أعيد تقييم الكلورامفينيكول خلال العقد الماضي بكونه عاملًا قديمًا له إمكاناتٌ ضد الالتهابات الجهازية بسبب الكائنات الحية الدقيقة إيجابية الغرام المقاومة لأدوية متعددة (وتتضمن المكورة المعوية المقاومة للفانكوميسين). أظهرت البيانات المخبريَّة نشاطًا ضد غالبية (>80%) سلالات المعوية البرازيَّة المقاومة للفانكوميسين.[12]
أما على مستوى الوقاية من التهاب باطن المقلة، وهو أحد مضاعفات جراحة الساد، فقد وجدت مراجعةٌ منهجية أجريت عام 2017 أدلةً معتدلة على أنَّ استخدام قطرات العين المحتوية على الكلورامفينيكول بالإضافة إلى حقنة مضاد حيوي (سيفيوروكزيم أو بنسلين) من المرجح أن يقلل من خطر الإصابة بالتهاب باطن المقلة، مقارنةً بقطرات العين أو حقن المضادات الحيويَّة وحدها.[13]
توجد ثلاث آلياتٍ معروفة لمقاومة الكلورامفينيكول: انخفاض نفوذية الغشاء، وطفرة في الوُحيدة الريبوسومية 50 سفدبيرج[الإنجليزية]، وإنتاج ناقلة أسيتيل الكلورامفينيكول. من السهل اختيار انخفاض نفوذية الغشاء للكلورامفينيكول في المختبر عن طريق المرور التسلسلي للبكتيريا، وهذه هي الآلية الأكثر شيوعًا لمقاومة الكلورامفينيكول منخفضة المستوى. أما المقاومة عالية المستوى فتمنح بواسطة جين ناقلة أسيتيل الكلورامفينيكول (الاسم العلمي: cat-gene)؛[17] ويشفر هذا الجينإنزيمناقلة أسيتيل الكلورامفينيكول[الإنجليزية]، والذي يعطل الكلورامفينيكول عن طريق ربط تساهمي لمجموعة أو مجموعتين من الأسيتيل، المشتقة من أسيتيل-إس-مرافق الإنزيم-أ (الاسم العلمي: acetyl-S-coenzyme A)، بمجموعات الهيدروكسيل على جزيء الكلورامفينيكول، وبدورها تمنع الأسْتلة الكلورامفينيكول من الارتباط بالريبوسوم. تعد الطفرات المسببة للمقاومة في الوُحيدة الريبوسومية 50 سفدبيرج نادرة.[بحاجة لمصدر طبي]
يُعد فقر الدم اللاتنسجي أخطر الآثار الضائرة للعلاج بالكلورامفينيكول، وعلى الرغم أنه نادر الحدوث إلا أنه مميت أحيانًا. كما يعد خطر الإصابة بفقر الدم اللاتنسجي مرتفعٌ لدرجةٍ تكفي للبحث عن بدائل للكلورامفينيكول. وعلى الرغم من أنَّ علاجات فقر الدم اللاتنسجي متاحةٌ إلا أنها باهظة الثمن، وأيضًا لا توجد طريقة للتنبؤ بمن قد يعاني أو لا يعاني من هذا التأثير الضائر، حيث أنه يحدث عادةً بعد أسابيعٍ أو أشهرٍ من توقف العلاج، وقد يكون هناك دورٌ للقابلية الوراثيَّة. لا يُعرف ما إذا كان مراقبة تعداد الدم لدى المرضى قد يمنع تطور فقر الدم اللاتنسجي، ولكن يُنصح المرضى بإجراء تعداد دم أساسي مع تكراره كل بضعة أيام أثناء العلاج.[21] يجب التوقف عن تناول الكلورامفينيكول إذا انخفض تعداد الدم الكامل. يزداد خطر هذا التأثير عند استعمال الكلورامفينيكول عن طريق الفم (يؤثر على 1 من كل 24,000–40,000)[22] وأقل خطرٍ يحدث مع قطرات العين (تؤثر على أقل من واحد من كل 224,716 وصفة طبية).[23]
قد يسبب الكلورامفينيكول كبت نقي العظم أثناء العلاج؛ وهذا تأثيرٌ سامٌ مباشرٌ للدواء على الميتوكوندريا البشريَّة.[24] يتجلى هذا التأثير أولًا في انخفاض مستويات الهيموغلوبين، والذي يحدث بشكل يمكن التنبؤ به تمامًا بمجرد إعطاء جرعة تراكميَّة تبلغ 20 غرامًا. يُمكن إصلاح فقر الدم بشكلٍ كامل بمجرد إيقاف الدواء ولا يتنبأ بالتطور المستقبلي لفقر الدم اللاتنسجي. أشارت الدراسات التي أجريت على الفئران إلى أنَّ تلف النقي الموجود قد يضاعف أي تلف في النقي ناتج عن التأثيرات السامة للكلورامفينيكول.[25]
أشار بعض المرضى الذين يتلقون الكلورامفينيكول إلى تسببه بحدوث صداع واكتئاب طفيف وتخليط عقلي وهذيان. كما وُثقت حالاتٌ من التهاب العصب البصريوالتهاب الأعصاب المحيطيَّة، ويحدث هذا عادةً بعد العلاج لمدةٍ طويلة. إذا حدث هذا، فيجب إيقاف الدواء فورًا.[32] ومن المفترض أنَّ هذا يحدث بسبب تأثيرات الكلورامفينيكول على استقلاب فيتامينات بي، وخاصةً بي 12.[33]
يحدث أيض (استقلاب) الكلورامفينيكول في الكبد إلى شكل الغلوكورونات، لذا في حالات أمراض الكبد يجب تخفيض مقدار الجرعة وضبطها بإشراف الطبيب المختص. في النهاية تطرح أغلب جرعة الكلورامفينيكول من الكليتين على هيئة مستقلب الغلوكورونات غير الفعال، في حين أن نسبة قليلة جدًا تبقى بالشكل الفعال على هيئة كلورامفينيكول أثناء عملية الإطراح من الكليتين، لذلك ينبغي في حالات القصور الكلوي مراقبة وتحليل بلازما الدم. يمكن أن تحدث عملية الإطراح من الكليتين لمركب إسترسكسينيات الكلورامفينيكول، وهو دواء أولييحقن وريديًا، من دون أن يحدث عليه أي تغيير، وذلك بشكل أكبر من الكلورامفينيكول القاعدي؛ وهذا هو السبب الرئيسي لمَ تكون مستويات الكلورامفينيكول في الدم أقل كثيرًا عندما يحقن وريديًا مقارنةً بالإعطاء الفموي.[35] يستطيع الكلورامفينيكول أن يعبر إلى حليب الأم، لذا ينبغي تجنبه أثناء الإرضاع.[36]
يجب أن تخضع مستويات الكلورامفينيكول في الأطفال الرضع للمراقبة، وكذلك عند المرضى الذين لديهم اختلال في وظائف الكبد. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تخضع جرعات الكلورامفينيكول للمراقبة عند جميع الأطفال دون سن الرابعة، وعند كبار السن، وعند مرضى القصور الكلوي. بما أن نجاعةوسميَّة الكلورامفينيكول تكون مترافقة مع تركيز أعظمي في المصل فإنَّ المستويات الأعظمية (بعد ساعة من الجرعة الوريدية) ينبغي أن تكون 10–20 ميكروغرام/مليللتر (أقل بشكل واضح من مستوى الجرعة السامة عند 40 ميكروغرام/مليللتر)؛ في حين أنَّ المستويات الدنيا ينبغي أن تكون في مجال تركيز بين 5–10 ميكروغرام/مليللتر.[37][38]
استدعى السيناتور الأمريكي إدوارد كينيدي تجربتين سريرتين في أسبابه الابتدائية لإجراء اللجنة الفرعية بمجلس الشيوخ تحقيقات بخصوص التجارب السريرية الخطيرة على البشر عام 1972، وهما تجربة توسكيجي للزهري وتجارب الكلورامفينيكول على الأطفال الرضع في لوس أنجلوس عام 1958.[51]
صُنف الكلورامفينيكول في عام 2007 بأنه «مسرطن محتمل للبشر» وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية لتراكم التقارير التي تربط بين فقر الدم اللاتنسجي واضطرابات الدم وبين قطرات العين المحتوية على الكلورامفينيكول، واستنادًا إلى تقارير الحالات المنشورة والتقارير العفوية المُحالة إلى السجل الوطني للآثار الجانبية الدوائية المرتبطة بالعين.[52]
الكلورامفينيكول هو دواء مكافئ متوفر عالميًا بأسماء تجارية عديدة،[53] كما أن الكلورامفينيكول يحمل أسماءً جنيسية أخرى في أوروبا الشرقية وآسيا ومنها الكلورونترومايسين والليڤومايسيتين والكلورومايسيتين، ويُعرف المزيج الراسيمي من الكلورامفينيكول باسم سينثومايسيتين (بالإنجليزية: synthomycetin).[54]
يتوفر الكلورامفينيكول على شكل كبسولات أو سائل، ويبُاع في بعض البلدان على شكل إستربالميتات الكلورامفينيكول، وهو مركبٌ غير نشط يتحلل إلى الكلورامفينيكول النشط في الأمعاء الدقيقة. لا فرق في التوافر الحيوي بين الكلورامفينيكول وإستر بالميتات الكلورامفينيكول.[بحاجة لمصدر]
أُوقِف تصنيع الكلورامفينيكول الفموي في الولايات المتحدة عام 1991؛ لأنَّ الغالبية العظمى من حالات فقر الدم اللاتنسجي المرتبطة بالكلورامفينيكول ارتبطت بالمستحضرات الفمويَّة. لا يتوفر حاليًا أي مستحضر فموي للاستخدام البشري للكلورامفينيكول في الولايات المتحدة.[55]
يحضر الكلورامفينيكول للاستخدام الوريدي على شكل إستر السكسينات. ولكنَّ مشكلة هذا المركب أنه دواء أولي غير نشط، ويجب أن يتحلل أولًا إلى الكلورامفينيكول النشط، وغالبًا ما تكون عملية التحلل غير مكتملة، حيث يفقد 30% من الجرعة وتُطرح عبر البول، فتصل تركيزات الكلورامفينيكول في المصل عند إعطائه وريديًا إلى 70% فقط من تلك التي تتوفر عند إعطائه فمويًا،[56] ولذلك يجب زيادة الجرعة إلى 75 ملغم/كغم/يوم عند إعطائه وريديًا لتحقيق مستويات مكافئة للجرعة الفمويَّة.[57]
الكلورامفينيكول الزيتي أو معلق الكلورامفينيكول الزيتي هو مستحضر طويل المفعول من الكلورامفينيكول قدمته لأول مرة شركة روسيل عام 1954، وسُوّق تحت اسم تيفومايسين (بالإنجليزية: Tifomycine) لعلاج حمى التيفوئيد. أوقفت روسيل إنتاجه عام 1995، ولكن تولت رابطة الصيدلة الدولية[الإنجليزية] تصنيعه منذ عام 1998، حيث بدأت أولًا في مالطا ثم الهند بدءًا من ديسمبر 2004.[58]
استُخدم الكلورامفينيكول الزيتي لأول مرة في علاج التهاب السحايا عام 1975،[59] وأظهرت العديد من الدراسات منذ ذلك الحين فعاليته. يُعتبر العلاج الأرخص لالتهاب السحايا (5 دولارات أمريكية لكل دورة علاجية، مقارنة بثلاثين دولارًا للأمبيسيلين و15 دولارًا لمدة خمسة أيام من السيفترياكسون)، كما أنَّ له ميزة كبيرة تتمثل في الحاجة إلى حقنة واحدة فقط، بينما يُعطى السيفترياكسون عادة يوميًا لمدة خمسة أيام. ولكن قد تتغير هذه التوصية الآن بعد أن أثبتت دراسات أنَّ جرعة واحدة من السيفترياكسون (بتكلفة 3 دولارات) تعادل جرعة واحدة من الكلورامفينيكول الزيتي.[60]
يُستخدم الكلورامفينيكول موضعيًا -مثل المراهم وقطرات العين- لعلاج التهاب الملتحمة البكتيري. أشارت تقارير حالات منفردة إلى حصول إصابات بفقر الدم اللاتنسجي بعد استخدام قطرات العين التي تحتوي على الكلورامفينيكول، ولكن يُقدَّر أن الخطر أقل من حالة واحدة بين كل 224,716.[23] يُستخدم هذا العلاج وقائيًا في المكسيك بين حديثي الولادة لعلاج الرمد الوليدي.[61]
يدخل الكلورامفينيكول في بعض الاستعمالات البيطرية المهمة على الرغم من تقييد استخدامه بشدة في الطب البيطري.[62] يعتبر الكلورامفينيكول إلى الآن الدواء الأكثر فعالية في علاج داء المتدثرات في الكوالا،[63][64] حيث إنه قد أجريت فحوصات حول الحركية الدوائية للكلورامفينيكول في الكوالا.[65]
وصفت المجموعات والمسارات الجينية في الاصطناع الحيوي للكلورامفينيكول انطلاقًا من المتسلسلة الفنزويلية (ISP5230)؛[66][67] المعروفة أيضًا تحت الاختصار ATCC 17102.[68] يعرف حاليًا الأدوار الوظيفية لسبعة عشر جينًا من بين المجموعات الجينية الداخلة في عملية الاصطناع الحيوي لهذا المضاد الحيوي.[69]
^ ابPongs O (1979). "Chapter 3: Chloramphenicol". Mechanism of Action of Antibacterial Agents. Antibiotics Volume V Part 1. Berlin, Heidelberg: Springer Berlin Heidelberg. ص. 26–42. ISBN:978-3-642-46403-4.
^World Health Organization (2019). World Health Organization model list of essential medicines: 21st list 2019. Geneva: World Health Organization. hdl:10665/325771. WHO/MVP/EMP/IAU/2019.06. License: CC BY-NC-SA 3.0 IGO.
^Gil JA، Kieser HM، Hopwood DA (1985). "Cloning of a chloramphenicol acetyltransferase gene of Streptomyces acrimycini and its expression in Streptomyces and Escherichia coli". Gene. ج. 38 ع. 1–3: 1–8. DOI:10.1016/0378-1119(85)90197-0. PMID:3905512.
^Forster J, Hufschmidt C, Niederhoff H, Künzer W (Apr 1985). "[Need for the determination of chloramphenicol levels in the treatment of bacterial-purulent meningitis with chloramphenicol succinate in infants and small children]". Monatsschrift Kinderheilkunde (بالألمانية). 133 (4): 209–213. PMID:4000136.
^"Iron Supplements". Pill Book, The (ط. 12th revised). New York: Bantam Dell. 2006. ص. 593–596. ISBN:978-0-553-58892-7.
^Yogev R، Kolling WM، Williams T (مايو 1981). "Pharmacokinetic comparison of intravenous and oral chloramphenicol in patients with Haemophilus influenzae meningitis". Pediatrics. ج. 67 ع. 5: 656–660. DOI:10.1542/peds.67.5.656. PMID:6973130. S2CID:8701518.
^Wolfe AD، Hahn FE (يناير 1965). "Mode of action of chloramphenicol IX. Effects of chloramphenicol upon a ribosomal amino acid polymerization system and its binding to bacterial ribosome". Biochimica et Biophysica Acta (BBA) - Nucleic Acids and Protein Synthesis. ج. 95: 146–155. DOI:10.1016/0005-2787(65)90219-4. PMID:14289020.
^Mildred C، Crooks HM، John C، Quentin RB (يوليو 1949). "Chloramphenicol (Chloromycetin).IV.Chemical Studies". Journal of the American Chemical Society. ج. 71 ع. 7: 2458–2462. DOI:10.1021/ja01175a065.
^Controulis J، Rebstock MC، Crooks HM (يوليو 1949). "Chloramphenicol (Chloromycetin). V. Synthesis". Journal of the American Chemical Society. ج. 71 ع. 7: 2463–2468. DOI:10.1021/ja01175a066.
^Fraunfelder FW، Fraunfelder FT (سبتمبر 2013). "Restricting topical ocular chloramphenicol eye drop use in the United States. Did we overreact?". American Journal of Ophthalmology. ج. 156 ع. 3: 420–422. DOI:10.1016/j.ajo.2013.05.004. PMID:23953152.
^"Chloramphenicol". go.drugbank.com. 23 يونيو 2023. مؤرشف من الأصل في 2024-10-01. اطلع عليه بتاريخ 2023-06-23.
^Glazko AJ، Dill WA، Kinkel AW (1977). "Absorption and excretion of parenteral doses of chloramphenicol sodium succinate in comparison with per oral doses of chloramphenicol (abstract)". Clinical Pharmacological Therapy. ج. 21: 104.
^Bhutta ZA، Niazi SK، Suria A (مارس–أبريل 1992). "Chloramphenicol clearance in typhoid fever: implications for therapy". Indian Journal of Pediatrics. ج. 59 ع. 2: 213–219. DOI:10.1007/BF02759987. PMID:1398851. S2CID:13369284.
^Rey M, Ouedraogo L, Saliou P, Perino L (1976). "Traitement minute de la méningite cérébrospinale épidémique par injection intramusculaire unique de chloramphénicol (suspension huileuse)". Médecine et Maladies Infectieuses (بالفرنسية). 6 (4): 120–124. DOI:10.1016/S0399-077X(76)80134-5.
تتضمَّن هذه المقالة معلوماتٍ طبَّيةٍ عامَّة، وهي ليست بالضرورة مكتوبةً بواسطة متخصِّصٍ وقد تحتاج إلى مراجعة. لا تقدِّم المقالة أي استشاراتٍ أو وصفات طبَّية، ولا تغني عن الاستعانة بطبيبٍ أو مختص. لا تتحمل ويكيبيديا و/أو المساهمون فيها مسؤولية أيّ تصرُّفٍ من القارئ أو عواقب استخدام المعلومات الواردة هنا. للمزيد طالع هذه الصفحة.