم رالي يعتبر غير عادل. وكان لدى إليزابيث سبب وجيه يستدعي عدم الثقة من قادتها، فقد كانوا يميلون إلى«المبالغة في الشعور بالخيلاء» [127] على حسب قولها.
عندما اعتلى هنري الرابع ملك فرنسا عرش فرنسا في عام 1589، أرسلت إليه إليزابيث دعمًا عسكريًا. وكان هذا أول مشروع لها في فرنسا منذ الانسحاب من لوهافر في 1563. وكانت خلافة هنري يتنازع عليها كلٌّ من التحالف الكاثوليكي وفيليب الثاني في حين كانت تخشى إليزابيث استيلاء إسبانيا على موانئ القناة. ومع ذلك كانت الحملات الإنجليزية التالية في فرنسا غير منظمة وغير فعالة.[128] أما لورد ويلوبي بيرجرين بيرتي الذي تجاهل أوامر إليزابيث وجاب شمال فرنسا مع جيش يتكون من 4,000 جندي دون تأثير يذكر. وانسحب في حالة من الفوضى في شهر ديسمبر 1589 بعد خسارته نصف جنوده. في 1591 كانت حملة جون نوريس مع أكثر من ثلاثة آلاف جنديّ إلى بريتاني أكثر من مجرد كارثة. ورفضت إليزابيث في جميع الحملات الإمدادات والتعزيزات التي طلبها قادتها العسكريون. وغادر نوريس إلى لندن للمناشدة شخصيًا من أجل مزيد من الدعم. وأثناء غيابه دمر التحالف الكاثوليكي بقايا جيشه في كرون شمال غرب فرنسا في مايو 1591. وفي يوليو أرسلت إليزابيث قوة أخرى تحت قيادة روبرت ديفيريوكس، إيرل إسكس الثاني، لمساعدة هنري الرابع في حصار روان وكانت النتيجة مزرية فلم يحقق إسكس أي إنجازات وعاد إلى وطنه خائبًا في يناير 1592. وتخلى هنري عن الحصار في شهر إبريل.[129] وكالعادة تفتقر إليزابيث إلى السيطرة على قادتها العسكريين عندما يكونون خارج البلاد كما كتبت عن إسكس «لا نعلم أين هو أو ماذا يفعل أو ماذا سيفعل».
على الرغم من أن أيرلندا كانت إحدى مملكتيها، إلا أن السكان الأيرلنديين الذين تحولوا إلى الكاثوليكية عمدوا إلى تحدي إليزابيث وسلطتها والمؤامرة مع أعدائها ضدها، مما جعلها تواجه موقفًا معاديًا وامتد ذلك إلى الأماكن المستقلة تقريبا.[130] وكانت سياستها هناك تهدف إلى منح أتباعها الأراضي ومنع المتمردين أن يسمحوا لإسبانيا باتخاذ قاعدة تهاجم من خلالها إنجلترا.[131] في سياق سلسلة من الانتفاضات، اتبعت قوات التاج تكتيك الأرض المحروقة والتي من شأنها حرق الأراضي وذبح الرجال والنساء والأطفال. في 1082 قامت ثورة في مونستر بقيادة جيرالد فيتزجيرالد، إيرل ديزموند الخامس عشر [الإنجليزية]، مات بسببها ما يقدر بـ 30,000 من السكان الأيرلنديين بسبب الجوع. وكتب الشاعر والمستعمر إدموند سبنسر عن الضحايا: «كانوا في حالة من البؤس حتى أن قساة القلوب سيرثون لها».[132] وأوصت «إليزابيث» قادتها بمعاملة الأيرلنديين، «هذه الأمة الفظة والهمجية» معاملة حسنة؛ ولكنها لم تبد أي ندمٍ عندما كانت القوة وسفك الدماء ضروريان.[133]
واجهت إليزابيث بين عامي 1598 و1603 أصعب اختبار لها في أيرلندا أثناء حرب التسع سنوات، وذلك عندما قامت ثورة تزامنًا مع ذروة المعارك مع إسبانيا التي دعمت قائد التمرد هيو أونيل، إيرل تايرون [الإنجليزية].[134] وفي ربيع عام 1599، أرسلت إليزابيث روبرت ديفيريو، إيرل إسكس الثاني لإخماد الثورة. وقد أحرز تقدمًا ضئيلًا مما أحبط إليزابيث،[135] وعاد إلى إنجلترا متحديًا أوامرها. وحل محله تشارلز بلونت، بارون مونتجوي الثامن [الإنجليزية]، الذي استغرق ثلاث سنوات لهزيمة المتمردين. واستسلم أونيل أخيرًا في عام 1603، وذلك بعد أيام قليلة من وفاة إليزابيث.[136] وبعد ذلك بفترة قصيرة، تم توقيع معاهدة السلام بين إنجلترا وإسبانيا.
حافظت إليزابيث على العلاقات الدبلوماسية مع روسيا القيصرية والتي بدأها في الأصل شقيقها المتوفى. وكانت كثيرا ما تكتب إلى قيصر روسيا حينها، إيفان الرابع («إيفان الرهيب»)، وفقًا لشروطٍ ودية، على الرغم من أن القيصر انزعج كثيرًا من تركيزها على التجارة أكثر من إمكانية تحالف عسكري بينهما. وذات مرة تقدم القيصر لخطبة إليزابيث، وطلب في آخر أيام حكمه ضمان الحصول على اللجوء في إنجلترا في حالة تعرض حكمه للخطر. وبعد وفاة إيفان، خلفه نجله قليل الحيلة فيودور، وعلى عكس والده كان فيودر غير متحمس على الحفاظ بالحقوق التجارية مع إنجلترا. وأعلن فيودر أن مملكته مفتوحة لجميع الأجانب وطرد السفير الإنجليزي السير جيروم باوز [الإنجليزية]، الذي كان يتغاضى عنه والده الراحل. وأرسلت إليزابيث سفير جديد جايلز فليتشر، لمطالبة الوصي بوريس غودونوف بإقناع القيصر لإعادة النظر. وفشلت المفاوضات بسبب مناداة فليتشر لفيودر باثنين من أسمائه الملغاة. واستمرت إليزابيث في مناشدة فيودر من خلال خطاباتها التي نصفها مناشدة والنصف الأخر عتاب. واقترحت بأن يكون هناك تحالفًا بينهما وهو الأمر الذي رفضته عندما عرضه عليها والد فيودر.[137]
توطدت العلاقات التجارية والدبلوماسية بين إنجلترا والدول البربرية خلال حكم إليزابيث.[139][140] أقامت إنجلترا علاقات تجارية مع المغرب نكاية في إسبانيا، فقامت ببيع الدروع والذخيرة والأخشاب والمعادن في مقابل الحصول على السكر المغربي وذلك على الرغم من الحظر البابوي.[141] في عام 1600، زار إنجلترا عبد الواحد بن مسعود سكرتير السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي، كسفيرً لبلاط الملكة إليزابيث الأولى،[142][143] للتفاوض من أجل التحالف الإنجليزي المغربي ضد إسبانيا.[138][139] وافقت إليزابيث على إرسال إمدادات الذخيرة إلى المغرب، وتحدثت مع أحمد المنصور حول تصعيد عملية مشتركة بينهما ضد الإسبان.[144] ورغم ذلك لم تأخذ المناقشات بينهما بُعدًا جديًا، وتوفى كلُّ من الحاكمين بعد سنتين من السفارة بينهما.[145]
كما أقيمت علاقات دبلوماسية أيضًا مع الإمبراطورية العثمانية باستئجار في شركة المشرق وإرسال وليام هاربورن [الإنجليزية] كأول سفير إنجليزي إلى مقر الباب العالي في عام 1578.[144] ولأول مرة تم توقيع معاهدة تجارية عام 1580.[146] ووتم إرسال العديد من المبعوثين بين البلدين، وأيضًا تبادل الرسائل بين كلًا من إليزابيث والسلطان مراد الثالث.[144] وفي إحدى المراسلات، ألمح مراد إلى التشابه الكبير بين البروتستانتية والإسلام أكثر من الكاثوليكية الرومانية وذلك أن كليهما ينبذ عبادة الأصنام، وتفاوضَ مراد أيضًا من أجل تحالف بين إنجلترا والإمبراطورية العثمانية.[147] واستاءت أوروبا الكاثوليكية بسبب تصدير إنجلترا للقصدير والرصاص (لسبْك المدفع)، والذخائر إلى الإمبراطورية العثمانية، وناقشت إليزابيث مراد الثالث بجدية من أجل بعض العمليات العسكرية أثناء اندلاع الحرب مع إسبانيا في عام 1585، كما كان يسعى فرنسيس والسينغهام بكل قوته للحصول على تدخل عسكري مباشر من العثمانيين ضد العدو الإسباني المشترك.[148]
تمثل الفترة بعد هزيمة الأرمادا الإسباني في عام 1588 صعوبات جديدة لإليزابيث استمرت حتى نهاية حكمها.[149] ولم تعد الصراعات مع إسبانيا وفي أيرلندا تأخذ موضع الصدارة، وازداد العبء الضريبي، وكان الاقتصاد يعاني بسبب قلة المحاصيل وتكلفة الحرب مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة.[150][151] وخلال هذا الوقت، اشتد القمع الكاثوليكي فقامت إليزابيث بتفويض بعض اللجان في عام 1591 لاستجواب ومراقبة الأسر الكاثوليكية.[152] وكثفت اعتمادها على الجواسيس والترويج الداخلي، للحفاظ على وهم السلام والرخاء.[150] وفي سنواتها الأخيرة، انعكست الانتقادات المتزايدة على انخفاض في حب شعبها لها.[153]
أحد بواعث فترة «الحكم الثاني» لإليزابيث، كما يسمى أحيانا،[154] كان الطابع المتغير لهيئتها الحاكمة ومجلسها الخاص في العقد 1590. وأصبح هناك جيلًا جديدًا يتحكم في السلطة. وباستثناء اللورد «بورغلي»، فقد توفي اغلب السياسيين المهمين في عام 1590 تقريبا: توفي إيرل ليسستر في عام 1588، والسير فرنسيس والسينغهام في عام 1590، والسير كريستوفر هاتون [الإنجليزية] في عام 1591.[155] وبزغت صراعات بين فصائل الحكومة، والتي لم تكن موجودة بشكل يذكر قبل العقد 1590،[156] وأصبحت هي السمة البارزة.[157] وتفاقم الصراع المرير بين كلٍ من إيرل إسكس وروبرت سيسل، نجل اللورد بورغلي وأتباعهما، في حين أدى الصراع من أجل مناصب السلطة في الدولة إلى تشويه السياسة.[158] وكانت قوة السلطة الشخصية للملكة في انخفاض،[159] كما تبين في قضية طبيبها التي تثق به الدكتور لوبيز في عام 1594. وعندما اتهمه إيرل إسكس بالخطأ بغرض الاستفزاز الشخصي، لم تستطع منع تنفيذ الحكم بإعدامه على الرغم من غضبها بسبب اعتقاله وبدت وكأنها لا تصدق تهمته.[160]
خلال السنوات الأخيرة من حكم إليزابيث، اعتمدت على مِنَح الاحتكارات كنظام رعاية مجاني بدلًا من مطالبة البرلمان بزيادة الدعم أثناء الحرب.[161] وأدى هذا الأمر إلى تحديد الأسعار، وإثراء الحاشية على حساب الشعب، وازدياد الاستياء على نطاق واسع.[162] وانتهى هذا بالتحريض والإثارة في مجلس العموم خلال برلمان 1601.[163] وفي 30 نوفمبر 1601 القت خطابها الشهير «الخطاب الذهبي» في قصر وايت هول الموجه إلى النواب المكونين من 140 عضوا، أعلنت فيه إليزابيث عن عدم علمها بالانتهاكات وحصلت على تأييد الأعضاء من خلال وعودها ومناشدتها المعتادة للعواطف:[164]
وهؤلاء الذين يحافظون على سيادتهم من السقطات، بالجهل وليس القصد، من الوارد أن يلقوا جزائهم بالسقوط، هذا يقين وقد يرتاب البعض في ذلك. فإن صيانة المحبة الصادرة من قلوب رعايانا لا تقاس بأي محبة، وكم يعترينا قلق غير مبرر إذا لم نسمع من العابثين بحريتنا، والمستعبدون من شعوبنا، الفقراء المنهكين.[165]
شهدت هذه الفترة التي اتسمت بعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي ازدهارًا أدبيًا في إنجلترا.[166] وظهرت أولى البوادر لحركة أدبية جديدة في نهاية العقد الثاني من حكم إليزابيث، مع عمل جون ليلي بعنوان«يوفيوس»، وعمل إدموند سبنسر بعنوان«شيفردس كالندر» في عام 1578. وأثناء العقد 1590، دخلت أسماء كبيرة في الأدب الإنجليزي لأوج شهرتها، بمن فيها وليم شكسبير وكريستوفر مارلو. وأثناء هذه الفترة وما تبعها من العصر اليعقوبي، بلغ المسرح الإنجليزي ذروته العليا.[167] إن فكرة العصر الإليزابيثي تعتمد بشكل كبير على البنائيين، والمسرحيين، والشعراء، والموسيقيين الذين نشطوا في عهد إليزابيث. فهم يدينون قليلا بشكل مباشر إلى الملكة التي لم تكن يومًا راعيًا رئيسيًا للفنون.[168]
وقد تغيرت مظهر إليزابيث تدريجيًا بتقدمها في العمر. فقد تم تصوريها على أنها بيلفيوب أو آستريا الأسطورية، وبعد الأرمادا غلوريانا، ملكة الجن دائمة الشباب في قصيدة إدموند سبنسر. وأصبحت صورها المرسومة أقل واقعية وعبارة عن بعض الرموز المبهمة التي جعلتها تبدو أصغر سنًا بكثير مما هي عليه. أما في الواقع، فإن بشرتها تشوه بسبب صابتها بالجدري في عام 1562، وسبب لها بعض الصلع فاعتمدت على الشعر المستعار ومستحضرات التجميل.[169] حبها للحلويات وخوفها من أطباء الأسنان ساهما في تسوس حاد في أسنانها وبالتالي فقدان بعضها إلى درجة أن السفراء الأجانب قد واجهوا صعوبات في فهم خطاباتها.[170] يوضح أندريه هورولت دي مايس سفير هنري الرابع ملك فرنسا عندما كان مع الجمهور أمام الملكة انه لاحظ خلالها: «أسنانها صفراء جدا وغير متساوية ... والتي في الجانب الأيسر أقل من الجانب الأيمن. والكثير منها مفقود، حتى أن المرء لا يستطيع فهمها بسهولة عندما تتحدث بسرعة». وأضاف بعد ذلك، «شكلها جميل وطويلة ورشيقة في كل ما تفعله، وحتى الآن لا زالت تحافظ على رزانتها، ولكن بتواضع وكرم مع». وكان يدعوها السيد والتر رالي «السيدة التي كان حكمها مفاجأة».[171] ومع ذلك، كلما تلاشى جمال إليزابيث، امتدحها رجال الحاشية.[172]
كانت إليزابيث سعيدة من دوها من جانب،[173] ولكن في العقد الأخير من عهدها يبدو أنها بدأت تؤمن من أدائها الشخصي. فأصبحت مولعة ومتسامحة مع الشاب الوسيم والفظ روبرت ديفرو، إيرل إسكس، والذي كان ربيب ليسستر وقد تعدى حدوده معها، ولكنها غفرت له ذلك.[174] وعينته مرارًا في المناصب العسكرية رغم البوادر المتزايدة لعدم مسؤوليته. بعد انفلات إسكس من سيطرته في أيرلندا في 1599، وضعته إليزابيث تحت الإقامة الجبرية، وفي العام التالي حرمته من مزاياه الخاصة.[175] وفي فبراير 1601، حاول الإيرل القيام بثورة في لندن، وكان ينوي الاستيلاء على الملكة ولكن لم يلقي تأييدًا إلا من القليل، وتم قطع رأسه في 25 فبراير. أدركت إليزابيث أن سوء تقديراتها هي سبب هذا التحول في مجرى الأحداث. وفي 1602 ذكر أحد المراقبين أنها كانت «متعتها هي الجلوس في الظلام وأحيانًا تذرف الدموع ندمًا على إسكس».[176]
في 4 أغسطس 1598، توفى وليام سيسيل، بارون بورغلي الأول المستشار الخاص لإليزابيث. وخلفه ابنه روبرت سيسيل، الذي سرعان ما أصبح قائدًا للحكومة.[177] وإحدى المهام التي أعلنها هي تمهيد الطريق لخلافة سلسة، ولأن إليزابيث لم تفصح إطلاقًا عن هوية خليفها، فقد التزم سيسيل بالسرية في ذلك.[178] ولذلك دخل في مفاوضات سرية مع جيمس السادس ملك اسكتلندا والذي كان لديه حجة قوية ولكن غير معترف بها.[179] وقام سيسيل بتدريب جيمس على مسايرة إليزابيث والحفاظ على قلب جلالتها والتي لا تعتبر شيئًا غير لائق بجنسها ومكانتها غير الجدال غير الضروري أو الفضول بدرجة كبيرة تجاه تصرفاتها.[180] وأتت النصيحة بثمارها إذ أن لهجة جيمس أسرّت إليزابيث والتي أجابت قائلة: «أثق تمامًا بأنك لن تكن محل شك ولكن خطاباتك الأخيرة مقبولة جدًا كما يجب أن تتقبل شكري ولكني أتخلى عنها كنوع من الامتنان لك».[181] وعلى حسب وجهة نظر المؤرخ، جون إرنست نيل، فإن إليزابيث لم تفصح عن أمنياتها ورغباتها لجيمس علانيةً بل في عبارات متوارية لا لبس فيها.[182]
كانت صحة إليزابيث على ما يرام حتى خريف عام 1602، فبعد سلسلة من وفيات صديقاتها دخلت إليزابيث في حالة من الاكتئاب الشديد. وفي فبراير 1603، توفيت كاثرين كاري، كونتيسة نوتنغهام ابنة شقيق كاثرين كاري صديقة إليزابيث المقربة، مما ادى إلى صدمة قوية لإليزابيث. وفي مارس، مرضت إليزابيث ودخلت في حالة مستمرة من الحزن الشديد، وجلست على وسادة لساعات دون حراك.[183] وعندما أخبرها روبرت سيسيل أنها يجب أن تذهب إلى الفراش، قالت له بامتعاض «الكلمة يجب أن لا يستخدمها الأمراء». وتوفيت في 24 مارس 1603 في قصر ريتشموند ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحًا. وبعد بضع ساعات، وضع سيسيل والمجلس الخطط قيد التنفيذ وأعلن جيمس ملكًا لإنجلترا.[184]
عندما أصبح تسجيل وفاة الملكة في 1603 معيارا، فيما بعد تم إصلاح التقويم الإنجليزي في العقد 1750، في ذلك الوقت استخدمت إنجلترا يوم رأس السنة الميلادية في 25 مارس، المعروف باسم يوم السيدة. وهكذا تصبح إليزابيث قد توفيت في اليوم الأخير من العام 1602 في التقويم القديم. وفي الاتفاقية الحديثة يستخدم التقويم القديم للتاريخ والشهر بينما يستخدم الحديث للسنة.[185]
حُملَ تابوت إليزابيث إلى قصر وايت هول ليلًا عن طريق النهر على ظهر زورقٍ مضاء بالمشاعل. وفي جنازتها التي أقيمت في 28 أبريل، نقل تابوتها إلى دير وستمنستر في عربة يجرها أربعة خيول معلق عليها المخمل الأسود. وعلى حد قول المؤرخ جون ستو:
كانت ويستمنستر مكتظة بالجموع المختلفة من الناس في الشوارع والمنازل والنوافذ والمزارب والتي جاءت لرؤية الجنازة وعندما رأوا تمثالها الذي يرقد على التابوت الخاص بها، كان هناك ما بين تنهيد وأنين وبكاء والذي لم يره أو يعرفه أحد من قبل.[186]
دفنت إليزابيث في دير وستمنستر في مقبرة تشاركها أختها الغير شقيقة، ماري الأولى. ويوجد على مقبرتهما نقش (باللاتينية: Regno consortes & urna, hic obdormimus Elizabetha et Maria sorores, in spe resurrectionis)، ويعني «الأقران في الملكوت والمقبرة، نرقد هنا، الأختان إليزابيث وماري، على أمل البعث».[187]
رثى إليزابيث العديد من رعاياها ولكن البعض الأخر كان يشعر بالارتياح لموتها.[189] وكانت توقعات الملك جيمس عالية في بادئ الأمر ثم انخفضت ولذلك في بداية عقد 1620 كان هناك حنين لإحياء تقديس إليزابيث.[190] وكانوا يمدحون إليزابيث على أنها بطلة للقضية البروتستانتية وحاكمة العصر الذهبي. وتبين أن جيمس متعاطف مع الكاثوليك ويرأس محكمة فاسدة.[191] والصورة الغالبة التي جمعتها إليزابيث في نهاية حكمها كانت ضد الطائفية والصعوبات العسكرية والاقتصادية،[192] أخذت هذه الصورة على علتها وظاهرها ومن ثم تضخمت سمعتها بشكل مبالغ فيه. وذكر غودفري غودمان، أسقف غلوسستر: «عندما كان لدينا خبرة بالحكومة الإسكتلندية، فعلت الملكة المثل لتزدهر مرة أخرى فكانت ذكراها أكثر مبالغة فيها».[193] وأصبح حكم إليزابيث مثاليًا عندما كان كلًا من التاج والكنيسة والبرلمان يعملون في توازن دستوري.[194]
وقد أثبتت صورة إليزابيث التي رسمها المعجبين البروتستانت في أوائل القرن 17 الاستمرارية والتأثر.[195] وتجددت ذكراها مرة أخرى أثناء الحروب النابليونية عندما وجدت الأمة نفسها على حافة الغزو.[196] وفي العصر الفيكتوري، كانت أسطورة إليزابيث ملائمة للأيديولوجية إمبراطورية اليوم،[197][198] وفي منتصف القرن 20، كانت إليزابيث رمزًا رومانسيًا للمقاومة الوطنية ضد التهديد الأجنبي.[199][200] وترجم بعض مؤرخي هذه الفترة مثل، جون إرنست نيل (1934) وألفريد ليزلي روز (1950)، عهد إليزابيث على أنه عصر ذهبي للتقدم.[201] ووصف نيل وبروز الملكة أيضا بالمثالية: كانت تفعل الصحيح دائمًا؛ أما صفاتها غير السارة فقد تم تجاهلها أو فسرت على أنها بسبب الإجهاد والتوتر.[202]
ومع ذلك فإن المؤرخين الجدد لديهم وجهة نظر أكثر تعقيدًا عن إليزابيث.[203] اشتهر عهدها بهزيمة الأرمادا، وبعض الغارات الناجحة ضد الإسبان مثل الغارات على قادس في عامي 1587 و 1596، ولكن ملاحظة بعض المؤرخين إلى ان هناك فشل عسكري في البر والبحر.[128] ففي أيرلندا سادت قوات إليزابيث في نهاية المطاف ولكن خططهم كانت وصمة عار في سجلها.[204] وبدلًا من كونها توصف بالمدافع الشجاع عن الأمم البروتستانتية ضد إسبانيا وهابسبورغ، فهي تعتبر في كثير من الأحيان حذرة في سياساتها الخارجية. وقدمت مساعدة محدودة جدًا إلى البروتستانت الأجانب وفشلت في إمداد قادتها بالأموال لصنع اختلاف في الخارج.[205]
أسست إليزابيث كنيسة إنجليزية ساعدت في تكوين هوية وطنية وما زالت قائمة إلى اليوم.[206][207][208] وهؤلاء الذين مدحوها على أنها بطلة البروتستانت تغاضوا عن رفضها لإلغاء ممارسات الكاثوليك من الكنيسة في إنجلترا.[209] ولاحظ المؤرخون أنه في عهدها يعتبر البروتستانت المتشدد أعمال التسوية وتوحيد لعام 1559 على أنها حل وسط.[210][211] وفي الحقيقة، كانت إليزابيث تعتقد أن الإيمان شيئًا شخصيًا ولا تتمنى فتح نوافذ قلوب الرجال والأفكار السرية، كما زعم «فرانسيس بيكون».[212][213]
على الرغم من أن إليزابيث اتبعت سياسة خارجية دفاعية إلى بشكل كبير إلا أن عهدها عزز مكانة إنجلترا في الخارج. وأخذت الدهشة البابا سيكتوس الخامس وتسائل: «إنها ليست سوى امرأة تسيطر على نصف جزيرة، ولكنها صنعت من نفسها قوة تخشاها إسبانيا، وفرنسا، والإمبراطورية، والجميع».[214] وفي ظل حكم إليزابيث، اكتسبت الأمة الثقة بالنفس والشعور بالسيادة كما أن العالم المسيحي تجزأ.[190][215][216] وكانت إليزابيث أول شخص من تيودور يقر بأن الحاكم يحكمه الإجماع الشعبي.[217] ولذلك كانت تعمل دائمًا مع البرلمان والمستشارين الذين قد تثق بهم فتخبرهم بالحقيقة—وهذا نموذج من الحكومة التي فشل خلفاء ستيوارت في اتباعها. وقال بعض المؤرخين بأنها محظوظة؛[214] فهي تؤمن بأن الله يحميها.[218] وتفتخر بنفسها لمجرد أنها إنجليزية،[219] وتثق في الله والنصيحة الصادقة وحب رعاياها وذلك من أجل نجاح حكمها.[220] وفي إحدى صلاتها، شكرت الله قائلةً:
في الوقت الذي كانت فيه الحروب والفتن والاضطهادات الخطيرة تثير انقسامًا بين جميع الملوك والدول من حولي، كان عهدي مسالمًا، ومملكتي ملاذًا للكنسية المنكوبة، وأُحْبطت مكائد أعدائي.[214] |
شجرة النسب إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
|
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
لم يتم العثور على روابط لمواقع التواصل الاجتماعي.
إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا ولد: 7 سبتمبر 1533 توفي: 24 مارس 1603
| ||
منصب | ||
---|---|---|
سبقه ماري الأولى و فيليب الثاني |
ملكة إنجلترا وأيرلندا
1558–1603 |
تبعه جيمس الأول |