الكتلة |
588٫022077 وحدة كتلة ذرية[1] |
---|---|
الصيغة الكيميائية |
C₂₄H₂₇Cl₅O₆[1] |
محددات بنود الإدخال الخطية النصية الجزيئية المبسطة القانونية (SMILES) |
CCCCOC(=O)COC1=C(C=C(C=C1)Cl)Cl.CCCCOC(=O)COC1=CC(=C(C=C1Cl)Cl)Cl[1] |
دوره | |
لديه جزء أو أجزاء |
العامل البرتقالي[3] أو عامل أورانج (بالإنجليزية: Agent Orange) هو الاسم الرمزي لمبيد أعشاب كيميائي ونازع ورق شجر من مبيدات قوس قزح المعروفة على نطاقٍ واسعٍ لا سيما لاستخدامها من قبل الجيش الأمريكي بصفتها جزءاً من برنامج «حرب مبيدات الأعشاب» (برنامج الحرب السامة)، أو عملية «رانش هاند»،[4] أثناء حرب فييتنام ما بين العامين 1962 و1971.[5]
والعامل البرتقالي خليط كيميائي من أجزاءٍ متساويةٍ (بنسبة 50:50) من مركبين؛ ثلاثي كلوروفينوكسي حمض الأسيتيك ورمزه (2,4,5-T)، وثنائي كلوروفينوكسي حمض الأسيتيك ورمزه (2,4-D)، وقد جرى تصنيعه لصالح «وزارة الدفاع الأمريكية» (البنتاغون) بواسطة شركتي «مونسانتو»، و«داو كيميكال».
تسببت آثار الديوكسين (بشكلٍ رئيسٍ مادة «TCDD» الأكثر سميةً من نوعها) -فضلاً عن آثاره البيئية الضارة- بمشاكلَ صحيةٍ كبيرةٍ للأفراد الذين تعرضوا له ولذرياتهم.[6] بلغت أعداد القتلى أو المشوهين أربعمئة ألفٍ بحسب التصريحات الفييتنامية، إضافةً إلى خمسمئة ألفٍ من الأطفال ممّن ولدوا بعيوبٍ خَلْقيةٍ. يعتبر هذا العامل من مسببات ظهور مرض باركنسون وأحد عوامل الخطر لمتلازمة خلل التنسج النقوي.[7]
تقول الحكومة الفييتنامية إن ما يصل إلى أربعة ملايين شخصٍ في فييتنام تعرضوا للمبيدات، وعانى ما يقرب من ثلاثة ملايين آخرين من الأمراض بسبب العامل البرتقالي،[8] في حين يقدر الصليب الأحمر الفييتنامي ما يصل إلى مليون مشوهٍ أو لديهم مشاكل صحية نتيجة تعرضهم للعامل البرتقالي.[9] بينما وصفت حكومة الولايات المتحدة هذه الأرقام بأنها لا يُعتمد عليها[10] أثناء توثيق حالات سرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية «هودجكين»، وأنواعٍ مختلفةٍ من السرطان لدى قدامى المحاربين الأمريكيين المتعرضين. أظهرت دراسة وبائية أجرتها مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها أن ثمة زيادةً في معدل التشوهات الخَلقية لأطفال العسكريين [الذين تعرضوا للعامل البرتقالي] نتيجةً لهذا العامل.[11][12] تسبب العامل البرتقالي أيضاً في أضرارٍ بيئيةٍ جسيمةٍ في فييتنام، فأكثر من ثلاثة ملايينَ ومئة ألف (3,100,000) هكتارٍ (واحد وثلاثون ألف (31,000) كم2 أو 11,969 ميل2) من الغابات عُرّيت من الأوراق. كما سبّبتِ المواد المتساقطة تآكل الغطاء الشجري وشتلات الغابات، مما جعل إعادة التحريج عسيرةً في العديد من المناطق. انخفض كذلك تنوع الأنواع الحيوانية بشكلٍ حادٍّ على عكس المناطق غير المرشوشة.[13][14]
أفضى استخدام العامل البرتقالي في فييتنام إلى العديد من الإجراءات القانونية. صادقتِ الأمم المتحدة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم «31/ 72»، واتفاقية حظر تعديل البيئة. وثمة دعاوىً قضائيةٌ مرفوعةٌ نيابةً عن كلٍّ من قدامى المحاربين الأمريكيين والفييتناميين بغية الحصول على تعويض عن الأضرار.
استخدمتِ القوات المسلحة البريطانية العامل البرتقالي لأول مرةٍ في الملايو أثناء الطوارئ المالاوية، كما استُخدم من قبل الجيش الأمريكي أيضاً في لاوس وكمبوديا خلال حرب فييتنام، لأن الفييتكونغ كانوا يستخدمون الغاباتِ بالقرب من الحدود مع فييتنام. جرى استخدام مبيدات الأعشاب مؤخراً في البرازيل لإزالة أجزاءٍ من غابات الأمازون المطيرة بهدف تأهيلها للزراعة.[15]
كان المكون النشط للعامل البرتقالي مزيجاً متساوياً من مبيدين اثنين من مبيدات الأعشاب الفينوكسية؛ وهما حمض ثنائي كلورو فينوكسي الأسيتيك (2,4-D)، وحمض ثلاثي كلورو فينوكسي الأسيتيك (2,4,5-T) على شكل إيزو-أوكتيل إستر، والذي كان يحتوي على آثارٍ من الديوكسين 8،7،3،2-رباعي كلورو ثنائي بنزو الديوكسين (TCDD).[16] وكانت الكميات الموجودة من TCDD مجرد آثارٍ نزرةٍ (بشكلٍ نموذجيٍّ اثنين إلى ثلاثة أجزاءٍ في المليون، وذلك في مجال يتراوح من 50 جزءٍ في المليار إلى 50 جزءٍ في المليون)[17] بالرغم من انخفاض التراكيز، إلا أن TCDD كان ملوِثاً هامّاً للعامل البرتقالي.
يعد "TCDD" أكثر الديوكسينات سُميةً ويُصنف على أنه مادة مسرطنة بشرية من قبل وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA).[18] إن طبيعة ذوبانه في الدهون تجعله يدخل الجسم بسهولةٍ من خلال التماس الجسدي أوِ الابتلاع.[19] يتراكم الديوكسين بسهولةٍ في السلسلة الغذائية، إنه يدخل الجسم عن طريق الارتباط ببروتينٍ يسمى «مستقبل أريل الهيدروكربون» (AhR)، وهو عامل نسخ وراثي في الجسم. عندما يرتبط TCDD بـ AhR ينتقل البروتين إلى نواة الخلية، حيث يؤثر على التعبير الوراثي (الجيني).[20] [21]
طبقاً لتقارير الحكومة الأمريكية إذا لم يجرِ ربطه كيميائياً بسطحٍ بيولوجيٍّ مثل التربة أو الأوراق أو العشب، فإن العامل البرتقالي يجف بسرعةٍ بعد الرش ويتحلل في غضون ساعاتٍ إلى أيام عند تعرضه لأشعة الشمس ولا يعود ضاراً.[22]
جرى تطوير العديد من مبيدات الأعشاب كجزءٍ من جهود الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لإنتاج أسلحة مبيدات الأعشاب لاستخدامها خلال الحرب العالمية الثانية. وشملت هذه المبيدات بالإضافة إلى (2,4-D)، و (2,4,5-T) كلاً من 2-ميثيل-4-كلوروفينوكسي حمض الأسيتيك (اختصاراً MCPA)، و (1414B) و (1414A)، والمعاد ترميزهما (LN-8)، و (LN-32))، وكذلك إيزوبروبيل فينيل كاربامات (1313، المعاد ترميزه LN-33).[23]
في العام 1943 تعاقدت وزارة الدفاع في الولايات المتحدة مع عالم النبات وعالم الأخلاقيات الحيوية «آرثر جالستون» -الذي اكتشف المواد المُعرّية لورق الشجر والتي استخدمت فيما بعد في العامل البرتقالي- وكذلك مع الهيئة الموظفة له وهي جامعة إلينوي في «أوربانا شامبين» لدراسة تأثيرات (2,4-D)، و(2,4,5-T) على الحبوب بما فيها الأرز، والمحاصيل عريضة الأوراق.[24] أثناء تخرجه وكطالب دراساتٍ عليا في جامعة إلينوي تركز بحث جالستون وأطروحته على إيجاد وسيلةٍ كيميائيةٍ لإنتاج زهور فول الصويا وفاكهةٍ في وقتٍ مبكرٍ.[25] وقد اكتشف أن حمض 5,3,2-ثلاثي يودو البنزويك (TIBA) من شأنه أن يسرع من إزهار فول الصويا، وأنه في التركيزات الأعلى سوف يزيل أوراق هذا النبات.[25] نشأ من هذه الدراسات مفهوم استخدام التطبيقات الجوية لمبيدات الأعشاب لتدمير المحاصيل المعادية وتعطيل الإمدادات الغذائية. في أوائل العام 1945 أجرى الجيش الأمريكي اختباراتٍ لخلائطَ مختلفةٍ (2,4-D)، و(2,4,5-T) في مطار بوشنيل للجيش في فلوريدا. ونتيجةً لذلك بدأت الولايات المتحدة إنتاجاً واسع النطاق من (2,4-D)، و(2,4,5-T)، وكانت ستستخدمه ضد اليابان في العام 1946 أثناء عملية السقوط إذا ما استمرت الحرب.[26][27]
في السنوات التي أعقبتِ الحرب اختبرت الولايات المتحدة ألفاً ومئة مركّبٍ، وأُجريت تجارب ميدانية للمركبات الواعدة في المحطات البريطانية في الهند وأستراليا من أجل إثبات تأثيرها في الظروف الاستوائية، وكذلك في ميدان الاختبارات الأمريكية في فلوريدا. في عامي 1950 و1952 أجريت تجارب في تنجانيقا في كيكور وستونيانسا لاختبار مبيدات الشجر ومزيلات الأوراق في الظروف الاستوائية. كانتِ المواد الكيميائية المعنية 2,4-D و2,4,5-T وكذلك مركب «إندوثال» (6،3-إندوكسو سداسي هيدرو حمض الفثاليك). أثناء الفترة (52-1953) أشرفتِ الوحدة على الرش الجوي لمادة 2,4,5-T في كينيا لتقدير فعالية المواد المُسقَطة في القضاء على ذبابة تسي تسي.[23]
قامت الوحدة المحلية التابعة لشركة «الصناعات الكيميائية الملكية» (بالإنجليزية: Imperial Chemical Industries) في مالايا بالبحث عن المواد التي تُسقط الأوراق كمبيداتٍ للأعشاب الضارة لمزارع المطاط. كانت الكمائن التي ينصبها جيش التحرير الوطني المالايوي على جوانب الطرق تشكل خطراً على الجيش البريطاني أثناء حالة الطوارئ المالاوية في الفترة (48-1960)، لذلك أجريت تجارب إسقاط أوراقٍ (تعرية الأشجار) على النباتات التي قد تخفي مواقع الكمائن، ولكن وُجد أن الإزالة اليدوية أرخص. دُوّنَ تقرير مفصل حول الاختبارات البريطانية عن المبيدات المرشوشة من قبل عالمين هما إ. ك. وودفورد من «وحدة الهندسة الزراعية التجريبية» في «مجلس البحث الزراعي» وهـ. غ. هـ. كيرنز من جامعة بريستول.[28]
بعد انتهاء حالة الطوارئ المالاوية في العام 1960 اعتبرتِ الولايات المتحدة السابقةَ البريطانية -في قرار استخدام مواد إزالة الأوراق- بأنه كان تكتيكاً قانونياً للحرب. نصح وزير الخارجية دين راسك الرئيس جون ف. كينيدي (60-1963) بأن البريطانيين -مع مبيدات الأعشاب في الملايو- قد أرسَوا سابقةً في الحرب.[29][30]
طلب نغو دينه ديم رئيس فييتنام الجنوبية في منتصف العام 1961 من الولايات المتحدة إجراء رش مبيدات الأعشاب في بلاده.[31] وفي أغسطس/آب من ذاك العام نفذتِ القوات الجوية لجمهورية فييتنام الجنوبية عمليات [رش] مبيدات الأعشاب بمساعدةٍ أمريكيةٍ. أطلق طلب ديم مناقشةً سياسيةً في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع. دعم العديد من المسؤولين الأمريكيين عمليات مبيدات الأعشاب مشيرين إلى أن البريطانيين قد استخدموا بالفعل مبيدات الأعشاب ومزيلات الأوراق في الملايو خلال الخمسينات من القرن الماضي، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1961 أذن الرئيس كينيدي ببدء عملية «رانش هاند» "Ranch Hand"؛ الاسم الرمزي لبرنامج مبيدات الأعشاب التابع لسلاح الجو الأمريكي في فييتنام. رسمياً كانت عمليات مبيدات الأعشاب مُوجّهةً من قبل حكومة جنوب فييتنام.[32] [33]
أثناء حرب فييتنام فيما بين العامين 1962 و1971 رش الجيش الأمريكي ما يقرب من عشرين مليون جالونٍ أمريكيٍّ (ما يعادل سبعين ألفاً وستة آلاف م3) من موادَ كيميائيةٍ مختلفةٍ من «مبيدات أعشاب قوس قزح»[هامش 1]، ومزيلات الأوراق في فييتنام، وشرقي لاوس، وأجزاءٍ من كمبوديا كجزءٍ من عملية «رانش هاند» "Ranch Hand"، ووصلت إلى ذروتها ما بين العام 1967 والعام 1969. ولأغراض المقارنة يحتوي حوض السباحة الأولمبي على ما يقرب من ستمئةٍ وستين ألف (660,000) جالون أمريكي (خمسمئةٍ وألفا (2,500) م3).[34][35][29] وكما فعل البريطانيون في الملايو كان هدف الولايات المتحدة هو نزع أوراق الأراضي الريفية/الحرجية، وحرمان المقاتلين من الطعام والتخفي، وتطهير المناطق الحساسة مثل محيط القواعد ومواقع الكمائن المحتملة على طول الطرق والقنوات.[32][36] جادل صمويل بي هنتنغتون بأن البرنامج كان أيضاً جزءاً من سياسة التمدين القسري، التي تهدف إلى تدمير قدرة الفلاحين على إعالة أنفسهم في الريف، وإجبارهم على الفرار إلى المدن التي تسيطر عليها الولايات المتحدة مما يحرم المقاتلين من قاعدة دعمهم [بيئتهم الحاضنة] في المناطق الريفية.[37]
كان رش العامل البرتقالي يجري عادةً من الطائرات المروحية أو من طائرات «سي - 123 بروفايدر» منخفضة التحليق، والمزودة بمرشاتٍ وأنظمة مضخات "MC-1 Hourglass" وألف جالونٍ أمريكيٍّ (3,800 لتر) في خزاناتٍ كيميائيةٍ. جرت عمليات الرش أيضاً بواسطة الشاحنات والقوارب وأجهزة الرش المحمولة على الظهر.[38][6][39] وبالإجمال استخدم أكثر من ثمانين مليون لترٍ من العامل البرتقالي.[40]
جرى تفريغ الدفعة الأولى من مبيدات الأعشاب في قاعدة «تان سون نهوت» الجوية [بالقرب من سايغون] في جنوب فييتنام في 9 يناير/كانون الثاني 1962،[41] وتظهر سجلات القوات الجوية الأمريكية ما لا يقل عن 6,542 مهمة رشٍّ على مدار عملية «رانش هاند».[42] وبحلول العام 1971 جرى رش اثني عشرَ في المئة من المساحة الإجمالية لفييتنام الجنوبية[هامش 2] بموادَّ كيميائيةٍ تقشر الأوراق بمتوسط تركيزٍ يبلغ ثلاثة عشرَ ضعفَ معدلِ تطبيق «وزارة الزراعة الأمريكية» الموصى به للاستخدام المحلي.[43] في جنوب فييتنام وحدها جرى تدمير ما يُقدر بنحو 39,000 ميل2 (ما يعادل عشرة ملايين هكتار، [أو مئة ألف كم2]) من الأراضي الزراعية في نهاية المطاف،[44] وفي بعض المناطق كانت تركيزات TCDD في التربة والمياه أعلى بمئات المرات من السويات التي اعتبرتها «وكالة حماية البيئة» آمنةً.[45][46]
دمرتِ الحملة عشرين ألف كم2 (5 × 106 فدان) من غابات المرتفعات والمانغروف وآلافِ الكيلومترات المربعة من المحاصيل.[47] وبشكلٍ عامٍّ جرى رش أكثر من عشرين بالمئة من غابات جنوب فييتنام مرةً واحدةً على الأقل خلال فترة السنوات التسع.[48][49] وقد رُش 3.2 ٪ من الأراضي المزروعة في جنوب فييتنام لمرةٍ واحدةٍ على الأقل بين العامين 1965 و1971، وكان تسعون بالمئة من استخدام مبيدات الأعشاب موجهاً نحو تساقط الأوراق [تعرية الأشجار].[32]
بدأ الجيش الأمريكي في استهداف المحاصيل الغذائية في أكتوبر/تشرين الأول من العام 1962 باستخدام «العامل الأزرق» بشكلٍ أساسيٍّ. لم يكنِ الجمهور الأمريكي على علمٍ ببرامج تدمير المحاصيل حتى العام 1965 (وكان يعتقد بعد ذلك أن رش المحاصيل قد بدأ في ذلك الربيع). في العام 1965 جرى تخصيص 42 ٪ من عمليات رش مبيدات الأعشاب للمحاصيل الغذائية. في العام نفسه أُخبر أعضاء الكونجرس الأمريكي بما يلي: «من المفهوم أن تدمير المحاصيل هو الهدف الأكثر أهمية... ولكن يجري التركيز عادةً على تساقط أوراق الغابة في الإشارة العامة إلى البرنامج». وجاء أول اعترافٍ رسميٍّ بالبرنامج من وزارة الخارجية في مارس/آذار من العام 1966.[48][50]
عندما جرى تدمير المحاصيل كان الفييتكونغ يعوض فقدان الغذاء من خلال مصادرة المزيد من الطعام من القرى المحلية.[32] أفاد بعض الأفراد العسكريين أنهم أُخبروا بأنهم كانوا يدمرون المحاصيل المستخدمة لإطعام المقاتلين، إنما ليكتشفوا لاحقاً أن إنتاج معظم الطعام المدمر كان -في الواقع- لدعم السكان المدنيين المحليين. على سبيل المثال -طبقاً لـ«ويل فيروي»- كان من المقرر تدمير 85 ٪ من أراضي المحاصيل في مقاطعة «كوانج نجاي» في العام 1970 وحده، وقُدر أن من شأن هذا أن يؤديَ إلى مجاعةٍ، وترك مئات الآلاف من الناس دونما طعامٍ، أو يعانون من سوء التغذية في المقاطعة.[51] طبقاً لتقريرٍ صادرٍ عن «الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم» أفضت حملة مبيدات الأعشاب إلى تعطيل الإمداد الغذائي لأكثرَ من ستمئة ألف امرئٍ بحلول العام 1970.[52]
عارض العديد من الخبراء في ذلك الوقت -بما في ذلك آرثر جالستون- حرب مبيدات الأعشاب بسبب مخاوفَ بشأن الآثار الجانبية على البشر والبيئة من خلال الرش العشوائي للمادة الكيميائية على مساحةٍ واسعةٍ، وفي وقتٍ مبكرٍ من العام 1966 قُدمت مشاريع قراراتٍ إلى الأمم المتحدة تتهم الولايات المتحدة بانتهاك بروتوكول جنيف للعام 1925 الذي ينظم استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية. أجهضتِ الولايات المتحدة معظم القرارات[53][54] بدعوى أن العامل البرتقالي لم يك سلاحاً كيميائياً أو بيولوجياً لأنه كان يعتبر مبيداً للأعشاب ومزيلاً للأوراق، وجرى استخدامه في محاولةٍ لتدمير المحاصيل النباتية، وحرمان العدو من التستر، وليس المقصود منه استهداف البشر. جادل وفد الولايات المتحدة بأن السلاح -بحكم تعريفه- هو أي جهازٍ يستخدم لإصابة أو هزيمة أو تدمير الكائنات الحية أو الهياكل أو الأنظمة، والعامل البرتقالي غير مؤهلٍ بموجب هذا التعريف، كما جادل بأنه إذا ما فُرضت غرامات على الولايات المتحدة لاستخدامها العامل البرتقالي، فيتوجب عندئذٍ تحميل المملكة المتحدة ودولِ الكومنولث التابعة لها غراماتٍ بالمثل، لأنها استخدمتها أيضاً على نطاقٍ واسعٍ خلال حالة الطوارئ المالاوية في الخمسينات.[55] علقتِ المملكة المتحدة في العام 1969 على مشروع القرار 2603 (XXIV):«يبدو أن الدليل غير كافٍ لتأكيد أن استخدامَ موادَّ كيميائيةٍ سامةٍ للنباتات على وجه التحديد محظور بموجب القانون الدولي».[56]
وجدت دراسة أجرتها مختبرات الأبحاث الحيوية بين العامين 1965 و1968 تشوهاتٍ في حيوانات الاختبار ناجمةٍ عن (2,4,5-T) أحدِ مكوناتِ العامل البرتقالي. عُرضتِ الدراسة لاحقاً على البيت الأبيض في أكتوبر/تشرين الأول العامَ 1969. أفادت دراسات أخر بنتائجَ مماثلةٍ وبدأت وزارة الدفاع في الحد من عملية مبيدات الأعشاب، وفي 15 أبريل/نيسان من العام 1970 أُعلن عن تعليق استخدام العامل البرتقالي. واصل لواءان من «فرقة المشاة 23» Americal Division صيفَ العام 1970 استخدامه بهدف تدمير المحاصيل في انتهاكٍ للتعليق، وأدى تحقيقٌ إلى اتخاذ إجراءاتٍ تأديبيةٍ بحق قادة الألوية والفرقة لأنهم زوروا تقاريرَ لإخفاء استخدامها. أوقف تساقط الأوراق وتدمير المحاصيل تماماً بحلول الثلاثين من يونيو/حزيران من العام 1971.[32]
ثمة أنواع مختلفة من السرطانات المرتبطة بالعامل البرتقالي بما في ذلك ابيضاض الدم الليمفاوي المزمن في الخلايا البائية (خلايا B)، وسرطان الغدد الليمفاوية «هودجكين»، والورم النخاعي المتعدد، وسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية، وسرطان البروستاتا، وسرطان الجهاز التنفسي، وسرطان الرئة، وساركوما الأنسجة الرخوة.[57]
تقول حكومة فييتنام إن أربعة ملايينٍ من مواطنيها تعرضوا للعامل البرتقالي، وعانى ما يصل إلى ثلاثة ملايينٍ من الأمراض بسببه، وتشمل هذه الأعداد أطفالهم الذين تعرضوا له.[8] يُقدر الصليب الأحمر الفيتنامي أن ثمة ما يصل إلى مليون شخصٍ معوقٍ، أو يعاني من مشاكلَ صحيةٍ بسبب العامل البرتقالي الملوِث.[9] وقد تحدت حكومة الولايات المتحدة هذه الأرقام باعتبارها غير موثوقةٍ.[10]
ووفقاً لدراسةٍ أجراها الدكتور «نجوين فيت نهان» فقد تأثر الأطفال في المناطق التي جرى فيها استخدام العامل البرتقالي، وهم ذوو مشاكلَ صحيةٍ متعددةٍ بما في ذلك الحنك المشقوق، والإعاقات العقلية، والفتق، وزيادة أصابع اليدين والقدمين.[58][59] في سبعينات القرن الماضي عثر على سوّياتٍ عاليةٍ من «الديوكسين» في حليب الثدي للنساء الفييتناميات الجنوبيات، وفي دماء أفراد الجيش الأمريكي ممن خدموا في فييتنام.[60] والمناطق الأكثر تضرراً هي المنطقة الجبلية على طول «ترونغ سون» Truong Son (جبال «لونغ») والحدود بين فييتنام وكمبوديا. يعيش السكان المصابون في ظروفٍ دون المستوى مع العديد من الأمراض الوراثية.[61][62]
نشر «آنه دوك نجو» وزملاؤه من «مركز العلوم الصحية» بجامعة تكساس في العام 2006 تحليلاً عُلْوياً كشف عن قدرٍ كبيرٍ من عدم التجانس (نتائج متباينة) بين الدراسات، وهي نتيجة تتسق مع عدم وجود توافقٍ في الآراء بشأن هذه المسألة.[63] ومع ذلك أدى التحليل الإحصائي للدراسات التي قاموا بفحصها إلى بياناتٍ تفيد بأن الزيادة في العيوب الخَلقية / الخطر النسبي "relative risk" أو (RR) من التعرض للعامل البرتقالي / الديوكسين «يظهر» في مرتبة 3 في الدراسات المُموّلة فييتنامياً، ولكن 1.29 في بقية العالم. هناك بيانات بالقرب من عتبة الأهمية الإحصائية "threshold of statistical significance" تشير إلى أن العامل البرتقالي يساهم في الولادات الميتة، والحنك المشقوق، وعيوب الأنبوب العصبي، مع كون السنسنة المشقوقة هي العيب الأكثر دلالةً إحصائياً.[20] إن التباين الكبير في الخطر النسبي (RR) بين الدراسات الفييتنامية وتلك الموجودة في بقية العالم يرجع إلى التحيز في الدراسات الفييتنامية.[63]
لربما لا تزال ثمانية وعشرون من القواعد العسكرية الأمريكية السابقة في فييتنام -حيث جرى تخزين مبيدات الأعشاب وتحميلها على الطائرات- تحتوي على سوّياتٍ عاليةٍ من الديوكسينات في التربة مما يشكل تهديداً صحياً للمجتمعات المحيطة. أجريت اختبارات مكثفة للتلوث بالديوكسين في القواعد الجوية الأمريكية السابقة في مناطق «دا نانغ»، و«فو كات»، و«بيين هوا». تحتوي بعض التربة والرواسب الموجودة في القواعد على سوّياتٍ عاليةٍ جداً من الديوكسين والتي تتطلب المعالجة. إن تلوث قاعدة «دا نانغ» الجوية بالديوكسين يصل إلى ثلاثمئةٍ وخمسين (350) ضعفاً أعلى من التوصيات الدولية للعمل.[64][65] تستمر التربة والرواسب الملوثة في التأثير على مواطني فييتنام مما يؤدي إلى تسمم السلسلة الغذائية لديهم، والتسبب في عللٍ وأمراضٍ جلديةٍ خطيرةٍ، ومجموعةٍ متنوعةٍ من السرطانات في الرئتين والحنجرة والبروستاتا.[58]
طُلب من المحاربين أثناء وجودهم في فييتنام ألا يقلقوا وأُقنعوا بأن المادة الكيميائية غير ضارةٍ.[66] وبعد العودة إلى الوطن بدأ قدامى المحاربين في فييتنام يشكون من اعتلال صحتهم، أو حالات إجهاض زوجاتهم، أو أطفالٍ وُلدوا بعيوبٍ خَلقيةٍ قد تكون مرتبطةً بالعامل البرتقالي ومبيدات الأعشاب السامة الأخرى التي تعرضوا لها في فييتنام. بدأ قدامى المحاربين في تقديم مطالباتٍ في العام 1977 إلى وزارة شؤون المحاربين القدامى للحصول على مدفوعات الإعاقة للرعاية الصحية للظروف التي اعتقدوا أنها مرتبطةٌ بالتعرض للعامل البرتقالي، أو بشكلٍ أكثر تحديداً «الديوكسين»، ولكن رُفضت مطالباتهم ما لم يتمكنوا من إثبات أن الحالة بدأت عندما كانوا في الخدمة أو في غضون عامٍ واحدٍ من تسريحهم.[67] يجب على المحاربين القدماء -من أجل التأهل للحصول على تعويضٍ- أن يكونوا قد خدموا في محيط القواعد العسكرية في تايلاند، أو بالقرب منها خلال حقبة فييتنام حيث جرى اختبار مبيدات الأعشاب وتخزينها خارج فييتنام، أو كان قدامى المحاربين أعضاءً في أطقم طائرات «سي - 123 بروفايدر» بعد حرب فييتنام، أو كانوا مرتبطين بمشروعات وزارة الدفاع (DoD) لاختبار مبيدات الأعشاب أو التخلص منها أو تخزينها في الولايات المتحدة.[68]
وبحلول أبريل/نيسان من العام 1993 كانت «وزارة شؤون المحاربين القدامى» قد عوّضت 486 ضحيةً وحسب، على الرغم من أنها تلقت مطالبات إعاقةٍ من 39,419 جندياً تعرضوا للعامل البرتقالي أثناء خدمتهم في فييتنام.[69]
وفي استطلاعٍ أجرته شركة «زغبي إنترناشونال» (بالإنجليزية: Zogby International) في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2004 على 987 شخصاً أعرب تسعة وسبعون بالمئة من المستطلَعين عن اعتقادهم بأنه يتوجب على الشركات الكيمياوية الأمريكية التي أنتجتِ العامل البرتقالي المُسقَطَ أن تعوض الجنود الأمريكيين الذين تأثروا بالكيمياويات السامة المستخدمة أثناء الحرب في فييتنام. وقال واحد وخمسون بالمئة -أيضاً- إنهم يؤيدون تعويض ضحايا العامل البرتقالي الفييتناميين.[70]
وجهت الحكومة الاتحادية [الأميركية] «معهد الطب» (IOM) المعروف الآن باسم «الأكاديمية الوطنية للطب» ابتداءً من أوائل التسعينات لإصدار تقاريرَ كل عامين عن الآثار الصحية للعامل البرتقالي، ومبيدات الأعشاب المماثلة. نشر المعهد تقريراً لأول مرةٍ في العام 1994 بعنوان «قدامى المحاربين والعامل البرتقالي»، وتقيّم تقاريره مخاطرَ كلٍّ من الآثار الصحية السرطانية، وغير السرطانية. يُصنَّف كل تأثيرٍ صحيٍّ من خلال دليلٍ على الارتباط مستندٍ إلى البيانات البحثية المتاحة.[6] نُشر التحديث الأخير في العام 2016 بعنوان «قدامى المحاربين والعامل البرتقالي: تحديث 2014».
يُظهر التقرير دليلاً كافياً على وجود ارتباطٍ مع ساركوما الأنسجة الرخوة، وليمفوما اللاهودجكين (NHL)، و"مرض هودجكين"؛ ابيضاض الدم الليمفاوي المزمن (CLL) بما في ذلك ابيضاض الدم مشعر الخلايا، وسرطان الدم المزمن الآخر للخلايا البائية. ودليلاً محدوداً أو مقترحاً على وجود ارتباطٍ متعلقٍ بسرطانات الجهاز التنفسي (الرئة، والقصبات، والرغامى، والحنجرة)، وسرطان البروستاتا، والمايلوما المتعددة؛ وسرطان المثانة. جرى تقرير العديد من السرطانات الأخرى على أنها تملك دليلاً غير كافٍ أو غير ملائمٍ على وجود روابطَ مع العامل البرتقالي.
خلصتِ «الأكاديمية الوطنية للطب» مراراً وتكراراً إلى أن أي دليلٍ يشير إلى وجود ارتباطٍ بين العامل البرتقالي وسرطان البروستاتا «محدودٌ، لأن العشوائية والتحيز والارتباك لا يمكن استبعادها بثقةٍ».[71] لكن -ومع ذلك- أثبتتِ البحوث التي نُشرت في مايو/أيار من العام 2007 أن المحاربين الأمريكيين القدامى -الذين تعرضوا لمادة العامل البرتقالي في حرب فييتنام- قد زادت نسبة الخطورة في إصابتهم بمرض سرطان البروستاتا مرةً أخرى من بعد العملية الجراحية بما يعادل 48 ٪.[72]
وبناءً على طلبٍ من «إدارة المحاربين القدامى» قام معهد الطب بتقييم ما إذا كانت الخدمة في هذه الطائرات من طراز «سي - 123 بروفايدر» قد تُعرض الجنود بشكلٍ معقولٍ وتضر بصحتهم، وأكد تقريرهم أن «التعرضَ للديوكسين -فيما بعد فييتنام- في طائرات "سي - 123" الملوَثة بالعامل البرتقالي» مؤكَد.[73]
أظهرتِ المنشورات الصادرة عن «دائرة الصحة العامة» في الولايات المتحدة أن قدامى المحاربين في فييتنام -بشكلٍ عامٍّ- قد زادت لديهم معدلات الإصابة بالسرطان، واضطرابات الأعصاب، والجهاز الهضمي، والجلد، والجهاز التنفسي. تلاحظ مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن هناك -على وجه الخصوص- معدلاتٍ أعلى من سرطان الدم الحاد / المزمن، وسرطان هودجكين للغدد الليمفاوية، وسرطان لا هودجكين للغدد الليمفاوية، وسرطان الحلق، وسرطان البروستاتا، وسرطان الرئة، وسرطان القولون، وأمراض القلب الدماغية، وساركوما الأنسجة الرخوة، وسرطان الكبد.[74][75] وفيما عدا سرطان الكبد فهذه هي الشروط نفسها التي حددتها «إدارة المحاربين القدامى» في الولايات المتحدة المرتبطة بالتعرض للعامل البرتقالي / الديوكسين وهي مدرجةٌ في قائمة الشروط المؤهّلة للحصول على التعويض والعلاج.[75][76]
كان الأفراد العسكريون الذين شاركوا في التخزين والخلط والنقل (بما في ذلك عمال ميكانيك الطائرات) والاستخدام الفعلي للمواد الكيميائية من بين أولئك الذين تلقوا أشد حالات التعرض.[77] كما ادعى الأعضاء العسكريون الذين خدموا في أوكيناوا أنهم تعرضوا للمادة الكيميائية، ولكن لا يوجد دليل يمكن التحقق منه لتأكيد هذه الادعاءات.[78]
اقترحت بعض الدراسات أن المحاربين القدامى الذين تعرضوا للعامل البرتقالي ربما يكونون أكثر عرضةً للإصابة بسرطان البروستاتا،[79] وربما أكثر بمرتين للإصابة بسرطان البروستاتا عالي الدرجة والأكثر فتكاً.[80] ومع ذلك فقد وجد تحليل نقدي لهذه الدراسات وخمسٌ وثلاثون دراسةً أخرى باستمرارٍ أنه لا توجد زيادة كبيرة في معدل الإصابة بسرطان البروستاتا أو الوفيات لدى أولئك الذين تعرضوا للعامل البرتقالي، أو «2,3,7,8-رباعي كلورو ثنائي بنزو-ف-ديوكسين».[81]
خاضتِ الولايات المتحدة حروباً سريةً في لاوس وكمبوديا، وأسقطت كمياتٍ كبيرةً من العامل البرتقالي فيهما. وطبقاً لأحد التقديرات أسقطتِ الولايات المتحدة 475,500 جالوناً من العامل البرتقالي في لاوس، و40,900 في كمبوديا.[35][82][83] ونظراً لأن لاوس وكمبوديا كانتا على الحياد أثناء حرب فييتنام، فقد حاولت الولايات المتحدة الحفاظ على سرية حروبها -بما في ذلك حملات القصف ضد هذين البلدين- أمام السكان الأمريكيين، وتجنبت إلى حدٍّ كبيرٍ تعويض قدامى المحاربين الأمريكيين وعناصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذين كانوا متمركزين في كمبوديا ولاوس وعانوا من إصاباتٍ دائمةٍ نتيجة التعرض للعامل البرتقالي هناك.[82][84]
أحد الاستثناءات الجديرة بالملاحظة -وفقاً لوزارة العمل الأمريكية- هو مطالبة رُفعت إلى «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية» من قبل موظفٍ «مقاولٍ مؤمنٍ ذاتياً لوكالة المخابرات المركزية لم يعد في العمل». أبلغت وكالة المخابرات المركزية وزارة العمل بأنها «ليس لديها اعتراضات» على دفع المطالبة، وقبلت وزارة العمل المطالبة بالدفع: تعرضٌ مدنيٌّ للعامل البرتقالي في فييتنام: GAO-05-371 أبريل/نيسان 2005. الشكل 3: نظرة عامة على عملية مطالبات تعويض العمال بالنسبة لموظفي العقود: «... من بين المطالبات العشرين التي قدمها موظفو العقود [لصالح حكومة الولايات المتحدة] جرى رفض تسعةٍ مبدئياً من قبل شركات التأمين، وتمت الموافقة على واحدةٍ للدفع. ... المطالبة التي وافقت عليها وزارة العمل للدفع تخص مقاولاً مؤمناً ذاتياً لوكالة المخابرات المركزية لم يعد يعمل. في غياب صاحب عملٍ أو شركة تأمينٍ، تصرفت وكالة المخابرات المركزية في دور صاحب العمل وشركة التأمين، وصرحت بأنها "ليس لديها اعتراضات" على دفع المطالبة. راجعت وزارة العمل المطالبة وقبلتها للدفع».[85]
جرى رش قرابة 17.8 ٪ -ما يعادل 3,100,000 هكتار (31,000 كم2؛ أو 12,000 ميلٍ مربعٍ)- من إجمالي مساحة الغابات في فييتنام خلال الحرب مما أدى إلى تعطيل التوازن البيئي. إن الطبيعة الثابتة للديوكسينات، والتآكل الناجم عن فقدان الغطاء الشجري، وفقدان مخزون شتلات الغابات تعني أن إعادة التحريج باتت صعبةً (أو مستحيلةً) في العديد من المناطق.[14] والعديد من مناطق الغابات التي أزيلت أوراقها غُزيَت بسرعةٍ من قبل الأنواع الرائدة العدوانية (مثل الخيزران وعشب الكوجون) مما يجعل تجديد الغابات أمراً عسيراً وغير مرجّح، كما تأثر تنوع الأنواع الحيوانية؛ ففي إحدى الدراسات وجد عالم أحياءٍ من جامعة هارفارد أربعةً وعشرين نوعاً من الطيور وخمسة أنواعٍ من الثدييات في غابةٍ مرشوشٍ بها، بينما كان هناك على التوالي في قسمين متجاورين من الغابات غير المرشوشة مئة وخمسة وأربعون (145)، ومئة وسبعون (170) نوعاً من الطيور، وثلاثون، وخمسة وخمسون نوعاً من الثدييات.[86]
بقيت الديوكسينات من العامل البرتقالي في البيئة الفييتنامية منذ الحرب، واستقرت في التربة والرواسب ودخلت السلسلة الغذائية من خلال الحيوانات والأسماك التي تتغذى في المناطق الملوثة. أدت حركة الديوكسينات عبر الشبكة الغذائية إلى تركيزٍ أحيائيٍّ وتضخمٍ أحيائيٍّ.[13] أما المناطق الأكثر تلوثاً بالديوكسينات فهي القواعد الجوية الأمريكية السابقة.[87]
كانت السياسة الأمريكية خلال حرب فيتنام هي تدمير المحاصيل، وقبول التأثير الاجتماعي والسياسي الذي قد يحدث.[52] تنص مذكرة مؤسسة RAND 5446-ISA / ARPA على ما يلي: «حقيقة أن الفييتكونغ (VC) يحصلون على معظم طعامهم من السكان الريفيين المحايدين تُمْلي تدمير المحاصيل المدنية ... برنامج تدمير المحاصيل، سيكون من الضروري تدمير أجزاءٍ كبيرةٍ من الاقتصاد الريفي، ربما خمسون بالمئة أو أكثر».[88] لقد جرى رش المحاصيل عمداً بالعامل البرتقالي، وتجريف المناطق الخالية من الغطاء النباتي مما أجبر العديد من المدنيين القرويين على النزوح إلى المدن.[52]
دفعت الأضرار البيئية واسعة النطاق التي نتجت عن استخدام مبيدات الأعشاب الأمم المتحدة إلى إصدار القرار 31/ 72، والتصديق على «اتفاقية التعديل البيئي». لا يعتبر العديد من الدول هذا حظراً كاملاً لاستخدام مبيدات الأعشاب ومزيلات الأوراق في الحرب، ولكنه يتطلب دراسةً لكل حالةٍ على حدة.[89][90] في مؤتمر نزع السلاح احتوت المادة 2 (4) من البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة على «استثناء الغابة»، والذي يحظّر على الدول مهاجمة الغابات أو الأدغال «إلا إذا جرى استخدام هذه العناصر الطبيعية للتستر، أو الإخفاء، أو تمويه المقاتلين، أو الأهداف العسكرية، أو تكون أهدافاً عسكريةً بحد ذاتها». هذا الاستثناء يلغي أي حمايةٍ لأي فردٍ عسكريٍّ أو مدنيٍّ تعرض لهجوم النابالم، أو شيءٍ مثل العامل البرتقالي، ومن الواضح أنه جرى تصميمه لتغطية مواقفَ مثل التكتيكات الأمريكية في فييتنام.[91]
منذ العام 1978 على الأقل أقيمت عدة دعاوىً قضائيةٍ ضد الشركات التي أنتجتِ العامل البرتقالي من بينها «داو كيميكال»، و«مونسانتو»، و«دايموند شامروك».[92] كان المحامي هاي مايرسون رائداً مبكراً في دعاوى العامل البرتقالي فقد عمل مع المحامي البيئي فيكتور ياناكون في العام 1980 في أول دعوىً جماعيةٍ ضد الشركات المصنعة للعامل البرتقالي في زمن الحرب. وفي لقائه بالدكتور رونالد أ. كوداريو -أحد الأطباء المدنيين الأوائل الذين رأوا المرضى المصابين- سارع مايرسون -وكان متأثراً جداً بحقيقة أن الطبيب يبدي اهتماماً كبيراً بمحاربٍ قديمٍ في فييتنام- وفي ثاني يومٍ لأول اتصالٍ به من قبل الطبيب بإرسال أكثر من ألف صفحةٍ من المعلومات حول العامل البرتقالي، وتأثيرات الديوكسين على الحيوانات والبشر إلى مكتب كوداريو.[93] سعتِ الشركات المدعى عليها إلى التهرب من خلال إلقاء اللوم على الحكومة الأمريكية في كل شيء.[94]
قام مايرسون مع الرقيب «تشارلز إي هارتز» -بصفته العميل [أو المدّعي] الرئيسي- في العام 1980 برفع أول دعوىً قضائيةٍ جماعيةٍ أميركيةٍ بشأن العامل البرتقالي في ولاية بنسلفانيا بسبب إصابات الأفراد العسكريين في فيتنام من خلال التعرض للديوكسينات السامة في مادة التقشير [أي مزيلة الأوراق].[95] شارك المحامي مايرسون في كتابة الملخص الذي صدق على دعوى المسؤولية عن العامل البرتقالي كإجراءٍ جماعيٍّ، وهي أكبر دعوىً جرى رفعها على الإطلاق حتى تاريخ تقديمها.[96] كانت شهادة هارتز من أولى الشهادات التي أُخذت في أمريكا، والأولى في محاكمةٍ تخص العامل البرتقالي بغية الحفاظ على الشهادة أثناء المحاكمة، فقد كان مفهوماً أن هارتز لن يعيش لرؤية [نتيجة] المحاكمة بسبب سرطانٍ في المخ بدأ بالتطور عندما كان عضواً في "Tiger Force" والقوات الخاصة وقوة LRRP في فييتنام.[97] حددت الشركة أيضاً وقدمت بحثاً نقدياً للخبير الرئيسي للمحاربين القدامى -الدكتور كوداريو- بما في ذلك قرابة مئة مقالٍ من مجلات علم السموم والتي يعود تاريخها إلى أكثرَ من عقدٍ، بالإضافة إلى بياناتٍ حول مكان رش مبيدات الأعشاب، وما هي تأثيرات الديوكسين على الحيوانات والبشر، وكل حادثٍ في المصانع حيث تم إنتاج مبيدات الأعشاب أو كان الديوكسين فيه ملوثاً لبعض التفاعلات الكيميائية.[93]
نفت شركات الكيمياويات المعنية وجود صلةٍ بين العامل البرتقالي والمشاكل الطبية للمحاربين القدامى. ومع ذلك ففي 7 مايو/أيار من العام 1984 قامت سبع شركاتٍ كيميائيةٍ بتسوية الدعوى الجماعية خارج المحكمة قبل سويعاتٍ فقط من بدء اختيار هيئة المحلفين. ووافقتِ الشركات على دفع ثمانين ومئة (180) مليون دولارٍ كتعويضٍ إذا ما أسقط قدامى المحاربين جميع الدعاوى المرفوعة ضد تلك الشركات.[98] وقد أُمرت شركة «مونسانتو» وحدها بدفع ما يزيد قليلاً عن خمسةٍ وأربعين بالمئة من إجمالي المبلغ.[99] كان العديد من المحاربين القدامى من ضحايا التعرض للعامل البرتقالي غاضبين لأن القضية سُوّيت بدلاً من الذهاب إلى المحكمة، وشعروا بأنهم تعرضوا للخيانة من قبل المحامين. وعقدت «جلسات الاستماع العادلة» في خمس مدنٍ أمريكيةٍ كبرى حيث ناقش قدامى المحاربين وأسرهم ردودَ أفعالهم على التسوية وأدانوا تصرفات المحامين والمحاكم، وطالبوا برفع القضية أمام هيئة محلفين من أقرانهم. رفض القاضي الفيدرالي جاك ب. واينشتاين الاستئناف زاعماً أن التسوية كانت «عادلةً ومقسطةً»، وبحلول العام 1989 تأكدت مخاوف قدامى المحاربين حينما تقررت كيفية دفع أموال التسوية. سيحصل المحارب القديم في فييتنام المعوق تماماً على اثني عشر ألف (12,000) دولارٍ كحدٍّ أقصى موزعةً على مدى عشر سنواتٍ. علاوةً على ذلك -وبقبولهم مدفوعات التسوية هذه- سيغدو المحاربون القدامى المعوقين غيرَ مؤهلين للحصول على العديد من مزايا الدولة التي تقدم دعماً نقدياً أكثر بكثيرٍ من التسوية مثل قسائم الطعام، والمساعدات العامة، والمعاشات الحكومية، وستحصل أرملة المحارب القديم في فييتنام الذي قضى بسبب التعرض للعامل البرتقالي على سبعمئةٍ وثلاثة (3700) آلاف دولار.[100]
في العام 2004 صرح جيل مونتغمري المتحدث باسم شركة مونسانتو إن شركته يجب ألا تكون مسؤولةً على الإطلاق عن الإصابات أو الوفيات الناجمة عن العامل البرتقالي قائلاً: «نحن متعاطفون مع الأشخاص الذين يعتقدون أنهم أصيبوا، ونتفهم قلقهم لمعرفة السبب، ولكن دليلاً علمياً موثوقاً يشير إلى أن العامل البرتقالي ليس سبباً لتأثيراتٍ صحيةٍ خطيرةٍ طويلة المدى».[101]
في العام 1980 أنشأت ولاية نيو جيرسي لجنة نيو جيرسي للعامل البرتقالي، وهي أول لجنةٍ حكوميةٍ جرى إنشاؤها لدراسة آثاره. أطلق على مشروع بحث اللجنة بالاشتراك مع جامعة روتجرز "مشروع "Pointman"، وقد حُلت [بعدئذٍ] من قبل الحاكم كريستين تود ويتمان في العام 1996.[102] خلال المرحلة الأولى من المشروع ابتكر الباحثون طرقاً لتحديد سوّيات الديوكسين الصغيرة في الدم، وقد كان من غير الممكن قبلئذٍ العثور على هذه السويات إلا في الأنسجة الدهنية (الدهون). درس المشروع سويات الديوكسين (TCDD) في الدم وكذلك في الأنسجة الدهنية في مجموعةٍ صغيرةٍ من قدامى المحاربين في فييتنام ممن تعرضوا للعامل البرتقالي، وقارنوها بسويات مجموعة تحكمٍ مماثلةٍ؛ وقد عثر على سوياتٍ أعلى في المجموعة محل الاختبار مقايسةً بمجموعة المقارنة.[103] في المرحلة الثانية من المشروع استمر فحص ومقارنة سويات الديوكسين في مجموعاتٍ مختلفةٍ من قدامى المحاربين في فييتنام بما في ذلك أفراد الجيش ومشاة البحرية وأفراد البحرية النهرية في المياه البنية.[104]
أصدر الكونجرس في العام 1991 «قانون العامل البرتقالي» الذي يمنح «وزارة شؤون المحاربين القدامى» سلطة إعلان بعض الشروط «المفترضة» للتعرض للعامل البرتقالي / الديوكسين مما يجعل هؤلاء المحاربين الذين خدموا في فييتنام مؤهلين لتلقي العلاج والتعويض عن هذه الشروط.[105] يتطلب القانون نفسه من «الأكاديمية الوطنية للعلوم» إجراء مراجعةٍ دوريةٍ للعلوم المتعلقة بالديوكسين ومبيدات الأعشاب المستخدمة في فييتنام لإبلاغ وزير شؤون المحاربين القدامى بقوة الأدلة العلمية التي تُظهر الارتباط بين التعرض للعامل البرتقالي / الديوكسين وظروفٍ معينةٍ.[106] تنتهي صلاحية مراجعة «الأكاديمية الوطنية للعلوم»، وإضافة أية أمراضٍ جديدةٍ إلى القائمة الافتراضية من قبل «وزارة شؤون المحاربين القدامى» في العام 2015 بموجب بند الغروب من قانون العامل البرتقالي للعام 1991.[107] من خلال هذه العملية كبرت قائمة الحالات «المفترضة» منذ العام 1991، وقد أدرجت وزارة «شؤون المحاربين القدامى» في الولايات المتحدة حالياً سرطان البروستاتا، وسرطانات الجهاز التنفسي، والورم النخاعي المتعدد، وداء السكري من النوع الثاني، ومرض هودجكين، وسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكين، وساركوما الأنسجة الرخوة، والكلور، والبورفيريا الجلدية المتأخرة، والاعتلال العصبي المحيطي، واللوكيميا الليمفاوية المزمنة، والسنسنة المشقوقة لدى أطفال قدامى المحاربين المتعرضين للعامل البرتقالي كظروفٍ مرتبطةٍ بالتعرض لمبيدات الأعشاب. تتضمن هذه القائمة الآن ابيضاض الدم من الخلايا البائية مثل ابيضاض الدم مشعر الخلايا، ومرض باركنسون، وأمراض القلب الإقفارية، وقد جرى إضافة هذه الأنواع الثلاثة الأخيرة في 31 أغسطس/آب من العام 2010، لكن العديد من الأفراد رفيعي المستوى في الحكومة يعبرون عن مخاوفهم بشأن ما إذا كانت بعض هذه الأمراض على القائمة يتوجب -في الواقع- إدراجها بالفعل.[108]
في العام 2011 أشار تقييم دراسة صحة القوات الجوية التي استمرت عشرين عاماً، والتي بدأت في العام 1982 إلى أن نتائج AFHS -من حيث صلتها بالعامل البرتقالي- لا تقدم دليلاً على المرض في قدامى المحاربين في عملية «رانش هاند» "Ranch Hand" بسبب «مستوياتهم المرتفعة من التعرض للعامل البرتقالي».[109]
رفضت وزارة «شؤون المحاربين القدامى» في البداية طلبات قدامى المحاربين في أطقم طائرات «سي - 123 بروفايدر» في مرحلة ما بعد فييتنام، لأنهم -بصفتهم كانوا محاربين بدون «أحذية على الأرض» [بمعنى خدمةٍ أرضيةٍ] في فييتنام- لم تجرِ تغطيتهم حسب تفسير الوزارة «للمتعرض». في يونيو/حزيران من العام 2015 أصدر وزير شؤون المحاربين القدامى قاعدةً نهائيةً مؤقتةً توفر اتصال خدمةٍ افتراضيٍّ لأطقم طائرات «سي - 123 بروفايدر» بعد فييتنام، وموظفي الصيانة، وطواقم الإجلاء الطبي الجوي. توفر وزارة «شؤون المحاربين القدامى» الآن الرعاية الطبية وتعويضات العجز لقائمة أمراض العامل البرتقالي المعترف بها.[110]
عقدت فييتنام والولايات المتحدة في العام 2002 مؤتمراً مشتركاً حول صحة الإنسان والآثار البيئية للعامل البرتقالي. بدأ «المعهد الوطني الأمريكي لعلوم الصحة البيئية» (NIEHS) بعد المؤتمر التبادلات العلمية بين الولايات المتحدة وفييتنام، وأطلق مناقشاتٍ لمشروع بحثٍ مشتركٍ حول تأثيرات العامل البرتقالي على صحة الإنسان.[111] انهارت هذه المفاوضات في العام 2005 عندما لم يتمكنِ الجانبان من الاتفاق على بروتوكول البحث وألغي مشروع البحث، ثم أحرز المزيد من التقدم على الصعيد البيئي، وفي العام 2005 عُقدت أول ورشة عملٍ بين الولايات المتحدة وفييتنام حول معالجة الديوكسين.[111]
بدأت «وكالة حماية البيئة» العملَ مع الحكومة الفييتنامية ابتداءً من العام 2005 لقياس مستوى الديوكسين في قاعدة «دا نانغ» الجوية، وفي العام نفسه أيضاً جرى إنشاء «اللجنة الاستشارية المشتركة» بشأن العامل البرتقالي المكونة من ممثلين عن الوكالات الحكومية الفييتنامية والأمريكية. تجتمع اللجنة سنوياً لاستكشاف مجالات التعاون العلمي والمساعدة الفنية والمعالجة البيئية للديوكسين.[112]
حدث اختراق في الجمود الدبلوماسي بشأن هذه القضية نتيجة زيارة الدولة التي قام بها رئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش إلى فييتنام في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2006، وفي البيان المشترك اتفق الرئيسان بوش وتريت على أن «توجيه المزيد من الجهود المشتركة لمعالجة التلوث البيئي بالقرب من مواقع تخزين الديوكسين السابقة ستقدم مساهمةً قيّمةً في التطوير المستمر للعلاقات الثنائية بينهما».[113] في 25 مايو/أيار من العام 2007 وقع الرئيس بوش على مشاريع قوانين جاهزية القوات الأمريكية، ورعاية المحاربين القدامى، وإنعاش كاترينا، وقانون مخصصات محاسبة العراق للعام 2007 لتصبح قوانينَ للحرب في العراق وأفغانستان، والتي تضمنت تخصيص ثلاثة ملايين دولارٍ -على وجه التحديد- لتمويل برامج معالجة «النقاط الساخنة» للديوكسين في القواعد العسكرية الأمريكية السابقة، ولبرامج الصحة العامة للمجتمعات المحيطة،[114] يرى بعض المؤلفين أن هذا غير كافٍ تماماً مشيرين إلى أن قاعدة «دا نانغ» الجوية وحدها ستكلف أربعة عشرَ مليون دولارٍ للتنظيف، وأن ثلاثة مواقعَ أخرى تقدر بمبلغ ستين مليون دولار كتكاليف تنظيفٍ.[46] حرى تجديد الاعتمادات في السنة المالية 2009، ومرةً أخرى في السنة المالية 2010. جرى تخصيص اثنا عشرَ مليون دولارٍ إضافيةٍ في السنة المالية 2010 في قانون الاعتمادات التكميلية، وإجمالي 18.5 مليون دولارٍ للسنة المالية 2011.[115]
صرحت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خلال زيارةٍ إلى هانوي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2010 أن الحكومة الأمريكية ستبدأ العمل على تنظيف تلوث الديوكسين في قاعدة «دا نانغ» الجوية.[116] وفي يونيو/حزيران من العام 2011 أقيم حفل في مطار «دا نانغ» للاحتفال ببدء عملية إزالة التلوث من النقاط الساخنة للديوكسين في فييتنام بتمويلٍ من الولايات المتحدة. وقد خصص الكونجرس الأمريكي اثنين وثلاثين مليون دولارٍ حتى الآن لتمويل البرنامج.[117] بدأ مشروع بقيمة ثلاثةٍ وأربعين مليون دولارٍ في صيف العام 2012 حيث أقامت فييتنام والولايات المتحدة علاقاتٍ أوثقَ لتعزيز التجارة، ومواجهة نفوذ الصين المتزايد في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.[118]
رفعت مجموعة حقوق الضحايا -وهي الرابطة الفيتنامية لضحايا العامل البرتقالي / الديوكسين (VAVA)- في 31 يناير/كانون الأول 2004 دعوىً قضائيةً في محكمة مقاطعة الولايات المتحدة للمنطقة الشرقية من نيويورك في بروكلين ضد العديد من الشركات الأمريكية للمسؤولية في التسبب في إصابةٍ شخصيةٍ من خلال تطوير وإنتاج المادة الكيميائية، وادعتِ [المجموعة] أن استخدام العامل البرتقالي ينتهك اتفاقية لاهاي لعام 1907 بشأن الحرب البرية، وبروتوكول جنيف لعام 1925، واتفاقيات جنيف لعام 1949. كانت داو كيميكال، ومونسانتو أكبر منتجين للعامل البرتقالي لصالح الجيش الأمريكي وقد سُمّيَتا في الدعوى إلى جانب العشرات من الشركات الأخرى (دايموند شامروك، ويونيرويال، وطومسون كيميكال، وهيركوليس.. إلخ). رفض القاضي جاك ب. وينشتاين من المنطقة الشرقية -الذي ترأس الدعوى الجماعية للمحاربين القدامى الأمريكيين في العام 1984- الدعوى في 10 مارس/آذار 2005، وقرر عدم وجود أساسٍ قانونيٍّ لادّعاءات المدعين، وخلص إلى أن العامل البرتقالي لم يكن يعتبر سماً بموجب القانون الدولي وقتَ استخدامه من قبل الولايات المتحدة، ولم تمنعِ الولايات المتحدة استخدامه كمبيدٍ للأعشاب، والشركات التي أنتجتِ المادةَ لم تكُ مسؤولةً عن طريقة استخدامها من قبل الحكومة.[119] في بيان الفصل الصادر عن وينشتاين كتب: «امتد الحظر ليشمل فقطِ الغازات المنتشرة لتأثيرها الخانق أو السام على الإنسان، وليس لمبيدات الأعشاب المصممة للتأثير على النباتات التي قد يكون لها آثار جانبية ضارة غير مقصودةٍ على الناس».[120][121]
كان المؤلف والناشط جورج جاكسون قد كتب سابقاً أنه «إذا كان الأمريكيون مذنبين بارتكاب جرائم حربٍ لاستخدامهم العامل البرتقالي في فييتنام، فسيكون البريطانيون أيضاً مذنبين بارتكاب جرائمَ حربٍ بالمثل، لأنهم كانوا أول دولةٍ تنشر استخدام مبيدات الأعشاب المسقَطات في الحرب، واستخدمتها على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء الطوارئ الملاوية. لم يكن هناك احتجاج من قبل الدول الأخرى رداً على استخدام المملكة المتحدة، ولكن الولايات المتحدة اعتبرت ذلك بمثابة سابقةٍ لاستخدام مبيدات الأعشاب ومزيلات الأوراق في حرب الأدغال». لم تكن حكومة الولايات المتحدة أيضاً طرفاً في الدعوى بسبب الحصانة السيادية، وحكمتِ المحكمة على شركات الكيمياويات -بصفتها متعاقدةً مع الحكومة الأمريكية- بالحصانة نفسها. جرى استئناف القضية واستمعت إليها محكمة استئناف الدائرة الثانية في مانهاتن في 18 يونيو/حزيران من العام 2007. أيد ثلاثة قضاةٍ في المحكمة حكم وينشتاين برفض القضية، وقضوا بأنه على الرغم من احتواء مبيدات الأعشاب على الديوكسين (سم معروف)، إلا أنه لم يكُ من المفترض استخدامها كسمٍّ على البشر. لذلك لم يجرِ اعتبارها سلاحاً كيميائياً، وبالتالي فهي ليست انتهاكاً للقانون الدولي. كما أكدت مراجعة أخرى للقضية من قبل هيئة قضاة محكمة الاستئناف بأكملها هذا القرار. قدم محامو الفييتناميين التماساً إلى «المحكمة العليا الأمريكية» للنظر في القضية، وفي 2 مارس/آذار من العام 2009 رفضت المحكمة العليا تحويل الدعوى ورفضت إعادة النظر في حكم محكمة الاستئناف.[124][125]
لمساعدة أولئك الذين تأثروا بالعامل البرتقالي/الديوكسين أقام الفييتناميون «قرى سلامٍ» تستضيف كلٍّ منها ما بين خمسين ومئة ضحيةٍ، وتقدم لهم المساعدة الطبية والنفسية. ابتداءً من العام 2006 كان هناك إحدى عشرة قريةً من هذا القبيل مما منح بعض الحماية الاجتماعية لأقل من ألف ضحيةٍ. دعم قدامى المحاربين الأمريكيين في حرب فييتنام علاوةً على الأفراد الذين يدركون تأثيرات العامل البرتقالي ويتعاطفون معها هذه البرامج في فييتنام. قامت مجموعة دولية من المحاربين القدامى من الولايات المتحدة وحلفائها خلال حرب فييتنام بالعمل مع عدوهم السابق؛ المحاربين القدماء من جمعية قدامى المحاربين في فييتنام بتأسيس قرية الصداقة الفييتنامية خارج هانوي.[126]
يقدم المركز الرعاية الطبية، وإعادة التأهيل والتدريب المهني للأطفال والمحاربين القدامى من فييتنام من الذين تأثروا بالعامل البرتقالي. في العام 1998 أنشأ الصليب الأحمر الفييتنامي صندوق ضحايا العامل البرتقالي الفييتنامي لتقديم المساعدة المباشرة للعائلات المتضررة في جميع أنحاء فييتنام. وفي العام 2003 شُكلت «الرابطة الفييتنامية لضحايا العامل البرتقالي» (VAVA). بالإضافة إلى رفع الدعوى القضائية ضد شركات الكيمياويات تقدم الرابطةُ الرعايةَ الطبيةَ، وخدماتِ إعادةِ التأهيلِ، والمساعدةَ الماليةَ للمصابين بفعل العامل البرتقالي.[127]
تقدم الحكومة الفييتنامية رواتبَ شهريةً صغيرةً لأكثرَ من مئتي ألف فييتناميٍّ يُعتقد أنهم تضرروا من مبيدات الأعشاب. بلغ إجمالي هذا المبلغ 40.8 مليون دولارٍ في العام 2008، وقد جمع «الصليب الأحمر الفييتنامي» أكثرَ من اثنين وعشرين مليون دولارٍ لمساعدة المرضى أو المعوقين، وقدمتِ العديد من المؤسسات الأمريكية، ووكالات الأمم المتحدة، والحكومات الأوروبية، والمنظمات غير الحكومية ما مجموعه قرابة ثلاثةٍ وعشرين مليون دولارٍ لتنظيف المواقع، وإعادة التشجير، والرعاية الصحية، والخدمات الأخرى للمحتاجين.[128]
يصف Vuong Mo من «وكالة الأنباء الفييتنامية» أحد المراكز:[129]
كشف أعضاء مجموعة الحوار الأمريكية الفييتنامية بشأن العامل البرتقالي/الديوكسين في 16 يونيو/حزيران من العام 2010 عن إعلانٍ شاملٍ وخطة عملٍ لمدة عشر سنواتٍ لمعالجة الإرث السام للعامل البرتقالي ومبيدات الأعشاب الأخرى في فييتنام. صدرت خطة العمل كمنشورٍ لمعهد «أسبن»، وتدعو الحكومتين الأمريكية والفييتنامية للانضمام إلى الحكومات، والمؤسسات، والشركات، والمنظمات غير الربحية الأخرى في شراكةٍ لتنظيف «النقاط الساخنة» للديوكسين في فييتنام، وتوسيع الخدمات الإنسانية للأشخاص ذوي الإعاقة هناك.[130][131][132] وفي 16 سبتمبر/أيلول من العام 2010 أقر السناتور «باتريك ليهي» بعمل مجموعة الحوار بإصدار بيانٍ في مجلس الشيوخ الأمريكي. يحث البيان حكومة الولايات المتحدة على أخذ توصيات خطة العمل في الاعتبار عند تطوير خطة أنشطةٍ متعددةِ السنوات لمعالجة إرث العامل البرتقالي/الديوكسين.[133]
زعم الباحث الأسترالي جان ويليامز في العام 2008 أن معدلات الإصابة بالسرطان في «إنيسفيل» في كوينزلاند كانت أعلى بعشر مراتٍ من متوسط الإصابة في الولاية بسبب الاختبار السري للعامل البرتقالي من قبل بحاثة الجيش الأسترالي أثناء حرب فييتنام. استند ويليامز -الذي فاز بميدالية وسام أستراليا عن أبحاثه حول تأثير المواد الكيميائية على قدامى المحاربين الأمريكيين- في مزاعمه إلى تقارير الحكومة الأسترالية الموجودة في أرشيفات النصب التذكاري للحرب الأسترالية، وأيّد الجندي السابق تيد بوسورث هذه المزاعم قائلاً إنه شارك في الاختبار السري. لم يقدم ويليامز ولا بوسورث أدلةً يمكن التحقق منها لدعم مزاعمهما. قررت وزارة الصحة في كوينزلاند أن معدلات السرطان في إنيسفيل لم تك بأعلى من تلك الموجودة في أجزاءٍ أخرى من الولاية.[134]
اختبر الجيش الأمريكي بإذنٍ من الحكومة الكندية مبيدات الأعشاب -بما في ذلك العامل البرتقالي- في الغابات بالقرب من قاعدة القوات الكندية "Gagetown" في «نيو برونزويك» (لثلاثة أيامٍ في العام 1966، وأربعةٍ في العام 1967).[135] وفي العام 2007 عرضتِ الحكومة الكندية دفعةً على سبيل الهبة لمرةٍ واحدةٍ قدرها عشرين ألف دولارٍ كتعويضٍ عن التعرض في "CFB Gagetown" للعامل البرتقالي.[136] قامت مجموعة «ميرشانت لو» في 12 يوليو/تموز من العام 2005 نيابةً عن أكثر من مئةٍ وألفٍ من قدامى المحاربين، والمدنيين الكنديين -الذين كانوا يعيشون في "CFB Gagetown" وما حولها- برفع دعوىً قضائيةٍ لمتابعة ادّعاءٍ جماعيٍّ يتعلق بالعامل البرتقالي، والعامل الأرجواني أمام المحكمة الفيدرالية في كندا.[137] لكن المحكمة رفضتِ القضية بدعوى عدم كفاية الأدلة في 4 أغسطس/آب من العام 2009.[138] في العام 2007 أعلنتِ الحكومة الكندية أن برنامج البحث وتقصي الحقائق الذي بدأ في العام 2005 وجد أن القاعدة آمنةً.[139]
كشفت صحيفة «تورنتو ستار» في 17 فبراير/شباط من العام 2011 أن العامل البرتقالي قد وُظّف لتطهير قطعٍ واسعةٍ من أراضي كراون في شمال أونتاريو.[140] ذكرت «تورنتو ستار» أن «السجلات من خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي تُظهر أن عمال الغابات -غالباً من الطلبة والجوّالة الفتيان- أمضَوا أسابيعَ في كل مرةٍ كعلاماتٍ بشريةٍ تحمل بالوناتٍ حمراءَ مليئةٍ بالهيليوم على خطوط الصيد أثناء الطيران على ارتفاعٍ منخفض. قامتِ الطائرات برش مبيدات الأعشاب السامة بما في ذلك خليطٍ كيميائيٍّ سيء السمعة يُعرف بالعامل البرتقالي على الأجَمات والفتية أدناه».[140] أطلقت حكومة مقاطعة أونتاريو رداً على مقال «تورنتو ستار» تحقيقاً في استخدام العامل البرتقالي.[141]
يشير تحليل المواد الكيميائية الموجودة في تربة الجزيرة -إلى جانب القرارات التي أقرها المجلس التشريعي في غوام- إلى أن العامل البرتقالي كان من بين مبيدات الأعشاب المستخدمة بشكلٍ معتادٍ (روتيني) في قاعدة «أندرسن» الجوية وما حولها، ومحطة «أجانا» الجوية البحرية. وعلى الرغم من الأدلة استمرت وزارة الدفاع في الإنكار بأن العامل البرتقالي قد جرى تخزينه أو استخدامه في غوام. جمع العديد من قدامى المحاربين ممن كانوا في غوام أدلةً للمساعدة في مطالباتهم المتعلقة بالإعاقة نتيجة التعرض المباشر للديوكسين المحتوي على مبيدات الأعشاب مثل (2,4,5-T)، والمشابهة لجمعيات المرض وتغطية الإعاقة التي أصبحت معياراً لأولئك الذين عانَوا من الأضرار ذاتها الخاصة بالملوثات الكيميائية للعامل البرتقالي المستخدم في فييتنام.[142]
استخدم العامل البرتقالي في كوريا في أواخر الستينات،[143] وفي العام 1999 رفع قرابة عشرين ألف كوريٍّ جنوبيٍّ دعويين قضائيتين منفصلتين ضد شركاتٍ أمريكيةٍ مطالبين بتعويضاتٍ تزيد عن خمسة مليارات دولارٍ، وبعد خسارة قرارٍ في العام 2002 رفعوا استئنافاً،[144] وقد ألزمت محكمة الاستئناف في كوريا الجنوبية في يناير/كانون الأول من العام 2006 شركتي «داو كيميكال»، و«مونسانتو» بدفع اثنين وستين مليون دولارٍ كتعويضٍ لنحو ثمانمئةٍ وستة آلاف (6,800) امرئٍ. أقر الحكم بأن «المدعى عليهم فشلوا في ضمان السلامة، لأن المواد التي صُنّعت من قبل المتهمّيْن تحتوي على سوّياتٍ أعلى عن المعتاد من الديوكسينات»، ونقلاً عن تقرير «الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم» أُعلن أن ثمة «علاقة سببية» بين العامل البرتقالي ومجموعةٍ من الأمراض بما في ذلك العديد من السرطانات. فشل القضاة في الاعتراف «بالعلاقة مع الاعتلال العصبي الكيميائي والمحيطي، وهو المرض الأكثر انتشاراً بين ضحايا العامل البرتقالي».[145]
زعمتِ الصحافة المحلية "KPHO-TV" في الولايات المتحدة في فينيكس بولاية أريزونا في العام 2011 أن جيش الولايات المتحدة قام في العام 1978 بدفن خمسين ومئتي (250) برميلٍ من العامل البرتقالي في «كامب كارول» قاعدة الجيش الأمريكي في «جيونجسانجبوك-دو» - كوريا.[146]
حالياً فإن قدامى المحاربين الذين يقدمون أدلةً تفي بمتطلبات «وزارة شؤون قدامى المحاربين» VA للخدمة في فيتنام -والذين يمكنهم الإثبات طبياً أنه في أي وقتٍ بعد هذا «التعرض المفترض» ربما يصابون بأية مشاكلَ طبيةٍ في قائمة الأمراض المفترضة- قد يتلقون تعويضاً من هذه الوزارة (VA). بعض قدامى المحاربين ممن خدموا في كوريا والقادرون على إثبات أنه جرى تعيينهم في منطقةٍ محددةٍ حول المنطقة المجردة من السلاح خلال فترةٍ زمنيةٍ محددةٍ يُمنحون افتراضاً مماثلاً.[147]
كان استخدام العامل البرتقالي مثيراً للجدل في نيوزيلندا بسبب تعرض القوات النيوزيلندية في فييتنام، وبسبب إنتاج العامل البرتقالي لأجل فييتنام، ومستخدمين آخرين في مصنع "Ivon Watkins-Dow" الكيميائي في «باريتوتو» في نيو بليموث. كان ثمة ادعاءات مستمرة -لا تزال حتى الآن- بأن ضاحية باريتوتو ملوثة أيضاً.[148] وهناك حالات أصيب فيها جنود نيوزيلنديون بسرطاناتٍ مثل سرطان العظام، ولكن لم يُربط أيٍّ منها علمياً بالتعرض لمبيدات الأعشاب.[149] جرى بث فيلمٍ تلفزيونيٍّ وثائقيٍّ مثيرٍ للجدل في نيوزيلندا على قناة "TV3" بعنوان «دعونا نرش».[150]
أجريت دراسات عن ثبات مبيدات الأعشاب للعاملين البرتقالي والأبيض في الفليبين.[151]
سُميت عملية «القوات الجوية الأمريكية» لإزالة مبيدات الأعشاب البرتقالية من فييتنام في العام 1972 بعملية "Pacer IVY"، في حين سُمّيت عملية تدمير العامل البرتقالي المخزن في «جونستون أتول» في العام 1977 بعملية "Pacer HO". جمعت عملية "Pacer IVY" العاملَ البرتقالي من جنوب فييتنام، وأزالته في العام 1972 على متن السفينة "MV Transpacific" لتخزينه في «جونستون أتول» في المحيط الهادي.[152] ذكرت «وكالة حماية البيئة» أن ستة ملايين وثمانمئة ألف (6.800.000) لترٍ (ما يعادل مليوناً وثمانمئة ألف (1.800.000) جالونٍ أمريكيٍّ) من مبيدات الأعشاب جرى تخزينها في جزيرة «جونستون أتول» في المحيط الهادي، ومليوناً وثمانمئة ألف (1.800.000) لترٍ (ما يعادل أربعمئةٍ وثمانين ألف (480.000) جالونٍ أمريكيٍّ) في «جولفبورت» في الميسيسيبي.[153]
بدأتِ الأبحاث والدراسات لإيجاد طريقةٍ آمنةٍ لتدمير المواد، واكتشف أنه يمكن حرقها بأمانٍ في ظل ظروفٍ خاصةٍ من درجات الحرارة ووقت السكون.[153] ومع ذلك كانت مبيدات الأعشاب باهظة الثمن، وأراد سلاح الجو إعادة بيع الفائض بدلاً من إغراقه في البحر.[154] من بين العديد من الطرق المختبرة هناك إمكانية إنقاذ مبيدات الأعشاب عن طريق إعادة المعالجة وتصفية ملوثات (TCDD) بألياف جوز الهند المتفحمة (الفحم). جرى اختبار هذا المفهوم بعد ذلك في العام 1976، وأنشئ مصنع تجريبي في «جولفبورت».[153]
من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول من العام 1977 وأثناء عملية "Pacer HO" جرى لاحقاً حرق مخزون العامل البرتقالي بالكامل من كلا موقعي تخزينه في «جولفبورت» و«جونستون أتول» في أربعة حرائقَ منفصلةٍ بالقرب من جزيرة «جونستون أتول» على متن سفينة حرق النفايات الهولندية «إم تي فولكانوس».[155] وبدءاً من العام 2004 ارتبطت بعض سجلات التخزين والتخلص من العامل البرتقالي في «جونستون أتول» بالسجلات التأريخية لعملية «ريد هات».[156]
كانت ثمة عشرات التقارير في الصحافة حول استخدام و/أو تخزين مبيدات الأعشاب المصنّعة عسكرياً في أوكيناوا، والتي تستند إلى تصريحات أعضاء الخدمة الأمريكية السابقين ممن كانوا متمركزين في الجزيرة، والصور، والسجلات الحكومية، وبراميل التخزين المكتشفة. نفت «وزارة الدفاع الأمريكية» هذه المزاعم من خلال تصريحاتٍ لمسؤولين عسكريين ومتحدثين رسميين، بالإضافة إلى تقريرٍ من وضع الدكتور ألفين يونغ في يناير/كانون الأول من العام 2013، وصدر في أبريل/نيسان من العام نفسه.[157] [158]
يدحض -على وجه الخصوص- تقرير من العام 2013 المقالاتِ التي كتبها الصحفي جون ميتشل بالإضافة إلى بيانٍ من «تقييم بيئي لجونستون أتول» صدر في العام 2003 عن «وكالة المواد الكيميائية» التابعة للجيش الأمريكي، والذي ينص على «جلب سلاح الجو الأمريكي أيضاَ في العام 1972 قرابة خمسٍ وعشرين ألف (25,000) برميلٍ ذات المئتي لتر من المادة الكيميائية؛ مبيدات الأعشاب البرتقالية (HO) إلى جزيرة "جونستون" التي مصدرها من فييتنام وخُزنت في أوكيناوا».[157] ينص تقرير العام 2013 على أن: «مؤلفي تقرير 2003 لم يكونوا موظفين في وزارة الدفاع (DoD)، ولم يكونوا على درايةٍ على الأرجح بالقضايا المحيطة بمبيد الأعشاب البرتقالي أو التاريخ الفعلي للنقل إلى الجزيرة». ووصفت بالتفصيل مراحل النقل وطرق نقل العامل البرتقالي من فييتنام إلى «جونستون أتول»، ولم يشمل أيٌّ منها أوكيناوا.[152]
ظهر تأكيد رسمي آخر للتخزين المحدود (المحتوي على الديوكسين) لمبيدات الأعشاب في أوكيناوا في تقرير فورت دِتريك لعام 1971 بعنوان «الجوانب التاريخية واللوجستية والسياسية والتقنية لبرنامج مبيدات الأعشاب / إزالة الأوراق»، والذي يذكر أن البيان البيئي يجب أن يأخذ في الاعتبار «مخزونات مبيدات الأعشاب في أماكن أخرى في قيادة المحيط الهادئ (PACOM) قامت الحكومة الأمريكية بتقييد المواد في تايلاند وأوكيناوا (Kadena AFB)».[159] يقول تقرير وزارة الدفاع لعام 2013 أن البيان البيئي الذي حث عليه تقرير العام 1971 نُشر في العام 1974 باسم «البيان البيئي النهائي لإدارة القوات الجوية»، وأن الأخير لم يجدِ العامل البرتقالي محتجزاً في تايلاند أو أوكيناوا.[152] [158]
اختبر العامل البرتقالي من قبل الولايات المتحدة في تايلاند خلال حرب فييتنام، وفي العام 1999 كُشف عن براميلَ مدفونةٍ، وتأكد أنها تحوي العامل البرتقالي.[161] أصيب بالمرض العمال الذين كشفوا البراميلَ أثناء تطوير المطار بالقرب من منطقة «هوا هين» على مبعدة مئة كم جنوب بانكوك.[162] إن قدامى المحاربين في حقبة فييتنام -الذين تضمن عملهم الخدمة في محيط القواعد العسكرية في تايلاند أو بالقرب منها في أي وقتٍ ما بين 28 فبراير/شباط 1961 و7 مايو/أيار 1975- ربما يكونون تعرضوا لمبيدات الأعشاب، وقد يكونون مؤهلين للحصول على مزايا مساعدة الضحايا.[163] تقرير وزارة الدفاع المرفوع عنه السرية والمدوّن في العام 1973 يشير إلى أنه كان هناك استخدام معتبر لمبيدات الأعشاب في محيط القواعد العسكرية المسيّجة في تايلاند لإزالة أوراق الشجر التي أمّنت غطاءً لقوات العدو.[163] قررت «وزارة شؤون المحاربين القدامى» في العام 2013 أن مبيدات الأعشاب المستخدمة في محيط قاعدة تايلاند ربما كانت تعبويةً (تكتيكيةً)، وجرى شراؤها من فييتنام، أو نوعاً تجارياً قوياً يشبه مبيدات الأعشاب التكتيكية.[163]
أقرت جامعة هاواي بإجراء اختباراتٍ مكثفةٍ للعامل البرتقالي نيابةً عن «وزارة الدفاع الأمريكية» في هاواي جنباً إلى جنبٍ مع مزيجٍ من العامل البرتقالي في جزيرة كاواي في الفترة (67-1968)، وفي جزيرة هاواي في العام 1966، وجرى توثيق الاختبار والتخزين في مواقعَ أمريكيةٍ أخرى من قبل «وزارة شؤون المحاربين القدامى» بالولايات المتحدة.[164][165]
أعيدت طائرات «سي - 123 بروفايدر» المستخدمة في رش العامل البرتقالي في العام 1971 إلى الولايات المتحدة، وخُصصت أسرابٌ مختلفةٌ لقوات الاحتياط التابعة للقوات الجوية الأمريكية في الساحل الشرقي، ثم وُظفت لمهمات النقل الجوي التقليدية ما بين العامين 1972 و1982، وفي العام 1994 حددتِ الاختباراتُ التي أجراها سلاح الجو بعض طائرات الرش السابقة بأنها «ملوثة بشدةٍ» ببقايا الديوكسين. أدت الاستفسارات التي أجراها قدامى محاربي الأطقم الجوية في العام 2011 إلى قرارٍ من «وزارة شؤون المحاربين القدامى» في الولايات المتحدة يرى أنه لا توجد بقايا ديوكسين كافيةٌ لإصابة هؤلاء المحاربين القدامى في فترة ما بعد حرب فييتنام. طعنت «وكالة المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض وتوثيق المواد السامة والأمراض» في 26 يناير/كانون الأول من العام 2012 في هذا الأمر باكتشافها أن طائراتِ الرش السابقةَ كانت بالفعل ملوثةً، وأن أفراد أطقم الطائرات تعرضوا لسوّياتٍ ضارةٍ من الديوكسين. ورداً على مخاوف قدامى المحاربين أحالت «وزارة شؤون المحاربين القدامى» في فبراير/شباط من العام 2014 قضية طائرات «سي - 123 بروفايدر» إلى «معهد الطب» لدراسةٍ خاصةٍ، وصدرتِ النتائج في 9 يناير/كانون الأول من العام 2015.[73][166]
في العام 1978 أوقفت «وكالة حماية البيئة» رش العامل البرتقالي في الغابات الوطنية.[167] رُشَّ العامل البرتقالي على آلاف الأفدنةِ من الأجمات في وادي تينيسي لمدة خمسةَ عشرَ عاماً قبلما يكتشفِ العلماء أن مبيدات الأعشاب هذه كانت خطيرةً. إحدى المواقع المعروفة بأنها رُشت هي مقاطعة «مونرو» في تينيسي -وفقاً لسلطة وادي تينيسي- حيث جرى غمر أربعةٍ وأربعين فداناً بالعامل البرتقالي في مناطقَ قصيّةٍ على طول خطوط الطاقة في جميع أنحاء الغابة الوطنية.[168] [هامش 4]
وفي العام 1983 أعلنت ولاية نيو جيرسي أن موقعَ إنتاج نهر باسايك هو حالةُ طوارئٍ. يعود التلوث بالديوكسين في نهر باسايك إلى حقبة حرب فييتنام عندما صنّعته شركة Diamond Alkali في مصنعٍ على طول النهر. حمل المد والجزر في النهر الديوكسين في أعلى مجرى النهر وأسفله مما أدى إلى تلويث مساحة سبعة عشرَ ميلاً من قاع النهر في واحدةٍ من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في نيو جيرسي.[169]
أدرج تقرير وزارة الدفاع الصادر في ديسمبر/كانون الأول من العام 2006 مواقعَ اختبار العامل البرتقالي وتخزينه والتخلص منه في اثنين وثلاثين موقعاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكذلك في كندا، وتايلاند، وبورتوريكو، وكوريا الجنوبية، والمحيط الهادي.[170] وقد أقرت «إدارة المحاربين القدماء» كذلك بأن العامل البرتقالي جرى استخدامه محلياً من قبل القوات الأمريكية في مواقع الاختبار في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. كانت قاعدة «إغلين» Eglin الجوية في فلوريدا واحدةً من مواقع الاختبار الأولية طيلة الستينات.[171]
وافقت شركة مونسانتو في فبراير/شباط من العام 2012 على تسوية قضيةٍ تغطي التلوث بالديوكسين حول مصنعٍ في نيترو في «فيرجينيا الغربية»، والذي قام بتصنيع العامل البرتقالي. وافقت مونسانتو على دفع ما يصل إلى تسعة ملايين دولارٍ لتنظيف المنازل المتضررة، وأربعةٍ وثمانين مليون دولارٍ للمراقبة الطبية للأشخاص المتضررين، والرسوم القانونية للمجتمع.[171]
بدأتِ الولايات المتحدة وفييتنام في 9 أغسطس/آب من العام 2012 عملية تنظيفٍ تعاونيةٍ للمادة الكيميائية السامة في جزءٍ من مطار «دا نانغ» الدولي، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها الحكومة الأمريكية في تنظيف العامل البرتقالي في فييتنام. كان «دا نانج» موقع التخزين الأساسي للمادة الكيميائية. تبحث الولايات المتحدة وفييتنام في موقعين آخرين للتنظيف هما «بيين هوا» Biên Hòa في «محافظة دونغ ناي» Đồng Nai الجنوبية («نقطة ساخنة» أخرى من التلوث بالديوكسين) ومطار «بهو كات» Phù Cát في «محافظة بينه دينه» Bình Định في وسط البلاد حسبما يقول سفير الولايات المتحدة في فييتنام «ديفيد شير». ووفقاً لصحيفة «نان دان» Nhân Dân الفييتنامية قدمت الحكومة الأمريكية واحداً وأربعين مليون دولارٍ للمشروع. بحلول العام 2017 كان قد جرى «تنظيف» قرابة مئةٍ وعشرة آلاف م3 من التربة.[172][173]
كان مركز كتيبة الإنشاءات البحرية في Seabee في جولفبورت في الميسيسيبي أكبرَ موقع تخزينٍ في الولايات المتحدة للعامل البرتقالي،[174] وكانت مساحته البالغة ثلاثين فداناً شاذةً لا تزال قيد التنظيف في العامِ 2013.[174][175]
في العام 2016 وضعت «وكالة حماية البيئة» EPA خطتها لتنظيف امتداد ثمانية أميالٍ من نهر باسايك في نيوجيرسي بتكلفةٍ تُقدر بـ 1.4 مليار دولار. وصلت الملوِثات إلى خليج «نيوارك» وممراتٍ مائيةٍ أخرى وفقاً لـ«وكالة حماية البيئة» التي حددت المنطقة كموقعٍ Superfund،[169] ونظراً لأن تدمير الديوكسين يتطلب درجات حرارةٍ عاليةٍ تزيد عن ألف درجةٍ مئويةٍ، فإن عملية التدمير تستهلك طاقةً كبيرةً.[176]
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول=
(مساعدة)
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
{{استشهاد بتقرير}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
{{استشهاد بتقرير}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
{{استشهاد بموسوعة}}
: |عمل=
تُجوهل (مساعدة)
{{استشهاد بموسوعة}}
: |المجلد=
يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة) و|عمل=
تُجوهل (مساعدة)
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
{{استشهاد بتقرير}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
{{استشهاد بتقرير}}
: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)