إميلي سارتين (بالإنجليزية: Emily Sartain) (السابع عشر من مارس 1841- السابع عشر من يونيو 1927) هي رسامة وحفارة أمريكية اشتهرت بكونها المرأة الأولى في أوروباوالولايات المتحدة التي تمارس فن النقش التظليلي والمرأة الوحيدة كذلك التي تحصل على الميدالية الذهبية في المعرض العالمي الدولي في فيلادلفيا لعام 1876. أصبحت سارتين معلمة للفنون معترف بها وطنياً ومن ثم أصبحت مديرة لمدرسة فيلادلفيا للتصميم للنساء من عام1866 وحتى عام 1919 أو 1920. وكذلك كان والدها جون سارتين وثلاثة من أشقائها وهم ويليام وهنري وصامويل فنانين. وقبل أن تلتحق سارتين بأكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة، وتدرس بالخارج، أخذها والدها في الجولة الكبرى في أوروبا. وساهمت سارتين أيضاً في تأسيس نادي القرن الجديد للمرأة العاملة، وأندية أخرى للنساء المحترفات مثل نادي البلاستيك ونادي الفنون الثلاث.
ولدت إميلي سارتين في فيلادلفيا، بنسلفانيا في السابع عشر من شهر مارس عام 1841.[4] حيث كانت الطفلة الخامسة ضمن ثمانيةأطفال[5] للطابع والناشر لمجلة سارتين السيد جون سارتين [6] وسوزانا لونجميت سوين سارتين [4] بفيلادلفيا. في عام 1858 تخرجت سارتين من مدرسة فيلادلفيا الثانوية ثم استمرت في التعليم المدرسي حتى صيف1862.[7] ومن ثم قام جون سارتين بتعليم ابنته فنالنقش،[8] وبخاصة فن النقش التظليلي [9] الذي أحياه بنفسه، وهو الفن الذي كان يفضله الكثيرون في إنجلترا حيث أخلف العديد من اللوحات والرسومات ذات الجودة العالية.[10] كان جون سارتين يؤمن بمبدأ المساواة للمرأة وكثيراً ما كان يشجع ابنته لممارسة أحد المهن.[11] حيث رهن جون منزله [9] ليهب ابنته فرصة التعليم العالي للفنون الجميلة وبدأ ذلك حينما أخذها في الجولة الكبرى حول أوروبا في مطلع صيف1862.[12]
بدأ الأب وابنته الجولة من مدينة مونتريالوكيبك ثم أبحروا لأوروبا. وقد استمتعت إميلي كثيرا بالريف الإنكليزي ومدنالعالم القديم وبخاصة مدينة فلورنساوإدنبرة، كما استمتعت بزيارة متحف اللوفر ولوحات عصر النهضة الإيطالية؛ وزاد انبهارها كذلك برؤية أعمال فنانين مثل دانتي أليغييري والحفارة إيلينا بيرفيتي.[12] سافرت إميلي أيضا إلى البندقية لزيارة الرسّام وليام دين هاولز وزوجته اليانور ميد هاولز. وقررت إميلي خلال تلك الرحلة بأن تصبح فنانة.[12] أثناء سفرهم علم جون وإميلي سارتين أن ويليام سارتين تم تجنيده إثر الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) ومن ثم عادوا سريعا إلى الولايات المتحدة خاصة عند علمهم بأن قوات جيش الولايات الكونفدرالية قد عبروا الحدود إلى تشامبرسبورغ، ولاية بنسلفانيا، [12] والتي تبعد 158 ميلاً غرب فيلادلفيا.[13] ومن بين ذرية جون وسوزانا سارتين، كان كلاً من صامويل (1830-1906) وهنري (1833-1895) وويليام سارتين (1843-1925) وإميلي [14][15] رسامين وحفارين [16] مما أخلف إرثاً يحتذى به من الفنانين والطباعين في عائلة سارتين.[17] استفادت إميلي سارتين كثيراً من خبرة والدها في عملها طوال حياتها المهنية، كما استفادت من دعمه واتصالاته. فقد واصلت سارتين العمل على تقنية النقش التظليلي التي علمها إياها والدها. وقنطت سارتين مع والديها حتى وصلت إلى سن البلوغ، [17][18] وسهرت على رعايتهم والاعتناء بهم خلال سنوات عمرهم الأخيرة. وفي عام 1886، انتقل والديها للعيش معها في مسكنها الخاص بها في كلية فيلادلفيا للتصميم للنساء.[19]
درست إميلي سارتين الرسامة والحفارة على يد كريستيان شوسيل ووالدها جون سارتين في أكاديميةبنسلفانيا للفنون الجميلة.[20][21] والتقت إميلي بتوماس إيكنز في الأكاديمية[21] وحينها دخلت حيز ما وصفه كاتب السيرة الذاتية هنري آدامز ب«أول غرام عرفه إيكنز». ولكن سرعان ما انتهت علاقتهم الرومانسية إثر سفر إيكنز إلى باريس لدراسة الفن، وحينها استكان إيكنز لما وصفت به سارتين موقفه ب «إغراءات المدينة العظيمة» [22]، وذلك نتيجةً لاهتمامها بحقوق المرأة.[23] ومن ثم دامت بينهم علاقة صداقة مدى الحياة.[24]
وفي 1870، التقت إميلي بماري كاسات في فيلادلفيا؛ وفي العامالتالي سافرا سويا إلى باريسولندنوبارماوتورينو لدراسة الرسم.[25] قضى المرأتان الشتاء الأول
في إيطاليا[15] ودرسا الطباعة مع كارلو ريموندي-
معلم فنالنقش في أكاديمية الفنون الجميلة في بارما.[25] وقضت سارتين ما تبقى لها من الأربع سنوات في باريس[15] تدرس الفن على يد إيفاريست فايتل لومينياس.[26] تشاطرت سارتين أحد الاستوديوهات مع جين رونجيير؛ وأحياناً كانت تشاركهم فلورنس إيستي- وهي صديقة لسارتين- الاستوديو نفسه. كانت تنسخ كل إمرأة منهم عمل الأخرى وتقدم كل واحدة منهم للأخرى النقد البنًاء والتشجيع المثمر.[27] في عام1875 تم قبول لوحتان، من اللوحات التي تجسد الحياة اليومية، من أعمال سارتين لعرضهما في الصالون الفرنسي وهما لوحة«التَأنيْب» (The Reproof) ولوحة فنية أخرى للآنسة ديل سارتر.[25][28] بعدها عادت سارتين للولايات المتحدة في نفسالعام،[25] حينما نفذت جميع أموالها. أقرضت هاريت (هاتي) جود سارتين، وهي زوجةشقيق إميلي، صامويل سارتين، والتي تعمل كطبيبة مثلية ناجحة، بعض الأموال لتكمل دراستها. كانت إميلي تعتقد أن هاريت ستستمر في مساعدتها في نفقات التعليم في فيلادلفيا حيث كانت النفقات منخفضة وأنها على الأرجح سوف تقوم ببيع أعمالها.[29]
جهزت سارتين استوديو خاص بها في فيلادلفياعام1875 حيث قامت فيه برسم العديد من اللوحات والنقوش.[30] وعلى مدار أعوام من مسيرتها الفنية برعت سارتين في نسخعدد من الرسومات والصور ولوحات من واقع الحياة اليومية وقدمتها في معارضإسبانيةوإيطالية مختلفة؛ حيث عُرفت سارتين بكونها المرأة الأولى في تاريخالولايات المتحدةوأوروبا التي تستخدم فن النقش التظليلي في أعمالها الفنية.[24][26][31] ومن بين أعمالها الفنية، صورت إميلي بعض المشاهد الواقعية لنساءٍ خاضعات تكسي وجوههن نظراتٌ مُنكسرة كما في لوحتي «المرأة الإيطالية» ولوحة «التَأنيْب».[32] ميّزت سارتين لوحاتها بتصوير أعمالها في المدن وعلى طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة [19] ومن ثم كانت المرأة الوحيدة التي حازت على الميدالية الذهبية في المعرض العالمي الدولي لعام 1876 في فيلادلفيا[24] على لوحتها البارعة «التَأنيْب».[26] كما حصلت سارتين أيضاً على جائزة «ماري سميث» لأفضل صورة رسمتها امرأة في معرضي أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة لعامين 1881و1883.[33] كما عملت سارتين أيضاً كمحررة فنية لجريدة «أور كونتيننت» (Our Continent) من عام 1881 وحتى عام 1883.[34][35] ومن ثم كانت سارتين المحررة الفنية لكتاب «مهجورات نيو إنجلاند» (New England Bygones 1883) التي كتبته إلين سي. إيتش. رولنز.[26] ووصف جوزيف إم. بينيل سارتين قائلا بأنها كانت «المرأة المُدربّة الوحيدة التي عرفها على الإطلاق كمحررة فنية» [35] عُرفت سارتين بكونها امرأة متحررة وأفكارها تابعة للحركة الحديثة وهي حركة «المرأة الجديدة» [36] وبمشاركة زوجة أخيها «هاتي جود سارتين» أسست إميلي «منظمة المرأة» والتي عُرفت بعد ذلك ب«نادي القرن الحديث». ويُقال أن هاتي قد ساعدت إميلي أيضاً على تحقيق مكاسب عالية والحصول على عمولات لرسمها صور لأطباء محليين مثل كونستانتين هيرينغ وجيمس كالب جاكسون.[37] وبالأضافة إلى أن هاتي قد ساعدتها كثيراً في تمويل مسيرتها العلمية وكانت لها خير الحليف والناصح، إلا أنها أيضاً كانت تحتذي بسارتين وتقتدي بمثالها.[38]
في عام1886 أصبحت إميلي مديرة لمدرسة فيلادلفيا للتصميم المخصصة للنساء، [24] حيث كان يعمل والدها في المجلس كنائب للرئيس لمدة سنواتٍ عديدة.[40] وكانت تُعد تلك المدرسةأكبر مدرسة في البلاد تهتم بتدريس الفن للبنات، [41] وكانت إميلي- كما وصفها هنري آدمز- «مناصرة قوية ومطالبة رائدة بالتعليم العالي للبنات.» [42] طبقّت إميلي فصولرسم لنماذج بشريةعارية أو كاسية في مدرسةفيلادلفيا للنساء،[43] مستخدمةً فيها نماذج لرجالٍ كاسية ونساءٍ عارية وهي تلك الطريقة التي لم تكن مألوفة على الإطلاق بالنسبة للنساء الفنانات في تلك الحقبة الزمنية. كما ابتكرت إميلي برنامجاً احترافياً جديداً اعتمدت في وضعه على تدريبات مُسهبة ومُختصة ومعايير عالية الجودة؛ فكانت النساء في تلك المدرسة يتعلمن كيفية ابتكار أعمالهن الفنية معتمدين فيها على قوالب ثلاثية الأبعاد وأخرى بشرية.[40] فكانت إميلي تدرب النساء اللاتي يتعلمن أصول الفن.[41] وبفضل جهودها التي بذلتها في تعليم النساء في تلك المدرسة، نجحت إميلي في النهوض بمستوى التعليم في المدرسة إلى ذات الدرجة التي وصلت لها الأكاديمية الفرنسية[44] ومماثلة لتلك المعمول بها في أكاديميةبنسلفانيا للفنون الجميلة.[45] كانت تُعتبر مدارس التصميم الصناعية للبنات في كثير من الأحيان مموّنون لأدنى أشكال الفن، ولكن إميلي سارتين كانت تؤمن بأن قدرات الفنان ومواهبه لها القدرة الجيدة على تمييز وتفريق الفنالجيد من المتوسط[45]؛ كما كانت تؤمن بأن نفس المبادئ الجمالية المستخدمة للحكم على الفنون الجميلة يمكن تطبيقها على الفن الدعائي أو التجاري.[46] وكانت سارتين مسؤولة عن تقديم أبرز أعضاء هيئة التدريس مثل روبرت هنري وصامويل موراي ودانيال جاربر إلى المدرسة.[47]
وبحلول عام 1890 أصبحت سارتين قوة وطنية معترف بها على الصعيد الفني والتربية الفنية للنساء.[41][47] كانت إميلي سارتين عارضة لأعمالها الفنية وعضوة في لجنة تحكيم أكاديمية الفنون الجميلة، [48]ورئيسلجنة تزيين وتجميل مبنى أكاديميةبنسلفانيا، [49] والمتحدثة باسم التربية الفنية في المعرض العالمي الكولومبي لعام 1893 الذي أُقيم في شيكاغو.[41] وفي عام 1897 أسست إميلي سارتين بمساعدة أليس باربر ستيفنز- أحد المعلمات في المدرسة- نادي البلاستيك في فيلادلفيا.[24][50] حيث ترأست سارتين النادي من عام1899 وحتى عام1903 ومن ثم في عام 1904 وعام 1905.[51] كما ساهمت سارتين أيضاً في تأسيس نادي الفنون الثلاث.[45] كما لعبت إميلي دورالمتحدث الرسمي في القسم الفني في المؤتمر الدولي للمرأة في لندن عام 1899. أما في عام 1900، حضرت سارتين المؤتمر الدولي الأول من نوعه في التربية الفنية في باريس؛ حيث كانت واحدة من ثلاثة مفوَضين من الولايات المتحدة[41] في تلك السنة وبعدها في عام 1904 في برن.[52][53] ومن ثم تم نشر مقالة لها بعنوان «قيمة التدريب في حياةالمرأة في مجالي الرسموالتصميم» في صحيفة نيويورك تايمز عام 1913.[54] ترأست سارتين مدرسةالتصميم حتى عام 1919[47] أو 1920.[34][54] ثم تولت ابنة أخيها هاريت سارتين إدارةالمدرسة بعد تقاعدها. هاريت هي ابنة هنري [55] التي تولت عمتها إميلي رعايتها وإرشادها.[56] حازت إميلي على العديد من الشهادات والميداليات والدبلومات تقديراً لخدمتها للفن والتعليم؛ بما في ذلك حصولها على شهادة من جمعية لندن للأدبوالعلوموالفن.[34]
كتبت نينا دي أنجلي وولز:
"كما أوضحت لنا مسيرة سارتين المهنية، فإن المدارس الفنية تمنح مكانات مهنية على الصعيد الثقافي الذي هيمن عليه الرجال حِيْناً من الزمان. استخدم الفنانات منهجية التعليم الرسمية في دراستهم وذلك لمواجهة تهمة" امتلاك الهواية" وهي التهمة التي كانت كثيراً ما تُنسب إليهن كنساء. ولكن مدارسالتصميم التي تم تأسيسها في القرن التاسع عشر كانت بمثابة أولىالمؤسسات التي تمنح شهادات للخبرة المهنية للنساء في مثل تلك المجالات المهنية كالتربية الفنية وفن الرسم على القماش أو الرسومات التوضيحية في الصحف؛ وبالتالي، فتحت المدارس مسارات وطرق غير مسبوقة مما ساعد على الاستقلال الاقتصادي للمرأة.[41]
تقاعدت سارتين إلى سان دييغو (كاليفورنيا). خلال مسيرتها الفنية سافرت سارتين إلى أوروبا معظم مواسم الصيف واستمرت في السفر إلى الخارج كل عام خلال تقاعدها.و كانت سارتين في زيارة في فيلادلفيا عندما وافتها المنية في 17 يونيو، 1927.[55][57]
^ ابRicci, Patricia Likos (2000). "Bella, Cara Emilia: The Italianate Romance of Emily Sartain and Thomas Eakins". In Katherine Martinez and Page Talbott. Philadelphia's Cultural Landscape: The Sartain Family Legacy. Philadelphia: Temple University Press. pp. 120–137. (ردمك 978-1-56639-791-9).
^ ابجدهHoffmann, Mott, Sharon, Amanda (2008). Moore College of Art & Design. Arcadia Publishing. ISBN 0-7385-5659-9.
^ ابجدRussell T. Clement; Annick Houzé; Christiane Erbolato-Ramsey (2000). "The Women Impressionists: A Sourcebook"نسخة محفوظة 10 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.. Westport, Connecticut: Greenwood Press. pp. 23, 24 – via Questia. (subscription required (help)). "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2016-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^ ابجدM. Jane Dowd (1978). John F. Ohles, ed. Biographical Dictionary of American Educators. 3. Westport, Connecticut: Greenwood Press. pp. 1148–1149 – via Questia. (subscription required (help)). "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2016-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^ ابجM. Jane Dowd (1978). John F. Ohles, ed. Biographical Dictionary of American Educators. 3. Westport, Connecticut: Greenwood Press. pp. 1148–1149 – via Questia. (subscription required (help)). "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2016-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Jane Dowd (1978). John F. Ohles, ed. Biographical Dictionary of American Educators. 3. Westport, Connecticut: Greenwood Press. pp. 1148–1149 – via Questia. (subscription required (help)). "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2016-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)